” السينما العربية الجديدة ” في مرسيليا

مرسيليا: أحمد بوغابة

تحتضن مدينة مرسيليا (جنوب فرنسا) الدورة الثالثة لمهرجان السينما العربية المُنظمة من لدن الجمعية السينمائية الفرنسية التي تحمل إسم ” أفلام ” (إحالة للغة العربية).
قبل أن نُعرف بهذه الجمعية التي تأسست سنة 2000 وبحوزتها الآن مجموعة من الأنشطة السينمائية المُقتصرة – حصريا-  على السينما العربية، نقدم للقراء البرنامج الذي تعتمد عليه الجمعية في هذه الدورة التي أطلقت عليها ” السينما العربية الجديدة ” معتمدة أساسا على الأفلام الحديثة التي خلقت النقاش في أقطارها أو عرفت نجاحا تجاريا وإقبالا جماهيريا، وجلها لمخرجين شباب تُعد أولى أفلامهم الطويلة  أو الثانية أحيانا.

حضور المخرجة العربية بالفيلم الوثائقي

كما أعطت الجمعية أهمية خاصة للمخرجات الشابات والمشتغلات على الفيلم الوثائقي أساسا، بتقنية الفيديو التي توفر استقلالية إبداعية بحكم الاستقلال المادي، وبذلك يمكن اعتبار هذه الدورة دورة نسائية ووثائقية.
يعتمد المهرجان على مرحلتين في نشاطه أو ما يمكن اصطلاحه بأنشطة مُركزة في مدينة مرسيليا، تسبقها وتليها عروضا في ضواحي  المدن الصغيرة والقرى المحيطة على خريطة جغرافية واسعة من جنوب فرنسا المطلة على بحر البيض المتوسط المواجهة مباشرة للأقطار العربية والمغاربية، تتم العروض في قاعاتها المحلية أو في الهواء الطلق بالساحات العمومية، مجانا، وبذلك تثير فضول المشاهدين لاكتشاف السينمات العربية بتعددها واختلافها حيث تسافر بهم إلى العوالم العربية كما يقدمها ويحكيها السينمائيون العرب انطلاقا من موقعهم الفني.
انطلقت الدورة الحالية بالفيلم الوثائقي التونسي ” ذاكرة امرأة ” للمخرج لسعد وسلاتلي، يوم 18 يونيو، أما الافتتاح الرسمي فقد كان يوم السبت 4 يوليو بالفيلم المغربي “كازانيغرا ” لنور الدين لخماري بحضور ممثليه الرئيسيين عمر لطفي وأناس الباز وذلك بأفضل قاعة سينمائية بالمدينة ” لي فارييتي ” التي تُصنف ضمن قاعات ” الفن والتجريب ” والتي تعرض عادة أهم الأفلام الموزعة على الصعيد الأوروبي إلى جانب الأفلام ذات قيمة فنية متميزة لا تقبل عليها القاعات الأخرى. يمكن للزائر العابر للمدينة أن يعتكف بهذه القاعة طيلة اليوم بحكم أنها تتوفر على عدة شاشات داخلها تتوزع عروضها حسب رغبة روادها.
ستمتد العروض في ضواحي مدينة مرسيليا إلى غاية 16 يوليو الجاري وكذا بالفضاءات المفتوحة والساحات الشهيرة بقلب المدينة.

