المسرح اللبناني.. إبداع الأغنية والرسالة

تفتح الجزيرة الوثائقية ملف “المسرح العربي” الذي يناقش وضعه وأحواله في سلسلة من عشرة أفلام وثائقية تبحث نشأة المسرح العربي والقُطري في معظم البلدان العربية التي اشتهرت بهذا النوع من الفن ابتداء من الحكواتي أو القصّاص مرورا بمسرح خيال الظل ثم القاراقوز وأخيرا باعتلاء خشبة المسرح التي جاءت تتويجا لكل التقنيات البسيطة التي سبقتها، وكيف تنوع شكل المسرح بتنوع الثقافة والقُطر الجغرافي، وما هو نصيب اللغة العربية المسرح اللبناني، حيث يجتمع الحب بالغناء والدبكة مع السياسة ومشاكل المجتمع كأنما الحياة جُسّدت فوق خشبة المسرح.الفصحى على ذلك المسرح.

وتستعرض الحلقة الثامنة أحد أهم المسارح العربية ومهدها المشار له بالبنان فنا وفكرا وسقفا عاليا للحرية، إنه المسرح اللبناني، حيث يجتمع الحب بالغناء والدبكة مع السياسة ومشاكل المجتمع كأنما الحياة جُسّدت فوق خشبة المسرح.

 

الوثائقية-خاص

يصف الشاعر والكاتب الإنجليزي الكبير “وليام شكسبير” الدنيا بقوله: “الدنيا مسرح كبير وما نحن إلا لاعبون على هذا المسرح” . فإذا كان شكسبير يقول -مجازا- إن هذه الدنيا بحجمها وناسها ومكوناتها وكل ما فيها عبارة عن مسرح؛ فحريّ بنا أن ننظر بعين الإكبار والاهتمام والتمحيص إلى هذا المسرح.

هذا العالم الصغير، وهذه الحياة الكبيرة التي تعاش على خشبة، كيف لا وهو أب الفنون وأولها، هو فن الحوار بالكلمة والحركة، هو ذلك اللقاء الفني الواعي المقصود بين الممثل والمتفرج، وشكل من أشكال التعبير عن المشاعر والأحاسيس والأفكار البشرية المختلفة المتنوعة.

 

مارون النقاش المؤسس

في المسرح اللبناني، التقى فن المسرح الغربي بالتراث العربي، فقد بدأ فن المسرح في لبنان مع مدارس الإرساليات، حيث كانت تقام في آخر كل سنة دراسية احتفالية تتضمن مسرحية قصيرة.

يقول نزيه خاطر كبير نقاد المسرح اللبناني: “كان المسرح اللبناني قرويا ريفيا بممثلين ومؤلفين محليين، يقام في المناسبات والأعياد ليومين أو ثلاثة”.

وضعت أول لبنة للمسرح اللبناني في منتصف القرن التاسع عشر، واستكمل البناء في منتصف القرن العشرين، وكان التأسيس الحقيقي لأول مسرح لبناني عند عودة “مارون النقاش” من أوروبا إلى لبنان ليؤسس فرقة مسرحية صغيرة من إخوته وأقاربه.

وبدأ تجربته عندما  قدم مسرحية “البخيل” أمام الجمهور المحلي والسلك الدبلوماسي، ولاقت حينها نجاحا كبيرا. كما قدم مسرحية “أبو حسن المغفل” و”هارون الرشيد”، حاول في هذه المسرحيات عرض العمل المسرحي الغربي بإطار شرقي متصل بالتراث العربي.

لقد حاول مارون تقديم مسرح يناسب جمهوره من الطبقة البرجوازية حتى لا يُحسّ هذا الجمهور بالغربة مع مسرحه الذي كان أقرب إلى الأوبريت غناء وقولا وتمثيلا، وليس مسرحا كلاسيكيا عاديا.

كانت مسرحياته محصورة في البيت وليس على مستوى مسرح واسع وجمهور، وهذا سبب لعدم تمكنه من الاستمرار، فكانت تجربته في تراجع مستمر بدل أن تتقدم وتتصاعد.

وبوفاة النقاش لم تتوقف حركة المسرح، فقد صُدّر الجزء الأهم من المسرح اللبناني إلى مصر، في حين بقيت مستمرة في المدارس والمعاهد اللبنانية التي شجعت على قيام حركة أدبية مهتمة بالمسرح حتى قيام الحرب العالمية الثانية.

