قناة “الجزيرة الوثائقية” في قلب أصيلة

مهرجان سينمائي جديد يرى النور بشمال المغرب وبالضبط بمدينة أصيلة التي لا تبتعد عن أختها الكبيرة مدينة طنجة إلا بـ 30 كلم على جنوبها (هي تابعة إداريا لولاية طنجة). تلامس مدينة أصيلة مياه المحيط الأطلسي عن قُرب إذ هي على حافته. لقد سَكَنَهَا أقوام تمتد في عمق التاريخ (الفنيقيون، القرطاجنيون، البرتغاليون، الإسبان) ومن هنا جاء اسمها الأصلي “زيليس”، ونطقها مغاربة الشمال لعقود طويلة ب”أَزَيْلا” قبل أن تترسم كلمة “أصيلة” سنوات بعد الاستقلال السياسي للمغرب.

سيتم الاحتفال رسميا بولادة هذا المهرجان الجديد، الذي بدأ الاستعداد له منذ سنة، في أول دورة له يوم الأربعاء 23 أكتوبر الجاري (2013). وسيمتد الاحتفال طيلة أربعة أيام (إلى غاية 26 من نفس الشهر). ويحمل اسم “مهرجان أوروبا – الشرق للفيلم الوثائقي بأصيلة” وبذلك يعلن عن هويته بكونه سيركز على الفيلم الوثائقي كجنس سينمائي بدأ يشق طريقه في المغرب بعد سنوات من العزلة والتهميش. كما تم تأسيس من قبل جمعية ثقافية / فنية – مدنية لتأطير المهرجان من جهة والعمل على الاشتغال من جهة أخرى في مجال الفيلم الوثائقي ثقافيا ومهنيا طيلة السنة لنشر الوعي بقيمة الإعلام الوثائقي. أطلق هذا الإطار الثقافي الجديد على نفسه اسم “الجمعية المغربية للدراسات الإعلامية والأفلام الوثائقية” التي يوجد مقرها بمدينة طنجة. وتتكون الجمعية من فعاليات محلية ذات اهتمام بالفيلم الوثائقي إنتاجا وإخراجا وأيضا في مجال التدريس والإعلام، نذكر من بينهم السادة عبد الله أبو عوض، عبد الله الدامون، صهيب الوساني، مصطفى المرابط، أحمد أعراب.

وجدت هذه الجمعية، ومعها مهرجانها، في قناة “الجزيرة الوثائقية” عمقا استراتيجيا بحكم الاهتمام المشترك بالفيلم الوثائقي من جهة ومن جهة أخرى الارتباط المهني لبعضهم بالقناة التي ينجزون لصالحها أفلاما من المغرب وحوله. وعليه، فإن قناة “الجزيرة الوثائقية” تصاحب هذا المولود الجديد معنويا وماديا وإعلاميا، وخاصة بالحضور الملموس الفكري والجسدي في فعاليات المهرجان على مختلف المستويات بدءا بمدير القناة نفسه، الأستاذ أحمد محفوظ، الذي سيترأس أول لجنة التحكيم لهذه التظاهرة. وبالتالي سيحضر “الولادة” ويشارك الاحتفاء بها، لذا قرر المنظمون أن يكرموه، هم أيضا، في حفل خاص به حيث سيعرضون فيلما له في أمسية التكريم ولقاء معه سيكون مفتوحا للجمهور للحديث عن تجربة قناة “الجزيرة الوثائقية”. كما خصصت القناة أيضا جائزة باسمها وهي أرفع جائزة في المهرجان بقيمة مالية تصل إلى 25000 درهم (خمسة وعشرون ألف درهم).

ولا  تقف مساهمة قناة “الجزيرة الوثائقية” عند هذا الحد بل أيضا بحضور بعض أطرها في التنشيط السينمائي، خلال أيام المهرجان، والمتمثلة في المخرج المغربي محمد بلحاج الذي يشتغل في القناة منذ تأسيسها والذي يشكل عنصرا جوهريا فيها بحكم المسؤوليات التي تحملها فيها، وهو عضو أساسي في لجنة الإنتاج بالقناة. سيشرف محمد بلحاج على ورشة السيناريو وبموازاة ذلك سيتم عرض فيلمه حول عبد الكريم الخطابي الذي أنتجته قناة “الجزيرة الوثائقية” نفسها.
ونتيجة لما سبق فإن قناة “الجزيرة الوثائقية” توجد فعليا وعمليا في قلب المهرجان وتنبض فيه حيوية تماشيا مع اسم التظاهرة نفسها وهي “أوروبا – الشرق” باعتبار المغرب أقرب منطقة جغرافيا بالغرب والقناة الموجودة في قطر، كما يعلم الجميع، على مشارف الشرق وفيه.

ففضلا عما ذكرناه أعلاه، فإن البرنامج العام يتضمن كذلك فقرات أخرى غنية كالندوة الفكرية المركزية تحت عنوان “الاستشراق في الفيلم الوثائقي”، وورشات أخرى منها من هي خاصة بالأطفال، والعروض السينمائية الموازية بعدد من المؤسسات التعليمية والاجتماعية إلى جانب عروض أخرى عمومية. كما تتضمن فقرة التكريم، إلى جانب الأستاذ أحمد محفوظ، مدير القناة “الجزيرة الوثائقية”، كل من الأستاذ أسامة الزكاري وكذا برنامج “أمودو” الذي تنتجه القناة المغربية العمومية الأولى.
أما في ما يخص الجوائز فقد خصصت إدارة المهرجان جوائز أخرى للسيناريو والإخراج والنقد ولجنة التحكيم، إلى جانب جائزة قناة “الجزيرة الوثائقية” المُشار إليها سابقا، والتي ستتبارى عليها مجموعة من الأفلام تنتمي لجنسيات مختلفة ويمثل المغرب في هذه المسابقة فيلم “أربعون سنة من العزلة” للمخرجة الشابة سناء اليونسي.

مهرجان سينمائي جديد في المغرب إذن والذي ينتظره الكثيرون وما سيضيفه للمشهد السينمائي المغربي خاصة الفيلم الوثائقي بعد موجة من المهرجانات التي تعرفها الخريطة المغربية في مختلف جهاته الأربعة. ويقول المثل المغربي “الأول عْلاشْ تْعاوُلْ” والذي يُقال عادة على تربية الطفل الأول في الأسرة الذي سيكون هو نموذج إخوته وأخواته وبالتالي فإن البداية صعبة جدا لذلك قال الصينيون قديما “مسيرة ألف ميل تبدأ بالخطوة الأولى”…


إعلان