فيلم “الزيارة” لصاحب الطابع من وثائقي إلى روائي

“يوسف في الثلاثينات من العمر ، يقود الحياة وحيدا. ومأساة عائلية وقعت في طفولته لتصنع منه طفلا يتيما وفاقدا للذاكرة. ولكن فرصة لقائه مع فتاة جذابة وغامضة في منزل غريب تفتح أمامه الوله بسبر الماضي و فتح ثغرة على النسيان الذي تملكه. ثم تبدأ رحلة البحث عن الذات…”

هذه هي خلاصة الفيلم الطويل “زيارة” للمخرج التونسي نوفل صاحب الطابع الذي يستعد لإنجازه. وأوضح صاحب الطابع لموقع الجزيرة الوثائقية أن التصوير سيبدأ في تونس خلال نصف فيفري القادم أما أمكنة التصوير فلم يقع تحديدها بعد لكن ستنقسم مبدئيا بين العاصمة تونس و القيروان.

يقول المخرج نوفل صاحب الطابع:”مع هذا الفيلم كنت أرغب في تناول مسألة البحث عن الهوية من خلال حياة العذاب التي يخوضها، يوسف، في قطيعته مع الواقع.
في هذه الدراما النفسية، ورحلة البحث عن الهوية يكتشف المشاهد من خلال شخصية يوسف أن مجتمعة ينقسم إلى  دولتين الأولى عقلانية و الثانية غير منطقية. ولكن هذا التناقض الكبير يجعل مسألة الفصل بين العالمين صعبة ومرهقة. وأنه في هذا الخط الوهمي الرقيق بين العقلانية واللاعقلانية هو نفسه السعي من أجل يوسف الهوية.”
 

ألعاب الصطنبالي

ويضيف صاحب الطابع :” وقلما رأينا من قبل  فيلما من هذا النوع. ما أطمح إليه حقيقة هو أن أترك للمشاهد أن يعطي تفسيره الخاص أو روايته الشخصية  للأحداث، وفقا لمعتقداته الشخصية أو  تفسيراته العلمية لأن الطابع العام للشخصية  هو أن يوسف مصاب بالفصام، و البحث عن معنى الوجود هو بمثابة دليل للمساعدة في بحثه عن الهوية؟
  

صاحب الطابع يواصل تأثره بطقوس الصطمبالي

فيلم الزيارة يلتقي في جزء كبير منه بالفيلم الوثائقي الذي أنجزه نوفل صاحب الطابع منذ عشر سنوات حول الصطنبالي في تونس و في هذا السياق يؤكد نوفل صاحب الطابع للجزيرة الوثائقية :” إن الاعتقاد في وجود الأرواح كانت دائما حقيقة مستخدمة على نطاق واسع في الثقافة الشعبية لشمال أفريقيا. لكن هذه الفكرة لم يتم بعد استغلالها بالشكل الكافي. وبهذا المعنى أعتقد أن الفيلم سوف يستحوذ على اهتمام جمهور واسع، سواء في المغرب العربي وأفريقيا وحول العالم.”
 
وأخيرا، فإن وجود فن الصطمبالي في  سيناريو المخرج التونسي نوفل صاحب الطابع  هو بمثابة  تطوير  هذا التراث الثمين، سواء المنحى الروحي أو بالنسبة للتنمية الثقافية للأقلية السوداء تونس. وعلى الرغم من أن هذه الطقوس ليست منتشرة بقوة  فإن صاحب الطابع  يؤكد على قيمة  الهوية الإفريقية في تونس، ويعتبرها ذات روابط تاريخية وثقافية مع بقية بلدان  إفريقيا.

عازف الصطنبالي 

الصطنبالي لغة الجسد

في تعريفه للصطنبالي يوضح المخرج التونسي نوفل صاحب الطابع بأن هذا الفن هو ثقافة الزنوج الذين رحلوا عن بلدانهم الإفريقية واستقروا في تونس. و يحتفل الزنوج بالصطنبالي لتعظيم أرواح أجدادهم الأفارقة وهم بهذا النوع من الطقوس يرجون درء الشر وتسكين الآلام لدى الإنسان.

وما يغريك في هؤلاء أنهم بقوا محافظين على عاداتهم وثقافتهم هذه رغم أنه فن يعود إلى ما قبل ظهور الإسلام.
الصطنبالي تعبير للروح عن كل معتقداتها وقد ظهر في تونس في القرن السابع عشر لكن هذا النوع  من الفنون تأثر لاحقا بالثقافة الإسلامية المغاربية وأصبح يلتقي معها  أحيانا و يأخذ منها و يتأثر بها أحيانا أخرى.

أما عن تسمية الصطنبالي فهي مشتقة عن اسطنبول عاصمة الإمبراطورية العثمانية  من حيث أتى أيضا باش أغا الشخصية المحورية التي ساهمت في دعم هذا الفن و إقحامه في العادات الصوفية الشعبية .

المراة في طقوس الصطنبالي

ويقوم فن الصطنبالي على الموسيقى والرقص. حيث تمتزج الموسيقى من أصول افريقية مع رقصات الجسد وتتحول إلى اختمار يقال إنه دواء  للأرواح المريضة و إبعاد الشر.و مع تصاعد وتيرة الموسيقى و قوة الإيقاع ينتفض الجسد انتفاضاته المجنونة و يبدو لك انه خرج عن السيطرة ليهوي في نهاية العرض خائر القوى.
أما عن الأماكن التي ينتشر فيها فن الصطبالي فهي زاوية سيدي سعد في مدينة مرناق التونسية وسيدي عبد السلام وسيدي فرج والسيدة المنوبية. كما يوجد في زوايا أخرى في محافظات الجنوب التونسي مثل  صفاقس ونفطة .


إعلان