نتائج مهرجان الرباط
مهرجان الرباط السينمائي:
مهرجان بدون مهرجان… أو هيكل يعاني من الفقر السينمائي
المغرب: أحمد بوغابة
بيندا بليطين : احسن ممثلة | ||
أعلن مهرجان الرباط، مساء أمس السبت 27 يونيو، عن جوائزه فيما تستمر عروضه السينمائية إلى غاية يوم الثلاثاء القادم 30 من نفس الشهر.
وقد أكدت لجنة التحكيم الرسمية، قبل إعلانها على الجوائز، في كلمتها على ما ذكرنه في تقريرنا السابق، المنشور منذ يوم الأحد الماضي (21 يونيو 2009) بموقع الجزيرة الوثائقية، حيث سجلت بدورها ما يعيشه المهرجان من تعثر في الشكل والمضمون مسجلة غياب اختيار موفق للأفلام التي تجمع بين مخرجين مبدعين مع آخرين دون المستوى أو المكرسين مع المبتدئين، مما يعني غياب نظرة منسجمة لدى المسؤولين على هذه التظاهرة وهو مما سبب لها – تقول للجنة – مشاكل منهجية في التعامل مع الأفلام المبرمجة في المسابقة الرسمية. وعانت كثيرا في مداولاتها..
كما أكدت اللجنة، أيضا، على أن الأفلام العربية بدورها لم يتم الاعتناء في اختيارها إذ تم إقحام أفلام ضعيفة جدا لا ترقى إلى الإبداع المطلوب في سينما المؤلف.
وعليه فلجنة التحكيم التي ترأسها المخرج موريتز دوهادلن من سويسرا وتشكلت فقط من الناشرة المغربية ليلى الشاوني بنعبد الله والتشكيلي المغربي فريد بلكاهية والمخرج البنغالي تانفير موكاميل والمخرج المسرحي العراقي جواد الأسدي (وكان من المقرر أن تضم أيضا المخرج الفلسطيني ميشيل الخليفي والممثل التونسي هشام رستم اللذين لم يتمكنا من الحضور) تمنت – هذه اللجنة – أن تتغلب إدارة المهرجان على جميع مشاكلها التنظيمية والفكرية حتى تحظى عاصمة المغرب، الرباط، بمهرجان عالمي يليق بمكانتها في السنة المقبلة (2010) وبذلك اعتبار الدورة الحالية (15) انتقالية لتأسيس مهرجان محترف. شهادة حية من لجنة التحكيم تمت تلاوتها علنيا وبذلك أزال رئيسها أي لبس محتمل على أننا نتحامل على هذه التظاهرة المعوقة.
![]() |
فجر العالم |
أسفرت نتائج لجنة التحكيم على الجوائز التالية:
•الجائزة الكبرى، التي تحمل إسم الملك الراحل الحسن الثاني، حصل عليها الفيلم الروسي ” لا تفكر في القرود البيضاء “للمخرج يوري مامين
•الجائزة الكبرى للجنة التحكيم ذهبت لفيلم ” فجر العالم ” للمخرج العراقي عباس فاضل (إنتاج فرنسي)
•جائزة أفضل سيناريو كانت من نصيب كل من أورسولا مايير وأنطوان جاكود عن فيلم “هوم ” وهو إنتاج مشترك بين سويسرا وفرنسا وبلجيكا أخرجته أورسولا مايير.
•جائزة أفضل ممثلة حصلت عليها الممثلة الإنجليزية بيندا بليطين عن دورها في فيلم ” لندن ريفير” للمخرج رشيد بوشارب ( إنتاج فرنسي).
