مؤسسة الدوحة للأفلام تدعم الإنتاجات العربية

حوارات ولقاءات ونقاشية ساخنة في مهرجان الدوحة السينمائي الرابع

الدوحة – حسن محمد
تتواصل بالدوحة فعاليات مهرجان الدوحة السينمائي الرابع من خلال تنظيم مجموعة من الفعاليات والأنشطة واللقاءات مع ضيوف المهرجان من نجوم ومخرجين ومنتجين وغيرهم من المنتسبين لعالم السينما حيث تطرح على طاولة النقاش العديد من القضايا التي ترمي إلى وضع تصورات لمستقبل السينما خاصة في المنطقة العربية، فضلا عن فتح نقاش حول الإنتاجات الجديدة التي ستتولى مؤسسة الدوحة للأفلام دعمها.

مؤسسة الدوحة للأفلام تدعم 27 فيلما
في هذا السياق، أعلنت مؤسسة الدوحة للأفلام، عن نيتها تمويل 27 مشروعا سينمائيا جديدا من أصل 211 طلبا توصلت بها وذلك من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ضمن دورة منح الخريف. ويمثل الحاصلون على المنح مجموعة غنية وواسعة من مختلف الجنسيات، حيث يأتي معظمهم من الدول المعروفة بغزارة إنتاجها السينمائي مثل الجزائر ومصر ولبنان والمغرب، إلى جانب الأردن وسوريا، ولأول مرة إقليم كردستان في العراق.
وقد نال منح المؤسسة لهذه الدورة 11 فيلماً روائياً طويلاً و5 أفلام قصيرة و9 أفلام وثائقية وفيلمان تجريبيان طويلان، لمخرجين وسينمائيين صاعدين ومعروفين، منح الدعم من المؤسسة للمشاريع الروائية العربية، كما حصلت على منح التمويل العديد من المشاريع المبتكرة والإبداعية المليئة بالتحديات، والتي تسعى للحصول على دعم لمرحلة الإنتاج.

                             فريق عمل فيلم ظل راجل

وتحوي فئة الأفلام الروائية الطويلة مشاريع قدّمها مخرجون كبار مثل فيلم الأسطح للمخرج مرزاق علواش، وفيلم الوادي للمخرج غسان سلحب، إلى جانب أفلام درامية عاطفية مثل سرير الأسرار، وعدد من المشاريع التي تتطرّق لموضوعات جادة بطريقة توضيحية وأسلوب حساس مثل موضوع الهجرة في فيلم دي فيلت، والفيلم الروائي الطويل ذكريات الحجر، وهو من إنتاج عراقي كردي مشترك، ويتناول قصة الإبادة الجماعية للأكراد في العراق. وللقصص الكوميدية نصيب كبير في هذه الفئة مع مشاريع مثل علي معزة، وعيد الحبّ، وأنا ومردوخ، والتي حصلت جميعها على منح التمويل.
من جانبها، تناقش الأفلام الوثائقية الحاصلة على المنح أحداثاً سياسية هامة وتاريخية في المنطقة، مع أفلام مثل فراعنة مصر الجدد ويتمحور حول الثورة المصرية في العام 1952 وحتى إسقاط حكم الرئيس حسني مبارك، وفتيات القذافي ويحكي عن فرقة النساء التي استخدمها الرئيس القذافي لتجنيد الحارسات الشخصيات، وديمقراطية سنة صفر، وهو عن الثورة التونسية ضد الحكم الاستبدادي لنظام الرئيس زين العابدين بن علي.
وحول الدعم الذي ستقدمه المؤسسة، قال عبدالعزيز الخاطر، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدوحة للأفلام: “يعتبر تقديم الدعم والتسهيلات للسينمائيين من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بما يتيح لهم إنتاج أفلامهم وإيصال رسائلهم إلى الجمهور، أحد أهم الأهداف التي تسعى المؤسسة إلى تحقيقها. وتعكس العديد من هذه القصص التغيرات الاجتماعية والسياسية التي تطرأ على المنطقة، وتُظهر القوة الفريدة التي تتمتّع بها الأفلام كوسيلة للتعبير عن تلك التغيرات”.

