“مصالي الحاج”.. نبش في تاريخ مدفون

مستقبل أوطاننا العربية المصابة اليوم بالعديد من الجروح التاريخية المعرقلة لتطورها ونموها، رهين بضرورة فهمنا لما وقع وبـ”دم بارد”، دون تخوين ولا تبادل للتهم، بل لا بد من تفكير علمي ونقدي نحتمي به إن نحن أردنا فعلا أن نطل إطلالة حقيقية نحو المستقبل.

العملية شبيهة بسائق السيارة، حيث إن عليه دوما أن يركز على مشاهدة ما يوجد أمامه (المستقبل) وبدقة تفاديا لأي حادث، لكن وفي الوقت نفسه عليه بين الفينة والأخرى أن يلتفت إلى الوراء (الماضي) من خلال مرآة السيارة الموضوعة أصلا لهذه المهمة. صحيح أن النظر نحو الأمام (المستقبل) زمنيا وكميا هو الأكثر بالمقارنة مع الخلف (الماضي)، لكن السير دون هذه الإطلالات نحو الوراء يشكل خطرا على السائق. مثَل بسيط لكنه معبر ومفيد، بل يشكل هذا المَثل في حقيقة الأمر منهجية للحياة الإنسانية.

وضمن هذه الرؤية، من الممكن موقعة فيلم “مصالي الحاج” (2019)، وهو فيلم جزائري الموضوع مغربي الإخراج أخرجه المهدي بكار، وقامت بإنتاجه قناة الجزيرة الوثائقية في جزأين (94 دقيقة)، فما الغاية من هذا الفيلم الوثائقي المشبع بروح التاريخ الوطني الجزائري؟

فيلم “مصالي الحاج” هو سَفر في ذاكرة التاريخ الوطني السياسي الجزائري الحديث، عبر النبش في مسار أحد رجالات الجزائر وهو مصالي الحاج رحمه الله، وما صاحَب هذا النبش من منعرجات سياسية متعددة القراءات والدلالات إلى حد التناقض فيما بين بعض الإخوة أبناء الثورة الجزائرية المجاهدة من أجل الحرية والاستقلال.

كيف يُمكن تلقي فيلم قُدم برائحة البارود والجهاد وعدم الاستسلام لما كانت ترغب فيه فرنسا التي مكثت في هذا الوطن نحو 130 سنة؟

صعود النجم

استطاع الفيلم ومنذ البدء أن يمركزنا في سياقات تاريخية سابقة بشأن احتلال فرنسا للجزائر، وذلك من خلال وضع مقدمة لحكاية الفيلم الوثائقية، وتتعلق بالبدء بربط تاريخ ما سيقع (الاحتلال الفرنسي للجزائر وظهور مصالي الحاج في سياقات سياسية تاريخية وطنية) بمشاركة الأسطول البحري الجزائري مع الدولة العثمانية التي هُزمت واندحرت أمام عدوان كل من روسيا وبريطانيا وفرنسا (دول التحالف) في معركة نافاريني سنة 1827، وبعد تلك الهزيمة بثلاث سنوات قام الاحتلال الفرنسي بالسيطرة على الجزائر ضمن خطة استعمارية مدروسة طالت العديد من الدول المغاربية والعربية والأفريقية.

مرحلة انهزام ما سمي في الأدبيات التاريخية بالرجل المريض (الدولة العثمانية) أرخى بظلاله طبعا على الجزائر، وعُبر عنه بلغة فيلمية وثائقية دالة بهيمنة السواد المعبر عن الحزن بصريا وموسيقيا وتشكيليا، وجعلنا ننتقل مباشرة إلى المرحلة المستهدفة من الفيلم، أي مرحلة الاستعمار الفرنسي، و”صعود النجم مصالي الحاج” كما عُنون به الجزء الأول من هذا الفيلم التاريخي.