التأسيس الحقيقي لأول مسرح لبناني جدث بعد عودة “مارون النقاش” من أوروبا إلى لبنان

 

الرحابنة.. يعيدان الحياة للمسرح اللبناني

توقف المسرح في لبنان بدخول السينما الناطقة والإذاعة اللتين استقطبتا اهتمام الجمهور، ثم كان التأسيس الثاني للمسرح اللبناني عام 1957 لـ”لأخوين الرحباني”: عاصي ومنصور من جهة، ومن جهة أخرى المسرح الحديث مع “منير أبو دبس”.

بدأت المهرجانات في لبنان في عام 1956 وعلى رأسها مهرجان بعلبك الدولي، وصار هناك تفكير بإدخال المسرح اللبناني إلى هذا المهرجان، فاقترح الرحابنة على رئيس الدولة آنذاك كميل شمعون أن يشاركوا مسرحيا في هذا المهرجان، ووافق الرئيس.

وكان أول عمل مسرحي مشارك في المهرجان “أيام الحصار”، شارك فيه زكي ناصيف وصبري الشريف، ومع أن هدف الرحابنة الأول كان الموسيقى والغناء قبل المسرح، إلا أنه كان هناك رفض لمشاركة “فيروز” باعتبارها شخصية مختلفة ذات صوت طروب مميز.

بدأ المسرح اللبناني الحديث وتطور على يد منير أبو دبس الذي كان مخرجا مسرحيا في التلفزيون الفرنسي، وبعد اتفاقية مع التلفزيون الفرنسي لعمل تلفزيون في لبنان، طُلب من منير أبو دبس الحضور إلى لبنان فوافق، وقرر أن يعمل مسرحا في التلفزيون اللبناني مع بعض الرفاق مثل أنطوان ملتقى وآخرين، فقدم عددا من المسرحيات في التلفزيون من بينها مسرحية “ماكبيث” التي لفتت أنظار الجميع، فكان مسرح منير أبو دبس هو المختبر أو المطبخ الذي سيؤسس شكل ومضمون واستعراض المسرح اللبناني.

ثم قدم منير أبو دبس مسرحية “أوديب الملك” ومسرحية “أنطيغون” في مهرجان “وليدي” في المغرب، لاقتا نجاحا كبيرا، كان هذا النجاح مفيدا في تثبيت فكرة المسرح اللبناني في مهرجان بعلبك.

لم تلبث تجربة المسرح الحديث بالولادة حتى صار الانقسام بين قطبيها منير أبو دبس و أنطوان ملتقى، ولم يكن الانقسام سلبيا، بل على العكس، فقد أدى إلى تنوع التجارب في المسرح اللبناني الحديث.

ففي عام 1960 أسس أنطوان ملتقى حلقة المسرح اللبناني بعد افتراقه عن منير أبو دبس واهتم بشكل أساسي بإعداد الممثل واختيار مسرحيات تتحدث عن هموم وقضايا المجتمع وكانت أولى مسرحياته”عرس الدم” التي احتوت على رسالة سياسية.

ثم قرر تأسيس المسرح الاختباري عام 1967 والذي حاول فيه كسر الرائج والخروج عن المألوف، حتى أنه غيّر في شكل القاعة المتعارف عليها .

“شوشو” شخصية ظهرت في عام 1970 خطفت الأضواء وخلقت مسرحا لبنانيا شعبيا

 

شوشو.. مسرح سياسة ومقاومة

وفي تلك الفترة تقريبا كانت عودة روجيه عساف من أوروبا، ليؤسس فرقة “محترف بيروت للمسرح” عام 1968، وقد كان هذا العام منعطفا مهما في الحياة الفكرية والثقافية والسياسية.

كان فيه ظهور المقاومة الفلسطينية والحركة الفدائية، فكان لابد من ابتكار نصوص مسرحية جديدة مرتبطة ومتصلة مع هذا الواقع المعاش، ومن أعمال هذا المحترف مسرحية “إضراب الحرامية”.

وإلى جانب الفرق المسرحية التي ساعدت في إرساء قواعد التأسيس الثاني لمسرح لبنان الحديث، كان الممثل الكوميدي حسن علاء الدين المشهور بـ”شوشو” عام 1970 والذي خطف الأضواء وخلق مسرحا لبنانيا شعبيا بعد أن كان شابا مغمورا يحلم بالتمثيل فقط.