خبراء يناقشون موضوع التمويل
من جانب آخر، اجتمع خلال الأيام الأولى للمهرجان الذي يستمر حتى يوم السبت 24 نوفمبر، خبراء تمويل الأفلام لتشارك الرؤى والمعارف حول قطاع السينما العالمية، حيث ترأس كل من بول ميلر، مدير قسم تمويل الأفلام في مؤسسة الدوحة للأفلام؛ وهال سادوف، مستشار التمويل الإعلامي، جلسة نقاشية، باستضافة “ميراماكس”، حول استراتيجيات الاستثمار في قطاع السينما العالمي، وذلك يوم الأحد 18 نوفمبر. وتمحورت نقاشات الجلسة حول كيفية تمويل الأفلام، والطبيعة المتغيّرة لاستديوهات التصوير مقابل المعنى الحقيقي للإنتاج السينمائي.
وخلال افتتاح الجلسة النقاشية، قال سعادة الشيخ حمد بن فيصل بن ثاني آل ثاني، أحد أبرز وأهم الشخصيات في قطاع الأعمال في قطر، ورئيس مجلس الإدارة، والعضو المنتدب في بنك “الخليجي”: “هناك اهتمام بالغ بالسينما في قطر، وحرص زائد على تطوير قطاع السينما المحلي، وهنا يتجلى دور مؤسسة الدوحة للأفلام في تحقيق الرؤية المستقبلية في تطوير ثقافة سينمائية متميزة في الدولة.”  وواصل الحديث عن سعي قطر الحثيث لإضفاء التنوع الاقتصادي في المنطقة، وأشار إلى أن هناك فرصاً مثالية بانتظار الجهات الإعلامية المعنية المتواجدة في المنطقة، نظراً إلى ا��خطوات التنموية المتسارعة التي يشهدها قطاع السينما العالمي، وأردف بقوله: “أنا على ثقة أن الجلسة النقاشية ستلهم الشركات للاستثمار في الأفلام المحلية والإقليمية والعالمية، علماً أن الجلسة لا تتمحور حول الأعمال فحسب، فالأفلام تقدّم الإلهام وتحفّز على إحداث التغيير الاجتماعي الإيجابي وتتناول المواضيع والقضايا الملحّة التي يكون لها تأثير عميق على ثقافة المجتمع.”
وعرفت الجلسة النقاشية الخروج بمجموعة من النتائج الرئيسية والتي تهدف إلى فتح المجال أمام قطاع السينما ليكون مستثمرا حقيقيا من خلال توفير أدوات اكتساح الساحة العالمية، وتحقيق نمو متسارع للقطاع في هذا المجال، من خلال شباك التذاكر الذي حقق عام 2011 33.6 مليار دولار والذي من المتوقع أن ينمو ليصل عام 2016 إلى 93 مليار دولار، وغير ذلك، من الأرقام التي تم التوصل إليها من خلال مداخلات الخبراء في هذا المجال حيث ضمت قائمة المتحدثين في هذه الجلسة النقاشية كلا منسام كوزايا، شريك في شركة “لاينر جرود” للمحامين من الولايات المتّحدة وأوليفر سايمن، مؤسس ورئيس مجموعة “إم كيه ميديا”، من المملكة المتّحدة وجوديث تشان، المدير الأول لتطوير قطاع الأعمال في بنك “كوتس”، من المملكة المتّحدة  وكورت وولنر، رئيس شركة “فيلم فاينانسيز”، من الولايات المتّحدة وبيير دو بليس، نائب المدير التنفيذي في شركة “باث”، من فرنسا وروبرت آرتس، الرئيس التنفيذي في “فينتج هاوس”، من الولايات المتّحدة.

