مطار تشانغي.. جولة في قلب دُرّة سنغافورة الأفضل في العالم

خاص-الوثائقية

إذا قادك سفرك إلى المرور بمطار شانغي، درة التاج في سنغافورة، فأنت دون شك محظوظ بالوصول إلى مكان حصد لقب أفضل مطار في العالم لست سنوات متتالية.

ولكن كيف حصد هذا اللقب؟ في هذا الفيلم -الذي بثته الجزيرة الوثائقية- تمكن فريق العمل من الدخول إلى “دهاليز” مطار تشانغي ليكشف سر تميزه بتتبع فرق الهجرة وطواقم الطوارئ وطاقم الخطوط الجوية السنغافورية وخدمات العملاء في عملهم اليومي.

في هذا المطار العملاق تسود الدقة والكفاءة والخدمة، حيث تخدم محطاته الثلاث أكثر من 100 شركة طيران، وتربط 320 مدينة.

ويعد مطار تشانغي أحد أكثر المطارات ازدحاما في العالم، إذ يحتوي على مدرجين وثلاث صالات، تُسيّر ألف رحلة في اليوم و55 مليون مسافر في السنة، بمعدل رحلة كل 90 ثانية تقريبا.

 

40 ألف موظف.. الابتسامة سر النجاح

بالنسبة للمسافرين، يُعد مطار تشانغي واحة من السلام والهدوء، أما بالنسبة للموظفين -البالغ عددهم 40 ألفا، والذين يظلون في حالة طوارئ دائمة- فإن الوضع مختلف تماما، فهم يواجهون التهديدات الأمنية، وما قد يُخبئه المسافرون من ممنوعات في أمتعتهم، وآخرون تقطعت بهم السبل بعد أن فاتتهم رحلاتهم.

ويعمل موظفو المطار على مدار الساعة لإرضاء الجميع، بكفاءة تُعد العامل الأهم في المطار، إلى جانب تقديم الخدمات مع ابتسامة.

وبينما يعملون في 15 محطة عبر 3 صالات ويقومون بدوريات في المطار، فإن هذا الجيش من المساعدين يحلون مشاكل الركاب الكبيرة والصغيرة على حد سواء.

فرق أمنية وجمركية متدربة تتناوب على التأكد من سلامة ونظافة الحقائب المحمولة على متن الطائرات

 

خدمة العملاء.. حيث مشاكل المسافرين لا تنتهي

في مكاتب خدمة العملاء بمطار تشانغي، يتدفق المسافرون ومشاكلهم لا تنتهي، وفي بعض الأحيان يضطر الموظفون لنقل أخبار سيئة إلى بعض هؤلاء كإخبارهم مثلا أن تذكرة السفر مزورة، أو أن ما يحملونه من أموال يزيد عن الحد المسموح به، ومن ثم فإنه سيتم احتجازهم والتحقيق معهم بشأن هذه الأموال وما ينوون فعله بها.

ولا تتوقف التحديات التي يواجهها هذا الفريق، فهل ينجح عناصر تشانغي في إركاب مسافر مضطرب على متن رحلته؟ وهل سيساعدون مسافرا آخر في التواصل مع أحد من عائلته لإمداده بنقود يحجز بها تذكرة سفر أخرى، أم سيبقى عالقا في المطار؟ وكيف يتعامل ضباط وحدة تفتيش الأمتعة مع جسم معدني مريب؟ وكيف يتعامل الموظفون مع تذاكر السفر المزورة، أو مع فقدان راكب لجواز سفره، أو مع من يحمل وزنا زائدا ولا يرغب في أن يدفع مقابله؟

لكن المثير في الأمر يكمن في تعرض بعض العملاء للخداع، كأن يطلب منهم شخص عرفوه إلكترونيا أن يضعوا له مبلغا في حسابة ليتمكن من تسديد غرامة ويفرج عنه من احتجاز “مزعوم” داخل المطار، وعلى موظفي خدمة العملاء أن ينقذوا هؤلاء من عمليات الاحتيال.

ويتعامل موظفو خدمة العملاء مع أقسى الحالات، إذ يفقد المسافرون أشياء ثمينة؛ ومن ذلك أبناءهم مثلا. وتُحتجز الحيوانات الأليفة أثناء الترانزيت، وربما يتم إبعادها إذا كانت مريضة، ويبقى التحدي؛ أن تُحل كل هذه المشاكل بهدوء وابتسامة.

120 ألف حقيبة تدخل مطار تشانغي يوميا

 

الأمن أولا.. 120 ألف حقيبة يوميا تحت المسح

هناك وجه آخر للتحدي، فالمسافرون عبر المطار العملاق يجلبون يوميا 120 ألف حقيبة، وتقوم فرق الأمن بالتفتيش والمسح والبحث عن موانع محظورة أو خطرة.

ويحتوي مطار تشانغي على أنظمة أمنية تضاهي تلك المستعملة في المصارف الكبرى على مستوى العالم، ويقع على عاتق هيئة الهجرة ونقاط التفتيش التأكد من شرعية وقانونية حركة الناس والسلع.

