“ما بعد الحريق”.. إطفاء النار بالنار والأشجار المقاومة للحرائق

خاص-الوثائقية

إنه الوحش، هذا حريق هائل شبّ في شمال كندا، وهذه طريق الموت في البرتغال، سميت هكذا نسبة لممر ألسنة اللهب.

أينما يحل الحريق الهائل يخلّف دمارا لا يمحى، فضلا عن رائحة الموت. من المناطق الاستوائية إلى المناطق المعتدلة، لا بقعة من الكوكب بمنأى عن الحرائق، وما دام الاحتباس الحراري يسبب الجفاف والتغيرات المناخية القاسية، فإن الكوارث ستظل مخيمة على النظام البيئي.

في كل قارة يعمل علماء الأحياء والمهندسون في الميدان لمكافحة تراجع التنوع البيولوجي، وحماية المجتمعات من خطر حرائق الغابات التي لا تمكن السيطرة عليها، وضمان إحياء الغابات بعد اندلاع حريق هائل، وإعادة إدخال الفصائل واسترجاع النظم البيئية. فهذه مسائل لا غنى عنها للحياة.

لقد اتحد العلماء من أنحاء العالم في جهود الكفاح من أجل ترميم الطبيعة.

“ما بعد الحريق” هي حلقة تبثها الجزيرة الوثائقية ضمن سلسلة وثائقية بعنوان “ترميم الكوكب” تهدف من خلالها إلى تسليط الضوء على جهود العلماء والباحثين في الحفاظ على التنوع البيولوجي على هذا الكوكب الأزرق، وإعادة تأهيل النظام البيئي لتجاوز هذه الجوائح.

حرائق كندا.. وحش الاحتباس الحراري يفترس مقاطعة ألبرتا

في 3/5/2016 واجهت كندا أسوأ حريق في التاريخ تسبب بدمار في منطقة ألبرتا كلها، وقد وقع هذا المشهد المروع في فورتمكموريه المدينة المعزولة في عمق الغابة الضخمة التي تغطي 40% من كندا، وتضررت الأحياء واحدا تلو الآخر، وهددت النيران الطرق الرئيسية، وفرَّ 90 ألفا من السكان دفعة واحدة.

دمرت الحرائق 1200 وحدة سكنية في حي أباسان وحده، وفي بضع ساعات دمرت 30% من المدينة، وفي الغابة دمرت النيران كل ما في طريقها، مخلفة خسائر فادحة، وقد سميت الكارثة بالوحش لأنها دمرت 600 ألف هكتار، واستغرقت أكثر من عام قبل أن تنطفئ كليا، وكانت الصدمة الكبرى في التأثير الذي شهده محيط المدينة، فلقد احترقت الغابة وخسرت المدينة جمالها.

بعد عام من مرور الكارثة بدأ السكان إعادة بناء مدينتهم، لكنهم سيحتاجون مدة أطول لإعادة تأهيل البيئة، فقد فقدت الأرض خصوبتها، ودمر الحريق غابات عمرها أكثر من قرن بارتفاع 18 مترا، وهربت حيوانات كثيرة.

ومنذ عام يراقب فريق من العلماء تطور النظام البيئي في الغابة المدمرة، ويقيسون الضرر الحاصل على أشجار الصنوبر، ويحملون إلى المختبر عينات من لحاء الشجر المحترق لدراستها.

في بعض مناطق الغابة لم يكن الضرر كبيرا، فقد بدأت الشتلات بالنمو والتبرعم، ولوحظ أن أشجار الحور التي تنتشر في الشمال أبدت قدرة فريدة على مقاومة الحريق، وعادت للحياة من جديد، كما لوحظ أن الجذور إذا كان سليمة فإنها تبرعم من جديد حتى لو احترقت أشجارها، وبالمحصلة فالأمل قائم، ولكنه يحتاج لعقود قبل أن تعود الغابة لطبيعتها قبل الحريق.

غطى حريق “آيداهو” 65 ألف هكتار وكان من الصعب جدا السيطرة عليه

 

خطة آيداهو.. مقاومة الحريق بالحريق

تُدمَج البيانات التي جُمِعت من الغابة مع بيانات الطقس، لمعرفة أسباب خروج الحريق عن السيطرة. كان الطقس ربيعا ولم تهطل ثلوج أو أمطار منذ مدة، فكانت الغابة جافة ولمّا تورق بعد، مما زاد من عوامل الاشتعال.

