نايا الأردن.. فرقة موسيقية تقطف المواهب النسائية وتحمل المشعل إلى الخارج

في الأردن ظهرت ثاني تجربة موسيقية نسائية جماعية في الوطن العربي، وهي الأولى من نوعها محليا، وتقوم فيها الفتيات بأدوار العزف والغناء والإدارة.

وقد عرضت قناة الجزيرة الوثائقية فيلما ضمن سلسلة “نغمات وردية” عن فرقة “نايا” النسائية الأردنية وعن نشأتها وطموحاتها، والمراحل التي مرت بها.

أنثى الناي.. فرقة موسيقية لإثبات القدرات النسائية

جاءت فكرة الفرقة من مؤسستها رولا جرادات، عندما شاركت في إحياء حفل ضمن فرقة موسيقية على المسرح، وكانت الوحيدة من العنصر النسائي بين خمسين عازفا من الرجال، فشعرت بالحاجة لتأسيس فرقة موسيقية نسائية لإثبات أن الفتاة والمرأة قادرة على قيادة حفل فني.

جاء اسم الفرقة “نايا” اشتقاقا من اسم الذكر “الناي”، الأداة الموسيقية الشهيرة، وبما أن الفرقة نسائية فيناسبها تأنيث “ناي” إلى “نايا” كاشتقاق.

كانت بداية الفرقة عام 2012، وكان عدد الفتيات اللاتي انضممن إليها كبيرا، لكن مع الأيام بدأ العدد يتناقص لأسباب عدة، منها الصعوبات التي توجه الفتاة وعدم إيمانها بالفرقة. فلا يستمر في العادة إلا اللاتي يؤمنَّ بها ويضحين من أجلها، فعادة ما تلاقي الفتاة صعوبات في الاستمرار، بسبب التوفيق في الوقت بين ترتيبات العائلة والمهنة ومواعيد الحفلات، وكذلك مواعيد التدريبات المستمرة قبل الحفلات للاستعداد لها.

رالي جرادات مؤسسة فرقة “نايا”

وقد كانت سياسة الفرقة منذ بدايتها أن لا تشارك في الأفراح ولا في المناسبات الاجتماعية، بل تقتصر مشاركتها على الحفلات الكبرى التي تقام على خشبة المسرح، وهذا من باب المحافظة على مستوى رفيع للفرقة، وعدم النزول بها إلى مستوى أقل.

وعندما أنشئت الفرقة صارت للقائمين عليها بمثابة الحلم الذي كانوا يحلمون، والطفل الذي يربونه، فهي ليس مجرد فرقة، بل هي فكرة ومشروع وأمل للمستقبل.

تنظيم الفرقة.. شغف تقفز جسوره فوق التحديات

تقول مؤسسة الفرقة رولا جرادات إن الاستعدادات لأي حفلة تبدأ من وضع برنامج السهرة بالاشتراك مع المديرة الفنية للفرقة ديما سويدان. ثم تبدأ بنفسها بوضع النوتة الموسيقية، وهو ما يستغرق كثيرا من الوقت، ثم مراجعة النوتات ومناسبتها لطبقة أصوات مغنيات الفرقة من عدمه، وبعد ذلك تعتمد كثيرا على المديرة الفنية في إتمام العمل.

وتكون ديما المسؤولة أمامها عن أي تغيير في البرنامج، إذ تشارك في البروفات وفي جميع التحضيرات، وتضع الشكل العام للأغنية على المسرح.

وتتميز ديما بسعة صدرها وبقدرتها على التحمل، وقدرتها على إدارة المواقف الصعبة بكل هدوء وأريحية، وتعرف كيف تشحذ الهمم، وهي في ذات الوقت عازفة عود وإيقاع، وبالتالي فهي قادرة على التعامل باحترافية مع كل تفاصيل النوتة، ومع كل ما يحدث فجأة في الأداء أو في التغيير الذي تقوم به مغنية الفرقة الرئيسية لينا الصالح.

