حكايات وثائقية…

وثائقي أم تسجيلي؟
ما الفرق بين الفيلم التسجيلي والفيلم الوثائقي؟ وكيف نميز بينهما؟ وهل التسجيلي هو أقصر طولاً من الوثائقي أم العكس؟
أسئلة أمطرني بها أحد الأصدقاء أو بالأحرى أحد الأشخاص الذي يعرف إسمي وشكلي من مناسبة ما، ولكن كونه لا يعرف غيري في ذلك المهرجان الذي جمعنا، فهو يتصرف على أساس أننا أصدقاء جداً. المهم أمام أسئلته الحائرة الضائعة بين مصطلحي الوثائقي والتسجيلي أجبته ببساطة “أنه لا يوجد فرق”. إلا أنه لم يقتنع بهذه البساطة فقام بسحب كتاب المهرجان من حقيبته ودلّني على عنوان ندوة حول مصطلحي “الفيلم الوثائقي” و”الفيلم التسجيلي” ثم انتبه إلى ساعته وقال لقد بدأت الندوة منذ نصف ساعة “فهيا بنا”. سحبني وراءه وبعض سحب الشك بدأت تتجمع في أفق ثقافتي الوثائقية. ” أمعقول أن يكون هناك فرق بين المصطلحين ؟!!”
دخلنا القاعة وكان المشهد صاخباً يشبه حلقة ساخنة من برنامج “الإتجاه المعاكس”. والخلاف دائر حول من هو المصطلح الأصح. مشارك أكاديمي يشدد على خطأ مصطلح  “الوثائقي” وبأنه خاص بنوع من الأفلام التسجيلية و”التسجيلي” مصطلح أعم وأشمل. وفي الناحية الأخرى مخرجان يقولان أن لا فرق. ولكن مع إصرار الطرف الآخر ونكاية به ألغيا مصطلح “التسجيلي” وقالا بأنه قديم ورجعي وعفا عنه الزمن. فما كان من الأكاديمي إلا أن رمى مصطلح “الوثائقي” بالرأسمالية وبأنه منتج خائب من منتجات العولمة !

من خلال “بيت برناردا ألبا” غارثيا لوركا

خرجنا من الندوة العاصفة مشتتين “صديقي في المهرجان” صار أكثر اقتناعاً بوجود فرق وبأنه فرق عظيم ومرتبط بسياسات وأيديولجيات وما ورائيات فكانت النتيجة كم هائل من الأسئلة التي تتناسل ولا تنتهي. أما أنا فازدادت سحب الشك الرمادية في سمائي وقررت البحث عن الأمر فما كان بين يدي من وسيلة إلا الإنترنت فأدخلت المصطلحين وكانت النقاط التالية:
أولا: البعض يستخدم في مقالاته مصطلح واحد ولا يحيد عنه فإذا ذكر التسجيلي مثلاً فهو الوصف الوحيد من أول جملة إلى آخر سطر.
ثانياً: البعض كان يصف تارة بالتسجيلي وتارة بالوثائقي ويخلط بينهما فمثلاً كتب أحدهم “الفيلم الوثائقي الدوامة هو فيلم تسجيلي يصور حياة……” فهل المسألة عنده مسألة عام وخاص أو نوع وفئة ؟ لكنه يعود ويخلط فيكتب: “إتخذ هذا الفيلم التسجيلي طابع التوثيق…” حاولت أن أجد رابطاً منطقياً لاختيار المصطلحين بهذه الطريقة فلم أهتدي إلا إلى سحبي الرمادية.
ثالثاً: البعض وهم الكثرة الطاغية كانوا يقرنون الإثنين معاً “الفيلم التسجيلي الوثائقي” أو العكس ” الفيلم الوثائقي التسجيلي” ربما رغبة في إرضاء طرفي النزاع وعدم إثارة اللوم. أو ربما لأن مستخدم هذا المصطلح هو نفسه غير متأكد من المسألة ولم يصل فيها إلى الجواب الشافي.
المهم بعد نتائجي هذه من الشبكة العنكبوتية قلت لا بد من كشف الحقيقة وما هي خلفيات المصطلحين ومن هو الأجدر بالبقاء؟ وسبيلي إلى ذلك طبعاً هو عمل فيلم لا هو “وثائقي” ولا هو “تسجيلي” حتى لا أتهم بعدم الموضوعية بل هو سيكون وحتى إشعار آخر فيلم “تسجيلائقي”.


إعلان