وهنا يهدف الباحثون لتطوير أنظمة تتوقع حرائق الغابات، ويجب بذل المستحيل لتجنب كوارث أخرى مستقبلا، والحد من الأضرار المدمرة للنبات والحيوان.

في “آيداهو” بالولايات المتحدة، بدأ رجال الإطفاء الحرب، سينشرون معدات ثقيلة لحماية الغابة من الحرائق غير المسيطر عليها، وسيفتعلون حرائق حقيقية في الأعشاب الجافة وكل ما هو قابل للاشتعال في الغابة، حتى لا تكون سببا في اشتعال حريق حقيقي بفعل حرارة الطقس التي لا تمكن السيطرة عليها.

إن تغطية 65 ألف هكتار أصعب مما كان متوقعا، فطلب جنود الإطفاء التعزيزات والاستعانة بمشعل جوي محمول على مروحية، إذ يساعد هذا في إحراق مساحة أكبر بوقت أقل. في الخريف والربيع لا خطر من حدوث حريق، وتراقب النيران عن كثب حتى تنطفئ من تلقاء نفسها.

في صيف 2017 اشتعلت حرائق ضخمة في البرتغال في منطقة سنترو، ووجد مئات الأشخاص أنفسهم محاصرين بالنيران

 

طرق الغابات المحاصرة بالنار.. حداد وطني في البرتغال

في مناطق كثيرة حول العالم تعتبر هذه الإستراتيجية مفيدة للتجديد البيئي، وطريقة فعالة لحماية الغابات. في صيف 2017 اشتعلت حرائق ضخمة في البرتغال، وكافح رجال الحريق للسيطرة على أضخم حريق في العقود الماضية، وقد بدأت الكارثة في منطقة سنترو، ووجد مئات الأشخاص أنفسهم محاصرين بالنيران على الطريق المحاط بالغابات، وكان عدد القتلى مأساويا؛ فقد توفي 64 شخصاً وجرح 250.

بعد ثلاثة أشهر عاد الكابوس وتوفي 48 شخصا في خط مواجهة حرائق الغابات، مما أغرق البلاد في حالة حداد، وبوجود حرارة قاربت 30 درجة مئوية ورياح قوية وجافة اجتمعت أسوأ العوامل لتحويل الحرائق إلى كوارث، فاحترقت المنطقة بشدة، ويظهر ذلك من اللحاء المحترق تماما.

اشتعلت النيران لعدة عوامل، منها مناطق معالجة بشكل سيء، ونوع من الغابات يحترق بسهولة، إذ كانت الغابات من الصنوبر في السابق، ثم حلّ مكانها شجر الكينا (الأوكاليبتوس). بعض النباتات يشتعل بسرعة ويساعد على اشتعال غيره، أما بعضها الآخر فيستفيد من هذه الظروف المأساوية لإعادة ملء المساحات الخالية.

تسبب الأنواع الغازية مشكلة، فقد انتشرت كثيرا بفعل الحرائق، فنبتت وتبرعمت بعد الحريق، والأمر نفسه ينطبق على الكينا، وهذا لأن لديها إمكانية عالية للانتشار بعد الحريق.

في البرتغال وعلى مقربة من الحدود الإسبانية يجري إطلاق مشروع لحماية الغابات، ويهدف إلى اختيار النباتات التي تقاوم الحريق بشكل أفضل

 

إعادة تأهيل الغابات.. غرس الأشجار المقاوِمة للحريق

الآن أكثر من أي وقت مضى، أصبحت حماية الغابات الضعيفة أمرا ملحّا، فقد احترق 520 ألف هكتار في البرتغال عام 2017، أي أكثر بثلاث مرات من المعدل المسجل في العقد الماضي، ولم تكن الدول المجاورة مثل فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وحتى اليونان بمنأى عن النيران، فمع الطقس الجاف والتغير في المناخ، فإن السيناريو الأسوأ هو أن المناطق المعرضة للحرائق في جنوب أوروبا ربما تضاعفت بحلول نهاية القرن.

