الأكراد.. “شعب” في فخ الانفصال

يونس مسكين

دونالد ترامب : “لقد هزمنا داعش في سوريا، وهذا السبب الوحيد لوجود القوات الأميركية هناك”

 

عندما كان قادة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) يقفون نهاية شهر مارس/آذار 2019 معلنين القضاء الميداني التام على تنظيم الدولة الإسلامية بقدر من الاحتفاء، لم يكن السؤال الوحيد الذي تبادر إلى أذهان المراقبين هو مدى صحة ودقة القول بالقضاء التام على هذا التنظيم، بل كانت خلفية الموقف تشهد في اللحظة نفسها رفع الستار عن مشهد آخر من قصة الأكراد أنفسهم.

فالانعطافة الجديدة التي تشهدها المنطقة، تكشّفت عن تذوّق الأكراد مرارة خيبة جديدة بتفرّق القوى الدولية الكبرى من حولهم، موزعين غنائم حرب دامية دون أن ينالهم منها غير البحث عن ملاذ/دَور جديد.

فعلى مدى أكثر من قرنين من التطلّع الكردي نحو حلم إقامة دولة مستقلة، تكرّرت قصة الخذلان بعد التوظيف مع جلّ القوى الدولية التي أتت إلى المنطقة بحثا عن المصالح والنفوذ.

يتوزع الأكراد بين أربع دول – العراق وسوريا وإيران وتركيا –

بعد أكثر من عقد ونصف من الفوضى والحروب التي ضربت العراق؛ أولا إثر الاجتياح الأمريكي عام 2003، ثم سوريا بدءا من عام 2011؛ قفزت قضية أكراد المنطقة الموزعين بين أربع من دول المنطقة -هم إلى جانب العراق وسوريا كل من إيران وتركيا- باعتبارهم أكبر الضحايا المحتملين لصفقات ما بعد الحرب.

ترامب: مهمتنا انتهت

بمجرد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شهر ديسمبر/كانون الأول 2018 اعتزامه سحب قوات بلاده المنتشرة في شرق سوريا، قفزت القضية الكردية إلى الواجهة، باعتبار الخطوة مشهدا جديدا من مشاهد “الخديعة” التي تعرّض لها أكراد المنطقة منذ أزيد من قرنين، حيث تحوّلت قوات سوريا الديمقراطية المكونة من مقاتلين أكراد بالدرجة الأولى إلى لقمة سائغة يتنازعها كل من الجيشين التركي الطامح لتصفية ما يعتبره امتدادات لحزب العمال الكردستاني الساعي للانفصال عن أنقرة، وبين الجيش السوري النظامي الآخذ في استعادة السيطرة مدعوما بحليفه الروسي.

 

لا شك في أن التطلع إلى تحقيق مطلب تقرير المصير أمر مشروع باعتباره من حقوق الشعوب، لكن الأحداث الأخيرة أعادت إلى الأذهان تلك المرات العديدة التي وضع فيها الأكراد حلمهم بتأسيس دولة مستقلة بين أيدي قوى دولية متنافسة حول النفوذ والمصالح في منطقة الشرق الأوسط، مما يجعل التساؤل مشروعا عما إذا كان مشروع الانفصال هو الفخ الحقيقي الذي يسقط فيه الأكراد منذ عقود طويلة، حيث يمنحون لتلك القوى الدولية منفذا للتسلل إلى المنطقة والتلاعب بأطرافها المحلية.

ففي الوقت الذي بات فيه الأكراد “الجيش المفضل” لدى القوى الغربية، حيث تحوّل مقاتلوهم إلى طلائع للقوات الأمريكية التي حاربت تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، كانت تغريدة قصيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب كافية لينقلب الحلم الكردي إلى كابوس.

ترامب: “لقد هزمنا داعش في سوريا، وهذا السبب الوحيد لوجود القوات الأميركية هناك خلال رئاسة ترامب”

ترامب قال في تغريدته التي نشرها أواسط ديسمبر/كانون الأول 2018: “لقد هزمنا داعش في سوريا، وهذا السبب الوحيد لوجود القوات الأميركية هناك خلال رئاسة ترامب”.. عبارة استشف منها المراقبون توجه الرئيس الأمريكي المثير للجدل نحو الرأي العام الداخلي، باعتبار أن إعادة القوات الأمريكية من بؤر التوتر أحد وعوده الانتخابية[1].

