بانوراما الفيلم الأوروبى…. سينما طازجة ورصاص حي

القاهرة – نسرين الزيات
فى الوقت الذى كان ميدان التحرير، تهزه هتافات الثوار المصريون، والتى كانت أقوى من أصوات الرصاص الحى والغازات السامة – الأسبوع الماضى- كانت هناك أسئلة حول ما إذا كانت الدورة الرابعة من بانوراما الفيلم الأوروبى ستقام فى موعدها – من 23 إلى 29 نوفمبر الجارى-  ام سيتم تأجيلها إحتراماً لدم الشهداء..؟ لكن المنتجة ماريان خورى، أكدت على إقامة البانوراما فى موعدها، وكان الإفتتاح الأربعاء الماضى فى سينما جلاكسي بعرض الفيلم الفرنسي “إرفع إيدك” إخراج رومان جوبيل، وقد بدأ الإفتتاح بالوقوف دقيقة حداداً على روح شهداء ميدان التحرير وشهداء المدن، نتيجة لجرائم القتل والعنف التى إرتكبها جهاز الشرطة والداخلية ضد المدنيين.
“ماريان خورى” أصرت على أقامة البانوراما فى موعدها وعدم تأجيلها، وربما يعتبر هذا نوعاً من التضامن مع الثورة المصرية، والتأكيد على أن السينما هى واحدة من وسائل الدفاع عن حريات الفكر والإبداع فى مواجهة الرقابات الدينية والمجتمعية. والأهم من ذلك وهو ان تأتى هذه الدورة من بانوراما الفيلم الأوروبى ، بعد إلغاء وتأجيل مهرجان القاهرة السينمائي الدولى للعام المقبل، وبالتالى تكون الفرصة أكبر لمحبى وجمهور السينما – خاصة الأوروبية- فى ظل حالة الكساد الذى يشهده السوق السينمائي المصرى حالياً.

وفى ظل الثورات التى تشهدها المنطقة العربية، فقد خصصت البانوراما قسماً خاصاً يحمل عنوان ” أفلام الثورات”، وفيه عرض ثمانية أفلام وثائقية من عدة بلدان، وفى ومقدمة هذه الأفلام “الهواء الأحمر” وهو إنتاج فرنسا عام 1977، وأخرجه كريس ماركر، وقد عرض الفيلم الذى ينقسم إلى جزئين، الأول: الأيادى الضعيفة”، والثانى: ” الأيادى المقطوعة”، حيث يرصد الفيلم – بجزئيه- ومدته 180 دقيقة، صعود وإنهيار النظريات الثورية المثالية لسنوات الستينيات والسبعينيات، من خلال مونتاج لمواد أرشيفية، قوية ودموية، ساخرة ومزعجة وفى نفس الوقت محملة بالمعلومات.
وفى إطار أفلام الثوارت، هناك فيلمان عن الثورة فى إيران، الاول هو “يوميات إيرانية”، وهذا الفيلم إنتاج فرنسي عام 2011، ومدته 90 دقيقة، وفيه ترصد مخرجته”مانون لوزار” عامين من القهر والغضب فى الثورة الإيرانية، من خلال مجموعة من الناشطين الإيرانين الشباب، وكيف تم قمع هذه الثورة بين عامى 2009 و2011… أما الفيلم الثانى هو “الموجة الخضراء” وهو إنتاج ألمانى عام 2010 من إخراج صمدى عهدى، ويعرض الفيلم  بعض المشاهد الحية التي تم تصويرها للإحتجاجات التي شارك فيها مئات الآلاف من الشباب الإيرانيين ضد الرئيس الإيراني أحمدي نجاد عام 2009 و القمع والقهر الذي تعرض له العديد من الايرانيين وكانت الاحتجاجات قد عرفت على نطاق واسع بإسم “الثورة الخضراء”.
فيلم “التحرير 2011: الطيب – الشرس- السياسي”، عرض ضمن قائمة أفلام الثورات، حيث يعتبر العرض الأول له فى مصر بعد عدة مشاركات فى مهرجانات مثل فينسسا السينمائي الدولى – القسم الرسمى خارج المسابقة- وحصوله على جائزة اليونسكو، ومشاركته أيضاً فى مهرجان تورنتو وأوسلو.
يحمل الفيلم ثلاثة رؤى لمخرجين شباب  هم “تامر عزت” و”آيتن أمين” و”عمرو سلامة” عن وقائع الثورة المصرية في ثمانية عشر يوماً من خلال ثلاث وجهات نظر مختلفة، الأولى حول “الطيب” وهو المواطن العادي الذي قام بالثورة ، وتدور الثانية حول “الشرس” وهو ضابط الشرطة الذي تصدّى للمواطن وتدور وجهة النظر الثالثة  حول “السياسي”  وتتناول تحليلا نفسيا وتوثيقيا لتعامل الرئيس المخلوع حسني مبارك مع الثورة التي أطاحت بنظامه. 
بانوراما الفيلم الاوروبى هذا العام، إختارت فرنسا أن تكون ضيف شرف، حيث عرض ستة أفلام روائية طويلة، كان العرض الاول لها فى مصر، وأغلبها حاصل على جوائز فى مهرجانات كبرى، كان فى مقدمتها فيلم “الفنان” والذى سبق وان عرض للمرة الأولى فى مايو الماضى فى مهرجان كان السينمائي الدولى، وفيه حصل ممثله “جون جودمان” على جائزة أفضل ممثل، وقد أقيم للفيلم عرض خاص فى السفارة الفرنسية الخميس الماضى.
 ومن بين الأفلام الهامة التى عرضت فيلم ” الشرطة” إخراج مايوين لوبيسكو، والفيلم حاصل على جائزة لجنة التحكيم الخاصة فى الدورة الماضية من مهرجان كان السينمائى الدولى ، ويتعرض الفيلم للحياة اليومية لشرطة حماية الأحداث والعلاقات الإنسانية والتضامن بين العاملين فى هذا الجهاز.

