مهرجان المسرح العربي في دورته الثالثة ببيروت
عارضا أكثر من 20 مسرحية
نقولا طعمة – بيروت
تحديا غير مقصود “للحماوة” السياسية، فقد برمج “مهرجان المسرح العربي” في دورته الثالثة، الذي تنظمه “الهيئة العربية للمسرح” زهاء 21 مسرحية عرضت في بيروت، وطرابلس، من مختلف الدول العربية، وشعاره: “نحن كبشر زائلون ويبقى المسرح ما بقيت الحياة”.
المهرجان كرّم المخرجين اللبنانيين لطيفة وأنطوان في ملتقى في افتتاحه بقصر اليونسكو، وجرت فيه عروض غنية لتجارب مسرحية شارك فيها جواد الأسدي، وانتصار عبد الفتاح، وعز الدين المدني، وندوة فكرية لأساتذة مسرحيين عربا من دول المغرب والسودان ومصر وليبيا، والبحرين.. عن “تجربة المسرح العربي بين النخبوية والجماهيرية” تطرقت إلى إشكالية علاقة السلطة بالمسرح، وناقشت “مأزق النخبوية مع المسرح العربي”، وفيها أن العرب عرفوا المسرح لقرون فطريا، دون أن يصل إلى درجة المؤسسة.
![]() |
تكريم أنطوان ملتقى |
المسرحيات…
المسرحيات التي عرضت هي: “طائر الصدى المفقود” -السودان- ناقشت فلسفيا أحداث التيه والقتل والدمار. “و”سكان الكهف” -الأردن- حكت صراع المسرح وأهله مع البرد والخوف والجوع. “تاتانيا” -الكويت- وهي قصة قس يتحكم في حياة قرية وراء جبال الألب ويأتي معلم من العاصمة ليعلمهم، فيواجه مصيرا صعب العبور. ثم مسرحية “كمب” -العراق- تحكي صراع العراقيين بحثا عن وطن بديل على أبواب السفارات. أما “الإطار” -ليبيا- فهي حكاية مواطن شريف فجع بالقيم التي تربى عليها بتجارب حياته. ومن دولة الإمارات تجيب “مسرحية” السلوقي عن سؤال: هل يمكن أن يتحول كلب إلى إنسان؟ “.
أما قصة حمار الليل” -المغرب- فهي معاناة جمهور راحل عن المدينة نحو آفاق بعيدة. ومن مصر “عجايب” تعالج إشكالية المثقف المهزوم. ثم من سوريا مسرحية “راجعين” تطرح سؤال عن تقدير الناس لشهادة الشهداء ومسرحية “سيليكون” التي تسلط الضوء على ظاهرة النفاق الاجتماعي وتسميته بالدبلوماسية. أما مسرحة “حقائب” تونس- فيبدو الممثل كحقيبة تجر وتحمل وتدفع.
عدة أعمال لبنانية “كمدينة المرايا” التي يعبر هن هاجس الرابط بين بيروت والقدس، “فيفا لاديفا” و”ألف وردة ووردة” من دمى كريم دكروب، و”مساحات أخرى” التي هي إيماءات جسد تعبيرا عن معاناة فتاة بين رجلين. و”ينعاد عليك” بالاشتراك مع تونس تركز على علاقة ممثل بالفضاء المسرحي.
![]() |
جوليا قصار
الممثلة اللبنانية جوليا قصار، عضو الهيئة التنفيذية، ومنسقة في إدارة المهرجان، بداية عن الهيئة التي أطلقها حاكم الشارقة، وتشكلت هيئة تنفيذية برئاسة أشرف زكي والأمين العام إسماعيل العبد الله، ومنهم جان داوود من لبنان”.
وقالت قصار إن “الهيئة قررت أن تكون الدورة الثالثة للمهرجان في لبنان، وهدفها أن يجول المهرجان كل عام في بلد، بمشاركة مختلف الدول العربية، وتقرر من خلال هذا التعاون أن يكون 10 كانون الثاني اليوم العربي للمسرح،”. وأضافت “هناك الخصوصية العالمية للمسرح، والآن هناك الخصوصية العربية للمسرح. وهي أساسية ومهمة ومن أعمدة المسرح العربي الراقي”.
ورأت جوليا قصار أن “العروض التي تقدم تظهر كم أن المسرح العربي بخير، والإبداعات هي المعبر عن صحة المسرح العربي، مثل عرض “فيفا لاديفا” الذي لاقى استحسانا كبيرا عند الوفود العربية، و”حقائب” التونسي، والعرض العراقي الرائع الذي أظهر مأساة الشعب العراقي بكبرياء وتجرد موجعين. المشهدية، والموسيقى، وانضباط الممثل، ولغة الجسد، والوجوه والصمت الموجع…. عناصر تجمعت في هذه المسرحية لتعبر عن مستوى احترافي راق”.
ودعت إلى التفكير برسالة “اليوم العربي للمسرح”، وقالت: “يجب أن نفكر فيها كل العام من أجل عطاء مسرحي أفضل، سعيا لأن لا تتحول المهرجانات إلى عادة رتيبة، فالمهم هي أن تكون الأعمال إبداعية، وتخدم السلام بين الشعوب التي هي من أهداف الهيئة العربية للمسرح”.
![]() |
نضال الأشقر
لكن نضال الأشقر التي أسست مسرح المدينة، وهي فنانة مسرحية معروفة، ترى أننا “في زمن الانحطاط، وكما أن هناك انحطاط في السياسة، هناك انحطاط في الاجتماع والحياة العامة والمدنية، وينسحب ذلك على المسرح. ففي العالم العربي، المسرح قسم من الدولة، ويتبع وزارة الثقافة، والإعلام، وهناك دعم مادي للمسرح، ولذلك لا يمكن للمسرحي أن يكون حرا لأن هناك رقابة في السياسة كما في الثقافة”.
وقالت أيضا إن “هناك انهيار لكل ما هو ثقافة جماعية. الفنون الفردية واسعة الانتشار، كالرسم وكتابة الشعر والأدب والقصة، هذا عامر في العالم العربي، هناك فنانون مبدعون وبارعون وشعراء وكتاب ترجمت أعمالهم ونقلت إلى لغات العالم. أما الفنون العامة المدنية كالمسرح، فهو الذي يدفع الثمن دائما لأنه هو الذي يتحمل القمع، والرقابة”.
وأعربت عن “ألمها لتراجع المسرح إلى الوراء بصورة عامة، دون أن نغفل أن هناك فلتات مهمة بين وقت وآخر. وحتى في لبنان، لم نعد نلاحظ انتاجات مسرحية كثيرة كالسابق. ونحن في مسرحنا، الذي يعتبر الأكبر والأعتق، عندما نحاول الاختيار، نبحث عن أفضل العروض لنعطي ثقة للجمهور الذي يتفاءل بالمسرح والثقافة عالية المستوى، غير أننا لم نعد نعثر على أعمال مهمة”.
ولحظت أن “هناك بعض الشباب الموهوبين، مثل ناجي صوراتي، وعصام أبو خالد، وبيتي توتل، ولينا أبيض، لكن هي لمعات لا تعبر عن واقع حال عام. فالدورة الثقافية الحضارية المتكاملة في لبنان ليست موجودة، ولا يمكن أن تنشأ في عصر الانحطاط، السياسي والفكري والعقائدي والإنساني، والإنسان يتراجع أمام المادة، لذلك من الصعب أن تجد في لبنان الأعمال اللامعة بوفرة”.