“ربيع الوثائقي” .. ندوة الوثائقي في الإسماعيلية

الاسماعيلية تشهد تعاونا ثوريا بين عشاق السينما
أسامة صفار – الاسماعييلة

وصلت ثورة 25 يناير الي مهرجان الاسماعيلية الخامس عشر للسينما التسجيلية والقصيرة وتجلى ذلك في أغلب فعالياته وأعلن بذلك أنه من المناطق المصرية التي تم تحريرها نهائيا من فلول الحزب الوطني السابق ولعل تلك التجليات لا تقتصر فقط علي الاحتفاء بالثورة المصرية عبر عرض أفلامها بل في الدفع بالأفلام من الصالات المغلقة علي الصحفيين والنقاد والسينمائيين إلى حدائق الاسماعيلية ليشارك جمهور المدينة في المشاهدة لأول مرة منذ نشأة المهرجان
التجلي المدهش الثاني جاء في إقامة تعاون بين أكبر قناة وثائقية في الوطن العربي وهي “الجزيرة الوثائقية” مع المهرجان لاقامة ندوة استمرت لأكثر من ثلاثة ساعات تحت رعاية القناة وعقدت في اليوم الثاني للمهرجان تحت عنوان “ربيع الوثائقي” وحضرها رئيس المهرجان الدكتور مجدي أحمد علي جالسا بين جمهور غفير بينما أدارها مدير المهرجان الدكتور أمير العمري ومعه السينمائي المغربي أحمد بو غابة وتحدث خلالها العديد من النقاد والمبدعين .

الممثل عمرو واكد (يمين) ود.مجدي أحمد علي رئيس المهرجان

ودارت الندوة حول محاور ثلاثة هي نظرة على الإنتاج الوثائقى وطابعه قبل الثورة وتحدث فيه أسعد طـــه منتج أفلام وثائقية مستقل. والمخرج التسجيلى المصرى عماد أرنست ويدور حول وثائقيات الثورة كما تحــدث فيه أحمد زين المنتج الوثائقي وأسامه صفار باعتباره متابعا للتجارب الوثائقية المصرية والأفلام المصرية.
أما  المحور الثالث فجاء تحت عنوان أفاق جديدة وتحدث فيه عصام زكريا وهو ناقد ومتابع للإنتاج الوثائقى والناقد الأردني عدنان مدنات الذي قدم آفاق الوثائقي المحتملة للفترة القادمة والناقد الفلسطيني بشار إبراهيم الذي تحدث عن الأفق العربي الجديد في قراءة وفهم الفيلم الوثائقي.
وشهدت الندوة اختلافا حول الضوابط التي يمكن لممول الانتاج وضعها لتنفيذ العمل وحاز انتاج الجزيرة الوثائقية والذي بلغ خمسة وخمسين ساعة عن الثورة المصرية علي تقدير المعلقين وقد أصدر المهرجان كتابا للناقد عصام زكريا يرصد فيه وثائقيات الثورة واستعرض زكريا الانتاج الذي قدمته الوثائقية مقارنة بغيره في العالم كله.

وقد أدار المحور الأول للندوة نبيل العتيبي مدير الانتاج بالجزيرة الوثائقية والذي أكد عدم تدخل الجزيرة بفرض أي شروط علي منتج العمل سوى الجودة وقد طرح عبر محاور الندور الثلاثة الاختلاف حول مصطلح أفلام الثورة وهل هي تلك الأفلام التي انتجت بعد 25 يناير 2011 أو الأفلام التي تحمل طابعا ثوريا
تنوعت آراء النقاد بإزاء الأفلام التي أنجزها مخرجون عرباً وأجانب حول ما اصطلح على تسميته “بـثورات الربيع العربي” .
وأشار مدير المهرجان أمير العمري في الندوة التي شاركت قناة الجزيرة الوثائقية في تنظيمها إلى تلك التاثيرات التي حققتها الثورات العربية على الفيلم التسجيلي لافتاً إلى تزايد أعداد الأفلام التسجيلية بشكل ملحوظ رغم التباين في مستوياتها الفنية وتنوع ما حاكته من قضايا .

