أيام الفيلم الجزائري في الأردن.. محاولات للتمازج
في الهواء الطلق بساحة العرض بالهيئة الملكيّة الأردنية للأفلام انطلقت “أيام الفيلم الجزائري” في العاصمة الأردنية عمّان؛ بمبادرة من الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي وبتنظيم ورعاية من الهيئة.
وعلى مدى ثلاثة أيام بين التاسع عشر والحادي والعشرين من حزيران/ يوليو 2011، تردّدت اللهجة الجزائرية على ألسن كثير من الحضور الذين غلبت عليهم الجنسية الجزائرية، فيما تنوعت الأفلام المعروضة ما بين درامي وكوميدي.
السينما الجزائرية وواقع التمويل
وقال المتحدث بإسم الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي السينمائي “نبيل حاجي” في حديث خصّ به “موقع الجزيرة الوثائقيّة” إن المبادرة جاءت بهدف التعريف بالمشهد الثقافي الجزائري خارج حدود الوطن، ولإتاحة الفرصة للجماهير الأردنية للإطلاع على أفلام من أبرز المنتجات السينمائية الجزائرية الحديثة.
وتطرق “نبيل حاجي” إلى واقع السينما الجزائرية التي تعيش في الوقت الحاضر تحولاً اقتصادياً وإنتاجياً، إذ كانت الدولة في السابق هي المموّل الوحيد لإنتاج الأفلام وهي المتحكم والمسيطر عليها، لكن ومنذ مطلع التسعينات انتقلت البلاد إلى نوع من التحول الاقتصادي الليبرالي، فتخلت الدولة تدريجياً عن سيطرتها على إنتاج السينما وصار المخرجون والمنتجون أصحاب شركات إنتاج وممولين لمشاريعهم السينمائية.
وأكد “حاجي” أنه ورغم دعم وزارة الثقافة الجزائرية البسيط لإنتاج الأفلام والذي لا يتعدى 20% من ميزانية أي فيلم وذلك من خلال صندوق دعم السينما، إلا أن ذلك يجبر المنتجين والمخرجين البحث عن مصادر أخرى للتمويل سواء من الداخل أو الخارج البلاد، فالتمويل هو المعوق الأساسي للمنتجين بسبب غياب وجود شركاء لمشاريعهم.
ويرى المتحدث إن السينما الجزائرية تقسم وفقاً للأجيال؛ فجيل الستينيات والسبعينيات ارتبط بالسينما الثورية وكفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي ومن ثم التحولات التي شهدها الشعب، فيما يذهب أصحاب السينما الاجتماعية إلى تناول القضايا الاجتماعية واليومية التي تشغل الإنسان الجزائري، ويرتبط القسم الثالث والحديث بجيل الشباب وإنتاجهم لأفلام ترتبط بطموحاتهم وقضاياهم من الهجرة إلى أوروبا وقضايا المرأة وغيرها.

أفلام الأيام الجزائرية
رئيسة دائرة السينما والسمعي البصري “نبيلة رزايق” في الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي أشارت في حديثها لـ “موقع قناة الجزيرة الوثائقيّة” أن الأفلام التي عرضت خلال الأيام السينمائية في عمّان ليست أفضل الإنتاجات، إنما تم الاختيار بين الوكالة والهيئة بعد اقتراح عشرة أفلام من آخر الأعمال التي أنتجت خلال السنوات الأخيرة، فتم اختيار ثلاثة أفلام وفق رواج الفيلم وتنوع طريقة الإنتاج والإخراج؛ فهناك الفيلم بميزانية عالية ودعم وشراكة بين الجزائر وبلدان أخرى وهو “خارجون عن القانون”، وهناك الفيلم الذي انتشر وأحبه الناس وحصل على جوائز عالمية وهو “مسخرة”، وهناك الفيلم من الإنتاج الجزائري مئة بالمئة ونموذج من الإنتاج النسوي وهو “وراء المرآة”.
“خارجون عن القانون”
اختير فيلم “خارجون عن القانون” لمخرجه “رشيد بوشارب” ليُعرض في اليوم الأول من “أيام الفيلم الجزائري” في الأردن، وهو من النوع الدرامي، من إنتاج عام 2010. تدور قصة الفيلم بين عامي 1945 و 1962، ويحكي عن حياة ثلاثة أخوة عاشت عائلتهم مجزرة سطيف بالجزائر، وإختارت الهجرة من أرضها بعد المجازر الفظيعة التي إرتكبتها القوّات الفرنسيّة.
ويتطرق إلى مجموعة من الأحداث المتسلسلة في واحدة من محطات الثورة الجزائرية.
فكل واحد من الأشقاء يعيش سجالات مختلفة السيناريوهات في المقاومة الوطنية ضد الاحتلال الفرنسي والعنف ضد الخارجين عن القانون. يُذكر أنّ الفيلم قد رشح لجائزة السعفة الذهبية في مهرجان “كان” الدولي 2010 ولجائزة الأوسكار أيضا عن أفضل فيلم أجنبي 2011، وبلغت ميزانيته نحو 20 مليون دولار.

“مسخرة”
بنيت قصة الفيلم “مسخرة” الذي عرض في اليوم الثاني على ثيمة الإشاعة التي يتعلق بها الناس ويصدقونها لدرجة أن تصبح حقيقة، فمخرج الفيلم إلياس سالم وبطله، تعمّد توظيف الكوميديا الرومانسية ليستعرض مشكلة العنوسة وانتشارها في المجتمعات الفقيرة بالجزائر، حيث يعيش منير (إلياس سالم) مع عائلته في قرية صغيرة في قلب جبال الأوراس الجزائرية، وأخته “ريم” تقف حائلاً بينه وبين تحقيق أحلامه بالمكانة الإجتماعية في قريته وذلك بسبب إصابتها بمرض النوم المفاجئ والذي يمنع الرجال من التقدم لخطبتها؛ وفي إحدى الأمسيات، يعود منير إلى القرية ثملاً، ويعلن أنه وجد عريساً غنياً لأخته، وتبدأ التحضيرات للعرس لتتابع مجريات الفيلم وأحداثه الكوميدية. “مسخرة” ويعود إنتاجه لعام 2008 بحيث فاز بعدة جوائز في مهرجانات دولية منها: “دبي”، و”قرطاج”، و”القاهرة”، وجوائز “لوميير” الفرنسية.
“وراء المرآة”
أما الفيلم الأخير والذي أخرجته/ نادية شرابي ، فأنتج سنة 2007، ويحكي قصة الفتاة “سلمى” التي تعرضت للإغتصاب من زوج أمها وحملت منه، فطردتها أمها من البيت هي والطفل، لتهيم في شوارع العاصمة الجزائرية، وتقرر فجأة التخلي عنه في سيارة أجرة، حيث يحتفظ به السائق “كمال” والذي صادف أنه هو أيضاً لقيط بلا أب أو أم، وتدور الأحداث بـ “سلمى” فتعاني في الشوارع حتى تجد مأوى لدى رجل محترم، وتلتقي أخيرا بـ “كمال” مرة أخرى، وتحاول إستعادة طفلها منه، وتحاول أن تعود للإنتقام من زوج أمها، إلا أنها و”كمال” يقرران أنه لا يستحق أن تضيع حياتهما من أجل مجرم مثله. الفيلم من إنتاج جزائري خالص شارك في المسابقة الرسمية في العديد من المهرجانات العربية والدولية منها: “مراكش”، و”دمشق”، و”وهران”.