كلّ ألوان السينما في “مُلتقى الصور” بباريس

صلاح سرميني ـ باريس

أكثر من 2000 فيلم تُعرض في العام، تظاهراتٌ، مهرجاناتٌ سينمائية، لقاءاتٌ، ندواتٌ،..آلاف الأفلام المُتاحة للمُشاهدة الفردية، مكانٌ للقراءة، وحانةٌ مُخصصة للفنّ السابع،..
بهذه الكلمات القليلة يمكن تلخيص ما يحدثُ في “مُلتقى الصور” بباريس في قلب حيّ ” Les Halles ” الذي كان فيما مضى سوقاً شعبية شهيرة.
هذا المكان الأسطوريّ المُتفردّ ينضحُ بالأفلام، والأحلام، ويعشقُ السينما بكلّ تنوّعاتها، وقدرتها على نسيان الحدود كي يطال الصورة المُتحركة مهما كانت الدعامة التي تستقبلها، كلّ الأنواع، المقاسات، المُمارسات السمعية/البصرية تجد مكاناً لها، أفلامٌ روائية طويلة، قصيرة، تحريكية، مسلسلاتٌ تلفزيونية، أفلامٌ مُنجزة عن طريق الكمبيوتر، وأخرى بالهواتف المحمولة.
لا يرفضُ “مُلتقى الصور” أيّ مقاسٍ، وتشهد برامجه على هذا التنوّع، والتعددية، من العروض المُنفردة في واحدةٍ من صالاته الخمس، وحتى التظاهرات المُرتكزة حول تيمةٍ معينة، من المهرجانات السنوية المُتنوعة، وحتى الأحداث السينمائية المُؤقتة، من البرمجة المُوجهة للجمهور العريض إلى العروض المُخصصة للأطفال، من الكلاسيكيات الشهيرة التي صنعت النوع (بوليسية، حربية، عاطفية، …)، وحتى الأفلام المجهولة، ومن أفلام المُؤلف إلى الأفلام الجماهيرية.
مهمّة “مُلتقى الصور” إثارة فضول كلّ الأذواق، الهواة الغارقين مشاهدة للأفلام، وعابري السبيل الفضولييّن.
يحفظُ هذا المكان بين جدرانه الذاكرة البصرية للعاصمة باريس، ويتباهى بمُقتنياته التي تُقدر بحوالي 7000 فيلم يمكن مشاهدتها حسب الطلب عن طريق أجهزةٍ فردية، ومن إحدى خصائص هذا “المُلتقى” الذي تدعمه بلدية باريس، انفتاحه على كلّ الأعمال التحريكية، وتنظيم لقاءاتٍ، ندواتٍ، ومؤتمراتٍ مع شخصياتٍ مشهورة، أو مجهولة قادمة من كلّ الآفاق، يتقاطع فيه سينمائيون، ممثلون، ونقاد، فرنسيون، وأجانب، مع اختصاصييّن في علم الاجتماع، الفلسفة، والتاريخ،.. يأتون للنقاش فيما بينهم، وتبادل وجهات النظر مع الجمهور حول الأفلام، والأسئلة التي تُثيرها.

أكاديمية مُلتقى الصور
هي كلّ شيءٍ ماعدا صبغتها الأكاديميّة، وتُعتبر بمثابة جامعة شعبية يناقش فيها المحترفون ما يحدث في كواليس الفنّ السابع، وما نريد أن نعرفه عن التصوير، المونتاج، السيناريو، التاريخ، والنقد السينمائيّ،.. وتتضمّن النشاطات التالية :
ـ محاضرةٌ احترافيةٌ مكثفة La Master class
تنعقدُ مرةً واحدةً في الشهر، وفيها يناقش الناقد السينمائي الفرنسيّ “Pascal Mérigeau” أحد السينمائيين، أو المُمثلين بطريقةٍ مختلفة عما يحدث في البرامج الإذاعية، والتلفزيونية، وبشكلٍ مباشر مع الجمهور.
ـ دروس السينما
تنعقدُ أسبوعياً، وفي كلّ مرة، يُديرها ناقدٌ معروف، مؤرخٌ، أو أستاذٌ جامعيّ، يقدم، ويحللُ أحد الأفلام المعروضة في البرنامج، أو تمّ اختياره من خزينة “مُلتقى الصور” بهدف اكتشاف عملٍ، وفهمه بشكلٍ أفضل.
ـ اللقاءات السينمائية في جامعة السوربون.
تنعقدُ مرةً واحدة في الشهر، وتدرسُ بعنايةٍ موضوعاً محدداً (على سبيل المثال “باريس ـ هوليوود، حلمٌ، أم كابوس؟)، يتمّ تحليله في 6 لقاءاتٍ متتالية مع مخرجين، ممثلين، كتاب سيناريو، مدراء تصوير،.. ويُنشطها طلبة الدراسات العُليا في جامعة باريس الأولى.
ـ حقيبة كنوز المخرج الفرنسي “برنار تافرنييّه”
ينعقدُ هذا اللقاء فصلياً، وخلاله، يفتح للجمهور حقيبته المليئة بالكنوز الحياتية، ويخرجُ منها ذكرياته، أفلامه المُفضلة، وحكايات حدثت في مسيرته المهنية الحافلة بالمُشاهدة، والمُمارسة، ويكشف عن الأعاجيب المنسيّة التي يلتقطها من مكتبته السينمائية الخاصة.


