“أقلام أسيرة”.. وثائقي عن ذاكرة الصحافة الفلسطينية
أنهى المخرج الفلسطيني مهند صلاحات تصوير المادة الخاصة بالفيلم الوثائقي “أقلام أسيرة” والذي من خلاله يرصد تاريخ الصحافة الفلسطينية عبر ما يزيد عن 130 عام، حيث يتناول تاريخ الصحافة الفلسطينية منذ نشأتها الأولى وحتى اليوم.
وفي تصريحات للجزيرة الوثائقية قال المخرج صلاحات، المقيم في عمان، أن الفيلم يسعى لتأريخ الصحافة الفلسطينية في مدينة القدس تحديداً وباقي المدن الفلسطينية.
وأضاف: “سيبدأ الفيلم مع أول صحيفة حكومية عثمانية ظهرت في مدينة القدس عام 1876، والتي كانت تدعى في ذلك الوقت “صحيفة القدس الشريف” وصولا إلى اللحظة الراهنة في فلسطين اليوم.
الفيلم الذي بدأ صلاحات في عملية المونتاج الخاصة له في الأردن يقسم الصحافة الفلسطينية إلى خمسة مراحل زمنية مرتبطة بالأحداث السياسية والتاريخية التي مرت على فلسطين. وعن ذلك يقول صلاحات أن المرحلة الأولى تبدأ في القدس الشريف عام 1876 وحتى الحرب العالمية الأولى، في حين تبدأ المرحلة الثانية من الحرب العالمية الأولى ووعد بلفور وسقوط الإمبراطورية العثمانية إلى نكبة عام 1948 وهي مرحلة اللإنتداب البريطاني على فلسطين.
أما المرحلة الثانية فتبدأ من ما بعد النكبة وصولاً لنكسة عام 1967 واحتلال الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية، أما المرحلة الرابعة وهي مرحلة ما بعد 1967 وصولاً إلى توقيع اتفاق أوسلوا وقيام السلطة الوطنية الفلسطينية، في حين تشتمل المرحلة الخامسة على مرحلة قيام السلطة الفلسطينية وحتى اليوم.
الصعوبات التي واجهت المخرج صلاحات وفريق عمله كانت كثيرة وتحديدا في ظل رغبته التوثيق لمرحلة تاريخية طويلة نسبيا وعن ذلك يقول أن أبرزها تمثل في صعوبة الوصول لأرشيف الصحافة الفلسطينية سواء صحف أو مجلات أو تسجيلات صوتية أو غيرها حيث لقد لعبت ظروف الاحتلال والتهجير والتدمير التي لحقت بالأراضي الفلسطينية إبان الاحتلال الإسرائيلي دورها الكبير في أختفاء ثروة هائلة من الأرشيف الفلسطيني”.
ويضيف صلاحات: “الصعوبة كانت ظاهرة منذ البداية بدلالة ندرة الدراسات التي انجزها الباحثين والدارسين والكتّاب الفلسطينيين حول نفس الموضوع”.
![]() |
وهو ما دفع صلاحات إلى الاعتماد على الشهادات الحية للكتاب والمعاصرين للصحافة الفلسطينيية ليحتلوا جانباً كبيرا من بناء الفيلم”.
والفيلم يعتمد في ضوء ذلك على شهادات مجموعة كبيرة من هؤلاء ومنهم أبو خالد البطراوي رئيس تحرير صحيفة الفجر التي كانت تصدر بالقدس، وكذلك “عمير دعنا” الذي يعتبر أقدم بائع صحف ومجلات في فلسطين والذي بدأ بمهنة بيع الصحف والمجلات في القدس منذ ثلاثينيات القرن الماضي وظل حتى اليوم يبيع الصحف في كشكه في باب العامود بالقدس، ورئيس تحرير صحيفة “الحياة الجديدة” الكاتب والصحفي حافظ البرغوثي، ونقيب الصحافيين الفلسطينيين الدكتور “عبد الناصر النجار” جورج قنواتي مدير راديو بيت لحم وأحمد مروات مدير الأرشيف الفلسطيني بالإضافة لعدد آخر من الباحثين والمختصين والأكاديميين الفلسطينيين.
الفيلم الوثائقي “أقلام أسيرة” صور في عدد من المدن الفلسطينية ابتداء من مدينة القدس ورام الله ويافا ونابلس والناصرة، إضافة إلى عدد من المواقع التي تشتمل على أرشيف للصحف والمجلات الفلسطينية الأولى ومحطات الإذاعة، بالإضافة لعدد من الشخصيات الإعلامية الفلسطينية سواء منهم من عاصر الصحافة الفلسطينية الأولى في المراحل التاريخية الأولى أو في مراحلها الحديثة.
كما سيستكمل الجزء الثاني من الفيلم في في العاصمة الأردنية عمّان، ليلتقي هناك بعميد الصحافة الفلسطينية فوزالدين بسومي وآخرون.
وعن خصوصية هذا الفيلم يقول المخرج صلاحات: “لقد ظهرت الصحافة في مدينة القدس مبكراً، مقارنة مع جاراتها من حواضر المشرق العربي حيث كان أول ظهور للصحافة في مدينة القدس التي كانت تشكل مركزاً للثقل السياسي الذي كانت تستمده من كونها مركزاً دينياً هاماً لدى المسيحيين والمسلمين”.
ويضيف أن الفيلم يعالج صحافة كانت الأولى عربياً من حيث النضج الكامل، والثالثة عربياً على مستوى النشأة، لكنها ظلت صحافة الكلمة المقيدة بسبب كونها عاشت أطول فترة زمنية منذ نشأتها وحتى اليوم في ظل الاحتلال تلو الاحتلال.
ويؤكد المخرج أن العمل الوثائقي ينطلق من القصص الإنسانية لحياة بعض العاملين بهذه الصحافة، فمثلاً يمكن استعراض قصة حياة الصحافي الفلسطيني “التسعيني” فوز الدين بسومي الذي يعتبر من رواد تلك الصحافة والذي بدأ العمل في صحافة يافا منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وما بعد نكبة عام 1948 استكمل العمل في الصحافة الأردنية حتى اليوم إضافة إلى عمير دعنا وأخرون.
كما سيتم التعرف على ظروف تلك الصحافة من حيث نشأتها، الظروف السياسية، دورها السياسي في الثورات والمراحل السياسية والنضال الوطني، كما نتعرض لبعض الاختراقات الصهيونية لها، وأيضاً نقف على نضجها وتوعيتها المبكرة بالدور الصهيوني في المنطقة.
والفيلم الذي يخرجه مهند صلاحات هو من إنتاج طيف للانتاج التلفزيوني والبحث والإعداد لعمار شولي.