مناضلون امميون “على سطح الماء” انتصارا لفلسطين

نقولا طعمة – بيروت

كما استطاع السيد المسيح السير على سطح مياه بحيرة طبريا لشدة إيمانه – على ما ورد في الأناجيل المعتمدة من الكنيسة المسيحية – لإنقاذ فلسطينييه، كذلك سلك مناضلون امميون سطح البحر المتوسط، الطريق الأقرب إلى فلسطين كخط مستقيم بين نقطتين- متجهين إلى فلسطين انتصارا لقضيتها الإنسانية العادلة. 

حملوا أمتعتهم على ظهورهم ومشوا. لم يغطوا وجوههم، فحرية فلسطين وعدالة قضيتها، معطى لا يحتاج لبرهان، ولا لخجل أو خوف.

مناضلون أمثال أيارا لي ولاورا أراو ومانويل تابيال لا يصنفون أنفسهم مناضلين، وقد لا يعرفون أنهم كذلك، لكنهم يقومون بمهمات عملية تفوق بأهميتها ووقعها كثيرون ممن يبحثون عن الألقاب.

في اسطول الحرية

أيارا ولاورا ومانويل شاركوا في اسطول الحرية، وكانوا على سطح السفينة مرمرة حيث وقعت المجزرة الإسرائيلية التي طاولت مجموعة من المشاركين الأتراك. كل كان في مهمته، وهم مثل كثيرين  صوروا ما حدث تصويرا حيا، لكن القوى الأمنية الإسرائيلية صادرت الأجهزة وبطاقات الذاكرة، إلا أن أيارا الأميركية تنبهت لخطورة الموقف، واحتفظت ببطاقة ذاكرتها في ثيابها الداخلية.

ويظهر الفيلم، الذي لم يخضع لمونتاج، لحظة هجوم الإسرائيليين على السفينة، حيث يُسمع صوت الرصاص الذي أطلق على ركاب السفينة بوضوح. كذلك، يعرض الفيلم لعمليات الإسعاف التي خضع لها المصابون. ويتضمن الفيلم صوت ناشطة وهي تخاطب الإسرائيليين قائلة “نريد مساعدة هؤلاء الأشخاص، لا تستعملوا العنف ضد المدنيين”.

واليوم، صار الفيلم دليلا قاطعا يجول به الناشطون الذين شاركوا في رحلة أسطول الحرية، لعرضه على الرأي العام في مختلف أنحاء العالم، ويعرضون الوحشية الإسرائيلية، وأنزلوا الفيلم على موقع الكتروني لمن رغب بالمشاهدة والإطلاع.

و كان مانويل ولاورا قد جالا بالفيلم على 20 منطقة إسبانية، كما كان للبنان حصة منه حيث جالا به على عدة أمكنة.

لاورا في برج البراجنة

فيلم وثائقي عن فلسطين

بالإضافة، فإن لاورا ودانيال يقومان مع فريق عمل على وضع فيلم توثيقي عن فلسطين وقضيتها.

وفي لبنان، يزوران المخيمات للتصوير والتوثيق لحياة الفلسطينيين، تمهيدا لوضع فيلم شامل عن فلسطين وشعبها، بالتركيز على ما يجهله العالم عن القضية.

وفي لقاء معها والفريق المرافق في برج البراجنة، تحدثت لاورا عن المهمة، والفيلم: “زرنا المخيمات الفلسطينية في لبنان أكثر من مرة، والوضع فيها متشابه، ولا يزال على حاله، ولكن كانت المرة الأولى التي أردنا فيها دخول مخيم نهر البارد، وكان علينا أن نأخذ أذنا من السلطات الأمنية، كما كانت المرة الأولى التي بقيت عناصر من الجيش معنا بينما كنا نجول في المخيم”.

وتابعت: “نحن هنا نحضر لفيلم سيكون جزءا من فيلم أكبر عن فلسطين، يعرض ما يجري فيها، ومع الفلسطينيين في كل مكان، وعندنا في اسبانيا يتحدثون دائما عن غزة والضفة الغربية، ولكنهم ينسون أن هناك لاجئين. وفي لبنان، هؤلاء اللاجئين ليست لهم حقوق للعمل، واقتناء بيت، وكان علينا أن نرفع الصوت عن قضيتهم خصوصا أنهم يبلغون 400 ألف في لبنان، ونحن لا نستطيع إغفال هذه القضية. عملنا حر، ولا نتقاضى عليه رواتب، وسنحاول أن نعرضه في تلفزيونات اسبانية، والتجوال به في أنحاء مختلفة من العالم إذا تمكنا من ذلك”.

وعن المدة الزمنية التي سيستغرقها تحضير الفيلم، قالت: “لا نعرف، لأن أوضاعنا المالية ليست قوية، ونحاول تأمين بعض التمويل، ومتى توافر لنا ذلك، عدنا إلى لبنان لإكمال الفيلم”.

عن البارد قالت: “في البارد شاهدنا كم أن الناس يعيشون في ظروف سيئة، وكذلك كم أنهم تعساء بسبب أوضاعهم الصعبة، خصوصا أنهم يعيشون خارج منازلهم ولا يأملون باستعادة قريبة لها. مع العلم أننا لم نستطع التحدث بحرية مع الناس بسبب وجود عنصر من الجيش معنا بصورة دائمة”.

وعن برج البراجنة، قالت أنها “المرة الأولى التي نزوره، وخلال تعاطينا مع الناس وجدنا أنهم تائقين بقوة للعودة إلى ديارهم، ولمسنا أن الناس هنا أكثر انفتاحا من عين الحلوة حيث يتسم الوضع بتأزم أكبر لدى المواطنين”.

مع عائلة في برج البراجنة

وبالمقارنة مع أوضاع مأساوية في العالم، قالت: “بحسب ما نعرفه عن مخيمات العالم، نعتقد أن هناك العديد من الأمكنة التي تعاني ظروفا سيئة كهذا المخيم مثل أفريقيا أو الهند. وما يدهشنا ليس الأوضاع المزرية التي يعيشها الناس هنا إنما المعنويات العالية التي يتمتعون بها، ونزعة المقاومة المستمرة عندهم بقوة. كما أنهم يعيشون أوقاتا جميلة فيما بينهم رغم أوضاعهم السيئة، ويعيشون مع عائلاتهم بفرح وسكينة. ليس علينا أن نظهر شفقة تجاههم هم لا يريدونها، فهم أقوياء كفاية، وليسوا بحاجة لذلك، وما لفت نظرنا أن الناس الذين يعيشون في محيط المخيمات من غير الفلسطينيين، كانوا يطلبون منا المال لقاء أي شيء، إنما في المخيمات فلم نلمس ذلك”.


إعلان