في البرتغال وعلى مقربة من الحدود الإسبانية يجري إطلاق مشروع واسع لحماية الغابات التقليدية، ويهدف إلى اختيار النباتات التي تقاوم الحريق بشكل أفضل، فبعض الأنواع المحلية قد تنقذ الغابات من النيران، حيث تستنبت في بيوت زجاجية، وتعتمد هذه الأنواع على مساعدة طبيعية لتتمكن من النمو لاحقا في الهواء الطلق.

يقوم الباحثون بتصنيف البذور التي ستستخدم في هذا المشروع، وهناك أنواع أخرى عدا شجر البهشية، مثل بذور الغبيراء والبلوط والطقسوس التوتي، وتغرس في الأرض لتتأقلم بشكل أفضل، وبعضها يعد ّ المفتاح لأنه مهدد بالانقراض، مثل بذور اليو أو الطقسوس، فتعطى الأولوية للحفاظ على غابات المتوسط التقليدية.

تجري العناية بالأشتال بشكل حثيث، فقد يصل عمرها إلى ألف عام في الأرض الطبيعية، لذا تبقى في البيوت البلاستيكية (الدفيئة) مدة عام قبل نقلها إلى الجبال الأصلية، هنالك 25 ألف شتلة في هذا المشروع، يعاملها العلماء كالأطفال.

سيرادي إستريلا.. درع بيولوجي في أعالي الجبال

على بعد 50 كم، وفي جبال سيرادي إستريلا ستزرع الأشتال، ويقوم فريق من المتطوعين المحليين بتقديم الدعم للعلماء، حيث تزرع أشتال الطقسوس المقاومة للحرائق على ارتفاع 800 متر فوق سطح البحر، في منطقة كانت قد اشتعلت فيها الحرائق قبل عشرة أعوام، وتزرع في الخريف والشتاء لمنحها فرصة أكبر في النمو، كما أن وجود النهر في الأسفل يوفر لها الماء.

يمكن زرع 700 شتلة يوميا، فوجود أشجار كبيرة يمنح الظل للشتلات الصغيرة، وهذا يعطيها فرصة أكبر للبقاء، وتزرع أشجار البلوط والبهشية لتوفير الظل والرطوبة كذلك، وتعمل كأشجار معاونة.

بعد الزراعة يعتني العلماء بهذه الأشجار لسنوات، فيراقبون نموها ويزيلون الأعشاب الضارة ويشذبونها، ويسجلون معدلات الوفيات في هذه الأشجار، ويستبدلون الميت منها، وخلال عدة عقود ستصبح هذه الأشجار درعا بيولوجيا قويا للغابة؛ غابات تجيد الدفاع عن نفسها، للحفاظ على الطبيعة، وإذا عاشت عقودا أو قرونا فهذا يعني أن العمل المضني قد آتى أكله، وهي الوسيلة الأكثر أمنا لمنع الحرائق.

تستخدم تقنية الطائرات لإعادة تأهيل التربة المحروقة

 

كبسولة البذور.. تطويع التكنولوجيا لإحياء التنوع البيئي

في ولاية واشنطن الأمريكية طورت تقنية ثورية لإعادة تأهيل التربة المحروقة، فخلال ثوان تُسقِط طائرةٌ طنا من الكريات الخاصة، لأن التضاريس شديدة الانحدار بحيث لا يمكن للبذور أن تنمو وحدها، وهذه الكريات يجري تصنيعها في مصنع خاص فتطحن الحشائش، ويعاد تشكيلها وتلتصق بها البذور المراد زراعتها، وترمى في الغابات من أعلى، وهكذا نضمن للبذور بيئة تثبتها وتغذيها حتى تنمو.

على هذه التلال احترق 3000 هكتار من الغابات في صيف 2016، ولحماية التربة من التآكل ولإعادة الغطاء النباتي الأولي تمت زراعة ملايين الكريات بعد ثلاثة أشهر، وكانت النتائج الأولية مشجعة، فقد مكَّنت الكريات بذورا كثيرة لتنبت خلال عملية مسيطر عليها، ويقوم المطر بتفعيل الكريات ويجعلها تغلف البذور، وتحتفظ بالرطوبة حتى تنبت البذور، وتحمي البراعم حين تنبت.

