دي منفريد: ذاكرة مصر

بدأ التشوق إلى الشرق في الثقافة الفرنسية بأول ترجمة لألف ليلة وليلة في أوائل القرن الثامن عشر حيث كان الشرق وثقافاته ومشاهده الطبيعية وألوانه وعطوره وضجيجه ونوره قد جلب انتباه المبدعين من غرابته الشديدة. وفي هذه الأثناء نازعت التيارات الجديدة (الرومنطيقية والنزعة الطبيعية والتأثير والتكعيبية والرمزية) النظام الأكاديمي، ومنذ عام 1840 التحق أول مصورين بالرسامين الرحالة أمثال (لامرتين ونيرفال وفلوبير… ثم هنري دي منفريد) وبفضلهم توجد الآن وثائق لا بديل لها تمثل اليوم الآثار المتبقية لخبرة وتقاليد وسفن زالت إلى الأبد.
وبعد صدور الكتاب (في البحر الأحمر، هنري دي منفريد المصور)، عن دار النشر “جاليمار” في عام 2005 أقام متحف البحرية بباريس في عام 2006 معرضاً لصور هنري دي منفريد يشمل حوالي 60 صورة على لوحات زجاجية (ملتقطة بين عامي 1911 و1925 تقريباً).

 
وبالاتفاق مع متحف البحرية وجيوم دي منفريد وبتمويل من المركز الفرنسي للثقافة والتعاون، نظمت جمعية الشرق: البحر المتوسط المتبادلة الآفاق “أوميب” في الفترة الواقعة بين فبراير وإبريل 2009 معرضاً متنقلاً للصور الفوتوغرافية القديمة بمصر تحت عنوان “في البحر الأحمر، هنري دي منفريد المصور”، وسوف تجري أحداث المعرض في كل من الإسكندرية والقاهرة وعلى ضفة قناة السويس ببورسعيد، وفى الوقت نفسه سيعرض جيوم دى منفريد، وهو حفيد الكاتب والمصور هنري، حوالي ثلاثين رسماً من رسومه المستخرجة من مفكرات رحلاته تحت عنوان “بحور ورحلات، نظرة على استغلال العالم”. وسيقوم جيوم دي منفريد، وفرانسوا بليك ـ مؤرخ ورسام البحرية وعضو بالأكاديمية البحرية بإلقاء عدد من المحاضرات للجمهور والطلبة والدارسين على هامش المعرض.

جدير بالذكر أن هنري دي منفريد (1879 ـ 1974 ) قد استمد إلهامه من رحلاته وأسفاره التي استمرت ما يقرب من أربعين عاما على شواطئ البحر الأحمر، وشمال شرق إفريقيا فنكتشف رجلاً خارقاً للعادة من خلال ما صوره في الفترة مابين (1911 ـ 1925) فقد ترك لنا وثيقة فوتوغرافية من 500 صورة على لوحات زجاجية وحوالي 1500 صورة بمقاسات 24*36.
  وبناء على نصيحة من جوزيف كيسيل، الذي كان هنري دي منفريد يعمل مرشداً له في تلك الفترة، قام هنري بنشر مؤلفاته، حيث صدر الكتاب الأول سنة 1931 تحت عنوان “أسرار البحر الأحمر”. وقد لاقى هذا الكتاب نجاحاً كبيراً. وقد بلغت مؤلفاته فيما بعد 75 كتاباً حيث تُرجمت إلى أكثر من 12 لغة ومنها اللغتان الروسية والصينية.

لقد كان هنري دي منفريد، الكاتب والمصور والرسام، مغامراً ورحالاًَ عظيماً. ويقول لنا من خلال كتابه وصوره: “لا تخافوا من الحياة ولا تخافوا أبداً من المغامرة. ثقوا بالحظ والطالع والقدر. اذهبوا واكتسبوا فضاءات أخرى وآمالاً أخرى بل وستعطون الباقي”.


إعلان