الورش العملية
تنتظمُ فصلياً، وتتمحور حول النقد السينمائي، والذي يُعتبر ممارسة سهلة شفوياً، ولكنه أكثر صعوبة في الكتابة، وهي ورشٌ تدريبية مفتوحة للجمهور العريض بهدف الاقتراب من هذا الحقل المعرفيّ النقديّ، ويستمرّ ثلاثة أيامٍ متتالية يُنشطها ناقدٌ سينمائيّ يكشف عن آليات تحليل الأعمال الفنية، وطريقة الكتابة حول الأفلام.

التظاهرات السينمائية الدورية
من أجل تنظيم تظاهرة سينمائية، يجب الاتفاق أولاً على تيمةٍ محددة، الزمن، الآلة، الضحك، أو أيّ واحدةٍ أخرى، ومن ثمّ، يجب أن يوفر المُبرمج عدداً كبيراً من الأفلام الكثيرة، المُتنوعة، والقادمة من كلّ البلدان، كي تُضئ التيمة المُقترحة، ومن المفيد أيضاً بأن يرافقها ضيوف من السينمائيين، والنقاد، والمختصين في علم الاجتماع، والتاريخ،…لمناقشة التيمة، والأفلام.
وخلال الفترة من سبتمبر 2010، وحتى يوليو 2011، استقبل “مُلتقى الصور” ـ وسوف يستقبل ـ أربع تيماتٍ مختلفة :
ـ موسكو، سانت بترسبورغ، وجهان لروسيا
تمّ تنظيم هذه التظاهرة في إطار عام فرنسا ـ روسيا 2010، وقدمت بورتريه للمدينتيّن من خلال أكثر من 60 فيلماً، وكانت فرصةً نادرة لمشاهدة بعض العلامات في تاريخ الفنّ السابع، واكتشاف قوة السينما الروسية المُعاصرة : لونغوين، سوكوروف، غويرمان..، والجيل الجديد من السينمائييّن الروس.
ـ مصنع الزمن
منذ زمنٍ سحيق، يحلم الإنسان بالخلود، ولكنّ الأعمال الفنية وحدها هي القادرة على منحها له، وبشكلٍ خاصّ، السينما التي تمتلكُ السلطة الخارقة في إبطاء، تسريع، أو تشظية الماضي، الحاضر، والمستقبل.
ـ عالمٌ من الآلات
آلاتٌ في كلّ مكان، في المصنع “الأزمنة الحديثة” لشارلي شابلن، في المكتب “عمي” لجاك تاتي، في الحياة اليومية “وودي، والروبوت” لوودي ألين، وحالياً في أجسادنا “فيديودروم” لدافيد كروننبرغ.
بعد أن خففت الآلة عنا، هل تستبدلنا، تُزيحنا، تتحرر منا، تتخلصّ من سيطرتنا، وتراقبنا بشكلٍ أفضل، هل يمكن أن يصبح هلع “أورويل” حقيقة ؟، أفلامٌ تقدم الآلة في كلّ أشكالها، من الحلم إلى الكابوس.
ـ رشقاتٌ من الضحك
الضحك خاصيةٌ بشرية، ولم تتوانَ السينما أبداً عن انتهاز هذه الفرصة، وقدمته في كلّ أشكاله : تهريج، كوميديا، عبث، سخافة،.. وغاصت بنا في حالاتٍ من المرح، والبهجة.
ولكن، يمكن أن يكون الضحك سلاحاً أيضاً، أداة انتهاك، مخالفة، وخطيئة لا ترضى الأنظمة الشمولية عنها.

