مهرجان مرتيل يعود في طبعة عربية ايبرو أمريكية

ضاوية خليفة – وهران
تحاول الجزائر ومن خلال مهرجاناتها السينمائية ومواعيدها الفنية والثقافية أن تكون قطباً إبداعياً يلتقي في محيطه كل العرب، ومهرجان وهران للفيلم العربي يحاول تحقيق هذه الأهداف من خلال استضافته سنوياً لمدراء ورؤساء العديد من المهرجانات العربية، فأخر طبعة من المهرجان شهدت حضور “أيوب البغدادي” مدير مهرجان مرتيل للسينما المغربية والايبرو أمريكية الذي يعد من أهم وأنجح مهرجانات المغرب الذي يعرف في السنوات الأخيرة نهضة كبيرة على مستوى الإنتاج السينمائي، ومن خلال هذا الحوار سيكشف البغدادي عن جديد الدورة 14 والتي ستحمل أبعادا كثيرة من بينها انفتاح التظاهرة على عروض عربية بعد أن اقتصر تمثيل السينما العربية على البلد المنظم والمستضيف.

بعد نزولكم ضيوف على مهرجان وهران ما هي الفكرة التي تكونت لديكم عن هذه التظاهرة التي عرفت طبعتها السابعة العديد من الانتقادات؟
بصفتي منظم ومدير مهرجان لا يمكن أن أتدخل في التفاصيل التنظيمية لأي مهرجان لأني أعتبر ذلك شأن داخلي ولكل مهرجان ايجابياته وهفواته التنظيمية، بالنسبة لي مهرجان وهران محطة هامة وأساسية يتمكن من خلالها المشاهد الجزائري والسينمائي العربي من متابعة أخر الإنتاجات السينمائية بكل أنواعها طويلة، قصيرة أو وثائقية، كما أنه يمنح لنا كسينمائيين فرصة للاحتكاك خصوصا بل يضاعفها، لكن معروف عن الجزائر أنها بلد سينمائي يمتلك رصيد عريق في هذا المجال ليس كغيره من البلدان التي تنظم مهرجانات كبيرة لكنها لا تتوفر على سينما أو إنتاج سينمائي، فما عليها سوى أن تحسن استغلال الإمكانيات التي أمامها ليكون لمهرجان وهران شأن كبير مستقبلا لأن به خصوصيات عدة لا يمكن أن نجدها في مهرجانات أخرى.
كان لمدراء بعض المهرجانات الحاضرين في الدورة الأخيرة لقاء مع المحافظة ربيعة موساوي فما هي النصيحة التي يمكن إعطاءها لإدارة مهرجان وهران بحكم أن لكم تجارب وخبرات أكثر في مجال التنظيم؟
أن تتمكن الجزائر من تنظيم هذا المهرجان سنويا ودون انقطاع في ظل الظروف الراهنة التي يعرفها العالم العربي فهذا بحد ذاته مكسب كبير بعيدا عن تضخيم الأخطاء والهفوات التنظيمية التي يمكن تداركها وتجاوزها مع الوقت، فلا يجب أن ننسى بأن هذا المهرجان يفتح نافدة للمشاهد الجزائري لمعرفة جديد السينما العربية والمواضيع التي تتصدر اهتمام مخرجيها، المهرجان أيضا مهم بالنسبة للنقاد العرب الذين يبحثون دوما عن مثل هذه الفضاءات التي تمنح فرصة اللقاء مع السينمائيين وتسمح أيضا بمناقشة قضايا راهنة وراهن السينما العربية ويتدارسون سبل تعاون مشترك، ويبقى مهرجان وهران قنطرة للسينما الجزائرية والفيلم الجزائري بكل أصنافه للعبور إلى المهرجانات العربية والعالمية الأخرى للتعريف بالثقافة والهوية الجزائرية وزخمها وتاريخها البطولي أيضا، صحيح هناك فلتات ولا أسميها أخطاء يجب إعطاءها حقها بمنح الاختيار والمهرجان لذوي الاختصاص أصحاب الاهتمام والثقافة السينمائية خصوصا أن الجزائر غنية بالأسماء التي يمكنها أن تعطي دفع كبير وقيمة مضافة للمهرجان العربي الوحيد المخصص للسينما العربية، يجب الحفاظ عليه خاصة وأن وهران مدينة جميلة، مدينة فن وثقافة وجمهورها متفتح وعاشق للسينما وباقي الفنون ومعروف برجالاته وفنانيه ومثقفيه، وبالتالي يجب تجاوز هذه التفاصيل حتى تنفرد هذه التظاهرة عن باقي المواعيد السنوية والسينمائية المهمة مستقبلا.