الخطوات التراجعية التي قام بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد ذلك، وتأكيده حرص البنتاغون على ضمان “حماية” الأكراد قبل الانسحاب من سوريا؛ لم تغير من واقع الحال، فقد كرر ترامب في تغريدات لاحقة أن الانسحاب الأمريكي سيتم بشكل تدريجي وبعد التأكد من حماية المقاتلين الأكراد الذين وجهتهم بلاده نحو دحر مقاتلي تنظيم الدولة، لكن ذلك لم يمنع التصعيد التركي وتحريك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لأسلحته الثقيلة نحو الحدود السورية، رافضا أي حديث عن وجود سيطرة كردية على منطقة متاخمة لحدود بلاده.

 

واشنطن.. الخذلان الأخير

قصص خذلان القوى الدولية الكبرى للتطلعات الكردية لإقامة دولة مستقلة تعود كما سلف الذكر إلى عقود عديدة، بل إلى قرون، لكن ارتباط هذه التطلعات بالأجندة الأمريكية بدأ فعليا مع الاجتياح الأمريكي للعراق سنة 2003، وإن كانت جذوره الأولى تعود إلى حرب الخليج الثانية عامي 1990 و1991[1].

حينها قام الجيش الأمريكي بعمليات خاصة شمال العراق من أجل حماية الأكراد من أي هجوم انتقامي من جانب جيش صدام حسين. “في هذه اللحظة بالضبط تحول أكراد العراق فعليا إلى كيان شبه مستقل وخاضع لإدارة محلية تسمى حكومة كردستان الجهوية”[2].

ولم تُقْدِم واشنطن -التي أطاحت بحكم الرئيس السني الراحل صدام حسين بالقوة العسكرية بعد 13 عاما من تلك الحرب- على منح الأكراد دولة مستقلة رغم ما تبديه من دعم لمثل هذا المشروع، لكن غزو إدارة جورج بوش الابن للعراق عزّز الحكم الذاتي في المنطقة الكردية شمال العراق.

خريطة للعراق توضح المناطق المتنازع عليها

تحوّلت سلطة الحكم الذاتي المتمركزة في أربيل العراقية منذ ذلك الحين، إلى قاعدة دعم إستراتيجي للمصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما تأكد مع سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على مناطق واسعة من العراق بدءا من العام 2014، حيث تحوّل جيش البشمركة إلى قوات برية مصحوبة بسلاح الجو الأمريكي في حرب طاحنة ضد التنظيم.

وهو دور حاول الأكراد المتمتعون بالحكم الذاتي شمال العراق استثماره حينها للحصول على مكاسب إضافية. فرئيس إقليم كردستان بين عامي 2005 و2017 مسعود البارزاني، أطلق من داخل غرف عمليات قوات البشمركة ضد عناصر تنظيم الدولة مستهل 2015 تصريحات تعتبر أن الحدود الموروثة من اتفاقات سايكس بيكو “هي حدود مصطنعة وأن الحدود الجديدة في المنطقة تُرسم بالدم داخل الدول أو بينها، لافتاً أيضاً إلى ما يجري في سوريا واليمن ودول أخرى، وشدّد على أن العراق يحتاج إلى صيغة أخرى إذا أُريد له أن يبقى موحّداً”[1].

حاول الأكراد عدة محاولات للحصول على الاستقلال منذ الحرب العالمية الأولى وحتى عام 2017

القصة التي يعيشها أكراد سوريا حاليا بعد الانسحاب الأمريكي كانت قد وقعت بكثير من التشابه في العراق، حيث كان البارزاني يتباهى بأن قوات البيشمركة “كسرت شوكة داعش” وأخرجت التنظيم من مساحات واسعة، معتقدا أن ذلك سيمنحه الحق في الذهاب إلى خطوة الانفصال.

وكان نجاح هذا الحلف في دحر مقاتلي التنظيم في العراق وراء تكرار التجربة في الجانب السوري من الحدود، حيث تحولت وحدات حماية الشعب الكردي، وحزب الاتحاد الديمقراطي الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني في تركيا (أكراد سوريا ينكرون هذه العلاقة)، إلى قوات صديقة للجيش الأمريكي، فقد  دعمه هذا الأخير بالسلاح والغطاء الجوي والمعطيات الاستخباراتية، لإيقاف زحف التنظيم على الأراضي السورية.