سمحت هذه التقنية بإعادة زراعة 45 ألف هكتار بعد أشهر قليلة من الحريق، وتستغرق نحو ثلاث سنوات لتنمو في هذه البيئة، فثمَّة رطوبة كافية، فحظيت البذور برعاية جيدة وطقس ربيعي رطب ودافئ، ومع كل هذه التقنيات يأمل العلماء بالانتصار في معركتهم ضد حرائق الغابات وقطع الأشجار، هذه الفكرة العبقرية تسهل اتخاذ إجراءات مبكرة بعد الحريق.

زراعة العشب هي الخطوة الأولى في زراعة الغابات، وبعده تقع زراعة الأشجار بسهولة، لقد طورت هذه التقنية بواسطة شركة “بيوكاربون إنجنيرنغ”، ومن خلال صور الأقمار الصناعية يمكن رصد المناطق مقطوعة الأشجار حول العالم، ثم تقوم طائرة مسيرة بمسحٍ تراعي فيه التضاريس وأنواع النباتات، ثم تقوم مسيَّرةٌ أخرى برمي البذور، وبمجرد سقوطها في الأرض الرطبة تبدأ في الإنبات.

تتم تكثير زراعة أنواع معينة من الأشجار المقاومة للحرائق

 

سيقان الأشجار.. لغز اليرقات المختبئة في عمق الغابة

نعود إلى كندا، حيث تستقبل القاعدة البحثية المبنية في مكان منعزل في عمق الغابة علماء الأحياء في أوائل الصيف، فهم يأتون لمراقبة الحيوانات الضعيفة بهدف تحسين حمايتها، لقد تعرضت هذه المنطقة لحريق قبل 6 سنوات، وسيتفقد العلماء أوضاعها.

تنصبُّ بعض البحوث على يرقات الخنافس التي تتخذ من سيقان الأشجار المختبئة مساكن لها، حيث توفر السيقان الجافة المأوى والطعام لهذه اليرقات.

تتغذى الخنافس على السيقان فتضعفها وتسقطها أرضاً، مما يفسح المجال لأشعة الشمس أن تصل إلى أرض الغابة فتنمو الشتلات، وتتحرك حشرات أخرى تعمل على تدوير المواد العضوية التي يحتاجها النظام البيئي لينمو، وتصبح الأعشاب غذاء وفيرا لحشرات أخرى وطيور مختلفة، لتكتمل دورة الحياة من جديد.

يدرس العلماء سلوكالباز الأمريكي لتعزيز النظام البيئي مستقبلا

 

الباز الأمريكي.. نبش في أسرار ريشة الطائر الغامض

بعض الطيور تفضل العيش على قمم الأشجار المحترقة، فهي تحب الأجواء المفتوحة، وتتغذى على الأخشاب المحترقة، والعلماء يدرسون سلوك هذه الحيوانات لتعزيز النظام البيئي مستقبلا.

في المخيم يستعد العلماء لليلة طويلة، فهم يراقبون طائرا ليليا مهددا بالانقراض، إنه الباز الأمريكي الطائر الليلي الغامض، لونه بنيٌّ ومبرقش، وتصعب رؤيته حين ينام في شجرة، وهذا يصعِّب دراسته. يريد العلماء أخذ عينات منها لبحث تأثيرها على النظام البيئي.

يستخدم العلماء تسجيلا صوتيا من أجل جذب البازي الذكر، وينصبون شباكا ذكية مزودة بنموذج طائر لاصطياده، وبعد ساعة أمسكوا به وأمسكوا ذكرا وأنثيين أخريين كذلك، وسيطلق سراحهم بعد أخذ العينات والقياسات اللازمة، فعينات الريش تعطيهم فكرة عن نوع طعامها وأماكن عيشها، وما إذا كانت هذه الأماكن معرضة للتهديد مستقبلا.

يعد حرائق البرتغال، أطلق 20 وشقا بين إسبانيا والبرتغال منذ 2010، فتكاثرت وأصبح عددها 300 وشق

 

الوشق الأيبيري.. سنور مشرد في غابات الأندلس

يشير اكتشاف النظم البيئية الخاصة بالغابات المحترقة إلى إمكانية بداية جديدة بعد الحريق، ولا تزال هذه الأنواع البيولوجية تحوي أسرارا عدة متعلقة بقدرتها على التكيف مع هذه البيئة القاسية، فقطع الأشجار قبل أوانها وإزالة آثار الحريق سيزيد الطين بلّة، ويبقى حلم الباحثين هو تحويل هذه الغابات إلى ملاذات آمنة للحيوانات الضعيفة.

