انتشال التميمي:مهرجاننا يسوي بين الوثائقي والروائي

عندما تراقب حركة انتشال التميمي (مدير البرمجة العربية ) في مهرجان أبو ظبي السينمائي الدولي، ينتابك شعور بأن 24 ساعة من اليوم لا تكفيه لكي يتم عمله. ولكنه رغم ذلك فإنه لا يترك نقاشا نقديا إلا ويمر به ولا حوارا إلا ويساهم فيه ويخصص وقتا تقريبا للجميع.. التقته الجزيرة الوثائقية أثناء الغداء لأنها اللحظة الوحيدة التي يمكنه أن يتبرّع بها للتفكير والحديث عن أمور لا علاقة لها بالمهرجان. ولكننا حتى غداءه أردناه حوارا حول المهرجان….
 
سؤال كلاسيكي ماهي خصوصيات هذه الدورة  ؟
أعتقد أن أي مهرجان  يريد الاستمرار عليه  أن يتبوأ  موقعا مع  خيرة  المهرجانات السينمائية  سواء بالمنطقة  أو عالميا وبالتالي  يسعى لأن يقدم شيئا متميزا و وغير ذلك  يجعل المهرجان في حالة موت. فالتقدم مهم جدا وأساسي ولذلك تقاس المهرجانات بمدى قدرتها على أن تتطور سنة بعد سنة وهذا أمر طبيعي.
فهذا المهرجان في أولى بداياته كان محتشما  وكان التركيز فيه أكثر  على البهرجة  والنجومية  فقط لا غير .

بعقل “تسويقي” يعني؟
أما في السنة الثانية فقد شهد المهرجان نقلة  نوعية ويعود الفضل فيها الى الأستاذ سمير فريد  الذي ساهم الى حد كبير في  ادخال السينما العربية بشكل أوسع في المهرجان  ,فالسنة الأولى كانت  الانطلاقة فيها  بفيلم واحد أو فيلمين  على ما أعتقد أما السنة الثانية فكانت ب 8أفلام .

الأستاذ سمير فريد كان معكم منذ البداية.. على ما أعتقد  ؟
-أعتقد أنه كان هنا  منذ الدورة الأولى وليست الثانية …أما الدورة الثالثة فقد عرفت وجود  مسابقات و جوائز خاصة للأفلام العربية. وما ميز المرحلة أيضا هو بروز  السينما العربية بشكل جيد  وهذا يمكن  اعتبار ه أساسيا وضروريا .
أما السنة التي تلتها  فأصبحنا نتحدث  عن “صندوق سند” وكان هناك تطور في البرنامج  على نطاق واسع وفي كل دورة أصبح  هناك أمر  جديد وهذه السنة سنواصل  العمل  وتطوير ما تحقق في السنوات السابقة وهذا الأمر هو مواصلة لعمل مجموعة الطواقم و والمدراء السابقين.
 ومن الملاحظ أيضا  أنه بعد 6سنوات أصبح هناك احساس بنوع من الاستقرارمن ناحية المواد.
وبالتالي حققنا شهرة للمهرجان حتى على مستوى عالمي واتسعت دائرة المسابقات فهنالك  مسابقة للأفلام الروائية العالمية وبها جائزتان مخصصتان للأفلام العربية ومسابقة “آفاق جديدة” عالمية  تحتوي  جوائز للأفلام الوثائقية والأفلام القصيرة وهناك جوائز منفصلة  منها مسابقة أفلام الامارات التي تشمل كل الخليج .

علي الجابر المدير الجديد لمهرجان أبو ظبي

هل لك أن تقيم لنا تجربة الإدارة ؟
كل ادارة لا تأتي من فراغ فهناك إدارة تصنع المعجزات وادارة أخرى تصنع أشياء سيئة والإنجازات السابقة لم تكن مرتبطة بشخص معين بل كانت مرتبطة بفريق عمل ولكن كان هنالك  دور خاص للمدراء السابقين  سواء في أن تكون النتائج سلبية أم ايجابية. فكنت تجد أحيانا الرئيس يعمل ضد الفريق ويكون العمل سيئا  وأحيانا الفريق يعمل مع الرئيس ويكون عمله جيدا. فأعتقد أنه ما  تم على الأقل الى حد الان هو تطورللمهرجان وبشكل طبيعي فالأستاذة نشوى الرويني رغم اختلافي معها في طريقة البرمجة فإني أشيد بأنها قامت بدفع المهرجان بقوة نحو التطور   دون أن ننسى أن هناك أشخاص اخرين كان لهم الدور نفسه .  ونحن لم يمر علينا أن عايشنا أناسا قياديين من غير هذا المجال . فكفانا فخرا أن علي الجابر مدير المهرجان هو ممثل ومخرج وليس شخص أتى من مجال آخر هو ابن المهنة ووجوده المعنوي يضيف الى المهرجان معنى خاصا.

