“كائنات مسكينة”.. صراع الهوية بين العوالم البشرية وما بعد الإنسانية
منذ لحظة ولادته، يتملص الإنسان من وجوده، فلا يعرف لماذا أتى وإلى أين سيذهب، وليس له إلا أن يسلّم لمنظومة دينية وكيان إلهي شامل، يؤمّن حضوره ويطور وجوده في مسارات ذات سياقات مُنتظمة، توفر ضمانات ما ورائيّة تأتي في ثنائيات قيمية تمثلها الجنة والنار، لتنظم الشكل الحالي واللاحق في سردية لاهوتية.
عدا ذلك يظل حضور الإنسان جسدا وماهية سؤالا وجوديا، يردنا إلى الوراء، إلى لحظة الولادة، لماذا نحن هُنا؟ أذلك محض صدفة أم تدبير؟
ومع أننا نحاول التملص من السؤال الأوّلي للوجود والولادة، فهُناك من يفاقم السؤال، فيُضاعف لحظة الولادة، ويُعيد خلق الإنسان من ذاته وبيديه، فينفتح على فضاءات أخرى للتفكير، مساحات تُعيد تعريف الشكل والماهيّة بطرق ومنهجيات مختلفة، ومع أننا لا نستطيع قياس الوجود عليها، ولا نعرف إلى أي مدى يُمكن تحقيقها، فإنها تظل مطروحة.
وكما فعلت “ماري شيلي” بروايتها “فرانكنشتاين” حين خلقت “بروميثيوس” الجديد، وأعادت تعريف الوجود في دراسات ورؤى واستعارات اجتماعية مهمة، يعود الأدب ما بعد الحداثي ويُضيف طبقة جديدة ورؤية مختلفة نوعا ما، في رواية “كائنات مسكينة” للكاتب “آلسدير غراي”، التي عالجها المُخرج اليوناني “يورغوس لانثيموس” سينمائيا في فيلمه “كائنات مسكينة (Poor Things) الذي عُرض عام 2023، فأصبح فيلمَ العام لدى كثير من مُحبي السينما، لا سيما بعد حصده جائزة “أسد البندقية الذهبي” وأربع جوائز أوسكار.
مسارات الرحلة.. لحظات الصدمة والدهشة والاكتشاف
الجدير بالذكر أن المخرج “لانثيموس” لا يركز سؤاله الوجودي على لحظة الولادة، بل يتتبع مسارات الرحلة منطلقا من الولادة الثانية، فنراقب تطور دماغ “بيلا باكستر” (الممثلة إيما ستون)، بدايةً من أطواره الأولى إلى مراحله الأكثر نضجا، لا سيما كونها عالقة في جسد يسبقها بعقود زمنية، بحيث لا تتوافق طفولية الفكر مع مستوى الجسد الحركي والبيولوجي.
ولكنه بطريقة مُدهشة يتماهى ويتكيف ويتطور بسرعة رهيبة، ترفع إيقاع الفيلم وتنقلنا في انسيابية بين لحظات من الصدمة والدهشة والاكتشاف، بيد أن تتبع مسارات الشخصية الرئيسية؛ يؤدي إلى نوع من التجاهل للشخصيات الأخرى، وهو تجاهل مُحبب سينمائيا، ولكنه يُضيع متعةً تكشف ما وراء الشخصيات المبتورة التي تمثل جُزءا رئيسيا من الحدث.
فمثلا “غودوين باكستر” (الممثل ويليام دافو) الملقب “الإله” (God)؛ هو أكثر الشخصيات ثراء على كل المستويات، بداية من الشكل مرورا بالواقع الاجتماعي، حتى تاريخه مع والده الذي يتجسد في حضور جسدي صارخ لديه، وغير ذلك من الملامح والسمات التي تغذي الشخصية.
