وثائقي يقدم صنفا آخر من مجاهدي الثورة الجزائرية

مبروكة خذير – تونس

افتتاح أيام السينما الجزائرية بتونس رجع بنا هذه السنة لسنوات القهر و الاستعمار.افتتاح جاء متناغما مع كل هذه الضجة الراهنة حول أحقية البلدان المغاربية في اعتذار رسمي من فرنسا عن سنوات ال��عاناة في بلد المليون شهيد الجزائر و كذلك تونس .

شارة البداية في هذه التظاهرة السينمائية التي بدأت مساء السبت الممطر بتاريخ 13 فبراير الجاري و تتواصل إلى حدود الأحد 21 من نفس الشهر كانت بإمضاء المخرج الشاب سعيد مهداوي في فيلمه الوثائقي “سينمائيّو الحرية” الذي وصف بدقة وصرامة كيف كانت الكاميرا سلاحا مثلها مثل البندقية في حرب التحرير الجزائرية.
و يصف هذا الشريط الذي جاء متضمنا للعديد من الوجوه السينمائية و السياسية كيف التحق سينمائيون مولعون بالحرية بتونس بالفترة الممتدة بين 1956 و 1962 للانضمام للثورة الجزائرية و مساندة الكفاح بالصورة و الصوت. ليذكرنا صاحبه بحقبة من الاحتلال نريد أن ننساها و يريد بعضهم اليوم تأجيج نار المطالبة بالتحقيق في ملابساتها و الاعتذار عن بشاعة مأساتها.

المخرج رشيد بوشارب

“ياسمينة” باكورة سينما الكفاح الجزائري

قبل عرض “سينمائيو الحرية ” لسعيد مهداوي عرض فيلم جمال شندرلي الذي كان من أوائل الأشرطة التي أنجزت حول بشاعة الاستعمار الفرنسي للجزائر.و كانت “ياسمينة” الطفلة اللاجئة في الحدود التونسية الجزائرية بذرة مصغرة لسنوات اللجوء و التهجير و الضياع التي عاناها شعب الجزائر فتجلت فيها وحشية الاستعمار لتبلغ ذروتها في أحداث ساقية سيدي يوسف.هذا الشريط كان واحدا من بين الأشرطة العديدة التي  اهتم لها مخرج “سينمائيو” التحرير”لسعيد مهداوي  الذي أنجز في سنة 2009 .

فيلم “سينمائيو التحرير “قدم بكل دقة كيفية تطور الفن السابع في خدمة الجهاد ضد المستعمر الفرنسي.
فمن الصورة الفوتوغرافية الثابتة التي وثقت أحداث شنيعة، إلى الفيديو و الكاميرا التي خلدت لحظات واقعية من الاحتلال.لحظات دفع من أجلها الصحافيون السينمائيون المتسللون إلى جبهات التحرير سنوات من السجن        و المنفى.

حسب السرد الروائي للأشرطة السينمائية التي وثقت للثورة التحريرية الجزائرية .كانت البداية مع جمال شندرلي السينمائي الجزائري الذي  التحق بتونس في 1957 لينقل من ميدان الكفاح صورة ياسمينة المعذبة ثم التحق بشندرلي سينمائيون شباب أمثال الأخضر حمينة و أحمد راشدي اللذين عرفا بعد استقلال الجزائر مجدا سينمائيا كبيرا.

“سينمائيو الحرية ” كشف للمشاهد أيضا معطى هاما لم نكن لنعرفه عن تلك الفترة.فقد كان هناك من بين السينمائيين الفرنسيين من كانوا ضد الاستعمار الغاشم.و يذكر الشريط على لسان الشخصيات المتحدثة أن هناك مناضلون متطوعون مثل الفرنسيين روني فوتيي و بيار كليمان و الألماني الشرقي كارل غاص                   و السربي لابوديف ممن حاولوا تحت النار تغطية الهجمات و توثيق الأحداث الدامية التي ارتكبت في حق الشعب الجزائري.

اعتمد الشريط الوثائقي على كل الموروث من الصور و الأفلام المصورة في تلك الفترة  فكانت الصورة تكمل اللقطة و كانت التصريحات تفسر بدقة التسلسل الزمني لتطور دور السينما في التعريف بالثورة الجزائرية حتى أن الأفلام التي أنجزت في ذلك الزمن عرضت على هامش دورة الأمم المتحدة المخصصة للمسألة الجزائرية    و كانت  كفيلة بأن تفتح الأبواب أمام قضية بشعة لم يكن العالم ليدرك خطورتها لولا ميلاد صحافة سينمائية تكشف بكل الوسائل و الطرق المتاحة ما يجري في أرض الجزائر المحتلة.

في سهرة الافتتاح تعبت أعين المشاهدين من متابعة فيلم سعيد مهداوي في نسخة سيئة للغاية مشوشة  .و إذ صرح مهداوي أنه لم يجد في قاعة دار الثقافة ابن رشيق التي تحتضن هذه التظاهرة  آلة للعرض تتماشى مع النسخة الأصلية التي جلبها معه من الجزائر فقد كان الجمهور معجبا بهذا الشريط الذي كشف حقيقة واحدة هي أن الكاميرا أيضا سلاح قد تفوق قيمته قيمة بندقية المجاهد الجزائري الذي دفع دماءه من أجل استقلال الجزائر.

أفلام أخرى خلال الأسبوع

 “عودة إلى الجذور” هذا هو شعار أسبوع الفيلم الجزائري بتونس.و قد حاول منظمو الدورة أن تكون الأفلام المنتقاة متناغمة مع هذا الشعار لتنقل بانوراما من معيش الشعب الجزائري سواء ذاك الذي نحت ثورته السينمائية تحت وطأة المستعمر أو ذاك الذي  ينحتها اليوم بعد الاستقلال .إذ يشهد الكثيرون أن السينما الجزائرية لم تحد عن التزامها في خدمة صورة الجزائر و ثورتها.

أما أفلام الدورة الأخرى فمنها “ريح الأوراس”  لمحمد الأخضر حمينة الذي توج بجائزة العمل الأول في إحدى دورات  مهرجان كان السينمائي.و كذلك سيشاهد جمهور السينما الجزائرية شريط المخرج أحمد راشدي “العفيون و العصا” و “عطلة المفتش الطاهر ” لمخرجه موسى حداد إضافة إلى شريط ” الرحلة إلى الجزائر” للمخرج عبد الكريم بهلول الذي سيكون حاضرا خلال الأيام.

من فيلم (الحراقة)

السينما النسوية الجزائرية أيضا لها نصيبها في أسبوع الفيلم الجزائري بتونس حيث ستحضر المخرجة يامينة بشير شويخ بفيلمها رشيدة الذي يتحدث عن معلمة جزائرية شابة تتعرض للاختطاف من قبل جماعة إرهابية انظم إليها أحد تلامذتها .و يطلب من المعلمة وضع قنبلة بمدرستها و ترفض متحدية كل أنواع التهديد.

أما المخرجة الجزائرية نادية شرابي فستقدم للجمهور التونسي فيلمها الذي أنجزته في سنة 2007 بعنوان
 ” وراء المرآة ” والذي يقدم قضية مسكوتا عنها في المجتمع الجزائري و هي الأمهات العازبات .

كما سيؤثث أسبوع السينما الجزائرية بفيلمين أخذا حظهما من التغطية الإعلامية و هما فيلم المخرج مرزاق علواش “حراقة” و “لندن ريفر” لرشيد بوشارب .


إعلان