أفلام “عمر أميرالاي”و”الربيع العربي”مجانا بهولندا

يرفض المكتب الصحفي الخاص بمهرجان (أدفا) للفيلم الوثائقي والذي ينظم سنويا في العاصمة الهولندية أمستردام ، الإفصاح عن برنامج الدورة القادمة، والتي من المقرر أن تبدأ في السادس عشر من شهر نوفمبر القادم، وإذا كانت الدورة الرابعة والعشرين من المهرجان ستتضمن عروض أفلام وثائقية عربية أو أجنبية متأثرة بالزلزال الذي ضرب العالم العربي في بداية هذا العام؛ إلا أنّ المهرجان، والذي يعد واحدا من أكبر المهرجانات الأوروبية المتخصصة بالفيلم الوثائقي، اختار أن يسبق دورته القادمة، ويواكب الأحداث المتسارعة في منطقة الشرق الأوسط بعرضه  وعلى موقعه على شبكة الانترنت، مجموعة من الأفلام الوثائقية، أطلق عليها مجازا بـ “الربيع العربي”، كذلك يمكن ومن خلال الموقع الإلكتروني ذاته مشاهدة ثلاثة أفلام المخرج السوري “عمر أميرالاي”، والذي رحل في بداية شهر فبراير الماضي، وقبل أشهر من بدء الاحتجاجات في بلده سوريا.
باستثناء الفيلم التسجيلي التلفزيوني  الهولندي (طغاتنا الأحباء) والذي عرض مؤخرا على شاشة التلفزيون الهولندي الرسمي، يعود تاريخ إنتاج الأفلام الأخرى، المعروضة تحت عنوان  “الربيع العربي” إلى السنوات الثمان الماضية. اي انها سبقت بسنوات بدء الثورات العربية. الأمر الذي يبعث التساؤل عن “فضاضة” العنوان الذي اختاره المهرجان لهذه الأفلام.
 ويثير إشكالية إغفال أفلام  وثائقية عربية أخرى، تشترك مع تلك التي تعرض حاليا على موقع المهرجان على شبكة الانترنيت، بتعريتها للوجه القبيح للديكتاتوريات العربية، بتقديمها قصصا لناس مهمشين  أو مشوهين تماما، والمصاعب الاقتصادية والنفسية التي تواجه حياتهم اليومية.
 لكن يبدو أن الاختيارات ترتبط أيضا، بحقوق عروض الأفلام التي يعرضها مهرجان “أدفا” على موقعه الالكتروني، كانت قد عرضت جميعها ضمن دورات المهرجان السابقة؛ وبعضها اشترك المهرجان بدعمها ماديا، الأمر الذي يسهل قضية الحقوق القانونية لعرض تلك الأفلام.
من الأفلام المعروضة تحت عنوان الربيع العربي، فيلم المخرجة النيوزلندية  “بيترا برتيكيلي” (الجمال سينقذ العالم)، وترافق فيه المخرجة مجموعة من الحسناوات من كل العالم، في رحلتهن إلى ليبيا، للاشتراك في مسابقة للجمال، يتم اختيار الفائزة فيها عن طريق اقتراع عبر شبكة الانترنت.
من المهم الانتباه هنا، إلى تاريخ المسابقة، والذي كان في العام 2002 ، أي السنوات التي أعقبت الحصار الاقتصادي على ليبيا، والمحاولات التي بدئها النظام، لتحسين صورته حول العالم، والانفتاح على العالم الغربي.
 تقدم المخرجة التناقض الذي يصل إلى الكوميديا السوداء، بين تجارية مسابقة الجمال وتركيبتها الشائعة، والحياة الليبية المغلقة، والليبيين الذين  يكملون المشهد الخلفي فقط.
من الذين يظهرون في الفيلم “سيف الإسلام القذافي”، والذي تحول بعد الثورة المستمرة في ليبيا حاليا إلى الوجه الأبرز للنظام، كذلك تزور “الجميلات” معمر القذافي نفسه.
أما فيلم “طغاتنا الأحباء” ، فيوجه الانتقادات إلى السياسات الأوروبية الرسمية، وتغاضت عن السجل العنيف للعديد من الأنظمة العربية، بسبب خشيتها من بدائل إسلامية متشددة خطرة، ويكشف الفيلم الكثير من التفاصيل، عن أداء حكومات أوروبية، البريطانية منها  والهولندية، مع الملفات الإنسانية  لدول كـ:  مصر أو ليبيا، وكيف تصارعت المصالح والأموال مع قيم أخلاقية أوروبية.
 كذلك يكشف الفيلم العلاقات المعقدة التي تربط شركات عالمية مع سياسيين أوروبيين سابقين، والآثار التي تركته هي الأخرى في تخفيف الضغط على ديكتاتوريات بعينها في الشرق الأوسط.