“غودوين”.. نتاج إعادة البعث التي صنعت مسخا
تقع شخصيّة “غودوين باكستر” في قلب الأحداث، لكنها تنسلخ عن كونها شخصيّة ثرية ذات وجود بمعزل عن فرادتها العلمية، وتنشغل بقدراتها الإلهية التي هي عُنصر أساسي في رواية القصة، وإلى جانب كونها المُحرك الحقيقي للسردية باقترافها فعلا ذا طبيعة إلهية.
فهو لا يكتفي ببعث شخصية “بيلا” وجنينها من الموت ثم مداواتهما، بل يُعيد خلقهما وهيكلتهما، ربما كان يحاول خلق مسخ بوضع رأس الجنين مكان رأس الأم التالف، أو كان يحاول إنقاذهما، ولكن على أي حال فالناتج لم يكن مسخا، حتى لو بدا كذلك في أطواره الأولى.
ولكن على الجهة الأخرى، إذا حاولنا تشريح شخصية “غود” بشكل أكثر دقة، ستتكشّف لنا تسلسلات مثيرة للدهشة، لا سيما على المستوى المادي، فالبُعد الجسماني يشرح طبيعة الشخصية التاريخية، فالجسدي هُنا بمثابة تأريخ لمسارات اجتماعية واضحة نمت على جسد “غود” حتى جعلته مسخا.
ولكنه في الحقيقة لا يعي ذلك، أو يمنحه تبريرا أسمى يجعل منح التصور الشكلاني للجسد بُعدا آخر أمرا ممكنا، فعلاقته بوالده علاقة قائمة على القسوة، ولكن إلى أي مدى يُمكن أن تُشكل القسوة شخصية المرء، وأي دور تلعبه في تطور أي شخصية إنسانية؟
قرابين العلم.. تضحيات تتسامى عن شهوانية الجسد
يرجع بنا تشوه الشخصية إلى السؤال الأهم، هل القسوة فضيلة أم رذيلة، وإلى أي عصر ننتمي، عصور ما قبل التاريخ القائمة على غريزة البقاء وإفساح فضاءات كبرى للعنف والقسوة واتخاذهما أدوات للنجاة، أم ننتمي إلى عصور العلم والثقافة العليا التي تصنف القسوة رذيلة وخطيئة، أم أننا نعيش كلا العصرين معا.
يبرر “غود” الاختلال والتشوه في تركيبه الجسدي، ويردها إلى سعي والده لتجاوز الأنماط والحدود العلمية، واكتشاف مساحات جديدة، فالمُنجز العلمي مُرادف للتطهير في التمظهرات الدينية لدى “غود” ووالده، ويحتاج إلى نوع من التضحية/ المعاناة، ويرتكز في داخله على روحانية القسوة، النشوة المؤلمة في تمظهراتها، ولكنها مُخلّصة داخليا.
يرى “غود” ذاته بشكل غير مُباشر قربانا للعلم، ويبذل كل طاقته في سياقات ذات علاقة مباشرة بالعلم، بداية بالتدريس، وصولا لتحويل جزء كبير من منزله لما يشبه المعمل، ناهيك عن تضحيته الكبرى بجسده في سبيل منهجية أبيه القاسية والغامضة لتحرير العلم، وكأنه نوع من السمو الروحي عن شهوات الجسد.
فالعلم هُنا مرادف للإله، يستوجب صك أخلاقيات علمية تنظم العملية في ذهن المتألم والجلاد، أخلاقيات المواطن الأوروبي في العالم الجديد تجاه السكان الأصليين مثلا، وقد أثبتت فشل صورة المواطن المسيحي المتدين، ولكنها طوّرت أشكالا جديدة من القوانين والأخلاق والمبررات، ومع محاولة استمالة السكان الأصليين للمسيحية أثناء اقتراف المذابح بحقهم، تصبح الأديان في تلك الحالة نوعا من السيطرة الاجتماعية.
تدجين القسوة.. وعاء آلي لا يمتلك إلا عقله الفذ
ربما تعرض والد “غود” لاختبار القسوة والتشويه نفسه، ويحاول تمرير ذلك إلى ابنه، كالزاهد الذي يُجيع نفسه أو يعيش على الكفاف ليجد الله، والحقيقة أن فعل القسوة ذاته فعل دنيوي بحت، لأنه يمارس اتجاه مخلوق آخر، ولكنه يضع الإله/ العلم/ الهدف السامي على مسافة معينة، ويتحرك باسمها في حالات معينة.
