«زوم على السينما التونسية» في قابس
اختتمت يوم السبت 18 جويلية في مدينة قابس بالجنوب التونسي تظاهرة سينمائية تحمل عنوان «زوم على السينما التونسية» نظمتها الجامعة التونسية لنوادي السينما وجمعية مهرجان قابس الدولي ومنظمة فرديرش هبارت الألمانية .وكانت التظاهرة انطلقت يوم الثلاثاء 14 جويلية مــن خــلال برنامج سينمائي متنوع .
وشهدت التظاهرة جملة من الأنشطة متمثلة في عروض أفلام تونسية ومناقشــتها ولقاءات وورشات…
خرمة للجلاني السعدي
كان الافتتاح بتنشيط شوارع المدينة قبل أن يعرض فيلم المخرج الجيلاني السعدي «خرمة»، وهو فيلم تونسي بلجيكي من اناج 2004 ومن بطولة * حمد قريع * محمد المورالي* رمزي براري * حسن الخلصي * دليلة المفتاحي * طارق الزموري * درة زروق * جمال ساسي * الشاذلي الورغي
و”خرمة” فيلم يصنف ضمن الكوميديا الدرامية من إنتاج دومينيك جان وبيار جايو ومدة عرضه 80 دق (1 س 20 دق) وهو من الأفلام التونسية الجريئة في طرحها والتي تسافر نحو أعماق المهمّش حيث المقابر وسكّانها والأموات وتجّارهم.
![]() |
ملصق فيلم خرمة
فيلم يرصد تحوّل شخصية مهمّشة متّهمة بالسخف والحماقة يطلق عليه كنية ساخرة”خرمة”إلى صاحب سلطة مطلقة في عالم المقبرة أين تدور مجمل أحداث الفيلم.
الجلاني السعدي مخرج تونسي يعيش بين تونس وفرنسا أخرج بعد”خرمة”فيلم “عرس الذيب”يقول عنه الناقد التونسي الكبير الهادي خليل في مؤلفه العمدة”من مدونة السينما التونسية””يفضح الجلاني السعدي, في الفيلم الأول كما في الفيلم الثاني, مظاهر الانسجام المغلوط وحالة الهدوء الخادع, يُمرّر المواقف ويكشف الحقائق بكل ملابساتها ويصوّر الشخصيات بكل ملامحها المحطّمة ومواقعها المقصاة, بكل ما تحمل من الألم الإنساني الطّافح في كل أفعالها, في كل حركاتها.”
السيدة لمحمد الزرن
خصص اليوم الثاني 15 جويلية لعرض أشرطة تونسية القصيرة بحضور مخرجيها بالمركز الثقافي بقابس وانتظمت على بعدها حلقة نقاش تحت عنوان «الرؤى والمسالك الجديدة للسينما التونسية حضرها عدد من المخرجين والمنتجين والنقاد والإعلاميين والتقنيين والممثلين.
وعُرض في المساء شريط «السيدة» للمخرج محمد الزرن.
وفيلم محمد الزرن الذي بقي في ذاكرة السينما التونسية بما أنه مثّل نقلة نوعية في الخطاب الجمالي للسينما المحلة المعاصرة بابتعادها عن مناخات وفضاءات الصورة النمطية التي كرستها تلك السينما حتى ان الهادي خليل لا يتردّد في القول”ثمة في فيلم السيدة, إيماءة احتجاج تدين الطّلاء الملمّع الذي تخصّص فيه سينمائيو مدينة تونس العاصمة, هؤلاء البلدية الذي يقدّمون في أعمالهم صورة برّاقة عن تونس, مكرّسين التصوّر الذي يحمله الأجانب عن بلدنا.لا يخفي الزرن رفضه لهذا التمشّي السياحي الفلكلوري الذي يحجب الواقع ويُعقّمه”
ويقول الزرن في واحد من حواراته متحدّثا عن رؤيته السينمائية:” أن السينما التي أقدمها لم تفهم بعد، والسينما إن كان هناك شيء يثيرها ويقلقها أو يزاحمها فلن يكون إلا الواقع. والسينما لها مشكلة كبيرة تتمثل في أنها تريد نفسها كأنها الواقع وإن لم أنقل أي شيء من الواقع في ما أكتبه بل هو كله خيالي لكن طريقة صياغتي وكتابتي فيها محاكاة كبيرة جدّا تبلغ درجة انعدام التمثيل والاصطناع والتصنع. لأن السينما عندي يجب أن تصل إلى الدرجة صفر من التّصنع وهي قمة الفن. حتى لا يراها المشاهد سينما بل حياة وواقع.لكن أنا لم أصوّر الواقع ولن أفعل ذلك أبدا. هذا هو الشيء الذي يغذيني ويجعلني أحب السينما كثيرا التي هي تنبض في داخلي وهي سرّ وجود السينما حسب رأيي في أن يبلغ المشاهد وهو يشاهدها مرحلة تنتفي فيها الحدود بين السينما والواقع.”