البغدادي

 يقال أنه لا يمكن تقييم أي مهرجان ما لم يجتاز العشر سنوات، كيف تقيمون مهرجان مرتيل الذي يتحضر هذا العام لإطلاق طبعته 14 ؟
مهرجان مرتيل كالطفل الذي تم رعايته إلى أن بلغ 13 عاماً، الآن يمكن أن نقول أنه وصل لمرحلة النضج ولا خوف عليه بل سيستمر بالإدارة الحالية أو الجديدة لأنه أصبح محط اهتمام سكان وشباب المدينة وحتى الطلبة إذ يُنظم بالشراكة مع كلية الآداب والعلوم الإنسانية التي تمنح إجازة مهنية ومستر في السينما، هم أصبحوا من الداعمين والمنظمين الأساسيين للمهرجان خاصة وأنه أصبح ينفرد بتنظيم مجموعة من البرامج التي تعتبر الأولى من نوعها في المهرجانات العربية والمغربية، أظن أن دفتر التحملات أنصف المهرجان الذي يهتم بالثقافة الاسبانية والايبرو أمريكية لأن هناك أوجه تشابه بين الثقافة العربية والمغربية خصوصا وهذه الثقافات.

ما هو الموقع الذي يحتله اليوم مهرجان مرتيل في خارطة المهرجانات المغربية ؟
مهرجان مرتيل تصنيفه الآن السابع في خارطة المهرجانات المغربية، بالطبع مهرجان مراكش يأتي في المقدمة، ومع ذلك نحاول تطوير هذا التصنيف ليصبح من المهرجانات الخمس الأولى، نشتغل جديا عليه لاسيما وأن خصوصية مهرجان مرتيل هو القاعة السينمائية التي اشتريناها وهذا أحد المكاسب التي نفتخر بها، نحن نستثمر في الثقافة السينمائية والأساسي هو الحفاظ عليها دون أن ننسى الأهداف الأخرى وهي تقريب السينما من جمهور مرتيل والجمهور المغربي عموماً، في الحقيقة الإجابة ترتبط بشكل كبير بالطفرة النوعية التي تعرفها الصناعة السينمائية في المغرب من خلال الدعم الذي تمنحه الدولة للمخرجين والسينمائيين وكذلك الاهتمام الحكومي الكبير الموجه للفن والسينما معاً حاليا ننتج ما بين 25 فيلم طويل وما بين 60 و 70 فيلم قصير في السنة، وما يشجع أيضا هو وجود مجموعة من المدارس السينمائية والإجازات المهنية في الكلية والايجابي أن الجامعة المغربية اليوم انفتحت على السينما، فضلا على كل ذلك هو حضور الفيلم المغربي في كل المهرجانات العربية والعالمية.

وصولكم إلى هذه النتيجة واحتلالكم هذه المرتبة أكيد مرهون بالدعم والإمكانيات التي توفرها الدولة للمهرجانات عموماً ولمهرجان مرتيل بشكل خاص أليس كذلك؟
صحيح فمن الأشياء الايجابية التي أهلت مهرجان مرتيل ليكون على هذا القدر من النجاح هو الدعم الذي يتلقاه من طرف مدينة مرتيل أهالي ومسؤولين وأقصد بذلك المجلس البلدي للمدينة لأنه الداعم الأساسي للمهرجان ولولاه لما وصلنا إلى الدورة 14 وكذلك بعض الشركاء من بينهم المركز السينمائي المغربي الذي كان دعمه للدورة السابقة مهم جداً لذا أصبحنا نفكر في أن ينتقل المهرجان في الدورة المقبلة من مهرجان للسينما المغربية والايبرو أمريكية إلى مهرجان للسينما العربية والايبرو أمريكية، ومن خلال هذه الخطوة نحاول أن نشرك الدول العربية في سلسلة الندوات والورشات وندرج أفلامها القصيرة والوثائقية في المسابقة الرسميةّ، الأمر الذي سيساعدنا على تسويق صورتنا السينمائية كعرب، إذن المهرجان سيتحول اعتبارا من الدورة المقبلة أي الدورة 14 إلى مهرجان مرتيل للسينما العربية والسينما الايبر وأمريكية، وهو ما أعتبره شخصيا خطوة هامة في مسار المهرجان الذي يتطور بشكل متواصل نحو الأفضل وهذا سيمهد حتما لخطوات أخرى تندرج في نفس السياق.