المهرجانات، والأحداث السينمائية
المهرجانات، والأحداث السينمائية التي يستقبلها “مُلتقى الصور”، تحتفي بالصورة في كلّ حالاتها، أشكالها، وجرأتها، مع طرح متفردٍ، يفتنُ، ويُزعج أحياناً،.. بدون أن تتوقف عن طرح الأسئلة حول العالم من خلال الأعمال السينمائية طبعاً، ولكن، اللقاءات، والنقاشات أيضاً.
وهنا أدرجُ قائمةً بتلك التي انعقدت منذ سبتمبر 2010، والتي سوف تنعقدُ لاحقاً حتى نهاية أغسطس 2011.
ـ المهرجان الغريب (أو الغرابة في السينما)
خلال الفترة من 3 إلى 12 سبتمبر 2010 احتفل هذا المهرجان بدورته الـ 16، ويعتبر الأكثر جرأةً في اختياراته التي لا تعرف الحدود، وفيها تتقارب، تتباعد، تتوازى، وتتقاطع كلّ الأفلام المُثيرة للدهشة، الإعجاب، الفزع، والقرف أحياناً، من الأفلام الغارقة في طليعيّتها، وحتى الإباحية الأقلّ حشمةً.
ـ نجوم الـ SCAM
انعقدت هذه التظاهرة في أكتوبر عام 2010، وهي واحدةٌ من الأحداث التي تقودها “المُؤسّسة الأهلية لمؤلفي الوسائط الإعلامية”، وخلالها تمنح جوائزها/نجومها لثلاثين عملاً تلفزيونياً طبعت العام الفائت.
ـ أعمال السينمائي التشيكي “Jan Švankmajer”
انعقد هذا الحدث السينمائيّ خلال الفترة من 26 وحتى 31 أكتوبر2010، حيث عُرضت كلّ أعمال هذا العبقريّ التشيكيّ لأفلام التحريك، بالإضافة لعرضٍ عالميّ أول لآخر أفلامه الطويلة، “النظرية، والتطبيق” وُفق عنوانه الإنكليزي، أو “البقاء على قيد الحياة” وُفق العنوان التشيكي، والفرنسي.
ـ مهرجانيّ الأول
خلال الفترة من 27 أكتوبر، وحتى 2 نوفمبر 2010، استقبل “مُلتقى الصور” لأول مرةٍ الدورة السادسة لهذا المهرجان المُخصص للصغار.
ـ الفيلم التسجيلي على الشاشة الكبيرة
انعقدت هذه التظاهرة من 5 إلى 7 نوفمبر2010 (وسوف يستقبلها “مُلتقى الصور” مرةً أخرى في ربيع 2011)، وفيها تمّ تكريم السينمائي التسجيليّ الألماني “فولكر كويب” الذي يصور منذ 40 عاماً وقائع إنسانية لمقاومة النسيان.
ـ مهرجان الأفلام المثلية
خلال الفترة من 12 وحتى 21 نوفمبر 2010، انعقدت دورته الـ 16، وهو مهرجانٌ يُزيل الحدود، ويحتفي بالاختلافات،..الجنسية طبعاً، وقد تخيّر عنواناً طويلاً، وطريفاً :
“العزيزات، الأعزاء، مهرجان الأفلام المثلية، وأكثر من ذلك +++..”.
ـ سينما كيبك في باريس
خلال الفترة من 22 وحتى 28 نوفمبر 2010، احتفلت هذه التظاهرة بدورتها الـ 14، وخلالها يمكن أن يشاهد المتفرج ما يحلم بمعرفته عن السينما في كيبك، والتي لا يستطيع مشاهدتها في الصالات التجارية.
ـ سينما قصيرة
عروضٌ استثنائية تنعقدُ مرتيّن في العام، وتُنظمّها “وكالة الفيلم القصير” بباريس، وتقترح أفلاماً قصيرة لعشاق هذا النوع المُزدهر.