وشهد شاهد من أهلها

أسماء سياسية وفكرية وإعلامية وبحثية من الجزائر مثل: رابح مشحود (مجاهد ودبلوماسي سابق) وعمر العشعاشي (رفيق درب مصالي الحاج) ودحو ولد قابلية (مجاهد) وناصر بوضياف (ابن الرئيس الجزائري محمد بوضياف رحمه الله) ومحمد كشود (مجاهد ووزير سابق) وعلال مزي (عضو بالمنظمة الخاصة) ومحمد كشود (مجاهد ووزير سابق) وحمود قرطال (مجاهد وعضو بالحركة الوطنية) والعربي الزبيري (مجاهد ومؤرخ) وبن جيلالي ياسين (كاتب وصحفي).

مصالي الحاج خلال مرحلة ظهوره كعلم سياسي شيوعي ضمن الحزب الشيوعي الفرنسي الرافض للاستعمار الفرنسي

من الممكن أن نستخلص هنا طبيعة وغنى الشهادات التاريخية، لا سيما أنها كانت في مجملها شاهدة على ما وقع منذ ظهور” نجم مصالي الحاج” بفرنسا في بدايته الأولى ومدى نضاله وما عاشه من اعتقال وتعذيب، أو ما وقع لهذا النجم السياسي من تخوين في مرحلته الأخيرة بلغ حد رفض منحه بطاقة هوية وطنية ليزور بلده بعد الاستقلال، ولم يتمكن من زيارة وطنه إلا وهو في قبره، حيث أدخل ليلا ليوارى الثرى، بعد أن ترك وصية توصي بدفنه في بلده الجزائر في مدينة تلمسان.

فرّق تسُد.. أخلاق المستعمرين

لن نتيه في تفاصيل الصراعات الداخلية التي ساهمت فيها المخابرات الجزائرية -كما جاء في الفيلم- لتأزيم العلاقات الأخوية النضالية فيما بين أبناء الثورة، وهي عادة يتقنها ويمارسها دوما المستعمر، حيث يسعى دوما إلى التغلغل في صفوف الحركات الوطنية النضالية ليضرب بعضها ببعض، لكننا نفضل أن نؤكد على ملاحظة واحدة تتعلق بمرحلة “صعود نجم مصالي الحاج”.

هذه المرحلة تتحدد في طبيعة أرشيف الفيلم الثابت والمتحول (فوتوغرافيا بلغة الأبيض والأسود، ومشاهد بصرية متحركة عديدة من الأرشيف الفرنسي، والمبين للعديد من طرق العيش وطبيعة الأمكنة والألبسة في هذا البلد العربي، حتى تلك الطرق الوحشية التي قُتل بها العديد من الفئات العمرية الجزائرية، مما جعل هذا البلد فعلا بلد المليون شهيد بامتياز)، مما يجعلنا ومنذ البدء نشعر بقيمة وأهمية مشاهدة الفيلم والإصغاء إلى محتوياته البصرية وغيرها.

تضمن الفيلم شهادات آتية من فرنسا لمجموعة من المؤرخين والسياسيين مثل: بنيامين ستورا (كاتب ومؤرخ فرنسي)، وجيل منصرو (كاتب وباحث فرنسي)، وجاك شوفالييه (حاكم مدينة الجزائر ومخبر أمني)، وفرانسوا ميتران (وزير الداخلية سنة 1954/1955)، وجاك سيمون (مؤرخ فرنسي).

وثائقي “مصالي الحاج” هو سَفر في ذاكرة التاريخ الوطني السياسي الجزائري الحديث

كل هذه الأسماء فسرت وحللت طبيعة ما قام به هذا المناضل، سواء في مرحلة ظهوره كاسم سياسي شيوعي ضمن الحزب الشيوعي الفرنسي الرافض للاستعمار الفرنسي، أو حتى خلال انقلاب العديد من أبنائه الوطنيين عليه في النهاية، وفق رؤية تاريخية تتعلق بكون من يكتب التاريخ هو الحاكم الجالس على كرسي الحكم، كما جاء على لسان أحد هؤلاء المؤرخين الفرنسيين.

