“نهاية الفقر” .. فيلم يفضح وهم العالم

رغم هذا التطور الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ الإنسانية، مازال الفقر شبحا يتهدد نسبة كبيرة من البشر. رغم أن تاريخ العلم والاقتصاد والفكر كله يسعى إلى المضي نحو أرقى درجات الرخاء البشري. ولكن الفقر مازال آفة وخطرا..؟
فيلم “نهاية الفقر” للفرنسي فيليب دياز يحاول أن يجيب على هذه الأسئلة بعيدا عن الضجيج والاتهامات والشعارات. هل فعلا يعود سبب فقر كثير من شعوب العالم إلى مرحلة العبودية واستغلال الاستعمار لثروات الشعوب الفقيرة ثم الخروج من بلدانهم وتركهم بين براثن الفقر والجهل والمجاعات والكوارث.

نهاية الفقر

يتساءل الفيلم لماذا يمتلك 25 في المائة من سكان العالم 85 في المائة من ثروة العالم..؟؟؟ ولماذا يمتلك 2 في مائة من سكان البرازيل 43 في المائة من الأراضي..؟؟ من سبّب هذا الاختلال الفظيع في التوازن بين أبناء الجنس البشري.
للإجابة على هذا التساؤل يجمع الفيلم حشدا من المتخصصين والحقوقيين من شتى أصقاع العالم. وكانت الإجابة بسيطة وواضحة وهي أن الدول المتقدمة امتلكت العالم وتقاسمته وهيأت أو حاولت أن تهيئ الحياة الكريمة لشعوبها أو لبعض من شعوبهاعلى حساب ثروات شعوب أخرى لم يكن حظها من التاريخ إلا في سجلات الموتى والأوبئة والحروب الأهلية التي عادة ما تدار لحساب قوى قاهرة ومتحكمة في رقاب العالم. وفي نفس الوقت ممسكة بعنان الخطاب الحقوقي العالمي.
يميط هذا الفيلم اللثام على فواجع البشر في زوايا مظلمة من جغرافيا هذا العالم حيث يموت إنسان من الجوع كل 3 ثوان فقط.. وينام 800 مليون بشر جوعى كل ليلة منهم 300 مليون طفل.. ومن المريع أن يكون ثلث سكان العالم محرومين من الماء الصالح للشراب في حين يصرف الدكتاتوريون والأثرياء مئات الملايين من الدولارات على تماثيلهم وحفلاتهم.
الفقر ليس حادثا عابرا في تاريخ البشر. إنه موروث بشري ينتقل من أمة إلى أمة بحسب سطوة الغالب في التاريخ. كان سببه الاستعمار والاستعباد وقهر الشعوب بالغزو العسكري. أما في العالم المعاصر فقد ولدته أسباب أخرى لا تقل شراسة عما مضى كاختلال موازين التجارة والاقتصاد والصراع بين طبقات المجتمع المهيمن منها والمهيمن عليها واتساع الديون وتحكم البنك الدولي في أنفاس الدول يعدها عدا. حيث تسجل ديون أفريقيا ارتفاعا سنويا يقدر بـ 200 مليار دولار . ويقدر اتساع ديون هذه القارة بـ 25000 دولار في الدقيقة.
من ناحية أخرى تطورت الصناعات في دول على حساب دول أخرى وتغولت المجتمعات الاستهلاكية على حساب مجتمعات الكفاف. حتى أصبح 20 في المائة من شعوب العالم تستهلك 80 في المائة من منتوجات العالم.
تتغير المفردات المعللة لأسباب الفقر ولكن الفقر يبقى مطلا بوجهه القبيح ينبئ بكوارث قادمة. وقد حاول الفيلم أن لا يعتبر الفقر قدرا محتوما لا مناص منه وإنما أخرج أسبابه واقترح بعض حلوله. ليتهم في نهاية الأمر الساسة وأباطرة الاقتصاد بعدم السعي إلى الحلول.

فيليب دياز

لقد أراد فيليب دياز بفيلمه هذا أن يسلط الضوء على ما يعيشه العالم من وهم بالحداثة والتطور والرقي السريع. ويطلق صرخة مفادها أن الجميع بشر سواسية بشهادة كل الأعراف والديانات والتشريعات. ويقول للعالم أنه لا توجد حقوق إنسان هكذا في المطلق وإنما توجد حقوق شعوب بعضها افتكها بالدم وبعضها يلطخها بالدم.
وتزخر مسيرة هذا المخرج خريج قسم الفلسفة من جامعة السوربون بعدة أفلام روائية شارك فيها ألمع ممثلي فرنسا ثم منذ سنة 1991 استقر في لوس أنجلس وأسس أستوديو تصوير وتخصص في السينما الروائية والوثائقية التي تطرح قضايا اجتماعية وتتناول المشاكل الكبرى للمجتمعات.


إعلان