وفي حالة “غود” نرى أنه قد تحوّل إلى مسخ حقيقي، مسخ لا يجد متعة أخرى غير البحث والاكتشافات العلمية والتجريب، ولكن هل بيديه الخيار؟ إنه لا يمتلك إلا عقله الفذ، فكل مؤهلاته الجسدية والبيولوجية والجنسية تبددت، وأصبحت وعاء آليا مرعبا ووحيدا مثل “فرانكنشتاين” المسخ، ولكنه على الناحية الأخرى ما زال يحتفظ بإنسانيته.
ويمكننا أن نرى في شخصية “غود” نوعا من تدجين القسوة، فامتدادات أفعاله اللاحقة منوطة بنوع من القسوة، فهو لا يأخذ في الاعتبار القيمة الأخلاقية أو الرؤى الدينية، بل يحاول -كما كان والده- أن يخضع شيئا جديدا للتجربة، فيمارس تلك القوى الجديدة على كائن لا يشبه أي شيء، مثلما وضع رأس الجنين مكان رأس الأم، من غير أن ينظر للعواقب.
بيد أن ذلك المستوى من الوحشية المختزل داخل تجربة “بيلا باكستر”، يهدف إلى انتزاع مستويات أعلى من الوعي لدى الجمهور، ليشتبك مع معنى متطور وأوسع من القسوة، وهو سيرة خفية لـ”غود”، فحياته كلها سياقات من القسوة الظاهرية والباطنية، من والده ثم من طلابه، وحتى من جسده الذي يسلب منه تصنيف “إنسان”، فلا يتعرف على هويته إلا في حدود العلوم الطبيعية والمنجز الدراسي.
الولادة الثانية.. شخصية تلتئم في جزأين يوحدهما الدم
تعرّضت “بيلا” لولادة ثانية ذات خصوصية على المستويين الجسدي والعقلي، فأصبحت تتحرك بإرادة طفولية داخل جسد ناضج، ومن هُنا تحدث المفارقات الكوميدية، ولكن على مستوى الهويّات تبدأ مُعضلة أخرى تتشكل من غير أن ننتبه إليها، ألا وهي انمحاء الإنسان الآخر، وطغيان الشخصية البديلة.
يقابل فكرةَ إعادة الولادة نفسها انمحاءٌ لشخصية الأم، وطغيان لعنفوان الابنة، فما مصير تلك الشخصية، ولأي هويّة تنتمي “بيلا باكستر” التي صنعها د. “غودوين”، هل تنتمي إلى صاحبة الجسد ذات الهوية المسلوبة، أم صاحبة الدماغ المتحكم، فالجسد والدماغ كلاهما يشخّص الإنسان ويشكل هويّته، ولكن “بيلا باكستر” تلتئم في جزأين يوحدهما الدم. فأي جسد يُمكن أن يلد نفسه، ويُنتج خلق ذاته من جديد؟
يمنحنا طمس الهويّة الأخرى شعورا بالخطر، يقع فيما وراء “بيلا باكستر” المضحكة، لا سيما مع وجود ذاكرة جديدة كليا تؤسس لحياة بديلة، ولكننا هُنا لا نستمع للجسد بما يكفي، مع أن الفيلم جسدي بما فيه الكفاية، لا سيما على المستوى الجنسي، وذاكرة الجسد لا تمنح أي إشارة، ولا تستجيب إلا للعمليات البيولوجية والحاجات الرئيسية.
