عرض فيلم وثائقي في سبعينية الشاعر أمل دنقل

بعد مرور 27 عاما على وفاة الشاعر أمل دنقل؛ فإن أي متتبع لسيرته يتبين مدى إخلاصه للشعر. ورغم تصوره للشعر أنه لا يخلو من دور رسولي تحريضي، إلا أنه مثّل لديه خلاصا ذاتيا.من هذا المنطلق احتفلت مكتبة الإسكندرية بسبعينية الشاعر المناضل المصري الراحل أمل دنقل الذي من أهم الشعراء المناضلين في القرن العشرين، وعُرض في الاحتفالية فيلماً تسجيلياً بعنوان” حديث الغرفة رقم 8″ أخرجته عطيات الأبنودي وهو إنتاج عام 1990، يسجل الفيلم لقطات مع والدة الشاعر عقب رحيله، والشاعر أثناء وجوده في مستشفى معهد السرطان بالقاهرة وذكرياته عن بداياته وتقبله للمرض ورؤيته للشعر وللعالم من حوله. وأوضح الفيلم أن تجربة أمل كانت لها خصوصيتها الإبداعية وكانت له قدرة استثنائية على صهر المتناقضات. ونجح في التعبير عن الإنسان المصري وواقعه ليشمل بذلك معاناة الإنسان في كل زمان ومكان. 

 
وقد شارك فى الاحتفالية نقاد وشعراء وفنانون وموسيقيون، استعادوا خلالها ذكرياتهم مع قصائد وأبيات الشاعر الكبير ومواقفه. كما تضمنت الاحتفالية شهادات لشعراء من جيل الثمانينيات من الذين لم يلتقوا بأمل لقاء شخصيًّا بل إبداعيًّا، بالإضافة لشهادات مهمة لرفاق دربه من أسرته وأصدقائه الحميمين الذين  تحدثوا عن أمل الزوج والشقيق والصديق والتلميذ، فضلاً عن إضاءات نقدية لتجربة أمل التي كانت لها خصوصيتها الإبداعية.
وقد حضر الاحتفال عدة شعراء ونقاد وأقرباء الشاعر. وتحدث الشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي عن تجربة أمل الشعرية، مشيراً إلى أنها بلورة لكل ما قرأ وتعلم في تراث الفن . وقال” أجده اهتم بموضوعات اهتممت بها لكنه أبدع فيها إبداعا خاصاً لا يمكن أن يكون ثمرة التقليد والتلمذة . فأقرأ قصائده عن القاهرة أو الإسكندرية فأحسده وكنت أتمنى لو أنني كتبت هذه القصائد”.
وأضاف حجازي أن دنقل كان شديد الاهتمام بالتفاصيل في شعره رغم أن هناك تيار في النقد كان يكره الحديث عن تفاصيل الواقع، باعتبار أن الشعر يتحدث عن الكليات وليس الجزئيات، لكنه استحضر كل التفاصيل بل استحضر حتى الماضي والحاضر. ووجه حديثه للحاضرين قائلاً” لا تصدقوا كذابين يقولون أن الشاعر يمكن أن ينسلخ عن تراث لغته، هؤلاء كذابون”.

عبلة الرويني مع زوجها أمل دنقل

من جهة أخرى ألقت زوجته الأستاذة عبلة الرويني، كلمة عبرت فيها عن سعادتها بالاحتفال بميلاد الشاعر، الذي حسبما ذكرت لم يحتفل بعيد ميلاده سوى مرة واحدة وأخيرة. فلم يعرف هذا الطقس الاجتماعي إلا من خلال جابر عصفور حينما أصر أن يحتفل بعيد ميلاده وأخذه في سيارته ليتجول في شوارع القاهرة في وقت اشتد عليه المرض، كان هذا الاحتفال أول وآخر احتفال، لكنها قالت” كان يحتفل بميلاد القصيدة، فقد كان من المعتدين بموهبتهم لكنه لم يحب قراءة أشعاره، وفي أوقات كثيرة كان يقرأ أشعار حجازي وعبد الصبور ويستعرض ذاكرته الحديدية”.

عيد ميلاد دنقل الوحيد مع زوجته وابنه

واستطردت” لم يشغل أمل نفسه عن كتابه الشعر بأي شيء آخر حتى كتابه النثر، فكانت له مقالات معدودة، هي أربع مقالات عن أسباب نزول القرآن، وواحدة عن صلاح عبد الصبور، وواحدة عن عبد المعطي حجازي”.
وقالت” لم يكن لأمل منزل وكان يتنقل بين منازل أصدقائه، وبالتالي لم تكن لديه مكتبه لكن كانت هناك أربعة كتب تلازمه، منها القرآن الكريم. كان يقرأ التاريخ وكانت تلك أهم قراءاته”. وأضافت” قصائد أمل أثرت في كل الشعراء حتى المناهضين لها، فالشاعر الحقيقي هو فاعلية القصيدة وقدرتها على الحضور، فقد عبرت قصيدة أمل اللحظة التاريخية وتجاوزت ذلك”.


إعلان