•جائزة أفضل ممثل حصل عليها ريكادو سكامارسيو عن دوره في فيلم ” عدن الغرب ” أخرجه كوستا غافراس (إنتاج فرنسي)
وكان مقررا حسب ما تم إخبارنا به في الندوة الصحفية المنعقدة في مطلع شهر يونيو تخصيص جائزتين للجمهور والنقاد إذ أن هذه المعلومة منشورة في الملف الصحفي ليتم حذفهما بدون إعلان مسبق أو إصدار بيان صحفي يخبرنا بذلك خاصة الأسباب التي لم تسمح بإدراجهما. لا شيء من هذا بل تم الصمت عليهما وهي ممارسة غير مهنية إن لم نقل احتقارا للمشاركين في المسابقة الرسمية ولمجموع المتتبعين. وكنا قد تطرقنا لهما في الندوة الصحفية الآنفة الذكر حول مقاييس الجائزتين إلا أن رئيس المهرجان لم يستوعبهما معتقدا أن لجنة التحكيم الرسمية هي التي توزعهما أيضا ليعلن أمام الجمهور عن أميته السينمائية.
وفي الندوة الصحفية نفسها أخبرنا رئيس المهرجان بأنه لم يجد فيلما مغربيا يستحق المشاركة في المسابقة الرسمية مكتفيا بإدراجها – أي الأفلام المغربية – في عروض موازية بفقرة ” بانوراما ” ليطلع علينا في كتيب المهرجان في آخر لحظة، عند بدايته، بفيلم مغربي في المسابقة وهو ” الطفولة المتمردة ” لمومن السميحي علما أن هذا الفيلم لن تكون له حظوظ الفوز في لجنة يترأسها موريتز دو هادلن الذي لن يجامل أحدا على حساب الفن السينمائي الراقي.
لم يتحقق ربع مما ادعاه المهرجان ووعدنا به أو سطره في برنامجه المنشور على العموم حيث تم إلغاء كثير من العروض السينمائية إما بسبب عدم حضور الجمهور إلى الفضاءات المحتضنة لها أو عدم تسلم الفيلم في الوقت المحدد له وهو نفس الشيء الذي حصل مع الندوات والموائد المستديرة المزمع تنظيمها والتي لم يتابعها أحد بل كانت بعض الأسماء تجلس أمام كراسي فارغة على الإطلاق (بدون مبالغة). وأحيانا أخرى يحضر الجمهور ويغيب ضيوف المهرجان لتبقى الأبواب مقفلة دون اعتذار. لقد تم تداول مجموعة كبيرة من النكت بين المدعوين والجمهور والمتتبعين حول هذا المهرجان إذ ذات مرة في إحدى الندوات جلس في المنصة 6 أشخاص أمام 3 أشخاص هم من المنظمين أنفسهم مما يعكس اللامبالاة التي يعرفها هذا الهيكل العظمي المنخور.
هذا الواقع ليس جديدا على هذه التظاهرة وإنما جزء من تشكلها خلال الدورات السابقة وما حصل في الدورة الحالية هو استمرار للماضي ونتيجته الذي يجره معه منذ 13 سنة، وهو ما حذا بلجنة التحكيم لإطلاق صرختها التي أشرنا إليها أعلاه ضد هذا الواقع أما المسؤولين الرسميين والحضور يوم الاختتام.
وحُكي لي أن لجنة التحكيم ومجموعة من السينمائيين الأجانب المدعوين الذين حضروا للمهرجان طالبوا بجلسة مع رئيسه لتداول معه الإشكاليات المطروحة وغياب الجمهور و السينمائيين المغاربة والصحافة فإذا به يحملهم إلى مطعم فاخر بالعاصمة في وضع لم يعد يسمح بالنقاش الجدي الذي كانوا يرغبون فيه ليتحول لقاءهم إلى جلسة للسمر وليلعن الله المهرجان.
وقد قال أحد السينمائيين الأجانب المدعوين بأنه لأول مرة كان يسعى للقاء برئيس المهرجان للحديث معه عن غياب المهرجان من المهرجان وليس حول الأكل والإقامة كما تعود ذلك في مهرجانات أخرى.
إذا تفوق مهرجان الرباط في شيء فقد تفوق في جمع الأخطاء وممارستها التي سيطول بنا الحديث حولها إذا عرضنها عليكم، وبعضها تافه إلى درجة نخجل من ذكرها لتفاهتها بالضبط.
ما هي قيمة تظاهرة سينمائية بعاصمة البلد إذا لم تكن في مستوى الحدث؟ فهل سيتم إعادة النظر حقا فيه من أجل انطلاقة سينمائية حقيقية؟ موعدنا في السنة المقبلة….