مدينة قليبية التونسيّة تختتم مهرجانها
اختتم بقليبية المهرجان الدولي لفيلم الهواة في دورته الرابعة والعشرين. وكان انعقاده فرصة لجمهور السينما حتى يكتشف أفلاما مستقلة تجاهد لتصل إلى متقبلها بعيدا عن أملاءات المنتجين واشتراطات السوق فجمع مشاركات عربيّة عديدة من تونس والجزائر والمغرب ومصر ولبنان وسوريا وأخرى أجنبية من فرنسا وسويسرا وروسيا وإيطاليا وهولندا والسنغال وبوركينافاسو وإيران..
وترعى هذا المهرجان الجامعة التونسيّة للسينمائيين الهواة، ذلك الفضاء المؤسس لسينما طلائعيّة ملتزمة والكافل لمنتسبيه هامشا من الحريّة والمغامرة يفتقده أولئك المعولين على التمويل الحكومي أو المحتكمين إلى قانون السوق. ويجمع إنتاجها بين الفيلم التخييلي والفيلم الوثائقي وفيلم تحريك الصور. وكثيرا ما كانت منطلقا لنجوم نحتوا مسيرة مميّزة على غرار السينمائي فريد بوغدير وسلمى بكار ورضا الباهي كما شهد مهرجانها الذي تنظمه دوريّا بمدينة قليبية الأفلام الأولى لأهم السينمائيين العرب أمثال محمد ملص ويسرى نصر الله وأحمد بن كاملة.
المهرجان في دورته الرابعة والعشرين
واشتمل حفل الافتتاح على عرض للفيلم الوثائقي “اليوم الموالي لمقاطع غزة” (GAZA STROPHE: le jour d’après) للمخرج الفرنسي المصري الأصل سمير عبد الله فكان شهادة على هول الدمار الذي سببه العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة تم تصويرها مباشرة إثر وقف إطلاق النار. وعمل صاحبه على نقل صورة سينمائيّة مثخنة بجراحات المدنيين ” بعيدا عن الالتزام بتنامي خط السرد وتعقيدات الحكاية، فجاء مقاطع متشظيه تحاكي تشظي غزة بعد العدوان وذلك” حتى يكشف إلى المتفرج الغربي ما تحاول أن تخفيه وسائل الإعلام المتواطئة” وفق ما يعلن صاحبه.
فيلم الافتتاح “اليوم الموالي لمقاطع غزة”
وقد تضمن برنامج المهرجان، فضلا عن المسابقة الدوليّة أربع مسابقات منها المسابقة الوطنيّة واشتملت على مشاركات لمنتسبي الجامعة وأخرى لسينمائيين مستقلين ومسابقة المدارس وتمثل أفلام مداس السينما والملتيميديا في تونس ومسابقة السيناريو والصورة الفوتوغرافيّة. وشارك في المسابقة الدوليّة “الصقر الذهبي” أكثر من 80 فيلما محتكمين إلى لجنة ترأسها المخرج البوركيني غاستون كابوري أحد أهم المخرجين الأفارقة وعضو الهيئة المنظمة للمهرجان الإفريقي للسينما في واغادوغو. وضمت في عضويتها السينمائي الروسي فلاديمير جابيشاف والمخرج الفرنسي المصري الأصل سمير عبدالله ومواطنه فيليب سيفستر رئيس تحرير مجلة “شاشة” التي تصدرها الجامعة الفرنسية للسينما والفيديو والممثل السينمائي والمسرحي التونسي كمال التواتي مقرّرا.
وإضافة إلى العروض السينمائيّة بمسرح الهواء الطلق التي استقطبت جمهورا سينمائيّا عريضا، كان المهرجان فرصة لعقد اللقاءات مع الضيوف لتدارس قضايا السينما مثل علاقة الفني في السينما باليومي وبالحرب.. أو لتنظيم الورشات لفائدة الشباب السينمائي شأن ورشة التقطيع السينمائي أو اللغة السينمائيّة أو تحريك الصور.. وحلت السينما السوريّة الشابة ضيفة على المهرجان فأدارت إليها الرقاب بعديد الأفلام المتقنة وذات الصور المبتكرة.. مثل توقف يا أبي و01.30 بتوقيت دمشق وأفكار صامتة..
وقد ظفر فيلم “بوم رانغ” للمخرج داريو غريب زاده بالجائزة الكبرى للدورة (الصقر الذهبي) وذلك “لقوة موضوعه ولثراء مقاربته السينمائية” وفق تقييم لجنة تحكيم المسابقة الدولية التي أشادت بموهبة مخرج تمكن من شدّ المتفرّج من خلال معوق يخوض معركته من أجل البقاء بدفق إنسانيّ وافر.
وينهض الفيلم، الذي مال في تشكيله إلى البساطة ووظّف الدفق العاطفي للقطة الكبيرة، على صراع محتدم بين حوت ضخم وصياد يصطنع رجليه للإيقاع به وجره من البحر في أجواء تستدعي رائعة هيمنجواي “الشيخ والبحر” ليكتشف المتفرّج في لقطة الفيلم الأخيرة أن الصيّاد طفل مبتور اليدين يخوض معركة البقاء. ونال الجائزة الثانية الفيلم الروسي “تاسيا ” للمخرج رومان ارتيمياف فيما حاز الجائزة الثالثة الفيلم التونسي “دوسي” (ملف) لمجدي لخضر.