رفض فطري

كلما حضرت شهادة تاريخية أو سياسية أو بحثية أو إعلامية سواء من لدن الجزائريين أو الفرنسيين، حضرت معها أجواء عمرانية حضارية تخص الجزائر وفرنسا، أما البلد الأول فقد حاولت فرنسا أن تجعل منه بلدا مصدّرا لحاجياتها وهي العائدة من معارك حربية عالمية منهكة، مما جعلنا نتماهى مع كل النظرات الإنسانية لا سيما نظرة تلك المرأة الجزائرية وهي تحمل بين ذراعيها طفلها الصغير، والرافضة لما يقع لأبناء جلدتها من قتل وظلم، وليست وحدها بل وحتى طفلها الصغير هذا، فمن الممكن أن نقبض على رفضه الفطري من خلال ما شاهده وما أحس به من ظلم من طرف فرنسا التي بنت حضارتها على شعارات سياسية مثل “الحرية والمساواة والإخاء”.

جندي فرنسي يوقف اثنين من الجزائريين، ففرنسا مارست التعذيب والقتل بالجزائريين على مدى سنوات طوال

بينما ما مارسته في الجزائر وفي كل مستعمراتها من تقتيل وتعذيب للوطنيين وزرع العديد من الفتن والنزاعات يجعلنا نبرر طبيعة انقلاب العديد من الوطنيين على بعضهم البعض، لا سيما وأن الثورة في بداياتها عادة ما تأكل أبناءها، لكن الرابح في النهاية هو الوطن حين يتحرر من سياط المحتل.

على امتداد 94 دقيقة، يمكننا القول إننا أمام فيلم وثائقي نبش في ذاكرة اسم سياسي شاءت الأقدار السياسية أن يعيش عزلة رهيبة في آخر أيامه، مما يجعلنا نتساءل بوصفنا الجيل الذي ولد بعد هذه الوقائع التي رواها هؤلاء الرواة سواء بلسان عربي أو فرنسي عن طبيعة ما وقع فعلا؛ ليس فقط في الجزائر، بل في كل الدول العربية التي عاشت تحت الاحتلال، حيث سنوقف فيلم “مصالي الحاج” لنستحضر العديد من الحالات المتشابهة في العديد من هذه البلدان العربية وحتى في غيرها من البلدان التي شهدت هيمنة المستعمر الفرنسي أو البريطاني.

المهدي بكار.. غواص الذاكرة الوطنية

بعد فيلمه الوثائقي المطول الأول “دماء على نهر السين” (2016) الذي يبلغ 84 دقيقة وتشاء الأقدار أن يكون عن إحدى المحطات النضالية الجزائرية بفرنسا من أجل المطالبة بالاستقلال؛ ها هو المخرج المغربي المهدي بكار يعود إلى الغوص في جزء من هذه الذاكرة الوطنية السياسية والتاريخية الحديثة الخصبة بأسلوب ورؤية أصبحا يميزان طبيعة تناوله لقضايا تخص مجتمعاته المغاربية العربية الإنسانية. فهل من الممكن القبض على بعض ما يميز معالجته الفنية ورؤيته الإخراجية؟

المغربي المهدي بكار  مخرج فيلم “مصالي الحاج” المشبع بروح التاريخ الوطني الجزائري

سواء في فيلمه الوثائقي المطول الأول أو الثاني، نجد المخرج متمسكا بتوظيف الأرشيف، مما يولد لنا فعلا متعة الاستمتاع بهذا الأرشيف، حيث نتلصص على مستوى التلقي لمعرفة العديد من الجوانب المعيشية الخاصة بما يقدم في هذا الأرشيف (الرغبة في تلمس المكان ووجوه الناس وألبستهم ومعرفة طبيعة تذوقهم للحياة).

هنا في فيلم “مصالي الحاج” نجد المخرج قد تدرج بنا فعلا في تتبع شخصية فيلمه الرئيسية، من توظيف فوتوغرافي (ثابت)، نحو توظيف أرشيفي لمصالي الحاج وهو يتحدث ويحاور.