صولانج بولي رئيسة جمعية أفلام

الأفلام العربية المبرمجة في هذه الدورة فضلا على الفيلمين المذكورين سالفا هي كالتالي:
• ” خربوشة ” لحميد الزوغي (المغرب)
• ” في الدم ” لكاتيا جارجورا (لبنان)
• ” الزبد ”  لريم علي (سوريا)
• ” هذا لبنان ” للإليان راحب (لبنان)
• ” حواء/الذكر” لسوسن صايا (تونس)
• ” نيلوفار ” لصابين جميل (لبنان/إيران/فرنسا)
• ” الرجل المحترم ” لطلال خوري (لبنان)
• ” ذاكرة 8 ماي” لمريم حميدات (الجزائر)
• ” قولي لي ” لصابرينا دراوي (الجزائر)
• ” عيد ميلاد ليلى ” لرشيد مشهراوي (فلسطين)
أما الأفلام التالية فسيقتصر عرضها في الهواء الطلق بساحات العمومية بالمجان:
• ” المنزل الأصفر ” لعمور حكار (الجزائر)
• ” الأمير ” لمحمد رزن (تونس)
• ” الراقد” لياسمين قصاري (المغرب)
• ” أغنية في رأسي ” لهاني طامبا (لبنان)

أنشطة سينمائية على طول السنة

سبق لجمعية ” أفلام ” أن نظمت دورتين للسينمات العربية الجديدة، سنة 2005 وسنة 2007 ، وتظاهرات محورية حول مواضيع محددة ك ” الاستعمار والاستقلال في السينما العربية” (سنة 2007) و” هوليوود على النيل: الأفلام الموسيقية المصرية ” (سنة 2007) و” الهجرة في السينما العربية ” (سنة 2009). كما خصصت أيضا ملتقيات أخرى حول إنتاجات أقطار عربية ومغاربية ” السينما في تونس ” (سنة 2005) و” السينما في سوريا ” (سنة 2006) و” السينما في المغرب ” (سنة 2007) و” السينما الفلسطينية ” (سنة 2008) بمناسبة النكبة. في سنة 2003 نظمت تظاهرة جمعت بين الجزائر العاصمة ومدينة مرسيليا من خلال الأفلام التي حاولت أن تجمع المدينتين على الشاشة. والجمعية في طور إعداد مشروع سينمائي مشابه له سيجمع بين مدينة طنجة (شمال المغرب) ومرسيليا.
كانت البداية بإعادة عرض أفلام البينالي العربي الذي كان ينظمه المعهد العالم العربي بباريس حيث تنقل برنامجه إلى مرسيليا ونواحيها منذ سنة 2002 عند تأسيسها.
وعليه فجمعية ” أفلام ” تعنى بالسينما العربية وتُعرف بها في جنوب فرنسا إلى حد أنها أصبحت مرجعا للمهتمين والجمهور المحلي الذي يسعى لاكتشاف هذه السينمات بحيث تحمس مجموعة من الطلبة لإنجاز بحوثهم الجامعية فيها من زوايا مختلفة منهم من قدم من إيطاليا نظرا لغنى هذه الجمعية.
وتعمل الجمعية على ربط أواصر التعاون مع مختلف المؤسسات السينمائية الرسمية أو التي تعنى بالسينما إلى جانب اشتغالها مع جمعيات سينمائية مهنية وثقافية وتظاهرات مختلفة حتى يجد الفيلم العربي مكانه في السوق الفرنسي بشكل طبيعي وعادي كجميع الأفلام من جنسيات أخرى.

عشق الثقافة العربية

يتشكل مكتب الجمعية وإدارتها من أسماء كلها فرنسية لها قيمتها السينمائية سواء في مجال النقد والتأطير السينمائي والعمل الصحفي، ولها معرفة بالأقطار العربية من خلال العمل بها طيلة سنوات طويلة كأساتذة أو باحثين أو ولدوا بها وعاشوا فيها طفولتهم التي جعلتهم مرتبطين بذلك التاريخ. نذكر على سبيل المثال لا الحصر رئيسة الجمعية السيدة صولانج بولي التي ارتبطت بعدد كبير من الأقطار العربية في إطار عملها التأطيري لمؤسسة قنوات حوض البحر الأبيض المتوسط وكذا مكوثها بمصر لمدة طويلة جدا، والناقد والباحث ميشيل سيرصو الذي عاش بالمغرب لسنوات عدة.
فهذه الجمعية التي يمكن اعتبار ما تقوم به هو نضال ثقافي لتصحيح الصورة السلبية السائدة عن العرب لذلك فدعمها هو واجب ثقافي وفني.  


إعلان