كل الملاحظون والمراقبون هنا لمسوا تطورا ملحوظا للمهرجان وأنا اتفق معهم وشخصيا لاحظت نقلة نوعية لأفلام سند فهل لك الآن أن تقيم هذا النوع من الأفلام ؟
أفلام سند تعتبر  تجربة رائدة فهناك مجموعة من أشكال الدعم التي تقدم بالمنطقة العربية بعضها مرتبط بالمهرجانات وبعضها مرتبط بالدول والبعض الاخر مرتبط بالمؤسسات.. الخ فتلك التي ترتبط بالدول لدينا مثال الجزائر في بدايات  الاستقلال قدمت دعما كبيرا جدا للسينما الجزائرية وتونس كانت الرائدة في فكرة الدعم التي كانت تستمدها  من التجارب الأوروبية الموجودة ولحقتها المغرب التي كانت في السنوات الأخيرة  الأبرز في هذا المجال  ووصلت الى 13 و14 فيلم بالسنة.. وكذلك غيرها من الدول ثم في مصر ثم في بيروت كانت هناك تجربة صغيرة مع الدنماركيين …
ولكن المهم هو هذا الأمر صار جزءا في خارطة المهرجانات العربية وبخاصة في مهرجان  أبوضبي للسينما  وبدأنا سنة 2009 بدعم 3 أفلام وهي لمحمد الدراجي فيلم ابن بابل و”كمال الجعفري” و”شيوعيين كنا”.

هل كل هذه الأفلام أحرزت على جوائز ؟
نعم كلها أحرزت على جوائز وهذه الأفلام شاركت في عديد المهرجانات  ومنها الفيلم الوثائقي  أحرز على جائزة أحسن فيلم ومنها ايضا فيلم ابن بابل الذي كانت له مشاركات هامة في  120 مهرجان دولي .
واجتمعت قيادة المهرجان في أبوظبي مؤخرا  وتمت المصادقة على 500 ألف دولار كدعم مخصص للسينما العربية فقط .وأعتقد أن هذه التجربة كانت ناجحة وقدمت نتائج ملموسة  ونحن محظوظون أكثرمن غيرنا على مستوى الخبرة  وأن نتائجنا كانت الأبرز وهذا لا يعني أن  الادارة التي  تقود كل من  انجاز والدوحة للأفلام  تقل اهتماما عن ادارتنا .هذاو كان الاهتمام متزايدا بالسينما الجادة والسينما الشابة   .
كما أعتقد أن الدعم تم  في اتجاه الأفلام الوثائقيةعلى وجه أخص.

كلما قلنا دعم قلنا شروط وهذا معروف في سينما المغرب الغربي من قبل الدول الغربية فهل الأمر كذلك مع سند ؟
لا أعتقد أن الجهات الأجنبية لها هاجس الشروط ولكن اللجنة الأجنبية توجهنا فنيا من ناحية الشكل ومن ناحية صياغة الفيلم و بنائه أيضا.
 ومن المؤكد نجاح  أي شكل من أشكال الأفلام الجماهيرية لن يكون   له علاقة بالجانب الايديولوجي أو أي توجه ديني  أو غير ذلك  كما  لن تجد مكانا أيضا للأعمال الموغلة في نقد أصحابها  لمجتمعاتهم. واذا ما  نظرت الى الأعمال المشتركة ستجدها  في الحقيقة لاتقل عن85 بالمائة وتعد  أفضل الأفلام العربية في تاريخ السينما. وإذن ما جدوى الحديث  عن تأثير ايديولوجي والحال أننا   وبعد 10سنوات نجد نفس الفيلم يشار اليه  على انه الأفضل على الاطلاق  .
نحن سعداء أنه 4 من أصل 7 أفلام في تورنتو هي من أفلامنا والعام الماضي أيضا 5 من أفلامنا من أصل 9 افلام كانت حاضرة. وهذا يعطي نوعا من الصدى لنا وهذه السنة الفيلم العربي الوحيد الذي سيشارك في مهرجان “كان” هو فيلم مدعوم من قبل سند .