سوريا “أميرالاي” والدمية المحجبة

“أميرلاي”

ومن أفلام المخرج السوري الراحل “عمر أميرالاي”، يعرض موقع مهرجان (أدفا) ثلاثة أفلام تسجيلية، منها فيلمه الأخير “طوفان في بلاد البعث”، والذي يقدم بقتامة غير مسبوقة التشوهات التي تركها نظام الحزب الواحد على الحياة والبشر في سوريا.
 فالفيلم الذي يبدأ بمكاشفة واعتذار عن فيلم سابق للمخرج من عام 1970، عن ما اعتبر وقتها انجازا نوعيا للحكومة الجديدة وقتها، بتشيديها لسد مائي في الجزء الشرقي من سوريا، يعود إلى المواقع نفسها التي مر عليها فيلم  (تجربة عن سدّ الفرات) لا ليكشف فقط دمار السد نفسه، وغرق عديد من المناطق الزراعية هناك، هو يبحث عن الدمار بين أبناء قرية سورية، بدت معزولة ومستلبة تماما للشعارات التمجيدية الفارغة.
كذلك يعرض لـ “عمر أميرالاي” فيلم (تجربة عن سد الفرات) من عام 1970 ، و (الحياة اليومية في قرية سورية) من عام 1974. ورغم النفس التوجيهي والذي يقترب أحيانا من  الدعائي، والمرتبط بالاتجاهات الفنية لزمن إنتاج الفيلمين، إلا أن الجمالية التي ترتبط بالمشاهد المفتوحة ، وتلك المركزة على قرويين سوريين ، والسخرية المضمرة في الفلمين. تربطها بيسر مع المنتج الالحق للمخرج ، والذي عمل ولأكثر من ثلاثين عاما بظروف استثنائية للغاية.
ومن سوريا أيضا ، يعرض فيلم (إمرأة من دمشق) للمخرجة السورية المقيمة في كندا “ديانا الجارودي”؛ ويرجع تاريخ إنتاج الفيلم إلى عام 2008، وتحاول المخرجة فيه وبنجاح محدود، ربط اتجاهين تسجيلين، أحدهما عن أم  سورية شابة، تبحث عن عمل في مدينة دمشق، والآخر عن تنامي الإقبال على دمية محجبة للفتيات في سوريا، وما صار يعينه ذلك، من هيمنة أفكار دينية متشددة على المجتمع وبالخصوص النساء فيه.
 

مقدمات برنامج “كلام نواعم”

هذا في مقابل تصاعد أهمية عمل المرأة، ولظروف اقتصادية غالبا، وكحال الأم الشابة بطلة الفيلم التسجيلي.

مدن الأموات والأحياء
ومن أفلام الربيع العربي التي يمكن مشاهدتها مقابل دفع مبلغ مالي: فيلم “مدينة الأموات” للمخرج البرتغالي “سيرجيو تريفاوت”، عن زحف الأحياء المصريين إلى مدن الأموات، وتشييدهم لحياة كاملة في المقابر هناك، لا تختلف كثيرا عن مثيلتها في أحياء سكنية عادية، عدا أنها غائصة بشكل أعمق في وحل الفقر والإهمال.
فيلم “ملكات الستلايات” للمخرجة الهولندية “بريجتية فان دير هاك”، عن ظاهرة البرنامج التلفزيوني  “كلام نواعم” والذي يعرض منذ سنوات  على إحدى الشاشات العربية، إذ  ترافق المخرجة مقدمات البرنامج، وتحاول أن تصل إلى إجابات عن حقيقة  “الصوت الخاص” للبرنامج التلفزيوني النسائي، الذي ترى مقدماته بأنه يعكس حراكا نسائيّا عربيّا مهمّا.

 فيلم “مائة متر” للمخرج “جيان لويس دي نو”، عن الرحلة الخطرة التي يقطعها يوميا مئات من المغاربة من آخر نقطة جغرافية في أوروبا، إلى المغرب، محملين بالبضائع الأوروبية الرخيصة، لبيعها في بلدهم، كطريق لتحصيل الأموال، في بلد يعاني الكثير من المشاكل الاقتصادية.


إعلان