حاول روجيه تطوير تجربته من اسكتشات بسيطة إلى أعمال مسرحية أصبحت تستقطب في بيروت جمهورا كبيرا بالمقارنة مع المسارح الأخرى، وكان شوشو هو المحور الرئيسي في كل مسرحياته التي يذكر منها مسرحية “آآآه يا ضرسي”و”مرسال المراسيل” و”الفرق نمرة” .

كان لهذه المسيرة المسرحية الطويلة في لبنان في الستينات والسبعينات سلبياتها وإيجابياتها، فمن السلبيات أنه لم يكن هناك ترابط ولا جو واحد بين المسرحيين يُظهر الهوية اللبنانية، ولم تنشئ جمهورا، أما إيجابياتها فقد خلقت شيئا من لا شيء وأسست للمسرح اللبناني وسمحت للآخرين ليعملوا في المسرح،وأغنت عروض مسرح العالم العربي.

في عام 1975 نشبت الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت حتى بداية التسعينيات، فخيمت الأجواء الضبابية على كل لبنان وعلى مستقبل الحركة الثقافية فيه، وعلى المسرح أيضا بطبيعة الحال.

فدخل المسرحيون في حالة إحباط عامة، وتوقفت تجاربهم المسرحية خلال فترة الحرب الأهلية، وهاجر كثير منهم  إلى فرنسا والدول الأوروبية الأخرى.

مسرحية “زورادشت صار كلبا” للمخرج “ريمون جبارة” تميزت بالسخرية والعمق

الحرب الأهلية.. عداوة للجميع حتى المسرح

لقد أثّرت الحرب كثيرا على حركة المسرح اللبناني، وعلى الرغم من هذا التراجع والتوقف في حركة بعض المسرحيين، كانت هناك مجموعة من المسرحيين قاومت تحدي الحرب، وأبدعوا وأضافوا للمسرح اللبناني وقدموا عدة أعمال مسرحية غذّت وخصّبت فيها الحرب الأهلية كل أشكال التعبير حتى وصلت قمتها، ومن هؤلاء الذين تابعوا تجاربهم المسرحية خلال الحرب الأهلية المخرج “ريمون جبارة” الذي كان محبوبا جدا، فنجح كثيرا في أعماله التي تميزت بالسخرية والعمق، كان واقعيا في أعماله ولم يكن عبثيا، وقدم مسرحا سياسيا غير مباشر، ومن مسرحياته “زورادشت صار كلبا” عام 1978 و”صانع الأحلام”.

ومنهم أيضا “يعقوب الشدراوي” الذي حمل الأدب إلى خشبة المسرح وسُمّي بفيلسوف الخشبة، لقد كان قادرا على تطويع التاريخ  لصالح المسرح،فجعل منه مرآة الآني ومستشرف الآتي.
وقدم أعمالا مهمة في تاريخ المسرح اللبناني بمستوى فني راق جذبت الناس، مثل مسرحية “إسكندرية بحرك عجايب”، وتهافت عليه الممثلون ليعملوا معه، حيث تميز بالعمل نحتيا على الممثل، إنه مخرج يفرض على الجمهور أن يفكر أبعد من الكلمة؛ أي أنه سبق وقته.
كما ظهر “روجيه عساف” وهو مؤسس مسرح الحكواتي الذي جاء محاكيا للإطار اللبناني الشعبي، فكوّن جمهورا كبيرا، وأزال الحواجز بين الجمهور والممثلين ليصبح الجمهور جزءا من بنية العمل المسرحي.
وكان نهج هذا المسرح أن يعيش مع الناس ويتفاعل، ويسهر معهم ويحرضهم على سرد الحكايات، وكان المهم في هذا المسرح هو نقل المنصة إلى الصالة، وقد لاقى إقبالا شديدا من الناس حيث قدم المضمون في إطار شعبي، ومن أعمال مسرح الحكواتي الكثيرة”حكايات 36″ و”أيام الخيام” عام 1983 والتي تحدثت عن الاجتياح الصهيوني في لبنان .