في البرتغال كانت حصيلة عدة عقود من الحرائق المدمرة بشكل متزايد فادحةً، لقد أدى تواتر هذه الحرائق إلى استنفاد البيئة حرفيا، ووجدت حيوانات كثيرة نفسها في فوضى عارمة نتيجة إقفار غاباتها. في جنوب أوروبا، في إقليم يمتد على جزء من إسبانيا والبرتغال، كانت توجد قبل أكثر من قرن مجموعة كبيرة من السنّوريات الرمزية بشكل خاص، إنه الوشق الأيبيري.

أجرى العلماء مسحا لأعداد الوشق الأيبيري في أواخر التسعينيات في إسبانيا والبرتغال معا، وحين انتهى المسح أدركوا تكاثر مجموعتين كلاهما في الأندلس، فأطلق مشروع واسع لحماية مجموعات الوشق الأيبيري لتعويض عواقب إزالة الغابات في هذه المناطق.

تجري تربية حيوانات الوشق في مراكز التربية الأربعة المنشأة خصيصا لهذا المشروع، وتتربى دون اتصال بالبشر ليحفز لديها غريزة الخوف من الإنسان، وحين تطلق في البرية فستتجنبهم، وفي الميدان يعاين علماء الأحياء مدى تكيف الوشق مع البيئة الجديدة.

إنقاذ الوشق من الانقراض.. مشروع إعادة إنتاج الثروات البيئية

تعتبر المنطقة المفتوحة ذات الشجيرات بيئة مناسبة للوشق لأنها تمكِّنها من إيجاد مأوى في المناطق المغلقة، ومكان للصيد في المناطق المفتوحة. في هذه البقعة تمكن رؤية مناطق كثيرة يسيطر عليها الوشق، ويمكن تتبعها بواسطة الأقمار وأجهزة اللاسلكي ومعرفة أين تسكن، وما إذا كانت في خطر وتحتاج إلى تدخل.

من المهم مراقبة الحيوانات بعد إطلاقها، وهذا يعطي الباحثين فكرة عن سلوكها، ويحتاج الوشق إلى ثلاثة أشهر بعد إطلاقه ليستكشف المنطقة التي يريد أن يسكنها ويسيطر عليها، وتتوزع الحيوانات المحررة بالتساوي في أنحاء المنطقة، وتحدد الذكور مناطقها بواسطة الفضلات.

يستعين العلماء بتقنيات أخرى لدراسة علاقة الحيوانات ببعضها بعد تحريرها، من أجل حملها على التكاثر، ويدرسون سلوك الإناث منها، والأماكن التي تقصدها للولادة وتربية جرائها.

أطلق 20 وشقا بين إسبانيا والبرتغال منذ 2010، وبفضل تكاثرها الناجح يقدر عددها الآن بـ300 وشق، ويأمل العلماء بمضاعفة هذا العدد في السنوات العشر القادمة، إنها جزء من الطبيعة المتوسطية، ونحب أن نراها ثانية في هذه الغابات البرتغالية.

 

حرّاس الأرض.. تأمين البيئة في وجه أعاصير النار

في الهواء وعلى الأرض وفي الغابات وفي جميع أنحاء العالم يجتمع أبطال الطبيعة لمحاربة أكثر الكوارث تدميرا، وبفضل جهودهم الدؤوبة في الميدان والتقنيات الحديثة أصبحت الحماية والوقاية هما الهدفين الرئيسيين.

من الضروري إقامة مناطق استراتيجية نستطيع من خلالها إدارة الوقود وتحديد الغابات التي تحترق أقل كما في هذه الغابة.

يؤدي نمو المدن وقطع الغابات والاحتباس الحراري إلى خطر اندلاع الحرائق، وتتهيأ الفرصة لنيران أشد مع ارتفاع الحرارة، حيث يتبخر الماء من التربة، وتزيد فرصة وقوع البروق والصواعق، وبالتالي الحرائق.

تمثل الحرائق مع الاحتباس الحراري دورة لا نهاية لها، فكل واحدة تؤثر بشكل مباشر في الأخرى، لكن بصيص الأمل لا يزال موجودا، للخروج بالطبيعة سالمةً من تحت الرماد، برغم هذا الوحش الهائل.