لكن، ومثلما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نهاية الوجود العسكري لبلاده في سوريا بمجرد “القضاء” على تنظيم الدولة تاركا الأكراد الذي قاتلوا إلى جانب واشنطن في ورطة سياسية وعسكرية؛ فإن واشنطن لم تقدم أي دعم فعلي لأكراد العراق قبل عام من ذلك حينما نظموا استفتاء آلت نتيجته إلى إعلان الانفصال[1]، وتركتهم نهبا للحسابات التركية والعراقية والإيرانية المتوجسة من دولة كردية مستقلة على أجزاء من ترابهم.

نائب رئيس الوزراء التركي: “استفتاء أكراد العراق خطأ تاريخي”

روسيا.. الخذلان القديم

في مقابل الدور الأمريكي الذي يمكن لأطراف الصراعات الدائرة في منطقة الشرق الأوسط التعويل عليه، هناك الدور الروسي الذي بات يشكل فاعلا أساسيا في السنوات الأخيرة. فموسكو قلبت موازين القوى منذ دخلت على خط الحرب في سوريا، ومنحت نظام بشار الأسد مظلة آمنة، وهو ما يجعل الأكراد في مواجهة محور دمشق/موسكو.

وتفيد المعطيات الموثقة عن مجريات هذه الحرب، أن “تواطؤا” ضمنيا جرى بين نظام بشار الأسد والأكراد أساسه الاتفاق على رفض ما يُعرف بالثورة التي كان يفترض أن تغير النظام السوري، مقابل تأسيس شكل من الحكم الذاتي في المنطقة الكردية من سوريا[1].

وهو توافق منح وحدات حماية الشعب الكردي سلطة ميدانية فعلية على منطقة الشمال السوري، على أمل تحويل هذا الوضع إلى حكم ذاتي موسع بعد انتهاء الحرب، لكن الخطوة كانت تتطلب الاحتفاظ بالدعم الأمريكي كمظلة للأكراد في العملية التفاوضية النهائية.

 

التفكير في الورقة الروسية لدعم الأكراد يبدو مستبعدا، وذلك بالنظر إلى أن موسكو تعاملت تاريخيا مع المسألة الكردية كورقة للضغط والتفاوض مع دول المنطقة، دون أن تتجاوز هذا المستوى إلى التلويح بفكرة الاستقلال. فمنذ القرن الـ19 ظلت هذه الإمبراطورية تدرج الملف الكردي ضمن أجندة علاقاتها بكل من تركيا وايران على وجه الخصوص.

تعود أولى الاتصالات بين روسيا والأكراد حسب المؤرخين إلى نهاية القرن الـ18 وبداية القرن الـ19، ارتباطا بالحروب التي خاضتها روسيا في هذه المنطقة[2]. استمر هذا التعامل الروسي في مرحلة الوجود الغربي بمنطقة الشرق الأوسط، خاصة مع فرنسا وألمانيا وإنجلترا.

لم ترفع روسيا السوفياتية أبدا المنطقة الكردية إلى مستوى أهمية منطقة شرق أوروبا مثلا، والتي سعت بجميع الوسائل إلى ضمان موطئ قدم فيها، وربما يعود ذلك إلى العامل الديني، حيث يدين الأكراد بالإسلام بينما تعتنق الشعوب السلافية بالمسيحية.

ورغم مشاركة المقاتلين الأكراد إلى جانب روسيا في حربها ضد الإمبراطورية العثمانية، فإن الدب الروسي لم يفكر يوما في دعم التطلعات الكردية لإقامة دولة مستقلة، وكان أمرهم ينتهي بانتهاء الحروب مع تركيا أو إيران[3].

وحتى بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية وانتهاء الحربين العالميتين، فإن روسيا ركزت سياساتها تجاه المنطقة على بناء علاقاتها مع دولة تركيا، وهو ما يعني استبعاد أي احتمال للتقارب مع مشروع الانفصال الكردي.

وضع الأكراد اليوم: اللون الأصفر، منطقة الإدارة الكردية في شمال سوريا | اللون الأحمر، منطقة نفوذ نظام الأسد | اللون الأصفر الفاتح، اقليم كردستان العراق

لعب على الحبلين

حالة التركيز الدولي الكبير على المسألة الكردية التي خلفها إعلان الانسحاب الأمريكي، كشف عن معطيات ميدانية مثيرة، وإن كانت المآلات لا تختلف عن الماضي، أي خذلان الحلفاء الأجانب للأكراد. فكل من وحدات حماية الشعب التي تشكلت في الشمال السوري، وحزب الاتحاد الديمقراطي الذي جاء لنفي أي صبغة عرقية أو خروج عن الانتماء السوري، تمكنا من بناء تحالف متزامن مع القوتين المتصارعتين الأساسيتين؛ أي روسيا وأمريكا.

