افتتاح أول معرض للخط العربي في غزة

الكتابة بالطلاء بدلا من الأحبار !

غزة: أسماء شاكر

” الخط يبقى زماناً بعد كاتبه وكاتب الخط تحت الأرض مدفونا ” .. عنوان احدي اللوحات التي افتتح بها معرض الخط العربي الأول في قطاع غزة ، تحت شعار القدس عاصمة الثقافة العربية ، حيث حمل المعرض لوحات  13 خطاط غزي ، إضافة إلي مشاركة 5 خطاطين عرب .
المعرض الذي تميز ببساطته ، جاء نتاجا للوعي بأصالة فن الخط  كامتداد للتراث الإسلامي ، ومحاولة نفض الغبار عن رونق ذلك الفن من جديد .
و رغم افتقار فنانو الخط الغزيين للخبرة و الإمكانات المادية المناسبة ، إلا أنهم تمكنوا من إعادة تشكيل الحروف العربية و إجادة رسمها ، متبعين المدرسة الخطية الكلاسيكية ، إضافة إلي محاولاتهم في المدرسة التشكيلية و الحرفية ، باستخدام تقنيات مختلفة ، كالحرق علي الخشب و حفر المرايا ، والكتابة علي الفخار،  مضافة إلي الكتابة التقليدية بالبوص . 
و تفاوتت  أنواع الخطوط في اللوحات ، ابتداء من استخدام الخط الكوفي،  أقدم الخطوط العربية ، مرورا بخط الثلث ، الذي انتشرت الكتابة به في العصر العباسي ، وانتهاء بخط الفارسي الذي تتميز حروفه بالانسياب و الحدة ، أما الخط الديواني فاقتصر وجوده علي بعض لوحات متناثرة .

الحاجة أم الاختراع !
يقول الخطاط محمد الميقاتي ، احد المشاركين في المعرض : ” كانت المشكلة الحقيقية التي واجهتنا ، في  عدم توافر المواد التي نحتاجها لإعداد المعرض ، خاصة وان الخامات الأساسية اللازمة للكتابة مفقودة ، بالتزامن مع إغلاق المعابر و الحدود ” ، مضيفا : ” كان التحدي هو ذاته الذي منحنا القدرة علي محاولة استخدام مواد بديلة أخري ، يمكن أن تكتمل بها أعمالنا ” ، حيث لم يقتصر النقص بالزجاج اللازم لتأطير اللوحات الخطية ، بل تعداه لنقص في الأوراق و افتقاد الأقلام و الأحبار الخاصة بالخط ، الأمر الذي دفع الخطاطين لاستخدام مواد طلاء الجدران و المنازل والخشب في الكتابة ، أما الأوراق ، فقد استبدلوها بخامات اقل جودة يمكن أن تتوافر بطريقة أو بأخرى ، كما اضطر بعض الخطاطين لتأطير لوحاتهم بإطارات خشبية و بلاستيكية .. دون زجاج ! 
يتابع الخطاط الميقاتي قائلا : ” استخدمنا خامات لا تستخدم في كتابة الخط ، لكننا حافظنا علي حساسية صناعة فن الخط العربي ” ، أما الخطاط وحيد عقيلان ، فيري أن تميز المعرض يكمن في المواد المختلفة التي تكيفت معها مهارة الفنانين الغزيين ، مؤكدا علي أن ذلك لم يؤثر في جوهر فكرة المعرض ، بل زاد من أصالة ذلك الفن .

أصالة الحرف وخطر التكنولوجيا

ويعلق الخطاط عقيلان علي أصالة ذلك الفن و محترفيه ، قائلا  : ” مهارة الخطاط تتخلص في  حفاظه علي المهارات و الإبعاد الصحيحة ، أما إبداعه فيتمثل في إعادة تشكيله للحرف” ، غير أن الخطاط الميقاتي يري بأن قوة الحرف وطريقة تكوين  اللوحة الخطية ، تظهر مقدرة الفنان ، و مدي سيطرته علي كتل الفراغ وتوزيعها ، وهو ما يوضح التفاوت بين أسلوب فنان وآخر ، مضيفا : ” روح الخط العربي تظهر في مخيلة الفنان ، بأشكال وصور تترجم علي الورق ” ، لكن الأساليب التكنولوجية ، باتت المؤرق للفنان الخطاط ، خاصة وان استخدام الحاسوب المفرط في معالجة الخط ، أثر علي أصالة الخطاط العربي وأسلوبه ، رغم دوره الجمالي المحدود ، وهو ما يسميه الخطاط محمود عبد اللطيف ” غزو الحاسوب ” ، معلقا : ” استسهال الخط العربي كمهنة ، كالكتابة علي اليافطات و اللوحات التجارية ، أدي إلي عدم الالتفات للخط كفن يجب الحفاظ علي مقاييسه وموازينه الأصيلة ” ، وهو خلل يرده عبد اللطيف إلي عدم الفهم الصحيح لثقافة الخط العرب كجزء من الموروث التاريخي ، والهوية الفلسطينية العربية ، في مواجهة محاولات تزييفها و طمسها. لافتا إلي عدم وجوده تخصصات أكاديمية في قطاع غزة لتعليم الخط العربي ، وهو ما أدي لركود هذا الفن وعدم احتكاك الخطاطين الغزيين وتواصلهم مع الحركة الخطية العربية ، حيث يعتبره البعض جزء من فن الرسم و التشكيل ، رغم أن الخط من أصعب الفنون المستقلة بأصالة وجوده ، والتي تحتاج إلي المهارة و الدقة ، وهو ما تدلل عليه الكثير من  المقولات العربية التي قيلت في الخط العربي ، فهو  ” للأمير كمال ، وللفتي جمال ، وللفقير مال” .


إعلان