وثائقي عن المؤذنين في مهرجان الفيلم النمساوي

حسونة المنصوري

ينظم حفل السينما النمساوية كل سنة منذ 1998 بمدينة غراتز وهي ثالث مدينة من حيث الحجم بعد لينتز وفيينا. وتسمية هذاالمهرجان ذات دلالة مهمة فدياغونال تعني فكرة ان تلقي نظرة شاملة وسريعة على واقع السينما  في هذا البلد فقد أسس هذا المهرجان على خلفية أن يكون مساحة لتلاقي المهنيين والتحاورحل سبل النهوض بالقطاع. لم تمر الا بعض السنوات حتى أضحى هذا الحدث موعدا مهما للفن السابع في النمسا وزاده قيمة الحظور المتزايد للضيوف من خارج هذا البلد مما أعطاه بعدا دوليا.
كان للسينما النمساوية سنة 2009 حضورا عالميا متميزا مما أعطى لدورة 2010 للدياغونال طابعا خاصا. فهل يمكن الحديث عن الجديد في السينما العالمية الآن دون الاحالة الى فلم الشريط الأبيض لميخائيل هاناكا الحائز عى السعفة الذهبية لمهرجان كان الدولى منذ ما يقارب السنة. وزاد تألق نفس الفلم عندمااختاره نقاد العالم من خلال الجامعة الدولية للصحافة السنمائية كأفضل فلم لسنة 2009.
نجم آخر من أبناء البلد استهل هذه الدورة وهو لايقل قيمة الا وهو الممثل القديركلاوس ماريا برانداور. لقد اقترن وجه هذاالممثل بأدوارالرجل الشرير لسنوات طوال. وتقديرا لمجمل أعماله قدم له المهرجان جائزة تقديرية في بداية الدورة تتزامن مع بروزه في دورالأب الشرير الذي لارحمة في قلبه تجاه ابنه في تيترو الفلم الجديد للمخرج المبدع فرانسيس فورد كوبولا وهو من الأفلام التي شغلت المهتمين بعالم الفن السابع عن قرب منذ عرضه الأول في مهرجان كان العام الماضي.
لكن يبقى هذا ماظهرفقط من الانتاج السينمائي في النمسا فماخفي كان أكثر من فلم متألق وأسماء جديدة بصدد النمو والتكاثرفي قطاع منظم ومتجدد. قدم الى لجنة اختيارالأفلام ما لا يقل عن 500 فلم من كل الأجناس. والكثيرمن هذه الأعمال تعرض لأول مرة عالميا أومحليا  في مدينة غراتز. ومنذ سنتين فتح المجال الى مشركات غيرنمساوية من حيث الاخراج ولكن تمت الى النمسا من ناحية الانتاج مما يعطي فكرة عن الأشكال المختلفة لحظورها دوليا.
ومن أهم الأفلام التى لاقت نجاحا ملحوظا هذه السنة البافلينا لتيزا كوفي وراينر فريميل وفلم لورد لجيسيكا هاوسنر.حاز الأول على الجائزة الكبرى لأفضل فلم لهذه السنة فيما نال الثاني جائزة أفضل سيناريو من تأليف توماس بلوخ. ويلقى الفلمان نجاحا كبيرا خارج النمسا أيضا حيث حصل البافلينا على الجائزة الأولى في مهرجان أنجيرز بفرنسا في شهر فيفري الماضي .أما لورد فقد شارك في أكبرالمهرجانات العالمية من روتردام بهولندا الى تورونتو بكندا.
أما في ما يخص الأفلام الوثائقية والنمسا من أهم المنتجين لهذا الجنس من الافلام فالمسابقة كانت على قدر عال من الجودة وخاصة الاختلاف. والمتأمل للمسابقة فقط يلاحظ الاهتمام الكبير لدى المخرجين بمناطق بعيدة جدا عن الرؤية المركزية للعالم ورغبتهم التي لاتقاس في تقصير المسافات بين الشعوب والثقافات. فقد يذهب بك البعض الى شرق العالم لمرافقة لاعبات كرة القدم في كوريا الشمالية  ويحملك البعض الآخر الى أمريكا الجنوبية منتقلا من المكسيك الى نيكاراغوا الى البيرو طارحا مشاكل التنمية في هذه الربوع وقد يحملك آخرون الى مرافقة قوافل النساء فمنطقة طوبو أي الصحراء التي تلتقي فيها أربع دول افريقية : مصر، ليبيا، التشاد والنيجر. وأخيرا قد يحملك آخر في رحلة بين الفن والدين رفقة المؤذنين الأتراك المشاركين في المسابقة السنوية لجائزة أفضل مؤذن في تركيا كلها.

المؤذن..دين وصوت مؤنس وتكوين موسيقي وعلمي حديث

 ولأن المهرجان كان وطنيا فانه يحمل المشاهد الى ربوع بعيدة من العالم من خلال شهادات مثيرة عن تجارب انسانية مختلفة تكسوها نظرة سوداوية في أغلب الأحيان. وهنا لقوافل النسوة فلم المخرجة ناتالي بورجير أو مؤذن لسيباستيان برامشوبير مكانة خاصة. فالأول يصور حياة النسوة في طوبو كيف يعشن من عملهن كتاجرات  قوافل مكان الرجال. أما الثاني فيرافق المتنافسين في مسابقة الآذان منذ تكوينهم وتتدربهم وحيواتهم اليومية الى المسابقة وفوز البعض وخيبة الآخرين. والمهم في طرح المخرج هو تقديم المؤذن كعمل يجمع ليس فقط بين الدين والتقليد ولكن كتكوين موسيقي وعلمي حديث. في هذه الاعمال اذن حس مرهف بالاختلاف وبحث عن ألوان الحياة المتعددة وفي ذلك اعادة قراءة لأحكام مسبقة عن استعباد المرأة مثلا أو عن عدم اقتران الدين بالعلم والمعرفة. ولعل الطريف أن يأتي هذا من مخرجين بعيدين كل البعد، على الأقل موضوعيا، عن مواطن هذه الممارسات واشكال الحياة.


إعلان