فالتقارب مع واشنطن التي تدرج حزب العمال الكردستاني ضمن قوائم الإرهاب، جاء عن طريق العدو المشترك المتمثل في تنظيم الدولة. والقناة المفتوحة مع نظم بشار الأسد تحوّلت إلى قناة مباشرة مع العراب الروسي، وهو ما سمح لأكراد سوريا بالجمع بين خيوط متشابكة في المنطقة.

لكن ساعة الحسم التي باتت تقترب بتوصل القوى الدولية الكبرى إلى توافقات، جعلت الحليف الأمريكي يتخلى عن أصدقائه الأكراد لفائدة حليف إستراتيجي آخر في المنطقة، هو تركيا.

فالتصعيد العسكري الذي قامت به أنقرة بعد إعلان الانسحاب الأمريكي، في طريقه نحو منح أنقرة منطقة آمنة في عمق الأراضي السورية منعا لوصول الأكراد إلى حدودها. أما موسكو فلن تغير نهجها التاريخي في التعاطي مع المسألة الكردية، ما دام همها الأول حاليا هو فرض سيطرة الجيش السوري على كامل التراب، وما على وحدات حماية الشعب سوى الإذعان لإملاءات دمشق بهذا الخصوص، وإلا فإن الآلة العسكرية التركية على استعداد كامل لدك مواقعهم.

المخاض السياسي العسير الذي عاشته القضية الكردية منذ إعلان الانسحاب الأمريكي من سوريا، انتهى بضمانات دولية تكفل الحد الأدنى من “الحماية” للأكراد المسيطرين ميدانيا على منطقة في الشمال السوري. وفيما انتزعت تركيا حق إقامة منطقة عازلة، تحدثت مصادر غير رسمية عن توافق روسي أمريكي على منح الأكراد حكما ذاتيا تحت سلطة نظام بشار الأسد، دون أن توضح مضمون ومدى هذا الحكم الذاتي.

وخرج مساعد وزير الخارجية السوري أيمن سوسان منتصف يناير/كانون الثاني 2019 ليعبر عن يقينه بإمكانية التوصل إلى اتفاق بين دمشق والأكراد[1]، وهو الاتفاق الذي لم يجد حزب الاتحاد الديمقراطي بدا من طلب الوساطة الروسية فيه ضمانا للحد الأدنى من الحقوق بعد تسليمهم للمنطقة الشمالية الشرقية لنظام الأسد.

الحقيقة الوحيدة التي تؤكدها جميع التطورات هو أن التدخل الأجنبي لم يَحِد عن مساره التاريخي القائم على خذلان التطلعات الكردية بعد اللعب بورقتهم في صراعات المنطقة

إيران وإسرائيل وبريطانيا.. اللعب على حلم الدولة

الحقيقة الوحيدة التي تؤكدها جميع التطورات هو أن التدخل الأجنبي لم يَحِد عن مساره التاريخي القائم على خذلان التطلعات الكردية بعد اللعب بورقتهم في صراعات المنطقة، خذلان لم يقتصر على الفاعلين الكبار أمثال واشنطن وموسكو، بل إن إيران قامت بالأمر نفسه مع أكراد العراق، حيث استخدمتهم ورقة ضغط في حربها مع نظام صدام حسين.

“فبسبب لعبهم دور الطابور الخامس لفائدة إيران بين عامي 1986 و1988، قرر صدام حسين القيام “بمعاقبتهم” عبر التقتيل والتهجير وتدمير القرى، من خلال ما يعرف بحملة الأنفال التي أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 150 ألفا”[2]. وجزء من هذه العملية كان قد شهد استعمال الأسلحة الكيميائية في منطقة حلبجة، وهو الأمر الذي أدى إلى مقتل خمسة آلاف كردي.

الأمر نفسه قامت به قوة إقليمية أخرى هي إسرائيل التي استخدمت الورقة الكردية في صراعها مع بغداد قبل الاجتياح الأمريكي[3]. كما أن الانتدابَين البريطاني والفرنسي لم يترددا في اتفاقية سايكس بيكو في تقطيع أوصال المنطقة الكردية بين دول المنطقة بما يخدم مصالحهما الإستراتيجية.

