لبنان ضيف شرف مهرجان السينما المستقلة في بروكسل

بتواضع الواثق ….وبلا سجادة حمراء ولا كثير من الصخب الإعلامي انطلقت في العاصمة البلجيكية بروكسل المهرجان الدولي للسينما المستقلة، بمنهاج حافل ومتنوع بعد أن غادره طاقمه القديم (ثنائي كروس – مالينجرو) ليأتي طاقم جديد لأدارة المهرجان  يترأسه السينمائي الشاب (سلفاتور ليوكاتا ) الذي واكب المهرجان طويلا وكان أحد اطره الفنية الفاعلة ، والمجموعة كلها اذ تنجب جيلا جديدا لإدارة المهرجان فإنهم جميعا خرجوا من معطف المركز السمعي البصري في بروكسل الذي تخرج فيه عشرات السينمائيين من خلال دوراته المكثفة وورشه التي أقامها على مدى سنوات وقد أتيح لي الاطلاع على تجاربه عن قرب لاسيما من خلال عملي في المهرجان مستشارا لسنوات خلت. وتأكيدا لأنطلاق روح جديدة فيه، انتقل المهرجان ابتداء من هذه الدورة من صومعته المعهودة في مركز “جاك فرانك” في ضاحية سان جيل الى عدة صالات حيث جرى الأفتتاح في مجمع صالات السينما والمركز الثقافي العريق “فلاجيه ” حيث اعتاد هذا المركز أن يحتضن المهرجان الدولي للسينما الأوروبية والعديد من المهرجانات والنشاطات الموسيقية والمسرحية على مدار العام وحيث منهاجه حافل على الدوام ومكتظ بالنشاطات كما نقل المهرجان قسما من نشاطات هذه الدورة الى قصر الثقافة والفنون “بوزار” وإلى صالة السينما العريقة “فندوم ” …هذا التحول من “شبه السبات” الذي عاشه المهرجان خاصة في الدورات الأخيرة وسياسات التقشف والأزمة الاقتصادية التي ألقت بثقلها في دعم المهرجان، يكون المهرجان قد غادره كما يبدو مع الروح الشابة الجديدة التي تنبض فيه .

ولنأت الى اقسام هذه الدورة، فالسينما والدولة ضيفا الشرف هي لبنان، اذًا ستكون العديد من المؤسسات اللبنانية راعية وشريكة وبحضور من السفارة اللبنانية واما على صعيد الأفلام فإن  فيلم الافتتاح هو ” قصة ثواني” للمخرجة لارا سابا وبحضور المخرجة وعدد من الممثلين اللبنانيين المشاركين وسبق للفيلم ان افتتح مهرجان بيروت السينمائي في دورته الأخيرة وهو يحمل قصة اجتماعية لعدة أجيال يواجه كل منها تبعات أوضاعه الاجتماعية وتحولات حياته وحياة من حوله من خلال ثلاث شخصيات لا تلتقي بشكل مباشر ولكن لكل منها مساره الخاص في الوصول الى هدفه ومبتغاه وهو الفيلم الأول للمخرجة لارا سابا وبدعم من مهرجان دبي السينمائي – منحة إنجاز– ومساعدات أخرى في التمويل ، وسنأتي الى الفيلم في مقالة لاحقة.
وضمن السينما اللبنانية المحتفى بها ايضا يشارك فيلم ” انسان شريف ” للمخرج جان كلود قدسي، ويعزف الفيلم على الوتر الاجتماعي – النفسي من خلال تتبع مسار عدد من الشخصيات التي تعيش أزمة مشتركة من جراء هروب شخص ارتكب جريمة شرف من بلده الأردن الى لبنان في وقت يعلم الجميع انه قضى في حادث سير ولكن عودته بعد عشرين عاما تقلب الموزاين وتعيد الى الذهن ما كان وراء هربه وذلك من زوايا متععددة تشمل الزوجة والابن وشخصيات أخرى.. والفيلم في بنائه يتخذ من المرور السردي عبر الشخصيات التي تعيش أزمنة مختلفة وأوضاعا اجتماعية ونفسية مختلفة حلاّ دراميا .

وفي إطار الاحتفال بالسينما اللبنانية تعقد طاولة مستديرة للحديث عن مسريتها وتجاربها. وفي إطار المسابقة الرسمية للمهرجان يشارك فيلم ليل الصمت للمخرج ريس جيلك من تركيا وفيلم “الشتا اللي فات” للمخرج ابراهيم البطوط الذي تجري أحداثه على خلفية وقائع الثورة، ومن المغرب يشارك فيلم الأندلس حبيبتي للمخرج محمد نظيف فيما تشاركه مواطنته المقيمة في بروكسل خديجة سعيدي لوكلير بفيلم “كيس دقيق” الذي يناقش موضوع الهجرة والمهاجرين من خلال شخصية طفلة مغربية تنشأ في بيئة لجوء كاثوليكية لينتهي بها المطاف أن تعاد الى المغرب رغم إرادتها ولا بقرار منها، الفتاة التي ولدت ونشأت في بلجيكا ستعيش أيام مراهقتها وهي مشدودة لجذورها وأجوائها فيما هي تعيش إيقاع حياة أخرى مختلفة في المغرب حيث وجدت نفسها.
ومن كندا يشارك فيلم خارج العالم للمخرج ماتيو كيوز وهو عودة لموضوع وفكرة الهجرة من خلال شاب فلبيني الأصل يتساءل عن جذوره وثقافته الأصلية بعد أن تم تبنيه ونشأ وكبر في مدينة تورنتو في كندا… قصة تستغرق مساحة من وعي الشخصية في بحثها عن اجابات محددة لأسئلتها من خلال تحولات متعددة تمر بها الشخصية .

ويحتفي المهرجان بمجموعة من الأفلام القصيرة من عدد من بلدان العالم ومنهم اودا بن يامينا : المغرب ، فرنسا ، صوفيا داما : فرنسا – الجزائر ، مؤنس خمار : الجزائر ، نعيمة بشيري – سويسرا ، روسيه اكويار – اسبانيا .
وأما لجنة التحكيم الدولية فتتألف من كل من السينمائيين : آن لور بيل – فرنسا، وكل من فابريس بوتيك وجان لوك غوشار ونيكولاس كروس وستيفان دي غروت وايزابيل دي هيرتو من بلجيكا والممثل اللبناني شادي حداد. ويضيف المهرجان المخرج الفلبيني بريلانت مندوزا ليقدم ورشة عمل سينمائة متكاملة كما سيعرض المهرجان مجموعة أخرى من الأفلام في خارج المسابقة .
لعل دورة المهرجان لهذا العام تواصل العمل على ذات النهج الذي اختطه المهرجان في تسليطه الضوء على تجارب السينما العربية وسينما أمريكا اللاتينية والسينما الآسيوية اذ سبق أن احتفى بالسينما المصرية والمغربية والهندية والمكسكية في عدد من دوراته وطالما كان للسينما العربية وخاصة المغاربية والمصرية موقع مهم في المهرجان وفي الدورات الأخيرة بدأ الفيلم يسلط الضوء على سينما تونس وسوريا ولبنان اذ سبق وحصد  الفيلم اللبناني “شتي يادني ” والفيلم التونسي ” الاسرار إحدى جوائز المهرجان لكل منهما في دورات سابقة . 


إعلان