لذلك ينمحي الخط الفاصل بين الهويتين، ولا تبقى إلا واحدة فقط تنمو بوتيرة واضحة ومتعجلة، حتى أنها تشرع في منح جسدها هوية خاصة واستكشافه، ثم طرح الأسئلة حول وجودها في العالم، ولكننا ينبغي أن نعود لفكرة أخلاقيات التجربة العلمية، وإلى أي درجة يمكن أن تذهب التجربة في ما يتعلق بالهوية، فهل يفترض أن نحذف حياة كاملة لولادة حياة أخرى، تلك النزعة التطورية المتطرفة، ولكن الضرورية في بعض الأحيان للبقاء.
مساحة الفرد الحر.. شخصية جديدة تتأثر بخبراتها الوليدة
في أحد مشاهد الربع الأخير من الفيلم، تعرف “بيلا” أصلها واسمها الحقيقيين، وتعود إلى حيث كانت، وهي “فيكتوريا” التي تعيش في بيئة تنبذ النساء، لكنها في الحقيقة “بيلا باكستر” وليست “فيكتوريا” التعيسة، فتتمرد وتخلّف وراءها “فيكتوريا” الغامضة كما تركها “لانثيموس”، وترفض “بيلا” أن تكون ضحية، وتنكر الواقع الذي يجردها من حريتها.
والحقيقة أن “لانثيموس” يحاول تناول “بيلا” بوصفها أنثى أكثر من أي شيء آخر، فلا يكترث لجانب الهوية الآخر لدى المرأة الأصلية، بل يتتبع “بيلا” وتطورها في أطوار وحقب مختلفة، بطريقة تغلب عليها الطبيعة الكاريكاتورية، فيصنع فصولا وعلامات تشير للتطور على المستوى البصري.
فمع اكتشافها لطبيعتها الجنسية وشخصيتها المادية تتحول الشاشة من الأبيض والأسود إلى الألوان، ومن هُنا تخرج “بيلا” عن كونها تجربة، وتتحرك إلى مساحة الفرد الحر، فتبدأ بتكوين شخصية مستقلة متأثرة بخبراتها الجديدة وتجاربها التي كانت تشتبك مع الجسدي في مناطق حميمية، لتعيد اكتشاف العالم مرة أخرى، كأنها تعيش حياتين، حياة أولى مكبّلة انمحت بالكامل، ثم حياة أخرى تروم فيها بهياج لا يكبح جماحه أحد.
سؤال الهوية.. ثورة على الأنماط والقوالب الاجتماعية
تعيش “بيلا باكستر” بين حياتين تنتقل بينهما، لكن المخرج “يورغوس لانثيموس” لا يلعب على فكرة اضطراب الهوية، بل يترك لها المساحة لتتحول في منعطفات مختلفة، ويطرح سؤال الهوية في الثلث الأخير من الفيلم حين تعود لأصلها، ولكن في سياق كونها تحوّلت لشخص جديد.
لا توجد في الفيلم بقايا، بل نزعة منتظمة لإنتاج حياة جديدة فوق القديمة حتى تتلاشى تماما، والفيلم في قلبه يثور على الأنماط والقوالب الاجتماعية وحتى الجسدية، ويضع التقليدي محل اختبار في مواجهة كاريكاتورية مع عنصر إنساني جديد عاجز عن استيعاب العالم بشكله الكلاسيكي.
وفي طريقه إلى ذلك يطمس هويات أخرى، ولا يحاول انتزاعها أو بعثها من جديد، فعجلة الآلة دائمة الدوران، والعالم الجديد يحتاج إلى مئات من “فرانكنشتاين” لاختباره وتحديثه، لذلك فعملية الانسلاخ من الهوية ضرورية في ذلك العالم، بل إنها غير شعورية.
ما بعد الإنسانية.. تساؤلات عن الحدود بين عالمين
يُثير الفيلم تساؤلات عن الحدود بين الإنساني وما بعد الإنساني، فإلى أي مدى يمكن تصنيف شخيصة بيلا باكستر بوصفها نموذجا لما بعد الإنساني؟
فالشخصية في متنها مضادة للتركيبة التقليدية للإنساني، ومع ما نرى من ذاتية الشخصية في البحث والاستكشاف بوصفها أساسا محوريا للسرد، فإن التغيرات الجذرية التي طرأت على الشخصية أزالت الحدود، وأصبح كُل شيء مربكا وغامضا.