صوت فيروز في مسرح الرحباني كان رافعة كبيرة كما في مسرحية “لولو”

 

الأغنية.. عنصر المسارح البارز

وخلال فترة الحرب الأهلية شهد المسرح الغنائي ازدهارا وتألقا وبرزت فيه عدة تجارب، منها تجربة زياد الرحباني، وروميو لحود، وتجربة الأخوين الرحباني التي كانت مملوءة بالألم ولكنها لم تكن حزينة.
ويعتبر صوت فيروز في مسرح الرحباني رافعة كبيرة لهذه التجربة، ليس فقط بدافع التحفيز، ولكنه كان يلعب دورا مهما في التأليف والتلحين، وسببا مهما في رقيّ المسرح الرحباني، ومن أعماله “مسرحية لولو” عام 1974 ومسرحية “بترا” عام 1977.
أما روميو لحود فقد اختلف عالمه المسرحي عن عالم الرحباني كليا، فقدم المسرحية الغنائية على الطريقة الأميركية، غناء ورقص وحركة  بدون حوار جماعي، إنه مسرحي يعتمد على الأناقة وفي صف الحياة الرغيدة والتفاؤل ضد الحزن والألم، فقد قدم 13 مسرحية خلال الحرب الأهلية منها “بنت الجبل” عام 1982.

مسرحية “أمرك سيدنا” مأخوذة من حكاية يونانية تحكي عن رجل سياسي لا يفهم في السياسة

 

مسارح ممنوعة

وبينما كان روميو لحود في قمة تألقه كان “فائق حميصي” في قمة إبداعه بتجربته في المسرح الإيمائي أو المسرح الصامت، وبدأ بعرض “إيماء81″ كعرض أولي وتجريبي ليس على المسرح، وإنما في النوادي ومن أعماله أيضا”عيش المهرج” و”إيماء83″ وكلها عروض صامتة بدون حكاية، هي فقط مشاهد تدخل الناس في حالات شعورية مختلفة بين الحزن والضحك.
وبرز خلال الحرب الأهلية إلى جانب الفرق السابقة المخرج “أنطوان كرباج”، الذي سطع نجمه لتعدد وتنوع الفرق المسرحية التي عمل معها، وقدم عدة مسرحيات كان هو نجمها الأول مثل مسرحية “أمرك سيدنا” التي أغضبت بعض السياسيين في لبنان، وحكم عليها بالتوقف والمنع في حادثة استثنائية تتناقض مع ارتفاع سقف الحرية في المسرح اللبناني، وهي مسرحية مأخوذة من حكاية يونانية تحكي عن رجل سياسي لا يفهم في السياسة.

وفي فترة الحرب أيضا ظهر المخرج المسرحي “رئيف كرم” الذي قدم مسرحا جديدا يعرف بمسرح الشارع، ليضيف إطارا جديدا للمسرح اللبناني، ويعتبر رئيف من مخرجي الرعيل الثاني، وقدم مسرحه بحالة استعراضية تفاعلت مع المدينة، حيث كانت تجربته المسرحية مع الدمى في شوارع بيروت بمثابة مظاهرة سياسية ومن مسرحياته مسرحية “تكوين” عام 1994.
أما مسرح الطفل، فقد قدم نفسه خلال الحرب بحلّة وأدوات جديدة، ومن أبرز التجارب في مسرح الأطفال “فرقة صندوق الفرجة” و”السنابل” و”الغدير” وغيرها من التجارب، وقد نجح هذا المسرح في اختراع تجارب مناطقية عجز عنها مسرح الكبار، وهذا أدى إلى استحداث مسارح للأطفال في المناطق، ومن هذا المسرح مسرحية “حكاية العنزة العنوزية” لفرقة صندوق الفرجة ومسرحية “الحاج برغوث”.

مسرحية “الجرس” تحكي عن معاناة رجل من الجنوب فقد ولده في الحرب الأهلية الداخلية

حروب.. وآثار سلبية

وبانتهاء الحرب اللبنانية عام 1990 التي تركت وراءها الدمار والخراب، وتركت بيروت في حالة ضياع تحاول البحث عن هويتها من جديد بمسارحها المدمرة ومسرحييها المحبطين والمهاجرين، تغيرت نوعية جمهور المسرح وتحوّل إلى مسرح نخبوي.
وبغياب حالة التصادم بين المعسكرين الشرقي والغربي، لم يعد هناك أفكار جديدة تنتج، وبالتالي تأثر المسرح وتأثرت حيويته التي تتميز بالانفتاح، كما أن العامل الاقتصادي أثر كثيرا على كل شيء، فلم يعد المسرح هم الناس وأولويتهم.
كما أثرت القنوات التلفزيونية الكثيرة جدا عليه، وبشكل عام، فقد تراجعت حركة المسرح على الرغم من استمرار المسرح الرحباني في العطاء وذلك من خلال مسرحيتين سطعتا في سماء المهرجانات العربية هما “الجيب السري” لسهام ناصر و”الجرس” لرفيق علي أحمد، وكانت الأخير بمثابة جرد حساب للحرب الأهلية.
تحكي المسرحية عن معاناة رجل من الجنوب فقد ولده في الحرب الأهلية الداخلية، في حين أن عدوه إسرائيل وليس في الداخل. وفاز من خلالها رفيق علي بجائزة أحسن ممثل في مهرجان المسرح العربي الأفريقي في مدينة قرطاج 1991.

