أحمدالحسني:ترسيخ الوثائقي بمهرجان تطوان السينمائي
تطوان (شمال المغرب): أحمد بوغابة
أشاد السيد أحمد الحسني، مدير مهرجان تطوان الدولي لسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط وعضو المكتب التنفيذي لمؤسسة المهرجان ورئيس جمعية “أصدقاء السينما” بتطوان، بقناة الجزيرة الوثائقية، ومديرها السيد أحمد محفوظ، للدعم المادي والمعنوي الذي خصت به الدورة 16 للمهرجان والتي ستنطلق يوم 27 مارس الجاري بمدينة تطوان (شمال المغرب) وذلك خلال الندوة الصحفية التمهيدية التي عرض فيها البرنامج المُفصل والنهائي.
لقد أكد السيد أحمد الحسني أن الفيلم الوثائقي بدأ يحظى بنفس القيمة الفنية والثقافية والاعتبارية في فقرات المهرجان مع التغيير الجذري الذي عرفته هذه التظاهرة بعد سنة 2006 بتأسيس مؤسسة للمهرجان وبالتحول نحو الاحتراف التنظيمي حيث تم تخصيص فقرة بالفيلم الوثائقي والاحتفاء به وبأصحابه من خلال مسابقة رسمية تبناها المهرجان وعمل على تطويرها سواء بالجوائز أو بأمكنة العرض إذ لن تبق على هامش التظاهرة في أمكنة معزولة عن محيط المهرجان. وكان “من الطبيعي أن يلتقي المهرجان كإطار عربي فضلا عن كونه تظاهرة تنتمي جغرافيا لحوض المتوسط مع قناة الجزيرة الوثائقية كقناة عربية حول هذا الهم السينمائي المشترك” حسب ما صرح به لموقع الجزيرة الوثائقية مضيفا أنه “يعتبر هذا اللقاء – أي بين المهرجان وقناة الجزيرة – في الدورة الحالية هو مجرد لبنة أولى تم وضعها لتأسيس تعاون أوسع في المستقبل تحظى فيه القناة بمكانة موسعة ومتقدمة خاصة وأن مدير القناة السيد أحمد محفوظ سيشرف المهرجان كضيف فاعل إذ هو عضو لجنة التحكيم الرسمية للفيلم الوثائقي وستكون الجائزة الخاصة بلجنة التحكيم من تمويل القناة”
![]() |
أحمد الحسني مدير مهرجان تطوان الدولي |
يشارك في الدورة السنة الحالية 12 فيلما وثائقيا في المسابقة الرسمية وهي:
• “قال الشاعر” لنصري حجاج (فلسطين)
• “عادة” لتيل رويسكين (فرنسا)
• “العيش هنا” لمحمد زرن (تونس)
• “قصص عائلية” للويس مينيارو (إسبانيا)
• “جيران” لتهاني راشد (مصر)
• “الطريق الخطأ” لسالفو كوصيا (إيطاليا)
• “المهاجرون” لخوسي فيريرا (فرنسا/البرتغال)
• “الماء في الفم” لباسكالطيرود (فرنسا)
• طيور بلاد العرب” لدافيد يون (إسبانيا/فرنسا)
• “هشة” لريني ميتري (لبنان)
• “فتاح” لعبد النور الزياني (الجزائر)
• “غزة على الهواء” لأمير عبد الله (مصر)
ستنتقل هذه العروض لأول مرة إلى القاعة الرسمية للمهرجان وهي “سينما أبينيدا” بعد أن كانت تُعرض في المعهد الثقافي الفرنسي في شروط غير ملائمة وغير مريحة وبذلك يحقق الفيلم الوثائقي في الدورة 16 انتصارا لهذا الجنس السينمائي الذي لا تقل أهميته عن الفيلم الروائي. وهذا الانتصار، هو أيضا استجابة لتوصية لجنة التحكيم السنة الماضية حيث تفاعلت معها إدارة المهرجان بسرعة وبدون تردد وبوعي احترافي لكونها في صميم التطور السينمائي للتظاهرة إذ كانت اللجنة قد طالبت بضرورة العناية بالفيلم الوثائقي بتوفير شروط العرض الجيدة خاصة وأن اختيار الأفلام كان موفقا لكنها ضاعت قيمتها الإبداعية بعدم تأهيل فضائها.