يقول البعض أن الذين شاهدوا حضور مسعود أمر الله هنا أن الجليد قد انقشع بينكم وبين مهرجان دبي ..

فيلم ابن بابل احدى تجارب “سند” الناجحة جدا

أنا  أعتقد أن المهرجانات الثلاث في الخليج (مهرجان أبو ظبي ودبي الدوحة) هي متنافسة  فيما بينها وأنا عندما  أتحدث عن رأيي فلأني كنت  من  بين الأوائل  الذين كانوا متواجدين في مهرجان دبي وأتصور أن  الخلطة التي قدمها مهرجان دبي هي خلطة رائدة بالمنطقة. وايضا بالدوحة شاهدت نسبة متميزة  للحضوروعليه فان هذه المهرجانات ستضل تتنافس وبشكل شديد وسيكون هذا التنافس مستمرا وله أثره في  المنطقة.
 أنا ضد الأفكارالطوباوية ووضعنا الحالي يختلف عن الدوحة ودبي فأنا ضد فكرة توحيد مهرجان أبوظبي ودبي وأتحدث كمختص فليس هناك في أي مهرجان غربي فكرة التوحيد هذه.  لأننا مختلفون عن  دبي ولدبي خصوصيتع أيضا.
 ففي دبي مثلا هناك مسابقتان للأفلام العربية وأخرى للأفلام الآسيوية والافريقية أما في الدوحة فهناك مسابقة للأفلام العربية فقط. بالتالي نحن نتقاطع بشكل مطلق فمسابقتنا ما لها من علاقة فهي مسابقة دولية .

ماذا قدمتم للفيلم الوثائقي ؟ يعني هل هو خيار استراتيجي من خياراتكم ؟
الفيلم الوثائقي فيلم لم تكن له من قبل فرصة سانحة للانتشار.  فلا يقصد الناس السينما لمشاهدته. فرصته الوحيدة هي المهرجانات ولكن بعد تأسيس الجزيرة وخاصة الجزيرة الوثائقية وكذلك العربية أصبح هناك وضع مختلف للفيلم الوثائقي وأصبحت هنالك حاجة ماسة لملء الفضاء التلفزيوني بوجبة وثائقية. فصارت أول مرحلة لتطوير هذا العمل ومع ذلك فقد ظلت موازنات الفيلم الوثائقي هي نفسها موازنات البرنامج التلفزيوني في مدته  المحددة بساعة واحدة.
ولكن الفيلم الوثائقي بعد تأسيس” انجاز” في دبي و”سند ” في أبو ظبي و”الدوحة للأفلام” أصبح ترصد له ميزانية نظامية تشبه الميزانية النظامية للفيلم الوثائقي العالمي بحيث أن الفيلم الذي  يحتاج الى مبلغ ما كان ليحصل عليه كاملا .
والآن في أبو ظبي أصبحت الميزانية المرصودة لدعم الفيلم الوثائقي ضعف ما كانت عليه   في السابق.

هل جعلكم ظهور الفضائيات الوثائقية  تراهنون أكثر على الوثائقي؟
نحن نتعامل مع الفيلم الوثائقي بنفس المستوى مع الأفلام الروائية ونتعامل مع أفلام آفاق جديدة بنفس المستوى وبالتالي  ليس لدينا مسابقة أساسية واحدة فمسابقة الأفلام الروائية رئيسية والوثائقية رئيسية وافاق جديدة رئيسية وهذا خيار استراتيجي وجوائزنا واحدة .
ونحن من أصل 7 أفلام لدينا نصفها وثائقية وهي الأكثر حظوة بالمهرجانات الدولية والدليل على ذلك أن أول مبادرة في 2009 كانت تدعم الفيلم الوثائقي بشكل خاص فمن أصل 3 أفلام كان الدعم موجها لاثنين منها للفيلم الوثائقي.


إعلان