لا يمكن أن نغفل التوظيف الموسيقي في الفيلم، وهو توظيف يحاول من خلاله المخرج أن يمرر خطابه الفيلمي الوثائقي، لا سيما حينما يرغب في تقديم وجهة نظر أو موقف ما، مما يفككه في فيلمه بلغة الصوت والصورة، مثل استعماله لموسيقى ذات بُعد أليم مصاحب لتحطيم الأسطول الجزائري العثماني في معركة قوية ضد دول التحالف.

تلاقح الآراء.. الصورة بكل ألوانها

يبتعد المخرج كليا عن الرأي الواحد في الفيلم، ويقدم وجهات نظر مختلفة ومتنوعة من مجالات معرفية أكاديمية وتاريخية وسياسية وإعلامية بطريقة تقريبية للشخص المحاور ودافئة، أي داخل بيته أو مكتبه، وبوضع يتساوى فيه الباحث والمبحوث والمتفرج، مما يجعلنا فعلا نشعر أننا أمام لحظة عفوية وحميمية وإنسانية يتحدث فيها الكل عن الكل، ولا أحد يملك لوحده حقيقة ما حدث، بل للكل الحق في تقديم وجهة نظر ما.

الوثائقي ينبش في ذاكرة اسم سياسي شاءت الأقدار السياسية أن يعيش عزلة رهيبة في آخر أيامه

وقد يتعاطف معها المتلقي أو حتى المخرج بنفسه، لكن ومن خلال ما يقال في هذه الشهادات الخصبة والغنية تبقى الحقيقة جزئية، لكوننا هنا في حضرة السياسة وتضارب المصالح، لكن الرابح الأول والأخير هو قول الشعب الجزائري “لا للاستعمار الفرنسي” بكل ما كان لديه من إمكانيات بسيطة، وهو ما فعلته كل شعوب هذه الدنيا ضد من أراد أن يمحو هويتها ويجعلها فقط شكلا من أشكال العبودية الدائمة.

السرد المتمهل.. التغلغل في قلب الحدث

لدينا الوقت الكافي والمفيد في تتبع سرده بلغة الصوت والصورة وهو يطرح على سبيل المثال قضاياه المعالجة. لسنا هنا أمام أفلام الحركة، بل حتى وهو يجرنا نحو الحرب التي خاضتها الدولة العثمانية مع دول التحالف، وظف فيها بعض الأصوات الحربية، لكن سرعان ما عاد إلى ذلك البطء الذي يجعلنا نلتهم المعلومة التاريخية والسياسية في سياق يدفعنا إلى التساؤل كيف، ولماذا؟

غزارة المعلومة الحاضرة لدى المشاركين في الفيلم تفرض -في اعتقادي المتواضع- هذا الأسلوب الذي ينهجه المخرج، وكأننا أمام مُحاضر له القوة الكاملة كي يجعلنا نتابع تفاصيل كلامه، إلى حد أنسنة العلاقة بيننا كمتفرجين وبين ضيوف الفيلم، مما يحولنا إلى أطراف حاضرة وشاهدة ومستمتعة بتفاصيل هذا السرد المفيد لا سيما لمن له علاقة بموضوع الفيلم (طلبة، باحثون، إعلاميون، مجاهدون، سياسيون).

الوثائقي “مصالي الحاج” تدرج بنا في تتبع شخصية الفيلم الرئيسية، حيث وظّف الأرشيف بشكل كبير

بل أحيانا نصاب بالدهشة ونحن نقرأ في أسفل الصورة اسم الشخصية المتحدثة، مثل استحضاره لشخصية وزير الداخلية سنة 1954/1955 آنذاك وهو فرانسوا ميتران، حيث يتحدث عن ضرورة الحسم والضبط واستعمال القانون، لنتماهى مع صورته كرئيس اشتراكي لفرنسا، وتتخلخل لنا الصورة بين مسؤوليته في هذه الفترة الاستعمارية الفرنسية للجزائر، وصورته في قصر الإليزيه أو منصة الأمم المتحدة وهو يتحدث عن العديد من القيم الفرنسية الكونية أو الأممية؟

الرماد والبارود والليل

سواء في الجزء الأول أو الثاني من الفيلم، أحضر المخرج هذه المكونات لكي يقوي بها سرده الحربي، فيجعل من الليل زمن الانتكاسة لموضوعه المتحدث عنه، وذلك ضمن البحث عن معادلات بصرية يكسر بها زمن سرد ضيوفه في الفيلم، بل يجعل منها شخصيات فاعلة ومؤثرة في الفيلم الوثائقي، لا سيما حينما تكون مصحوبة ببعض المكونات الموسيقية.

