أفلام الربيع العربي هل هي نواة السينما الرابعة؟..
عاصم الجرادات
يوجد في خارطة السينما العالمية ثلاث اتجاهات حسب تصنيف الخبراء والنقاد السينمائيين، الاتجاه الأول هو السينما التجارية المملوكة لكبار الرأسماليين العالميين، التي تعتمد في موضوعاتها على القصص التشويقية من أفلام رعب وأفلام رومانسية وغيرها، وتستطيع إغناء شُباك التذاكر، أما الاتجاه الثاني هو السينما الفنية التي تغازل في موضوعاتها الطبقة الارستقراطية، فيما تأتي السينما الثالثة تلك الموصوفة بسينما الطبقات المعدومة، المتضمنة توجهات ورؤى شعوب العالم الثالث التي تدعو إلى التحرر من القبضة الاستعمارية ونشط هذا الاتجاه في أمريكا اللاتينية. وبعد هذا التقديم السريع للاتجاهات السينمائية الثلاثة يظهر التساؤل أين تقع افلام الربيع العربي من هذه الاتجاهات؟ وفي ذات الوقت يخرج سؤال أخر متى سيظهر اتجاه السينما الرابعة؟.
بعد مشاهدة أفلام الربيع العربي الممتد من تونس ومصر واليمن وبالتحديد سورية نجد أن هناك اتجاه بحد ذاته في طور الولادة، وهو اتجاه السينما الرابعة حيث تغييرت معايير السينما، لم يعد هناك داعٍ لتلك الصالة السينمائية وكذلك لشباك تذاكر، إنما صفحة اليوتيوب أصبحت بمثابة صالة سينمائية أوسع من تلك المنتشرة في كل العالم، ومن ناحية التمويل فلم نجد في تلك الأفلام القصيرة من يمولها أبداً فهي بتمويل شخصي من المخرج الذي يكون في ذات الوقت المصور وكاتب السيناريو وكذلك مشرف المونتاج، من المخرجين الذين قدموا العديد من الافلام الوثائقية القصيرة عن واقع ما يحدث في سورية المخرج الشاب باسل شحادة الذي لقي مصرعه في حمص على أيدي الجيش النظامي، حيث قدم شحادة فيلم أغاني الحرية واشرف على العديد من الأفلام في حمص حيث عمل على تدريب الشباب على كيفية اخراج الفيلم القصير ومن تلك الافلام أطفال مدينتي الذي يرصد واقع الأطفال المرير في مدينة حمص.

هذا النوع أو الاتجاه في السينما ربما يستحق لقب السينما الرابعة لأنه استطاع نقل واقع في ظروف استعصت على شبكات عالمية إعلامية تقديمه للمشاهد فهي اخترقت الرقابة الديكتاتورية على البث وبالإضافة إلى أنها ساعدت في بناء ثورة وحمايتها فكرياً والعمل على استمرارها، وإذا ما عملنا إلى ضم هذه الافلام إلى إحدى الاتجاهات الثلاثة نراه عملاً صعباً لأنها حملت مكونات لا تتشابه مع أياً من الاتجاهات الثلاثة، لكن ينقصها الضخ الكمي من ناحية الافلام الروائية حيث لم نشاهد سوى بضع أفلام وخُصصت للثورة التونسية والمصرية لذلك يحتاج هذا الاتجاه إلى جهد مضاعف من صناع السينما العربية لمساهمة في رسم تاريخ عربي يسجل في لوائح السينما العاليمة ويُصبح درساً معتمداً في كليات السينما في الجامعات العالمية.
وإثبات نظرية أن ما قُدم عن الربيع العربي يُمثل اتجاه جديد اسمه السينما الرابعة بحاجة إلى عمل علمي متقن لما يمثه الموضوع من حساسية علمية ومنهجية والقدرة على الوصول فعلاً إلى التسمية المذكورة وفرضها على الساحة السينمائية لذلك يمثل هذا المقال المُقتضب نواة لرسالة الدكتوراه التي سأبدأ بإعدادها في جامعة اسطنبول.