كما أضاف السيد أحمد الحسني، مدير المهرجان، في تصريح لموقع الجزيرة الوثائقية بأن “العروض السينمائية للأفلام الوثائقية المُبرمجة في المسابقة الرسمية في السنة الجارية ستتم بالتناوب مع الأفلام الروائية في القاعة الرسمية حتى يتسنى للجمهور والضيوف مشاهدتها كلها في الوقت المناسب لها وبذلك لن تُحرم من اللقاء المباشر والتفاعل معه”
وعليه، فمهرجان تطوان الدولي لسينما البحر الأبيض المتوسط قد تبنى في الشكل والجوهر الفيلم الوثائقي، وأصبح يشكل ركيزة أساسية في نشاطه السنوي ويفكر فيه ببعد استراتيجي لفتح له الآفاق بالمغرب، وبذلك لم يعد مجرد فقرة تكميلية كما كان في الدورات السابقة الحديثة العهد.
الجوائز المخصصة للفيلم الوثائقي لا تتجاوز ثلاثة وهي الجائزة الكبرى لمدينة تطوان، الجائزة الخاصة بلجنة التحكيم (تمولها قناة الجزيرة الوثائقية)، جائزة قناة تي في 5.
• وللفيلم الروائي مسابقته ولجنته
الفيلم الروائي (الطويل والقصير معا) الذي بدأت المسابقة به سنة 1999 يتضمن هذه السنة 12 طويلا و17 قصيرا تمثل الخريطة الجغرافية لحوض البحر الأبيض المتوسط في مجملها بدء بالمغرب وصولا إلى إسبانيا مرورا بتونس ومصر وفلسطين وسوريا ولبنان وتركيا وألبانيا واليونان سواء للطويل أو القصير.
أما الجوائز المخصصة له فهي لا تتجاوز ثلاثة بالنسبة للفيلم القصير مثلها مثل الفيلم الوثائقي (الجائزة الكبرى وجائزة لجنة التحكيم وجائزة الإبداع) بينما جوائز الفيلم الطويل تصل إلى ستة جوائز (الجائزة الكبرى لمدينة تطوان والجائزة الخاصة بلجنة التحكيم التي تحمل إسم المخرج المغربي الراحل محمد الركاب وجائزة العمل الأول التي تحمل إسم المخرج الجزائري الراحل عز الدين المدور وجائزة أحسن دور رجالي ونسائي ثم جائزة الجمهور).
ستعيش مدينة تطوان، على امتداد أسبوع كامل، في جو سينمائي بحيث تتوزع العروض والندوات واللقاءات والورشات والمحترفات على أهم الفضاءات الثقافية المنتشرة بالمدينة بدء بقاعة “سينما أبينيدا” (القاعة الرسمية لأفلام المسابقة) والتي يرجع تاريخ بنائها إلى سنة 1945 وكذا قاعة “سينما إسبانيول” التي تُقام بها أيضا حفلات الافتتاح والاختتام والتكريمات والتي يرجع تاريخ بنائها إلى سنة 1916 (1100 مقعد) إلى جانب دار الثقافة والمعهد الوطني للفنون الجميلة والمعهد الثقافي الفرنسي.
لا تقتصر العروض السينمائية على أفلام المسابقة الرسمية بل يتضمن البرنامج أيضا عروضا ضمن فقرات أخرى توازي المكرمين مثلا بحيث سيتم هذه السنة تكريم الممثل المغربي محمد البسطاوي والممثلة الإيطالية كللاوديا كاردينالي والتركي رها إيرديم والسوري أيمن زيدان والمصري محمود عبد العزيز.
أما السينما التي ستحل ضيفة على المهرجان في دورته 16 فهي السينما الشيلية الجديدة إلى جانب عروض أخرى لأفلام مُنتجة في السنة الماضية في إطار احتفاء خاص بها نظرا لما حُظيت به من اهتمام إعلامي أو من طرف بعض المهرجانات والتي لم يتم اختيارها للمسابقة الرسمية، وفي آن واحد، يقول مدير المهرجان السيد أحمد الحسني، لا ينبغي حرمان جمهور مدينة تطوان وزوارها إبان المهرجان منها كفيلم “نبي” لجاك أوديار الذي حصل على 9 جوائز “سيزار” للسينما الفرنسية، وفيلم “ما تبقى من الزمن” للمخرج الفلسطيني إيليا سليمان وغيرها من الأفلام التي تتجاوز 9 أفلام.
وبما أن إدارة المهرجان تنتظر أزيد من 50.000 متتبع، واستدعت أكثر من 200 ضيف من بينهم 100 أجنبي عن المغرب، ارتأت أن تحتفل بالسينما المغربية الجديدة للعقد الأخير حتى تتيح لهم اكتشافها أو إعادة مشاهدتها لفتح نقاش جديد حولها قبل وبعد الندوة المخصصة لها بحضور فعاليات سينمائية مغربية ومسؤولين على القطاع السينمائي بالمغرب من مؤسسات رسمية ومهنية.