إذن الجديد في الطبعة المقبلة سيكون الصبغة العربية التي سيكتسيها المهرجان بعد أن استحدثت العام الماضي مسابقة للأفلام المدرسية كوسيلة لتلقين الثقافة السينمائية لدى الطفل والناشئة ؟
نعم تم ذلك بالفعل، لأن مهرجان مرتيل يقوم أساساً على مجموعة من المبادئ والأهداف التي تمسك بها وعمل على تطويرها بشكل مستمر، فمن نقاط قوته أنه يقيم عروض في الهواء الطلق بالأحياء الهامشية للمدينة حتى تصل نشاطاته إلى الجماهير، وكما أسفلتي ذكرا فعلاً أشركنا المدارس الابتدائية، الإعدادية والثانوية وحتى الجامعية في الورشات التكوينية والعروض، كما أن للمهرجان لجنة تحكيم مكونة من شباب المدارس مثلا في الطبعة السابقة هذه اللجنة ضمت طلبة مدارس جامعة عبد المالك السعدي، وحتى نقرب الصورة السينمائية للجمهور أدرجنا فقرة “سكوت سنصور” هي عبارة عن بلاطو تصوير في الهواء الطلق نصب بوسط المدينة يحضره عدد من المخرجين والممثلين المشاركين في المهرجان ويقومون بتصوير لقطات ومشاهد حية حتى يتعرف الناس على كيفية تصوير وانجاز الأفلام ويكونوا أقرب لكواليس العمل السينمائي والمراحل التي يمر بها وتبنى عليها الأعمال حتى تصل إليهم حيثما كانوا، كما أن المهرجان يقوم سنوياً بطبع كتب عبارة عن سيناريوهات وينتج سيناريوهات مغربية، هذه السنة أنجزنا دي في دي يحتوي على عشرين فيلم مغربي يلخص المراحل التي قطعها الفيلم القصير المغربي لأن ما يميز المهرجان هو حضور مجموعة من مدراء المهرجانات العالمية وهذا يسمح لنا بتصدير صورتنا، ومن هنا تأتي أهمية مهرجان مرتيل الذي يعتبر قنطرة للفيلم المغربي القصير وفرصة للتعريف بالثقافة المغربية.

اختتام الدورة السابقة من مهرجان مرتيل لم يكن احتفاليا بقدر ما كان محزناً برحيل الإعلامي والناقد المصري “أشرف البيومي” فهل ستكون هناك التفاتة لصديق مرتيل الذي عشقها وبقي فيها للأبد من خلال فضاء يحمل اسمه أو تكريم لروحه؟
صحيح السنة الماضية نهاية المهرجان كانت تراجيدية مأساوية بفقدان صديق عزيز، إنسان قدم خدمات كبيرة للمهرجان، أحب مرتيل والمغرب كثيراً، وبالتالي من باب الوفاء لذكراه سيتم تكريمه من قبل إدارة المهرجان بطبع كتاب يضم كل المقالات التي أصدرها الصديق الراحل أشرف البيومي خلال مشواره المهني وتقديمها لضيوف وجمهور المهرجان حتى نُعرف بهذه الشخصية الجميلة التي ترك رحيلها أثراً وفراغاً كبيرين، وهذا أقل ما يمكن تقديمه لروح إنسان أخلص في حبه لنا إلى أخر رمق من حياته.


إعلان