تقول لينا إنها بالإضافة لكونها المغنية الرئيسية، فهي إحدى مؤسسات الفرقة والمؤمنين بها وبمستقبلها وبدور المرأة، وتعتبر أن استمرارية الفرقة أهم من تأسيسها، لأنها متأكدة من الشغف عند أعضاء الفرقة جميعهن، وأنهن لديهن حلم وأمل بمستقبل الفرقة.

حفلات الخارج.. حاملات مشعل الثقافة الأردنية إلى العالم

في السنة الأولى لم تكن الفرقة تشارك إلا في حفلات قليلة، أما في السنة الثانية فصارت تأتيها الدعوات للمشاركة في حفلات كبرى وفي المشاركة بمهرجانات شهيرة على المستوى المحلي والعربي. فقد شاركت الفرقة محليا في مهرجان الفحيص ومهرجان جرش ومهرجاني الكرك والبتراء.

وفي الوطن العربي شاركت بكثير من المحافل التي تقام في الدول العربية وفي أوروبا وفي العالم، باعتبارهن مشارِكات يمثلن الأردن لإبراز ثقافته للعالم، وبطبيعة الحال فإن هذه المشاركات الخارجية للفرقة تترتب عليها صعوبات للفتيات من جوانب عدة، سواء من ناحية الوقت بين العائلة والمهنة والسفر، أو من ناحية الالتزامات الجديدة التي تظهر للفتاة بعد الزواج، تجاه الزوج والبيت والأولاد.

سياسة الفرقة منذ بدايتها كانت أن لا تشارك في الأفراح ولا في المناسبات الاجتماعية

فمثلا، تزوجت المديرة الفنية للفرقة وسافرت للإقامة مع زوجها خارج الأردن، فزادت الأعباء ولم تستطع الحضور بشكل كامل كما كانت قبل ذلك. وكذلك الأمر بعد أن رزقها الله بوليدها الأول واستمراره بمرافقتها في الحفلات، مما وضع على كاهلها كثيرا من المهام الإضافية والتفصيلية والمزيد من الأعباء.

وكما أن لكل صعوبة جانبا آخر قد يكون أفضل منها، فإن وجود ابنها معها في الحفلات وبلوغه سن الفهم أوجد لديه فرصة التعرف على الموسيقى منذ الصغر، وربما اختياره لنوع من الآلات الموسيقية دون غيرها عن قرب وبشكل مبكر.

توتر اللحظات الأخيرة.. عصبية وقلق في سبيل المثالية والاحتراف

كثيرا ما تكون مؤسسة الفرقة ومديرتها رولا جرادات أحيانا عصبية وحادة الطباع، وأحيانا أخرى تكون دقيقة جدا، وتريد أن يحدث كل شيء وبكل تفاصيله بشكل احترافي وكامل، وفي كلتا الحالتين تكون مصلحة العمل هي الدافع، ولكن ذلك يضع الفتيات تحت الضغط المباشر، ويعتبر نوعا من الصعوبات التي تواجه الفرقة.

وعادة ما يبلغ التوتر ذروته قبل الحفل، من التدريبات النهائية والاهتمام ببداية الأغنية الذي يعتبر أهم نقطة في البدء بالأغنية، إلى الاهتمام باللباس وبالمكياج، إلى الظهور أمام الجمهور بكامل الزينة، حتى أن بعضهن لم يكن يستطعن النوم قبل الحفلات، وهنا تتدخل روح التعاون والترويح، ويقمن بمساعدة بعضهن في التجهيز، للتخفيف من هذا التوتر.

في الوطن العربي شاركت الفرقة بكثير من المحافل التي تقام في الدول العربية وفي أوروبا وفي العالم

تحاول الفرقة أن تكون متجددة بشكل دائم، بإضافة المزيد من العضوات الجديدات، وهذا يترتب عليه تدريبهن من جديد، وهذا أفضل لمستقبل الفرقة ولتطويرها ولإبقائها في حالة من التقدم المستمر. وهو جزء من حلم المستقبل بأن تصبح الفرقة مدرسة لتعليم الموسيقى.