وثائقي يوناني عن مركبي فك الحصار عن غزة

تعد مجموعة من المنتجين والصحفيين اليونانيين والعرب فيلما وثائقيا يتناول قصة المركبين اليونانيين اللذين كسرا حصار غزة الصيف الماضي، وذلك لصالح قناة الجزيرة.
ويتناول الوثائقي قصة الإعداد البطيء لمركبين كانا قد أحيلا إلى التقاعد، وكانت العملية مغامرة في حد ذاتها إذ لم يكن مضمونا أن يعودا إلى الأسفار سيما في المياه الدولية.
 ويتحدث الوثائقي عن حياة أبطال الفيلم فاغيليس بيسياس وبول لاردودي وغيرهم من يونانيين وأجانب بشيء من الإيجاز، ثم يستعرض مراحل العمل في إصلاح القاربين والتي اتخذت طابع السرية لمرحلة طويلة من الزمن.
ثم ينتقل الفيلم بعد ذلك إلى مرافقة النشطاء الذين بدؤوا رحلتهم من مدينة خانيا في جزيرة كريت اليونانية وانطلقوا بعدها إلى قبرص مرورا ببعض الجزر اليونانية التي استقبلتهم بحفاوة، وفي قبرص قدمت لهم تسهيلات وحماية وانضم باقي أعضاء الحملة إليهم.
 ويعرض الوثائقي للمصاعب والمخاطر التي مر بها الناشطون في رحلتهم إلى مرفأ غزة، حيث أشاعت البحرية الإسرائيلية جوا من الرعب والتهديد بإعلانها إجراء تدريبات عسكرية في المنطقة ومنع أي مركب من الاقتراب، ثم قطع الاتصالات عن المركبين لمحاولة ثنيهما عن مواصلة السفر.
وتأتي الخاتمة السعيدة التي تابعها الملايين عبر الفضائيات وذلك بوصول المركبين إلى مرفأ غزة حيث استقبل أهل غزة الناشطين استقبالا أسطوريا ورحبوا بهم بحفاوة غير مسبوقة.
نسيم الأطرش منتج الفيلم قال للجزيرة الوثائقية إن مناسبة وصول المراكب الأولى إلى غزة كانت ملهمة لجميع المتابعين وإن الفكرة ولدت منذ أول معلومة عن انطلاق قاربين خشبيين إلى غزة مع ما في ذلك من مخاطر وصعوبات ومع التحديات الإسرائيلية التي بدت عازمة منذ الإعلان عن الموضوع على عدم السماح للنشطاء  بالوصول إلى الهدف وهو ما حاولت البحرية الإسرائيلية تنفيذه بشتى الوسائل.
 وأضاف الأطرش أنه كان من المهم أن تتجسد فكرة التحدي هذه في فيلم مصور وأن تصل إلى المشاهد العربي عبر أكبر قناة عربية، ومع ذلك فقد وجدت العديد من الصعوبات والعوائق في عملية التصوير وإعادة جمع النشطاء ذوي الأدوار الرئيسة في المشروع خاصة أن منهم من يقيم في بلاد بعيدة ولهم أشغال وبرامج مختلفة.
أما كاتب السيناريو نيكولاوس زيرغانوس فقد أوضح للجزيرة الوثائقية أن الفيلم لم يكن بالنسبة له مسألة مهنية وحسب، بل إن الموضوع كان إنسانيا بالدرجة الأولى ونضاليا بالدرجة الثانية حيث كان المركبان يناضلان بحق من أجل رفع الحصار عن مليون ونصف مليون إنسان يعانون الحصار والجوع والفقر والمرض.
وأضاف زورغانوس أنه كان من الصعب الدخول  في كتابة سيناريو لأحداث واقعية لم يعشها أصلا، لكنه سعى عبر أصدقاء له شاركوا في الرحلة ليشرحوا له الجو الذي كان سائدا، وبذلك استطاع تخطي هذا النقص، ورأى أن الفيلم يسافر بالمشاهد مع أبطال القصة حتى الذين لم يعايشوا القصة بأنفسهم.