فالتكنولوجيا والعلم لهما دور جوهري في خلق مفهوم جديد ينتمي لما بعد الإنساني، فـ”بيلا” بوصفها تجربة وفردا تنتمي إلى نوعية جديدة تزيح الإنسان عن مركزه، لأن الفواصل بينه وبين الكائنات الاخرى أصبحت محدودة.
في أحد المشاهد تُجري “بيلا” عملية لزوجها السابق، وتضع رأس معزاة مكان رأسه، والفكرة أن التحوّر جرى بطريقة طبيعية تماما، فمزج بين جسد إنسان ورأس حيوان، ولكن تلك التجربة تعود بنا إلى الخلف، فالنظرية ما بعد الإنسانية هي نظرية تعزيز القدرة البشرية من خلال التقنية، لبلوغ درجة الإنسان الخارق ربما.
فكرة الجسد.. مدخل التحولات ومسرح السياقات الساخرة
تحمل “بيلا باكستر” من العالمين خصالهما وسماتهما، مما يجعلها كائنا هجينا، فهي إنسانة ذات خصوصية، ولها طبيعة تركيب مختلفة تحمل طبيعةً ما بعد إنسانية، تعيد للأذهان فكرة الخلود وأبدية الوجود، التي تنافي الجزء الأصلي من الشخصية، وتنتهك بطبيعة الحال الخاصية الجوهرية للإنسان، وتبدأ في خلق هواجس ربما تنافي الخصائص الأخلاقية للإنسان، مثلما يتحول المرء في أحد الأفلام إلى سايبورغ (إنسان نصفه بشري ونصفه آلي).
ولكن الفارق هنا أن “بيلا” لا تفتقد للحس الإنساني المادي والنفسي والاجتماعي، بل تعيد اكتشاف ذلك من جديد، لذلك فهي لا تُحسب على النوعيات السائدة، فالجسد مدخل للتحولات عندها، ومن خلاله تتحرك في سياقات ساخرة لتكسر وتفكك المفاهيم السائدة للهوية والبنية والرغبة، وتذوب داخل أشكال وسياقات اجتماعية مختلفة، وتتشكل لتكون مضادا للأنماط الاجتماعية والسياسية التي تنزع لتقييد المرء.
ومن تلك التجارب تظهر إمكانيات جديدة للتواصل والارتباط والتعبير، تمثل نقدا للمجتمع في نقاط بعينها، منها الحريات الجنسية، وموقع المرأة في المجتمع، والعلاقة الشائكة بين المرأة والذكر في منظومات أبوية تقليدية، لا سيما أن الجسد والصوت الداخلي الناشئ متسقان بطريقة لا تجعل سؤال الهوية مركزا أو دافعا أساسيا للدراما.
“يورغوس لانثيموس”.. نزعة إخراجية مثيرة للغرائبية والتجريب
من المعروف أن المخرج “يورغوس لانثيموس” ذو نزعة مثيرة للغرائبية والتجريب، سواء من الناحية التقنية، أو من ناحية إدخال عناصر غرائبية على السيناريو، حتى يكون عابرا للنوعية، ويقتحم مساحات واسعة من المواضيع والاستعارات.
ومثلما فعل في بعض لقطات فيلم “المفضلة” (The Favorite) الذي أخرجه عام 2018، حاول “لانثيموس” الاستعانة بعدسات مختلفة، لينتج أنماطا بصرية ذات وقع مختلف على المشاهد، ناهيك عن المجهود الهائل الذي بذله فريقا تصميم الملابس وتصميم الإنتاج والديكور.
فالفيلم يحشد بصريا عددا هائلا من الصور والتراكيب البصرية على مستوى التأثيث والملابس، مما يمنح التجربة شعورا مضاعفا من حيث القيمة الجمالية واللغة البصرية، فالشخصية الغرائبية لا تكتمل إلا بعصر أكثر جنونا وغرائبية منه.