جديد مجلتنا على الآي باد : الوثائقي والعولمة

صدر العدد الخامس لمجلتنا الوثائقية على الآي باد. ويتناول هذا العدد موضوعا غاية في الأهمية وهو اهتمام الفيلم الوثائقي بموضوع العولمة. ويحاول هذا العدد معالجة هذه الإشكالية من وجهة نظر السينمائيين. وتشترك كل الدراسات في اعتبار الفيلم الوثائقي “حصن العدسة أمام العولمة” على حد تعبير الباحث أحمد القاسمي الذي ساهم في هذا العدد بدراسة تحمل هذا العنوان.
في هذا العدد خمس دراسات تناولت الموضوع من زوايا نظر مختلفة. فالناقد والأكاديمي الأردني عدنان مدانات بدأ قصة العولمة من النقطة الأولى أي من حيث انطلقت السينما انطلاقتها الاقتصادية أي “من المخرج السينمائي الأمريكي دافيد وورك غريفت، الذي يقر له الجميع بريادة دوره في اكتشاف وسائل التعبير السينمائية وتطويرها وتحويل السينما إلى فن له خصوصيته المميزة له، إضافة إلى دوره في جعل عملية إخراج الأفلام ذات جدوى اقتصادية فأصبحت السينما إثر ذلك  صناعة مزدهرة، وهذه الإنجازات أهّلته لكي يحمل بجدارة  لقب” أب السينما”، وليس فقط السينما الأمريكية بل السينما عامة.” منذ تلك اللحظة انخرطت السينما والوثائقية منها في تشكيل رؤية الإنسان لنفسه وللآخر باعتباره صورة. لقد أصبحت الصورة سلاح القوي لاستيعاب الضعيف وذلك في تسييجه داخل الصورة التي يراها.

فجر يعقوب تناول في دراسته “الوثائقي في عصر الثقافات الباردة” أهمية الوثائقي والسينما عموما في تحريك سواكن الإنسان الذي استعبدته الأنظمة السياسية والاقتصادية وأنساق الحياة المعاصرة وصار عبدا لها. يأتي الوثائقي لفضح ذلك الخضوع وتلك الطاعة العمياء لنمط من الحياة اتلبشرية تسلب البشر روحه وجاء عنوان الدراسة.
الناقد السينمائي والناشط الحقوقي أحمد بوغابة ساهم في هذا العدد بدراسة بعنوان “مناهضة السينما للعولمة” وبرهن، من خلال جرد تاريخي سريع وقراءة بانورامية لأهم الأفلام الوثائقية التي تحدثت العولمة، أن جل الوثائقيات ذهبت في اتجاه اعتبار العولمة صيغة استعمارية جديدة تكتسح العالم ووجب على الفن التصدي لها. والفيلم الوثائقي يجد نفسه معني أكثر من غيره في خوض هذا الصراع مواكبة للنضالات اليومية للقوى المناهضة للعولمة.
أما الناقد التونسي أحمد القاسمي المتخصص في النقد السيميائي فغاص في البنية الرمزية للفيلم الوثائقي وقدرته على جعل الصراع مع الأمركة أو العولمة صراعا جماليا في أحد أبعاده وبنى مقاربته على قراءة في الفيلم وثائقي “مصر: حياة في كنف التاريخ” لبيار برويرس. حيث أن قراءة هذا الفيلم جعلت الباحث يستنتج قوة الرؤية الفنية في إبراز العناصر الجمالية التي تجعل من الثقافة المصرية المحلية وتراثها العريق أكبر جدار صد في وجه العولمة. ليخلص الباحث إلى أن الفيلم الوثائقي قادر على حفظ النزعة الإنسانية المبنية على التعدد والاختلاف والثراء والتي تريد العولمة الأمريكية تنميطها بقتل المحلي في الإنسان.
الباحث والناقد المسرحي السوري أكرم اليوسف ركز في دراسته “عولمة الفيلم الوثائقي” على التكنولوجيا الحديثة وخاصة التكنولوجيا الرقمية في تسريع المعلومة والصورة وبالتالي ترسيخ فكرة العولمة في نسق الحياة اليومية وهذا هو الوجه الواقعي المعيش وهو وجه يخفي إمكانية استفادة الفيلم الوثائقي ويتمثل في استخدام التقنيات التصويرية الحديثة التي تجعل المشتغل بالوثائقي أقدر على توفير مادته التصويرية. ومن ناحية أخرى إمكانيات انتشار عمله الفني في العالم. وبالتالي فإن الفضاء المعولم مثلما ينشر مبادئ “الامبريالية”  وطغيانها فإنه أيضا مساحة لنشر كل الأفكار المناهضة للعولمة وبكل يسر. غن العولمة صنعت لنفسها أسلحة السيطرة ولكنها ايضا تركت الباب مفتوحا لنيران “الثوار” الضاغطين على زر الكاميرا.

نعتقد أن هذا العدد يكتسب أهمية كبرى خاصة في إطار الوضع العربي الراهن والتجاذبات الداخلية والدولية في أوطاننا العربية في ما يسمى بالربيع العربي. حيث ان الوثائقي أصبح ملزما بالتعريف بالحالة العربية وجمالية النضال من أجل الحرية وهي جمالية توحده بكل الشعوب الحرة في العالم. ومن ناحية أخرى يفضح الوثائقي أطماع الدول الكبرى التي تستغل الحراك الاجتماعي والسياسي في الشارع العربي لمزيد الهيمنة والسيطرة.


إعلان