بينما يكشف فيلم “حرائق” إخراج دونى فيلنوف، عن رغبة أم ترسل توأميها إلى رحلة فى الشرق الأوسط، للبحث عن جذورهم المختلطة.. والفيلم المقتبس عن مسرحية معروفة ل “وجدى معوض”، كان قد رشح لجائزة الأوسكار أفضل فيلم اجنبى عام 2011، وقد حصل أيضاً على جائزة أفضل ممثلة، وأفضل مخرج، وأفضل فيلم، وجائزة النقاد فى مهرجان فانكوفر 2011.. ومن بين الأفلام المعروضة فيلم “كارلوس” إخراج اوليفييه اسايس وانتجته محطة “كانال بلوس” المشفرة، ويروي الفيلم  ومدته 165 دقيقة، قصة الشاب الفنزويلى ” إليتش راميريز سانشيز” الذى أسس منظمة إرهابية فى جميع انحاء العالم.
البانوراما، سوف تكرم المخرج المغربى الراحل  “مصطفى حسناوى”  بعرض فيلمه الوثائقى الطويل “القاهرة – أم وإبن”، والفيلم الذى تصل مدته إلى 75 دقيقة، يصف فيه مصر من خلال قصة “فاطمة” التى تبلغ من العمر سبعون عاماً، وهى مالكة لأراضى زراعية كانت قد ورثتها عن أجدادها، “فاطمة” تبوح بذكرياتها وتناقش مع إبنها الذى قطع صلته ببلده وعائلته منذ سنوات طويلة.
عروض الأفلام أقيمت فى اثنان من دور العرض السينمائية فى القاهرة، وهما سيتى ستارز بمدينة نصر، وسينما جلاكسي بالمنيل، وقد شهدت عروض الأفلام إقبالاً من جانب الجمهور، والذى كان متعطشاً لمشاهدة أفلام جيدة، وسينما طازجة، ينتظرها كل عام، وهو الخيط الرفيع الذى إستطاعت أن تلقتطه شركة أفلام مصر العالمية التى نظمت البانوراما، بدعم من المركز القومى للسينما والمراكز الثقافية مثل الفرنسي وجوتة، لتعزز من وجود نوع مختلف من السينما، وقليلاً من يعرض فى دور العرض السينمائية فى مصر.


إعلان