ورأى المخرج والمنتج أسعد طه أن الفيلم الوثائقي تعرض ما قبل «الربيع العربي» إلى تحديات جسيمة سواء من ناحية صعوبة العثورعلى التمويل أو اصطدام صناع هذا النوع من الأفلام إلى أنواع من المضايقات الرقابية والتسويقية .
وتحدث  المخرج عماد أرنست عن جوانب من الصعوبات التي تواجه المخرج في هذا النوع من الأفلام التي غالباً ما تقوم الجهات والمؤسسات الممولة بفرض أجندتها على رؤية المخرج الامر الذي يؤدي بالتالي الى انسحاب المخرج المستقل من العمل .
ودعا الناقد أحمد بوغابة الى تحرير الفيلم الوثائقي من القيود التي كانت تؤطره في الماضي الى آفاق رحبة من الخطاب المقترن بجماليات الطرح والبناء السردي المبتكر .
ركز الناقد والمخرج والناقد عدنان مدانات على ضرورة أن لا يتبع الفيلم التسجيلي نهج ما ماتقوم به تقارير نشرات الاخبار في القنوات التلفزيونية، بل الاهتمام بتداعيات الحدث وجوانبه بشكل مختلف يعي وظيفته التنويرية في المجتمع .
واوضحت المخرجة عرب لطفي الى ضروة التفات صناع الفيلم الوثائقي الى الهامش كونه المحور الأساس والمحرك الفاعل في الاحداث التي اتسمت بها الحياة السياسية في كثير من البلدان العربية .

من اليمين إلى اليسار : عمادر أرنست، أحمد بوغابة، أمير العمري، نبيل العتيبي، أسعد طه

وقال المصور السينمائي محمود عبد السميع ان الفيلم التسجيلي هو ذلك الشاهد الامين على كثير من الاحداث التي عاشتها المنطقة العربية والمعبر الحقيقي عن تطلعات والام الناس مضيغا انه لا بد للسينمائي التسجيلي ان يعايش الواقع بسائر مكوناته .
 وقال السيناريست فايز غالي إن مشكلات الفيلم التسجيلي سوف تستمر مع الربيع العربي لأن ثمة معاناة مزمنة في فهم وظيفة هذا الحقل الابداعي في تحولات المجتمع.
واوضح الناقد عصام زكريا صاحب كتاب (افلام الثورة) الصادر حديثا عن منشورات مهرجان الاسماعيلية السينمائي هذا العام أن الحكم ما زال مبكرا على مستويات الفيلم التسجيلي الذي تصدى لحقبة الربيع العربي وانه يجب الانتظار للاطلاع عن سائر تلك الاشتغالات التي بدا كثير من المخرجين التسجيليين العرب والاجانب في تصويرها باكثر من زاوية على خلفية من الطموح ببلوغ اقصى درجات التركيز والانغماس في المشهد باكمله .
واشار رئيس قسم الفنون في الجامعة الاميركية الدكتور مالك خوري الى محطات تاريخية في مسيرة الفيلم التسجيلي في قدرته على تصوير التحولات الحادة في المجتمعات الانسانية متوقفا في ظواهر ودلالات تلك الجماليات التي اتسم بها الفيلم الوثائقي في الاتحاد السوفييتي السابق وبلدان اميركا اللاتينية.

ولفتت الناقدة ماجدة موريس الى سلطة القنوات التلفزيونية على مضامين وأشكال التعبير في الفيلم التسجيلي داعية الى البحث لايجاد منافذ جديدة امام الفيلم التسجيلي والتوسع في اطلاق عروضه.
وعلي العكس تماما مما يري أغلب النقاد والمبدعين الحاضرين رأي الناقد رمضان سليم ان «الربيع العربي» هو ظاهرة مؤقتة في عمل المخرج الفيلم التسجيلي لافتا الى أهمية ان يتحرر منها صوب قضايا اكثر اتساقا مع حركة التاريخ والموروث الثقافي .

لقد لقيت هذه الندوة استحسان الحاضرين من نقاد ومخرجين ومهتمين بالوثائقي وهي خطوة من خطوات إثراء الحوار الثقافي والسينمائي الوثائقي بعد ربيع عربي يحلم المؤمنون به بأن يكون مزهرا في كل القطاعات بعد عقود من التصحر والجفاف وللمشتغيلين بالوثائقي حلم الربيع أيضا..


إعلان