ـ عودة اللهب
خلال يومين، في الرابع، والخامس من شهر ديسمبر2010 عادت هذه التظاهرة إلى سحر بدايات السينما مع أفلامٍ صامتة بمُصاحبةٍ موسيقية على آلة البيانو عزفها ” serge bromberg” المُتخصص في اقتناء، وترميم، وتوزيع مثل هذه الأفلام.
ـ مُلتقى التحريك
خلال الفترة من 8 وحتى 12 ديسمبر2010، انعقدت دورته الثامنة، وتركزت حول مجاليّن في حالة فوران، ألعاب الفيديو، وسينما التحريك، وكانت “الولايات المتحدة” ضيف شرف تلك الدورة.
ـ حال العالم، والسينما
سوف تنعقدُ الدورة الثالثة لهذه التظاهرة خلال الفترة من 28 يناير وحتى 6 فبراير2011، وتتمحور حول التساؤلات التي تُثيرها الصورة عن أحوال العالم، وهي برعاية المخرج الفلسطيني “إيليا سليمان”، وكاتب السيناريو الإسباني “جورج سيمبرون”.
ـ عروض الأفلام الفائزة في المهرجانات
في 8 فبراير 2011 سوف يعرضُ “ملتقى الصور” الأفلام الفائزة في الدورة الأخيرة لمهرجان اللقطات الأولى الذي ينعقدُ في مدينة “أنجيه”، وفي 19 فبراير 2011 سوف يعرضُ الأفلام الفائزة في الدورة الأخيرة للمهرجان الدولي للأفلام القصيرة الذي ينعقدُ في “كليرمون ـ فيران”.
ـ سينما للصغار
سوف تنعقدُ الدورة الرابعة لهذه التظاهرة خلال الفترة من 12 وحتى 20 فبراير 2011، وتهدف إلى تدريب الصغار من 18 شهراً وحتى 4 سنوات على الاستمتاع بسحر الفنّ السابع.
ـ اختيارات مجلة “بوزيتيف”
سوف تنعقدُ خلال الفترة من 24 إلى 27 فبراير 2011 بمُناسبة الاحتفال بالعدد 600 من المجلة الفرنسية “بوزيتيف”، وسوف تجمع لقاءاتٍ بين السينمائيين المخضرمين، والمخرجين الشباب الجدد.
ـ مسلسلات
الفصل الثاني من 11 وحتى 17 أبريل 2011، وهو مهرجانٌ مخصصٌ للأعمال التلفزيونية المُسلسلة قادمة من كلّ أنحاء العالم، جديدة، أو لم تُعرض بعد على شاشات قنوات التلفزيون.
ـ مهرجان الأفلام القصيرة جداً
سوف تنعقدُ دورته الـ 13 خلال الفترة من 6 إلى 8 مايو 2011، وهو مخصصٌ حصراً للأفلام التي لا تتجاوز مدتها الزمنية أكثر من ثلاث دقائق، وسوف تُعرض في فترةٍ متزامنة في الكثير من دول العالم .
ـ أسبوعا أفلام المخرجين
بعد مهرجان كان مباشرةً، وخلال الفترة من 25 مايو وحتى 5 يونيو 2011، سوف يستقبل “المُلتقى” أفلام الدورة الـ 43 لأسبوعيّ أفلام المخرجين .
ـ أفلام الفأرة/الماوس
في 18 و19 يونيو 2011 يستقبلُ “ملتقى الصور” تظاهرة جديدة تهتمّ بالأفلام المُنجزة عن طريق الفأرة/الماوس باستخدام النسخ، اللصق، التحويل، وإعادة المونتاج.
ـ باريس سينما
سوف تنعقدُ الدورة التاسعة لهذه التظاهرة الكُبرى في شهر يوليو 2011، وهي موعدٌ سينمائيّ جماهيريّ للاحتفاء بموسم الصيف.
ـ سينما تحت ضوء القمر
خلال الفترة من 3 وحتى 21 أغسطس 2011، سوف تنعقدُ الدورة الـ11 لهذه التظاهرة المجانية، والتي تعرض أفلامها تحت أضواء القمر، والنجوم، وتتمّ العروض كلّ ليلةٍ في حيّ مختلف من أحياء باريس.
وأخيراً، العطلة السنوية،…..

هامش : كلّ المعلومات الواردة في هذه القراءة التوثيقية مأخوذة من موقع “مُلتقى الصور” بدون أن تكون ترجمةً حرفية.


إعلان