عشرون فيلما مغربيا طويلا وأربع أفلام قصيرة مُبرمجة في مختلف فقرات المهرجان الدولي لسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط للسنة الجارية ولا يوجد بينها فيلم وثائقي مغربي واحد وبالتالي يطرح علامة استفهام كبيرة حول مصير هذا الجنس السينمائي بالمغرب الذي لم يفلح بعد في فرض وجوده كقوة سينمائية وأن يتجاوز ظهوره العابر بين حين وآخر. (لا يوجد فيلم مغربي ضمن المسابقة الرسمية لفيلم الوثائقي هذه السنة).
ولا ندري لماذا لم تنتبه مؤسسة المهرجان لهذا الخلل في عدم برمجة أفلام مغربية وثائقية ضمن بانوراما السينما المغربية المقررة خاصة وأنه ظهر خلالها فيلم “أماكننا الممنوعة ” لليلى الكيلاني و”حرفة بوك” (أو تلك الأيادي) لحكيم بلعباس، الفائز في السنة الماضية من نفس المهرجان بالجائزة الثالثة. وقد أثرنا الموضوع مع مدير المهرجان في الندوة الصحفية المُشار إليها دون أن نحصل على جواب مقنع وهو ما يفسر الإغفال الذي حصل بدون وعي من لدن المهرجان لكون مازال الفيلم الوثائقي لم يصبح في المغرب معطى ملموسا بحيث غالبا ما يتم الحديث فقط على الفيلم الروائي كإبداع سينمائي فيغفلون الجنس الوثائقي.
![]() |
منظر عام لمدينة تطوان التي تحتضن المهرجان |
• رُبع قرن من حياة مهرجان تطوان
مهرجان تطوان لسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط هو من أقدم المهرجانات السينمائية بالمغرب بعد مهرجان السينما الإفريقية بمدينة خريبكة (سنة 1977) والمهرجان الوطني للفيلم المغربي (سنة 1982).
فقد تأسس سنة 1985 من لدن جمعية “أصدقاء السينما” حيث كان في البداية يعتمد على الثنائية في الموضوع بتنظيم عروض تجمع الإنتاج المغربي بأحد البلدان الأوروبية (المغرب/إسبانيا) و (المغرب/فرنسا) قبل أن يتخذ لنفسه هوية جغرافية لبلدان البحر الأبيض المتوسط ابتداء من سنة 1988 وكان يُنظم كل سنتين بدون مسابقة بل كان يطغى عليه البعد الثقافي المحض ويُسمى حينها “ملتقى”.
في الدورة الحادية عشر (سنة 1999) ستعرف التظاهرة تحولا جديدا في منظومته وهيكلته وفي خط تحريره بتخليه عن صفة “الملتقى” ليلبس الصيغة الجديدة ل”المهرجان” متضمنا مسابقة رسمية للأفلام الروائية الطويلة والقصيرة.
سيعرف المهرجان مشاكل مالية كثيرة في الألفية الجديدة بسبب تراجع بعض المؤسسات الرسمية والخاصة في التزامها تُجاه المهرجان فلم تُعقد الدورة الثانية عشرة سنة 2003 وكادت تعصف بهذه التظاهرة وتعلن وفاتها إلا أن الفينق انبعث من رماده بصيغة جديدة تتجسد في تأسيس مؤسسة جديدة للمهرجان تتشكل من جميع الهيئات الوطنية والإقليمية والمحلية ومن وزارات وغرف مهنية لإنقاذ المهرجان ولم تعد الجمعية – جمعية أصدقاء السينما – المُنظمة سابقا إلا جزء من تشكيل المجلس الإداري والمكتب التنفيذي والكتابة الدائمة للمهرجان المسؤولة على الجانب الفني والثقافي. كما تقرر أن يصبح سنويا عوض كل سنتين.
وترأس – ومازال – مؤسسة مهرجان تطوان الدولي لسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط السيد نبيل بنعبد الله الذي كان حينها وزيرا للاتصال وشغل مؤخرا منصب سفير المغرب بإيطاليا.
يعيش هذا المهرجان من خلال المؤسسة المذكورة نمطا جديدا من العمل وإن لم يُغير من جوهر الاختيارات السينمائية اللهم الانفتاح على الفيلم الوثائقي الذي ظهر بشكل محتشم قبل ثلاث سنوات على هامش المهرجان ليأخذ هذه السنة المكانة التي يستحقها والذي سيصبح في المستقبل من أهم فقراته.