مهرجان الخليج السينمائي في دورته الثانية
مشاركة خليجية واسعة.. وتبقى الجودة مطلبا
الجزيرة الوثائقية – خاص
169 فيلما هو عدد الأفلام المشاركة في مهرجان الخليج السينمائي الذي انطلق يوم 9 أبريل ويختتم يوم 15 من نفس الشهر. من تلك الحصيلة هناك 109 فيلما خليجيا في كل الفئات الطويلة والقصيرة وكذلك الروائية والتجريبية والوثائقية هذا إضافة إلى مسابقة الطلاب والهواة وكذلك المشاركات الأجنبية كالسينما الهندية والأوروبية.
![]() |
جانب من يوم الافتتتاح
وقد افتتح المهرجان في ظل غياب أسماء سينمائية كبيرة ولكن كل من حضر من الخليجيين كانوا مقتنعين بأن واجبا جبارا على عواتقهم للنهوض بفن السينما الخليجية وتقديم الأفضل وإعادة التجارب الكمية حتى يحصل نقلة نوعية في الفيلم الخليجي. في ظل التطور التقني لصناعة الصورة ووسائل الإعلام في هذه الربوع حيث كانت القنوات الخليجية أو بالأحرى الرأسمال الخليجي سباقا في الاستثمار في الإعلام. وهذا ما حرك السواكن وجعل فن السينما ينمو نموا ملحوظا ومشجعا.
وقد اعتبر رئيس المهرجان السيد عبد الحميد جمعة في كلمته الافتتاحية لهذه الدورة أن “السينما الخليجية حققت في الأعوام الماضية ازدهارا لم يسبق له مثيل مستفيدة من الاهتمام المحلي والدولي المتزايد بإبداعات المنطقة بما في ذلك وسائل إعلام عربية وأجنبية “.
ولكن هذا التفاؤل الكبير الذي عبر عنه رئيس هذه الدورة لا يعكس رضا بالموجود بقدر ما يعبر عن أمل في المنشود. حيث أن مدير المهرجان السيد مسعود أمر الله العلي قد اعتبر المهرجان الخليجي محاولة مهمة للاكتشاف والاستكشاف لمخزون هذه المنطقة المختلف أحيانا والمؤتلف في أكثر الأحايين.
![]() |
مسعود أمر الله
وفي رد عن سؤال لموقع الجزيرة الوثائقية عن ضعف بعض المشاركات قال أمر الله “أنا أتهم دائما بالتساهل في قبول الأفلام ولكن لا أعتبر ذلك تساهلا بقدر ما هو توريط للمبدعين وتحميلهم المسؤولية وجعلهم يواجهون الجمهور وجها لوجه وبهذه الطريقة لن يواصل المسيرة..” وشبّه أمر الله المهرجان وتأثيره على حركة السينما في الخليج بالرجل الذي يحلم ببناء قصر فاخر ولكن اجتهاده وإمكانياته الحالية لا تسمح إلا ببناء سور القصر “.. وذلك تعبيرا عن وعيه بضعف الأداء ولكن من دون التجربة وإعادة التجربة فلن يتحين ذلك الأداء والتجربة هي سور القصر.
وفي هذا السياق ركز هذا المهرجان كثيرا على أفلام الطلبة وأفرد لهم مسابقة خاصة. هذا إضافة إلى محاولة ربطهم بذوي الخبرة لتبادل الأفكار. وقد شهد المهرجان ندوات ليلية للنقاش الهادئ بين المخرجين والشباب وهي نقاشات تهدف إلى تسليط الضوء على ما يتعرض له السينمائيون الخليجيون من مشاكل مادية وثقافية واجتماعية تعوقهم عن المزيد من العطاء.
وإضافة إلى النقاش الفكري كانت تلك الحلقات مناسبة للقيا بين الأجيال فاستمع الشباب الطلبة إلى شهادة المصور البحريني خليفة شاهين الذي يعتبر أول خليجي امتهن التصوير السينمائي. وقد أفرد شاهين للموقع بشهادة نادرة وغنية ومفصّلة عن السينما البحرينية خاصة والسينما الخليجية عامة.
خليفة شاهين أيام زمان | ||
وسينشر الموقع قريبا هذه الشهادة موثقة بصور نادرة في ملف عن السينما الخليجية. وكان المهرجان قد كرم خليفة شاهين من البحرين وخالد الصديق من الكويت صاحب الفيلم المشهور بس يا بحر وعبد الرحمان الصالح من الإمارات باعتبارهم رموز لتاريخ السينما الخليجية.
![]() |
خالد الصديق
لقد حاول هذا المهرجان أن يكون ورشة عمل للسينمائيين الخليجيين وملتقى للخبرات ولعل خبرة المشاركات العراقية كانت من اللمسات النوعية في المهرجان لاسيما أن كثيرا من المخرجين العراقيين قادمين من مدارس سينمائية عريقة وتجارب متنوعة. لذلك لاحظ المراقبون أثر خبرة التراث العراقي في السينما على جودة الأفلام. كما أن أزمة العراق كانت جلية الحضور بأشكال شتى وأحيانا بتكرار ظاهر في جل أفلام العراقيين.
ومن الأمور التي تسترعي الانتباه هي إقبال الشباب الخليجي على الفيلم الوثائقي. وقد أعرب الكثير منهم عن هوياتهم لهذا النوع من الأفلام لسهولة الاشتغال عليه وكذلك لخطورته في التعبير عن مشاكل الواقع الاجتماعي. ولعل من الأفلام الوثائقية المرشحة من قبل النقاد لنيل الجائزة هما فيلما ميسون باجة جي “عدسات مفتوحة في العراق” وفيلم “المنطقة الخضراء” لمناف شاكر الذي تابع معاناة فرقة مسرحية تتكون من 24 شابا عراقيا من محافظات وطوائف مختلفة أصروا على أن يعبروا بالمسرح عن أمل العراق في الحياة وقد نجحوا في النهاية في الوصول إلى خشبة المسرح العراقي بعدما كانت عروضهم في شوارع بغداد.
يقر المشرفون على المهرجان أن الطريق طويل لتحقيق حلم السينما الخليجية وهم يعلمون أن هذا الفن لم يرق إلى درجة أن يكون مطلبا اجتماعيا في منطقة شهدت صورتها كثيرا من التشويه أحيانا والنقد البناء أحيانا أخرى.. منطقة اصطلح عليها استهجانا بالبترو دولار. ولأنها كذلك فإنها عقيم سينمائيا. هذا المهرجان يريد أن يكسر هذه الصورة لأن الأرض الحبلى بالنفط حبلى بالإبداع أيضا.