محمد الزرن من مواليد جرجيس بالجنوب التونسي سنة 1959 أنجز عدداً من الأفلام التسجيلية والروائية من بينها ” كسّار الحصى 1989، و ” يا نبيل ” 1993، ، و ” نشيد الألفية ” 2002 و”الأمير” وآخر أفلامه الوثائقية”طوطو وسيمون”. راهن الزرن على الاختلاف وعلى المهمّشين وعلى عمق الشارع التونسية أين الهواء ليس نقيّا طوال الوقت والجدران ليست مطلية .
![]() |
المخرج محمد الزرن |
عرب للفاضل الجزيري والفاضل الجعايبي
أما اليوم الثالث فقد خُصّص للورشات سينمائية : المونتاج والتحليل السينمائي والتصوير الفوتغرافي وتوظيف الفضاء الطبيعي في السينما وأنظمة المشهد في السينما وورشة الممثل يقوم بتأطير هذه الورشات مجموعة من المختصين.منهم سارة العبيدي وأحمد الجلاصي وعلي بن عبد الله ورضا بوقديدة ورمزي السواني ومحمد بن طبيب ومحمد حسين قريع
واختتم اللقاء بعرض فيلم «عرب» للفاضل الجعايبي وفاضل الجزيري
ثلاثون للفاضل الجزيري
وعرض في التظاهرة فيلم “ثلاثون” للفاضل الجزيري والذي أثار جدلا واسعا في الساحة الثقافية التونسية منذ ظهوره في اختتام أيام قرطاج السينمائية الأخيرة .
ثَلاَثون فيلم تاريخي تونسي من إخراج الفاضل الجزيري، بدأ تصويره في 25 سبتمبر 2007، ودام 10 أسابيع. أصدر الفيلم في ماي 2008.
وهو مصنف ضمن الأفلام التاريخية التخييلية بطولة علي الجزيري، وليد النهدي، كتابة السيناريو و الحوار كتابة مشتركة بين الكاتبة التونسية عروسية النالوتي و مخرج الفيلم الفاضل الجزيري . مدّة عرضه 111 دقيقة وصلت ميزانيته أكثر من مليوني (2) دينار تونسي .
تناول الفيلم فترة الثلاثينات في تونس وسلط لضوء على شخصيات اصلاحية هامة مثلت لبنة الإصلاح الفكري في تونس وأهمها الطاهر الحداد وظهر في الفيلم الحبيب بورقيبة الرئيس السابق لتونس والشابي شاعر تونس الخالد….
يقول عنه الناقد عزالدين المدني في إحدى مقالاته:” أشار محمد الفاضل الجزيري إلى سبل عديدة غير معبّدة في السينما التونسية في شريطه: السلطة المدنية والفكرية والإعلامية كانت عند المثقفين والمفكرين والشعراء والأدباء وليست في أيدي الباي ووزرائه وحاشيته. كان الشعراء والأدباء يمثلون تونس اليوم والغد بل هم تونس المستقبل والمصير. هم الوطن المفتوح على الحرية يحتضنون كل جديد، كل حديث، يسبقون خطى الدنيا، يسايرون عالم الحداثة، يطمحون إلى أن تكون تونس إحدى عواصم العالم لا قطرا صغيرا منسيا، متروكا، مهما في بقعة محلية غامضة بين القارات! ومولّى عليها وتحت وصاية شريرة. ولقد شاهد أبو القاسم الشابي تونس في وجه فتاة مشرقة وفي وجوه الجماهير الغاضبة. ولمح علي الدوعاجي تونس في وجه الزوجة والحبيبة والفنانة والأم الحنون، في وجوه الناس المتواضعين مع الإباء والشهامة. أما الطاهر الحداد فلقد رأى تونس في وجه امرأة مستنيرة واعية بالعصر، وبالبلاد، وبالتاريخ تعادل الرجل وتساويه، في وجوه تكتّل العمال التونسيين.”
الفاضل الجزيري هو المخرج المعروف المرتحل من عالم المسرح إلى عالم السينما صاحب :جحا و الشرق الحائر (1972)، سيرة محمد علي الحامي، البرني والعترة، الجازية الهلالية، الكرّيطة، العرس، الورثة، التّحقيق، غسّالة النوادر، عرب والعوّادة (1989) أفلام: العرس(1978)، عبور(1981) وعرب (1988).
اختتمت التظاهرة مساء يوم السبت 18 جويلية بسهرة عرضت خلالها الأشرطة المنجزة بالورشات .
وبهذه التظاهرة تواصل الجامعة التونسية لنوادي السينما نشاطها الماراطوني لتؤكّد كل مرة حضورها المتميّز والمؤسّس في المشهد السينمائي التونسي حيث باتت عصبا رئيسا للثقافة الفيلمية في تونس اليوم من خلال عدد من الناشطين الشباب والمؤطّرين الأكفّاء.