“أميرلاي” حاضر بمهرجان الأفلام الفرنسية العربية
دورة جديدة لمهرجان توقف لسنوات، في المركز الثقافي الفرنسي في دمشق تحت عنوان “مهرجان الأفلام الفرنسية العربية” ليتابع هذا المركز دوره في ملء ثغرة كبيرة في خارطة النشاط السينمائي…
بدأ المهرجان – حيث لم يظن أحد أن بإمكانه البدء- باندفاعة زاد في وهجها مشاركة مجموعة من الأفلام طال انتظارها وطال غيابها، عن شاشات البلد، وعن أبصار جمهور السينما فيها ولكن بكل تأكيد ليس عن بصائرهم.
لم يمضِ وقت طويل على الوعد؛ قد يبدو الوقت طويلاً وقد جرى فيه ما جرى، أما إذا حسبنا من وقت انتهاء مهرجان أيام سينما الواقع “دوكس بوك” المنصرم وحتى الآن فنحن أمام أقل من أربعة أشهر جابهت سنين طويلة من المنع الذي كان من نصيب الأفلام المقصودة، ومن نصيب صاحبها “عمر أميرلاي”.
من بين الأفلام السبعة عشر التي سيعرضها المهرجان توجد ثلاثة أفلام لـ”أميرلاي”، الذي غادرنا في شباط الماضي، برزت كأنها الحامل الأساسي للمهرجان والجاذب الأكبر لجمهور ملأ صالة العرض كما ملأ الأجواء لسنين ماضية سؤالاً واستفساراً وبحثاً عن أفلام يشعر أنها تمثله، وأنه يفتقد لأمثالها…
تلك الأفلام الثلاثة التي سيعرضها المركز الثقافي الفرنسي تحت تسمية “بدايات عمر” كتحية خاصة له لا تمثل في الحقيقة “بدايات عمر” فقط، ولا تخص عمر فقط، بل هي وبشكل خاص تهم وتشكل هاجساً لدى غالبية السوريين الشاعرين بانقطاع ما أصاب تاريخهم، وذاكرتهم، وعلى وجه الخصوص الشباب منهم.

أفلام أميرلاي الأولى المعروضة في المهرجان؛ “محاولة عن سد الفرات” 1970 مدّتها الزمنيّة لا تتجاوز الإثني عشرة دقيقة، وفيلم “الحياة اليومية في قرية سورية” العام 1974 مدّته ساعة و25دقيقة، وفيلم “الدجاج” 1977..هذه الأفلام التسجيلية ربما شهدت بصدق كما لم يشهد أي شيء آخر في هذه البلاد على واقع “وقع” في تلك السنوات “الغابرة” تحت وطأة كل النوازع السياسية – وربما الذاتية- في كل الاتجاهات، بحيث بقي “التسجيلي” بعين عمر الأكثر شفافية وقرباً من المقاربات السينمائية الأخرى للواقع في الروائي، ومن المقاربات غير السينمائية أيضاً.
عندما وثق “عمر” تلك الأيام برفقة الكاتب المسرحي “سعد الله ونوس” لم يكن يتوقع – كما يمكننا أن نخمن- أنه بذلك يسجل ويشهد، يدين ويعري، لتصبح الوثيقة مادة تاريخية خطرة وممنوعة كالمواد المصورة التي أصبح الشباب العربي في أيامنا هذه يجابهون بها فوهات البنادق والدبابات والسيوف والجمال، لكن “عمر” كان يتفوق في سلاحه على شباب اليوم، بنيته “الفنية” المبيتة، وبسخريته تلك، ومزاجيته الخاصة جداً وقد أصبح الواقع أمامه بنقاط علامة مثار جدل وتحليل عميق، لتكون المجابهة عينها في الصراع عينه ولكن على مساحة واسعة سعة الثقافة عينها.
إذاً ها هي بالنسبة إلى الكثيرين وقد أفرج عن بعض أفلامه فرصة استكمال المشهد المخفي، المشهد الكبير الغائر في ذاكرة سنين ماضية، كان بقي منه بصيص ضوء مخبأ في أشرطة سينما لا ينتظر إلا “عجلةً تدور” لتضع المشهد بكامل إضاءته على شاشة سينما كبيرة أمام أعيننا.
بدأ المهرجان في الثالث من تموز الجاري ويستمر حتى الثامن عشر منه بالأفلام التالية بالإضافة إلى أفلام “عمر”:
“بشر وآلهة” للمخرج / كزافييه بوفوا. “التجلي الأخير لغيلان الدمشقي” لهيثم حقي، و”ميناء الذاكرة” لـ”كمال الجعفري”.
“احكي يا شهرزاد” لـ”يسري نصر الله”؛ والفيلم التونسي – الفرنسي”حيرة” لـ /نجوى إمام سلامة. “ثلاثون” لفاضل الجزيري، “براق” لمحمد مفتكر، “حرائق” لدوني فيلنوف، “الزمن الباقي” إليا سليمان، “بوسطة” اللبناني لفيليب عرقتنجي، “ميلودراما حبيبين” لهاني طمبا، “ميكروفون” لأحمد عبد الله، الفيلم السوري “روداج” لنضال الدبس، “مطر أيلول” لعبد اللطيف عبد الحميد، تعرض الأفلام في مدينتي “حلب”، و”اللاذقية” بالإضافة إلى “دمشق”.