 

من داخل المركب

وقال زيرغانوس إنه لا يجب التقليل من المخاطر التي تعرض لها أبطال القصة خاصة في المراحل السرية من العمل، وحتى قبل الوصول فقد كانت المخاطر غير محدودة في تلك الساعات كما كان مصير الرحلة مجهولا تماما خاصة أن النشطاء لم يكونوا يعرفون إلى أين ستصل تهديدات البحرية الإسرائيلية.
وختم زيرغانوس إن فترة 45 دقيقة التي هي مدة الفيلم لا تكفي لهذه القصة العظيمة حيث تمت التضحية بتفصيلات كثيرة كان يمكن أن تهم المتابع، لكن الفيلم بصورته النهائية يعطي المعلومات العامة الضرورية للمشاهد.
  وقال يورغوس أفييروبولوس مخرج الفيلم للجزيرة الوثائقية إن القصة التي رأى ملايين المشاهدين نهايتها السعيدة على شاشات التلفاز كانت تخفي وراءها قصة أخرى وتفصيلات عديدة كانت مجهولة لمعظمهم، وهذه النقطة كانت دافعا مهما لإنتاج الفيلم.
وأضاف أفييروبولوس أن اليونانيين تابعوا بدرجة كبيرة من الاهتمام قصة المركبين اللذين انطلقا من وطنهم وإن كانت وسائل الإعلام اليونانية لم تظهر الموضوع كما أظهرته وسائل الإعلام العربية، رغم كون المركبين يونانيين وعليهما نواب ومواطنون يونانيون، ولعب دور المرحلة السرية لتجهيز المركبين دورا في ذلك، حتى ظن الكثير من المتابعين أن المشروع برمته هو أن بعض النشطاء المتحمسين ذهبوا بمركبي صيد إلى غزة لا أكثر، دون أن يعرفوا أي معلومة أو تفصيل عن قصة فك الحصار.
لكن أفييروبولوس اعتبر أن المواطن اليوناني العادي يعرف الكثير مما يجري في غزة وهو بطبيعته متعاطف مع الشعب الفلسطيني بشكل كبير، ووصف وصول المركبين إلى مرفأ غزة بالتاريخي حيث إن أشخاصا عاديين قاموا بشيء غير عادي وفكوا حصارا عمره واحد وأربعون عاما عن شعب بأكمله.
ولفت أفييروبولوس النظر إلى أنه كانت هناك صعوبة في جعل أبطال الفيلم ينفتحون ويتكلمون بتفصيلات المشروع حيث إنهم لأسباب الحفاظ على النجاح مستقبلا في مهمات أخرى لم يكونوا يريدون الخوض في كثير من المعلومات الخاصة بهم، إضافة إلى أن طبيعتهم كانت تميل إلى عدم حب الظهور والأضواء، كما أن هناك صعوبة أخرى نظرية هي أن العمل يعد لجمهور مختلف عن الجمهور اليوناني والأوروبي.
واعتبر أفييروبولوس الذي سبق أن زار غزة وصور عنها عام 2006 فيلما بعنوان ” مطر في الصيف”  أن الفيلم الجديد “قادمون يا غزة” هو استكمال لتلك المحاولات، حيث إنه ثالث عمل له عن غزة.
أما يانيس باكسيفانيس كاتب الموسيقى فقد أوضح في اتصال مع الجزيرة الوثائقية أن كتابة الموسيقى لعمل مجهول ليس دائما بالأمر المتيسر، لكن العمل يدور بين اليونان والعالم العربي وينتقل من بحر إيجه إلى شواطئ غزة مما يساعد على فهم طبيعة الموسيقى المطلوبة وهي تجمع بين عنصري الفن العربي عموما والفلسطيني خصوصا من جهة والفن اليوناني من جهة أخرى وتحافظ بالطبع على الطابع المتوسطي في تقاسيمها ونبراتها.

 


إعلان