فأولى المحطات بانتزاع حلم الدولة من يد الغربيين، تعود إلى بداية القرن العشرين على الأقل في عهد الانتداب البريطاني. ففي نهاية الحرب العالمية الأولى شرعت بريطانيا في التحضير لاستمرار نفوذها في الدولة العراقية التي كانت تلوح في الأفق (تأسيس مملكة عراقية تحت حكم الملك فيصل بن الحسين سنة 1921)[1]، وضمنها ما يعرف بكردستان الجنوبية، أي الجزء الشمالي من العراق[2].

بدا منذ ذلك الحين أن اندماج الأكراد ضمن الدولة العراقية المولودة من رحم اتفاقية “سايكس بيكو” سيكون عسيرا، وهو ما أفضى إلى تسجيل أولى حالات تمتع الأكراد بنوع من الحكم الذاتي في الفترة ما بين 1919 و1925، حيث كانت كردستان العراق تحت مسؤولية شيخ يتمتع بقدر كبير من الاحترام في المنطقة هو الشيخ محمود البرزنجي[3]. حكم ذاتي كان ثمنه مشاركة الأكراد في الحرب البريطانية ضد جيش الزعيم الوطني التركي مصطفى كمال أتاتورك الذي كان يطمح لضم كامل إقليم كردستان لسيادته.

“مرة أخرى، استُعمل الأكراد من طرف قوة دولية ضد عدو مشترك، قبل أن يتم التخلي عنهم لاحقا عندما لم تعد القضية الكردية تخدم مصالح هؤلاء الذين قاموا باستخدامهم. فقد كان هدف بريطانيا العظمى هو الحيلولة دون ضم كردستان إلى التراب التركي، وإبقاء جزئه الجنوبي داخل العراق”[4].

إذا كان الأمر على هذه الحال مع الفاعلين الخارجيين، فإن الفكرة الانفصالية تجرّ على الأكراد نقمة وانعدام ثقة الأنظمة السياسية التي يخضعون لها، سواء في تركيا أو إيران أو العراق أو سوريا.

فهل يكون التوافق المنتظر مع نظام دمشق للاندماج مجددا في الدولة الوطنية على أساس حقوق سياسية يكفلها الحكم الذاتي؛ مدخلا لبروز حل جديد للمسألة الكردية، يقوم على النضال من داخل الدول القائمة من أجل التمكين للديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان، وهل تحقق الديمقراطية لشعوب المنطقة ما لم تحققه التطلعات الانفصالية ومحاولة اللعب بالأوراق الإقليمية والدولية؟

المصادر: 

[1] https://blogs.aljazeera.net/blogs/2018/11/24/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B6%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D9%82%D9%8A%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9

[2] Cfr. S. Eskander, “Southern Kurdistan under Britain’s Mesopotamian Mandate: From Separation to Incorporation, 1920-23”, Middle Eastern Studies, Vol. 37, No. 2, April 2001, pp. 153-180.

[3] https://www.ispionline.it/it/EBook/KURDISTAN_TORELLI/KURDISTAN_TORELLI.pdf

[4] https://www.ispionline.it/it/EBook/KURDISTAN_TORELLI/KURDISTAN_TORELLI.pdf

[1] https://ara.reuters.com/article/topNews/idARAKCN1P70J1

[2] https://www.ispionline.it/it/EBook/KURDISTAN_TORELLI/KURDISTAN_TORELLI.pdf

[3] http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2018/12/181220062559296.html

[1] https://www.ispionline.it/it/EBook/KURDISTAN_TORELLI/KURDISTAN_TORELLI.pdf

[2] http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2018/08/180823085901989.html

[3] https://www.ispionline.it/it/EBook/KURDISTAN_TORELLI/KURDISTAN_TORELLI.pdf

[1] http://www.humanrightscolumbia.org/sites/default/files/pdf/pbhr_state_building_kurdistan.pdf

[1] http://www.alhayat.com/article/635317/%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D8%B2%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D8%AA%D8%B1%D8%B3%D9%85-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%85-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82-%D9%88%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86

[1] http://www.humanrightscolumbia.org/sites/default/files/pdf/pbhr_state_building_kurdistan.pdf

[2] https://www.ispionline.it/it/EBook/KURDISTAN_TORELLI/KURDISTAN_TORELLI.pdf

[1] https://www.nytimes.com/2018/12/19/us/politics/trump-syria-turkey-troop-withdrawal.html