لقاء مع دي نيرو
وفضلا عن هذه الفعاليات تواصلت الفعاليات الفنية واللقاء ما بين نجوم السينما في المهرجان، حيث كان الحدث الأبرز الحوار المباشر مع النجم العالمي روبرت دي نيرو يوم الأحد الماضي (18 نوفمبر) حيث خاطب الممثل الشهير الحائز على جائزة الأوسكار عن فيلم العراب – الجزء الثاني وفيلم الثور الهائج، الجماهير على مسرح الريان بعد أن كان قد لقي ترحيبا حارا غداة تحدثه عن سيرته المهنية الغنية خلال جلسة المحادثة مع مدير قسم الإبداع في شركة ترايبكا جوف غيلمور.
فعشية العرض الأول في منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا لفيلمه الأخير سيلفر ليننيغ بلاي بوك الذي عرض في مهرجان الأفلام في تورونتو والذي أخرجه ديفيد أو. راسل، والذي عرض يوم الاثنين 19 نوفمب ر بمسرح الريان، تحدث دي نيرو عن نهجه في التمثيل والتدريبات التي كان يقوم بها في استديو الممثلين مع إستيلا أدلر، وقال: “بخلاف المسرح الذي لا بنية له، تخضع صناعة الأفلام لعملية خاصة، وأنا أشعر شخصياًأن ما يجري يتماشى دوماً ما دام لا يؤذيني ولا يؤذي الآخرين”.
وردا على سؤال حول نظرته للتمثيل وما إذا كانت قد تغيرت خلال السنوات الاخيرة، قال دي نيرو:”أشعر أني تركت ورائي كل الأشياء التي كانت تقلقني وتشغلني،لذا أشعر اليوم أني حر أكثر.” وفي معرض حديثه عن أدواره الكوميدية والدرامية التي أدّاها خلال سنوات عديدة، من فيلم لقاء الوالدين إلى حلل هذا إلى اقتل الكلب، أشار دي نيرو إلى أهمية التوقيت عند لعب أدوار كوميدية: “عليك أن تكون خفيف الظل في الكوميديا، ولكنني أفضلها عندما تكون خليطاً من الكوميديا والدراما والسخرية والأوقات التي لا ينطق فيها الممثل بأية كلمة، هذا أكثر ما أحب”.

