وثائقيات ذات مضامين واساليب متنوعة في أيام عمان
عمان- ناجح حسن
اشتملت فعاليات ايام عمان المسرحية التي انطلقت عروضها في العاصمة الاردنية مؤخرا، على مجموعة من عروض الافلام الوثائقية التي انجزها مخرجون شباب من الأردن ولبنان وفلسطين ومصر واميركا في رؤى واساليب متنوعة .
ومن بين ابرز الاعمال المشاركة الفيلم الوثائقي الطويل المعنون” سيرة لاجيء” لمخرجيه الثلاثة : الاردني اصيل منصور واللبنانية برلا عيسى والاميركي آدم شابيرو .
يطرح الفيلم المكون من ستة اجزاء، مدة كل منها (74) دقيقة وجاءت تحت عناوين: “يوميات النكبة ” و “النكبات اليومية “، و” وطن بلاهوية “، و” هوية بلاوطن”، ” عودة الحكي “، و”حكي العودة”، في سلسلة توثيقية لجوانب من محطات ومواقف من المأساة الفلسطينية طيلة عقود طويلة من الزمان، بحيث يجري تسليط الضؤ على ما اّلت اليها اوضاع اللاجئين الفلسطينيين في كثير من ارجاء العالم، عبر مواد فيلمية صورت سابقا يكشف عنها للمرة الاولى .
![]() |
من فيلم جلابية وجزمة |
وتهتم السلسلة في تقديم شهادات من الذاكرة الخصبة تلتقطها كاميرا الفيلم على ارض الواقع ، تبرز صنوفا من ممارسات الاحتلال الاسرائيلي تجاه السكان العرب وسعي اسرائيل المتواصل الى مصادرة اراضيهم وطردهم وتهديم بيوتهم تحت ذرائع لا تستقيم ومباديء حقوق الانسان وتشريعات القانون الدولي .
كما وتقدم الأجزاء نظرة تاريخية مستمدة من الجرائد السينمائية الاخبارية ، اشبه بالاستعادة البصرية لاحداث ستة عقود من الزمان، تتعرض لاساليب التهجير الفردي والجماعي المتواصل، بدءا من النكبة العام 1948 ، وانتهاء بسياسة التمييز الذي يتعرّض له الإنسان الفلسطيني، وما يواجهه من متاعب وصعوبة التواصل في الحاة اليومية مع افراد عائلته الموزعين في الشتات والمنافي.
تتعرض السلسلة ايضا لاستراتيجيات المواجهة التي يتبعها الفلسطينيون ضد الاحتلال، بغية تمكينهم من الحصول على حق العودة ويعرّف بالذين يعملون في هذا المجال وحيثيات أسلوبهم وقدرتهم على اقناع الراي العام العالمي بهذا الحق الانساني.
وقع موسيقى سلسلة افلام ” سيرة لاجيء” التي جرى تمويلها من خلال تبرعات فردية دون تبعية لأي منظمة أو حزب سياسي بأي شكل من الأشكال وهو ما شدد عليه صانعو السلسلة طارق (إكسنترك) كزاله و رام الله اندرغراوند.
جرى تصوير الفيلم في العديد من دول العالم التقى فيها صانعو الفيلم بما يزيد على 250 شخصا يقطنون 25 دولة.
انخرط المخرج الاردني اصيل منصور المقيم في الامارات، في مجموعة من الدورات وورش التدريب المتخصصة في حقل صناعة الافلام ضمن نشاطات الهيئة الملكية الاردنية للافلام وتعاونية عمان للافلام، وقدم قبل سنوات اكثر من فيلم روائي ووثائقي قصير من بينها فيلمه القصير المعنون ” السلاح صاحي ” 2004، والذي عرض في اكثر من مهرجان عربي وعالمي بنجاح لافت، وله اسهاماته ايضا في كتابة السيناريو مع زملائه من المخرجين الاردنيين الشباب .
الى جانب السلسلة الوثائقية اختار منظمو ايام عمان المسرحية ثلاثة افلام وثائقية اضافية لمخرجين شباب في اطلالتهم على صناعة الفيلم الوثائقي: الاول حمل عنوان ” جلابية وجزمة ” للمخرج المصري احمد نور ومدته 40 دقيقة، والثاني بعنوان ” الصورة الاولى” للمخرج الفلسطيني أكرم الأشقر ومدته 27 دقيقة، اما فيلم الثالث ” جنازة امل ” للاردنية تينا عمران ومدته 16 دقيقة.
ويتحدث فيلم ” جلابية وجزمة” عن عامل مصري ريفي بسيط يتنقل بين بيته في الصعيد وعمله في واحد من المراكز الثقافية في القاهرة، التي تعنى بابداعات الشباب من موسيقى وغناء وعروض افلام وعرض لوحات وتجارب في السرد الادبي.
ويصور الفيلم تفاصيل الحياة اليومية لهذا العامل التي تجعل منه وكانه في حالة من الازدواجية في التعامل سواء مع افراد اسرته او من خلال احتكاكه اليومي في المركز مع اسماء من المبدعين المكرسين أو من بين أولئك من ذوي المواهب المصريين والعرب والأجانب والمترددين على الفعاليات القادمين من شرائح اجتماعية مختلفة الاذواق.
غالبا ما يرتدي العامل في اوقات اجازته ببلدته البعيدة عن القاهرة ازيائه الشعبية (الجلابية) الخاصة به، ويتناول الطعام وفق طقوس طبيعية اعتاد عليها في بيئته، لكنه لا يتوانى عن مجاراة رواد المركز في طريقة ارتياد ملابس عصرية لحظة وجوده في المركز ،و لكن ليست ملابسه فحسب التي تتغير بتغير المكان كما أنه ليس وحده الذي ينصهر في بوتقة انشغالات العالم المعاصر والمتناقضة فالأمر يكاد يخضع له الجميع.
وتدور أحداث الفيلم الوثائقي ” الصورة الاولى ” في مخيم طولكرم حيث يتتبع المخرج الشاب أكرم الأشقر بكاميرته ابن اسيرة سابقا في سجون الاحتلال الإسرائيلي، بعد أن أطلق سراحه ووالدته يعيش نور تفاصيل حياة جديدة من الانعتاق والحرية لكن غير تلك الحياة التي اعتاد عليها في زنازين الاحتلال، وظف المخرج في تصويرها اسلوبية متمكنة من المهارة والابداع.
والفيلم على غرار الفيلم السابق جاء ضمن نتاجات معهد الفيلم العربي في عمان، انجزه الأشقر المولود في طولكرم العام 1982 وهو خريج تكنولوجيا معلومات من الجامعة العربية-الامريكية.
كما ان فيلم المخرجة الاردنية تينا عمران والمعنون “جنازة امل” محمل بالعديد من المضامين الانسانية وهو ذو تقنيات تجريبية نفذت بحرفية.
وتبدو في جميع تلك الافلام الوثائقية طاقات ابداعية شابة وهي تنهل من رؤى واساليب متنوعة الجماليات، ومفعمة بالنواحي الفكرية ذات الاحاسيس والمشاعر الانسانية النبيلة .