“فن فلسطين ” عشرون فنانا … ولون واحد!
غموض ” اللون البنفسجي ” وَصخبه في غزة
غزة – أسماء شاكر
لوحات فنية من الأرجوان القاني .. أعادت عمق اللون العتيق إلى قيد النبض من جديد ، في معرض الفن التشكيلي “فن فلسطين”، الذي أقامه المركز الفرنسي في غزة .
المعرض احتوى على مشاركة عشرين فنان غزي، استخدموا اللون البنفسجي بمشتقاته المختلفة، مما ميز الأعمال بدلالاته اللونية الحالمة، إضافة إلى جرأة التكوينات و عمق إيحاءاتها الرمزية .
اللوحات تكاملت فيما بينها مشكلةً أيقونة متوازنة ، رغم التكرار اللوني الصارخ في بعض الأحيان .
إلا أن الرونق الأسلوبي والفواصل الزمنية ما بين انتقال وآخر ، ابرز شخصية الفنان في كل لوحة ، خاصة وان المعرض جمع ما بين أجيال عمرية متفاوتة ، تجلت تجاربها التعبيرية بالتعامل مع المساحات و اللون باحتراف .
![]() |
الأعمال جاءت أيضا نتاج لمعارض موسمية متواصلة ، استطاعت أن تجدد الدماء في الحركة الفنية التشكيلية بغزة ، في محاولة للخروج عن الإطارات المحاصرة إلى فضاء الفن التشكيلي المعاصر العالمي ، خاصة وأن الفنانين الغزيين لم ينفكوا عن محاولات النفاذ بتجاربهم إلى خارج القطاع ، بمساعدة مؤسسات دولية ، مكنتهم من المشاركة في معارض عالمية و دولية ،بعدما ُهربت أعمالهم الفنية … دونهم !
الصراع ما بين اللون و التشكيل
الثلاثي المميز لمجموعة ” شبابيك ” للفن المعاصر ، اتجهت لوحاتهم للطابع التعبيري المجرد ، ببساطة التكوين و سيادة الشكل ، إضافة إلى استخدام تقنية رسم الحروف الخطية ، وتداخلها في اللوحات كما في لوحتي الفنان ماجد شلا و شريف سرحان .
أما فنانو مجموعة ” التقاء ” ، فقد تمايزت أعمالهم باتجاهات مختلفة ، معبرة عن انعكاسات واقع الحياة في قطاع غزة ، وهو ما اتضح في لوحة الفنان سهيل سالم الغارقة بالضباب و سرمدية المدى ، كذلك لوحة الفنانة سعادة راضي ، بمساحات لوحتها المضاءة باللون ، ضد مساحات أخري معتمة انزوت في امتزاج ألوان أخري طاغية .
لكن لوحة الفنانة مها الداية اكتفت بتكثيف واختزال الأفكار ، بانتظام زخرفي ، يعيقه سيلان لوني مفاجئ، يوازن دهشة التركيب .
![]() |
الأعمال في ” فن فلسطين ” ، مزجت ما بين الواقع بمعالجاته المكانية ومفاهيمه المشوهة ، وما بين النزاعات الداخلية لاغتراب الفنان الغزي ، ليتكون ذلك التوازن الغير متعمد ما بين خارج الإنسان و داخله ، في انكسارات و انتصارات صغيرة ، تاركا بعض الغموض و الشعور بلا نهاية الأشياء وجمود الوقت في تفاصيله إلىومية المتكررة ، والتي حاولت الاختباء خلف تألق الألوان و كثافة الأفكار ، غير أن ذلك عمق الأعمال أوحي ببدايات و بوابات لعوالم أخري في ذات الاتساع ، الذي تشكل في حيز الفراغ ، منتزعا إياه من قوالب الواقع المغرق .
” فن فلسطين ” الذي استمر عرضه لمدة أسبوع في مدينة غزة،برعاية بنك فلسطين ، سيكمل جولته في كلٍ من القدس و رام الله ، نابلس وحنين .
كما أعلن المركز الفرنسي عن الفنانين الفائزين بمسابقة ” فن فلسطين ” للأعمال الأكثر تميزا في المعرض ، حيث تم اختيار ثلاثة أعمال للفنانين : رائد عيسي ، دينا مطر ، وإياد الصباح .