إنتاج الوثائقية: نزار قباني .. جديد بصمات

نزار قباني… الشاعر الذي نقول فيه ما قاله ابن رشيق عن المتنبي “لقد ملأ الدنيا وشغل الناس”.. وأصبح الشاعر الأشهر نخبويا وشعبيا خلال النصف الثاني من القرن العشرين.. بل وأسس لنفسه مدرسة اقتدى بها الكثير من الشباب الصاعد. إنه أيقونة الشعر الحديث. ارتبط اسمه بالمرأة والبطولة كما ارتبط بالوطن والمجتمع والشعوب واتصل شعره بالقصيدة القديمة مثلما اتصل بالتجديد في النص الشعري أنشد المراهقون والمحبون شعرهم لحبيباتهم كما أنشد الثوار والمناضلون قصائده غنى شعره جيل العمالقة من الفنانين وغنته الأجيال المتعاقبة على ساحة الغناء العربي…

لهذا وذاك لا يمكن لسلسلة بصمات التي تبثها الجزيرة الوثائقية أن تنسى نزار قباني فخصت له حلقة ستعرض الخميس على الساعة 21 بتوقيت مكة المكرمة 18 بتوقيت غرينتش. ويعاد بثها على مدى الأسبوع في أوقات مختلفة.

الفيلم من إخراج المخرج السوري الشاب مهند ماهر وإعداد الأديب علي الكردي. ويمثل سفرا لطيفا في طفولة الشاعر وحياته الدمشقية قبل أن ينطلق سريعا في محطات متنوعة توقف عندها نزار وقال شعرا. وهي محطات فيها كثير من الأمل وكم كبير من الألم كموت زوجته وابنه ومن قبلهما رؤيته جثة أخته المنتحرة وهو لا يزال طفلا… وقد ربط الفيلم بأسلوب سلس وجذاب بين ما رآه الشاعر في حياته وما قاله في شعره.. وكم قال نزار وكم أنشد وكم امتلأت حياته بالأحداث والصور…

الفيلم مجموعة من المحطات والرحلات من الحياة إلى الشعر ومن الشعر إلى الحياة.. وبين كل محطة ومحطة قطرة ماء تنزل من عين في حي نزار الدمشقي القديم. وقد كان اختيارا جماليا موفقا من المخرج أن يفصل بين كل مرحلة ومرحلة من حياة الشاعر وكل فقرة وفقرة من الفيلم بقطرة ماء.. لما للماء من رمزية الحياة والاستمرار والارتواء.. وكل هذه المعاني لصيقة بنزار قباني الإنسان والشاعر.. فهو شاعر الحياة والارتواء والاستمرار..
ومثلما أن قطرة الماء لا تروي بل تبلل الشفاه والحلق فإن صور الفيلم لا تروي شهية المتلقي حول بحر نزار المتلاطم.. لأن الفيلم أراد أن يكون قطرة ماء تبلل ولا تروي وتغري المشاهد نحو الجري وراء مصدر الماء أي شعر نزار…


إعلان