سينما ومسرح وغناء احتفاء بتونس ومصر

انضمت السينما والمسرح والغناء والشعر إلى مسيرة الشباب في تحركاتهم لإسقاط الحكام الذين مرت عشرات السنون على تمسكهم بالكراسي. واحتشدوا بالمئات في مسرح بيروت في حي عين المريسة، فقدم كل ما عنده تعبيرا عن المشاركة في الثورات، وتضامنا معها.

أبرز ما قدم في بداية اللقاء، فيلمان وثائقيان، واحد ما انفك يعيد الصور التي اجتاحت ميدان التحرير في القاهرة عند مدخل المسرح، متيحا للعابرين النظر في تطورات الحركة الشبابية، والشعارات التي رفعت مثل: “كلنا منحب مصر..لا للتخريب.. لا للفساد.. نعم للحرية”، و”لو كنت واحد منا، بلاش ترغى وتقولنا، نمشي ونسيب حلمنا”، بالإضافة إلى الأحداث التي وقعت منذ الانطلاقة، والمشاركة الشعبية الواسعة في الميدان، والمدن الأخرى، وانضمام العديد من الجنود والضباط للحركة، وتنظيم الحركة في الشارع من قبل شباب الثورة.

الفيلم الثاني، كان فيلم تحريك بعنوان “حكم البانغو”، يعرض لصراع بين رئيس متمسك بالكرسي، لا يخليها مهما كلفه من أثمان، وشعب يصر على إزاحته. أدار الفيلم عصام بو خالد، وقال أن كلمة بانغو تشير إلى كل ما هو خارج عن القانون، مثل المهربين، ومروجي المخدرات، والأجهزة المخابراتية المستأجرة.

وما لبثت قصة الفيلم أن قدمت في برنامج اللقاء كاسكتش مسرحي لفرقة ديسيبل للصم والبكم.

اللقاء تم بدعوة مشتركة من “مسرح بيروت” و”نادي لكل الناس”، تحت عنوان “احتفاء بثورتي مصر وتونس”.

وفي مدخل المسرح أيضا، أقيم معرض صور عكس الحياة المصرية الاجتماعية، أسواقها، أناسها، باعة البطيخ والخضار، مواقع الاستجمام، الفلاحين.

جانب من الحضور

وعلى جدار السلم، رفعت شعارات منها: “مصر وتونس ضي العين، والحكام يغوروا الاثنين”، و“الحرية لم تعد حلما”، و”هما بياكلو حمام وبط، وكل الشعب جالو الضغط”، و”قول يا محمد قول يا يونس..بكره مصر تحصل تونس”، و”تونس تتكلم..تونس تتكلم”، و”ارحل ارحل يا فرعون..دي رغبة 80 مليون”.

وإلى داخل الصالة، توافد حشد غصت الصالة بهم من الأجيال المختلفة، قدمت ميرا صيداوي العارضين، وأدت نسرين حميدان -عازفة على العود- أغان وطنية منها: “أهو ده اللي صار” و”موطني”، ثم أهدت أمل كعوش منفردة- من دون موسيقى -أغنيات من التراث الفلسطيني -مثل يما مواويل الهوى يما مويليا- لثورتي مصر وتونس، بعدها قدم الطالب الجامعي المصري وليد عبد الرحمن تجربة مصر كما عاشها عند تلبيته دعوة التظاهر في 25 كانون الثاني ذاهبا من لبنان، وعرض دور الشباب في الثورة مستخدما التقنيات الحديثة لتحقيق غايته، وقد فوجئ بالشعب منتظرا اللحظة ليهب مع الشباب، وقال أن من أهم أسباب نجاح الثورة هو وحدة الرأي والموقف لأطراف واتجاهات متنوعة، ومستوى الوعي والتنظيم الذي تمتع به الشباب الثائر.
فقصيدة محمود درويش – سجل أنا عربي- أداها شاب فلسطيني من مخيم شاتيلا.

ميرا الصيداوي مع فريق المسرح

وختم الحفل جهاد الهنداوي-عازفا على العود- بأغان خاصة، وأخرى للشيخ إمام -دور يا كلام وشيد قصورك- وقصيدة للمصري إسلام حامد التي وضعها في ميدان التحرير، وقام الهنداوي بتلحينها.

وكان صندوق اقتراع وضع على عتبة السلم المفضي للمسرح، مع قلم وأوراق للاقتراع، عنوانها “مرشحك للسقوط” من الحكام العرب، أدلى فيها الحاضرون بمرشحيهم لدى دخولهم الصالة. وقبل ختام الحفل، أعلنت نتيجة التصويت، ففاز الرئيس الليبي معمر القذافي، ولم تكن الثورة الليبية قد اندلعت.

ميرا خليل من إدارة مسرح بيروت قالت ل”الجزيرة الوثائقية” أن “المبادرة كانت عملا عفويا وسريعا، وكنا على عجلة من أمرنا تعبيرا للتضامن مع تحرك شباب العرب. شعرنا بأنه من المستحيل أن لا نشارك ونتجاوب مع التحرك العربي، فبادرنا إلى هذه الدعوة بسرعة فلباها عدد من الشباب والفرق”.

ورأت أمل كعوش من قرية ميرون الصفد الفلسطينية – تشتغل في مجال الكاريكاتير، ولها تجارب بالغناء وكتابة الأغنية- أن “للفن دور في الثورات والدليل هو زخم الأغاني الوطنية على طول تاريخ الثورات، فالفن يغذي الثورات، والأغنية تخاطب ذوق الناس وتبث الأمل فيهم، مما يعطي دافعا لإكمال المسيرة وتحفيز الشعوب للاستمرار بالنضال. الأغنية الوطنية في ثورتي مصر وتونس أعادت لنا الأمل، وساهمت بإخراجنا من الإحباط الذي تعيشه أجيالنا منذ عقود”.      

وقال رئيس “نادي لكل الناس” نجا الأشقر أن “تحركنا جاء لدعم تحرك شعوب المنطقة بالمسرح والغناء والموسيقى، وهذا أبسط ما يمكن أن نقدمه خصوصا أن الشعب اللبناني كان يشعر بأن القضية هي قضيته، وراح يتابعها لحظة بلحظة”.
وأعرب ل”الجزيرة الوثائقية” عن اعتقاده بأن للفن دور هام فالناس يهربون من الشعارات السياسية المباشرة، ولذلك رأينا كيف كان لأغاني الشيخ إمام وللفن دور في تطوير الحركة، وتفعيلها. فالفن والثقافة تعوض عن ضعف الطرح السياسي لدى القوى السياسية والحزبية الذي يفترض أن يعبر عن صوت الشباب، فيقدم الفن والثقافة نوعا من البديل في إطار تشكيل قيادات شابة للمستقبل”.


إعلان