وتقوم وحدة تفتيش الأمتعة بالتحقق من عدم وجود ما تعتبره الشرطة في سنغافورة تهديدا أمنيا كالسكاكين الحادة والأصفاد والعصي والقبضات الحديدية، وكذلك الكميات الكبيرة من المقويات الجنسية وحبوب التنحيف، وأخيرا وليس آخرا السجائر الإلكترونية.

ولكل ضابط في هذه الوحدة الأمنية دور يؤديه، حتى إنهم يواجهون كل مشتبه فيه بلعبة معقدة من النظرات والإشارات والاستمالة اللبقة في الحديث لمعرفة إن كان ثمة مؤشرات لإخفاء شيء ما ومحاولة تهريبه.

12 فرسا وصلت من نيوزيلاندا لتشارك في مسابقة لسباق الخيول تم حجزها أسبوعين للتأكد من سلامتها

 

في سنغافورة.. الجميع مرّحب به

وفي أبعد ركن من مطار تشانغي، تقع محطة الحَجْر الحيواني والنباتي التي يعمل بها فريق من البيطريين والضباط المدربين على مدار الساعة للحفاظ على سلامة سنغافورة من الأوبئة والآفات والأمراض.

وعلى سبيل المثال، وصلت إلى المطار 12 فرسا من نيوزيلاندا لتشارك في مسابقة لسباق الخيول، ويتطلب الأمر فحصها وترقيمها ووضعها في حجر صحي لمدة 14 يوما قبل أن تصبح ضيوفا مُرحّبا بها في سنغافورة.

في مطار تشانغي هناك سبع محطات إطفاء تقوم فرقها بالتدرب على حالات الطوارئ بشكل دوري

 

القط البري.. تأهب لأحلك السيناريوهات

وعلى الجانب الآخر، يعمل فريق الطوارئ قرب مدرج الإقلاع، وهم بمثابة رجال إطفاء المطار المخلصين، حيث يبقون في حالة استعداد للتدخل في أي لحظة، وهو عمل لا يتمنون القيام به، ويشرف عليهم قائد العمليات بخدمة طوارئ المطار ألكسندر بواي.

ويرى بواي أن المسؤولية التي تقع على عاتق فريقه كبيرة، فسلامة الركاب وحياتهم بين أيديهم، لكن الأصعب يتمثل في أنه ينبغي عليهم أن يكونوا جاهزين في كل لحظة للتعامل مع أي حادث.

وتوجد في مطار تشانغي 3 محطات إطفاء بجوار المدارج و4 على الساحل. ويعد التدريب أسلوب حياة لرجال الإطفاء في جميع المحطات، فهم على استعداد دائم لأسوأ السيناريوهات، ومن أجل ذلك يخوضون تدريبا سنويا مكثفا يُطلق عليه اسم “القط البري”، وهو اسم شيفرة تُشير إلى تحطم طائرة.

وهناك 180 ضابطا في المناوبة الواحدة في مختلف المحطات والمدارج، يقوم قائدهم بتنفيذ اختبارات استجابة بشكل متكرر حتى يُبقي رجاله في حالة تأهب دائم، فبمجرد بدء التدريب، لن يكون أمامهم سوى ما بين 15 و20 ثانية لترك أي شيء في أيديهم والإسراع إلى مركباتهم وارتداء زيهم والخروج من المحطة.

تدريب حي لاحتراق طائرة وإخلاء المصابين منها

 

خطط طوارئ محكمة.. مناورات تتوقع الأسوأ

ولكي يحافظ أفضل مطار في العالم على مكانته، فإنه يضع خططا وتدريبات لمواجهة أي طارئ، وقد وضع قائد العمليات بطوارئ المطار ألكسندر بواي خطة للتعامل مع تحطم طائرة وسقوط ضحايا، وسيتعامل فريقه مع نيران حقيقية وأناس حقيقيين، وهو أمر يتطلب عقولا وعضلات للتغلب على هذا الحادث الطارئ في غضون 6 دقائق وإجلاء المصابين والإبلاغ عنهم.

وما يتعين على قائد العمليات القيام به هو إخماد النيران بالسرعة المطلوبة، ولذلك سيتعين على عناصر الفريق إنقاذ 156 شخصا من ضحايا “مفترضين” لتحطم طائرة، وإجلائهم إلى منطقة الفرز، وهي خيمة يقيمها الفريق على عجل؛ حيث تُقيم فيها الإصابات وتحديد أولوياتها.

وبالفعل، أُخمدت النيران في غضون دقيقتين فقط، لكن الفريق واجه تكدسا للمصابين بسبب مشكلة في نقلهم؛ فقد تجمع أكثر من 100 مصاب في موقع التحطم.

ومع نقص سيارات الإسعاف والإجهاد الذي يعانيه أعضاء فريق الإطفاء والإنقاذ، باتت مهمة اثنين من أعضاء الفريق تتطلب أربعة رجال، وفي مقابل كل ذلك، هناك لجنة تقييم تُسجل ملاحظاتها على كل ما يجري في التدريب.

ومع نهاية التدريب يخرج الفريق بدروس مستفادة تتطلب إجراء بعض التعديلات، ومع ذلك فإن قائد العمليات ألكسندر بواي يُبدي سعادته؛ فقد تمكن فريقه من إخماد الحريق بسرعة فائقة، وإنقاذ الضحايا، وإحصائهم جميعا.