حركة المسرح الجامعي ازدهرت نتيجة لتوجه المخرجين المسرحيين للتدريس في الجامعات

 

مسارح الجامعات.. يحيي الأمل

وفيما  كان التراجع واضحا في المسرح اللبناني، حافظت المسارح في المعاهد والمدارس على نشاطها، وازدهرت حركة المسرح الجامعي عن المسرح العام نتيجة لتوجه المخرجين المسرحيين للتدريس في الجامعات وإتاحة الجامعات لفرص إنتاجية لم تكن لتتوفر خارجها، فالمخرج الكبير.
فمثلا، منير أبو دبس وبطريقته الخاصة في الإخراج استقطب الطلاب الذين لديهم شغف للأداء المسرحي، مما ساعد كثيرا في تجاربه المسرحية الجامعية الناجحة.
لكن هناك من مشاكل تواجه المسرح الجامعي أبرزها أن بعض الأفكار والنصوص لا يمكن التطرق لها في هذا النوع من المسرح، واعتبر بعض المتحدثين في الفيلم أن المسرح الجامعي كان أحد المشاكل الرئيسية في المسرح اللبناني العام، إضافة إلى المشاكل الأخرى التي تقف عائقا في طريق تطور المسرح اللبناني من مشاكل سياسية واقتصادية واجتماعية والتمويل، لذا فلا بد من وضع نهج أكاديمي للدراسة المسرحية في الجامعات اللبنانية.
كما ظهرت العديد من المبادرات المسرحية خارج إطار الجامعة للمساهمة في تنشيط حركة المسرح العام في لبنان، مثل تجربة “جمعية المسرح الآخر” للدكتور طلال درجاني و”جمعية مسرح المدينة” التي أسستها الفنانة نضال الأشقر، وتجربة روجيه عساف في “مسرح دوار الشمس” وهي مؤسسة جديدة تأسست عام 2005 تساعد في جمع الشباب للعمل معا في عمل مشترك يجمع بين الفن والفكر.ومن مسرحيات دوار الشمس مسرحية “فترين” عام 2010.

ورغم مرارة الواقع وثقله، لم تزل هناك محاولات لإقامة حركة مسرحية نشطة عن طريق مجموعة من الشباب المسرحيين الذين يريدون التحرر من هذا الواقع الأليم باحثين عن محاولات للنهوض في زمن التراجع والنكوص.

مسرحية “دون كيشوت” تمثل حركة المسرح الشبابي الذي حمل راية المسرح اللبناني من أجل النهوض به

 

مسرحية “دون كيشوت” وتقاسيم ما بعد العراك 2011

وعلى خلفية مقاطع من مسرحيتي “دون كيشوت” و”تقاسيم ما بعد العراك” اللتين ظهرتا عام 2011 كمثال لحركة المسرح الشبابي اللبناني الذي حمل على عاتقه حمل راية المسرح اللبناني والنهوض به وإكمال طريق سلفهم من المسرحيين، يُجمع المتحدثون في الفيلم على أن التحديات صعبة وكثيرة أمام الجيل الجديد وأنهم بحاجة لتجارب أكثر ومناهج أكاديمية لتعليم المسرح ليبدعوا ويخرجوا بما هو جديد ونوعي، وهم بحاجة لتمويل ودعم ليؤسسوا لحالة مسرحية ثقافية تتعدى حدود لبنان.
وبين متفائل بمسرح لبناني متطور وواسع المدى، ومتشائم يرى أن المسرح اللبناني في تراجع ونكوص وهبوط، يبقى الأمل قائما في جيل جديد يعيد للمسرح اللبناني تألقه وعنفوانه وازدهاره في لبنان موحّد