منذ بدء الفيلم وأثناء موقعتنا ضمن الحرب العثمانية ضد دول التحالف، حضرت هذه المكونات، كما حضر بعضها خلال بعض مشاهد الفيلم، والمعبرة عما قامت به سلطات الاحتلال الفرنسي في الجزائر، مما يجعلنا نشعر فعلا بحزن عميق، حيث نوقف زمن التلقي بشكل رمزي لنسافر مع طبيعة هذا الرماد والبارود والليل، ونتساءل: لماذا يا ترى حدث كل هذا العنف والقتل في حق شعب له الحق في المطالبة باستقلاله، كما هو شأن كل دول هذا العالم؟

الطابع التاريخي.. خيوط الحكاية

لمسة بدورها حضرت في هذا الفيلم عبر تتبع خيوط حكاية زيارة مصالي الحاج لمصر، وكيف تم استحضار اسمين مصريين هما رفعت سلام وشعبان يوسف للحديث عما ميز العلاقة بين شخصية الفيلم ومصر لا سيما في حقبة الراحل جمال عبد الناصر رحمه الله، والذي كان قد قدم العديد من أشكال الدعم له ولغيره من أبناء الثورة الجزائرية لتحقيق الاستقلال والتحرر من قبضة الاحتلال الفرنسي.

الوثائقي “مصالي الحاج” فرصة للنبش بلغة الصورة في جزء من الذاكرة التاريخية المغاربية والعربية والإنسانية

حضور جمال عبد الناصر كأرشيف، ساهم بدوره في إعطاء هذا الطابع التاريخي للفيلم، بجانب حضور العديد من المكونات التاريخية الأخرى طبعا، مثل الإشارة إلى المفكر شكيب أرسلان وحضور إذاعة صوت العرب المصرية والتي من خلالها استمعنا إلى قراءة أحد البيانات السياسية الثورية الجزائرية بصوت أحمد سعيد، وتضامن مصالي الحاج مع معركة أنوال التاريخية المغربية بالريف ضد الاحتلال الإسباني.

مثل هذه اللمسات تجعل من مثل هذه الأفلام الوثائقية مادة بصرية قابلة للعديد من القراءات والتأويلات المفيدة للجميع، لا سيما بالنسبة للمتلقي المحب لمثل هذا النوع من الأفلام.

في اعتقادي المتواضع، يبقى فيلم “مصالي الحاج” الوثائقي باعتباره فيلما له محتواه الجزائري الوطني والموَقّع من لدن مخرج مغربي في تجربته الثانية؛ فرصة للنبش بلغة الصورة في جزء من ذاكرتنا التاريخية المغاربية والعربية والإنسانية، يمكّننا من أن ننظر بين الفينة والأخرى إلى هذا الماضي التاريخي، حتى تتحقق الرؤية كاملة نحو المستقبل، والذي به نبرر الحاجة والعودة إلى هذا الماضي، دون التلبس الدائم به.

قد يتفق المشاركون في الفيلم (باحثون، مؤرخون، مجاهدون، سياسيون) فيما بينهم أو يختلفون جزئيا أو كليا، لا سيما وأن المخرج حاول وضع مسافة بينه وبين موضوع الفيلم، لكن المهم والمفيد في مثل هذه الأفلام ذات البعد النضالي الوطني هو تقديم وجهات نظر مختلفة ومتنوعة.. فالتاريخ -وكما قيل في نهاية الفيلم- سوف يخرج ولو دفنوه تحت الأرض.