                               فريق فيلم التائب

لقاء مع مبدعي الأعمال العربية
أما بخصوص اللقاء الأخرى ن فقد عرف المهرجان يومي الاثنين والثلاثاء (19 و20 نوفمبر) تنظيم لقاءات مع مخرجي وأبطال الأفلام العربية المشاركة ي المسابقة الرسمية للمهرجان، حيث كان الموعد يوم الاثنين مع كل من مخرجة فيلم “جمر” تمارا ستابيان التي أكدت أن الفيلم الذي تشارك به تبحث من خلاله عن شيء تعرف المشاهد عليه والذي يتمثل هذا في رحلة جدتها في الحياة، مشيرة إلى أنه يهدف أيضا لاستكشاف بلدها أرمينيا، ومن خلال جدتها تحدثت عن جيلين كاملين، كما كان هناك لقاء مع فريق الفيلم اللبناني “النادي اللبناني للصواريخ” بحضور مخرجي الفيلم جوانا حاجي توما وخليل جريج والذي يسلط حقبة على حقبة منسية من تاريخ لبنان، حيث قال مخرجا الفيلم الوثائقي أنهما انطلقا من طابع بريدي يحمل صورة صاروخ لبناني لصناعة هذا الفيلم. ومن بين الحاضرين في هذه اللقاءات أيضا هناك طاقم الفيلم المصري “عشم” حيث أكدت مخرجته ماجي مرجان أن الفيلم جماعي وكل الموجودين فيه أبطال حيث منحوا أدوارا متساوية، ونفت أن تكون العلاقات الثنائية بين الأزواج في الطبقات المرفهة قد شهدت حالة من التشاحن باعتباره أمرا مقصودا، علما أن الفيلم يتناول مسارات ستة أزواج خلال فترة الاضطرابات التي سبقت ثورة 25 يناير بمصر. كما حضر أيضا المخرج التونسي محمود بن محمود رفقة كل من الفنانين سندس بلحسن وأحمد الحفيان بطلي فيلمه “الأستاذ” الذي يشارك في المسابقة الرسمية ويتناول وضعية حقوق الإنسان في تونس عام 1977.
أما يوم الثلاثاء فكان اللقاء مع كل من إبراهيم فريتح مخرج فيلم “ذكريات ملاعب” رفقة بطل الفيلم يانيس بهلول، حيث قال فريتح أن الفيلم محاولة لاستعادة طفولته ، كما حضر مخرج فيلم “آه يا جسمي” لورنت أيت بنالا للحديث عن ظروف إنتاج فيلمه الوثائقي الذي يصور كواليس راقصين وكيف يستعدون للتعامل مع أجسادهم من خلال هذه المهنة، فيما خصصت الجلسة الثالثة لفيلم “التائب” للمخرج الجزائري مرزاق علواشش الذي حضر رفقة بطلي فيلمه نبيل عسلي وعديلة بنديمران حيث اكد أن الفيلم الذي يواصل من خلاله النبش في العشرية السوداء بالجزائر في تسعينيات القرن الماضي وأخيرا تم عقد جلسة مع حنان عبدالله مخرجة فيلم “ظل راجل” الوثائقي المصري والذي تتبعت فيه المخرجة حنان عبدالله مسار أربع نساء ما قبل ثورة 25 يناير وما بعدها حيث تم التطرق إلى أوضاع حقوق المرأة وكيف يجب الاهتمام بها.

البعد البيئي للمهرجان

                              فريق فيلم آه ياجسمي


ولإيمان مهرجان الدوحة السينمائي بضرورة الدعوة إلى اعتماد الطاقة النظيفة والخدمات البيئية المستدامة، وبتعاون مع شركة “إرنست و يونغ” التي تعمل في مجال تقديم الخدمات الاستشارية لقطاع الطاقة النظيفة والمستدامة، تمت برمجة عرض أفلام تسلط الضوء على الطاقة النظيفة والخدمات البيئية المستدامة من أجل توعية الجماهير بمخاطر الكربون، وتقليل انبعاثه في المجتمعات العصرية، حيث يعرض المهرجان أفلاما في هذا السياق، ومنها “العسل من ماركوف إيمهوف” وهو فيلم وثائقي يبحث بشكل دقيق عن محنة المشتغلين بمجال صناعة عسل النحل، وفيلم  “لي. لي. تا. أل” للمخرجة أكيهيتو إيزوهارا، وهو فيلم تحريكي قصير يصور شعراً بلا معنى، نظم وفق الطبيعة والجمال الذي تعرفه الإنسانية.

برامج غنية بالمهرجان
من جانب آخر، ومع تواصل أيام المهرجان، تمت برمجة عدة فعاليات يتم من خلالها تسليط الضوء على عدد من المواضيع، ومن بينها جلسة :”الأفلام الخليجية: التغلّب على الصور النمطية” التي تعد جزءاً من “حوارات الدوحة” وأيضا “التوجه نحو العالمية: هل تستطيع أفلام بوليوود اختراق الحدود؟”، كما سيكون جلسة خليجية حول موضوع “الفجوة بين الأجيال الفنية في الخليج” و”سينما التغيير الصاعدة وحلقة خاصة عن الأسرة” علما أن المهرجان عرف تنظيم حلقة نقاشية حول السينما الجديدة في مصر وأخرى حول السينما الهندية إلى جانب عدد من اللقاءات الخاصة وورش العمل لصالح جمهور المهرجان فضلا عن استمرار عروض أفلام المهرجان في كل من كتارا ومتحف الفن الإسلامي حتى يوم السبت القادم.


إعلان