الجزائر : تتويج “عائد إلى مونلوك” و”قبل الأيام”
ضاوية خليفة – الجزائر
تميز حفل اختتام الأيام السينمائية الرابعة بالجزائر العاصمة بتتويج “عائد إلى مونلوك” للإعلامي والمخرج الجزائري محمد الزواي بجائزة أحسن فيلم وثائقي، أما جائزة أحسن فيلم قصير فعادت ل”ما قبل الأيام” للمخرج الشاب كريم موساوي الذي يواصل تألقه في عديد التظاهرات والمهرجانات الدولية، بينما اختار الجمهور أن تذهب جائزته الخاصة إلى فيلم “محمد ياسمينة” للمخرجة ريجين عبادية التي تسلمت الذرع رفقة منتجي العمل الفرانكفو جزائري، أما بالنسبة لمسابقة السيناريو التي تعتبر من التقاليد المرافقة للمهرجان منذ دورته الأولى فقد انتهت بتتويج “شاشة سوداء” لأنيس جعاد بجائزة أحسن سيناريو.

الحضور اعتبر تتويج “عائد إلى مونلوك” الذي رشح هذا العام لنيل إحدى أهم جوائز مهرجان الدوحة للأفلام الوثائقية مستحق بعد الصدى الطيب والايجابي المصاحب للعرض الذي تميز عن غيره من العروض بمضمونه، حيث أعاد فتح إحدى الصفحات التي تأبى فرنسا طيها أو الدفاع عنها بتزييف الوقائع، في حين يحاول العديد من السينمائيين والمخرجين الجزائريين كشف ماضيها الأسود الذي فاق القرن، فمن القصص التي أعاد الزاوي سردها لم تكن بمشاهد تمثيلية بل جاءت على لسان صاحبها السجين رقم 45 واسمه مصطفى بودينة، الذي أدانته فرنسا وغيره من المناضلين فحكمت عليه بالإعدام وهنا كشف الرجل عن الكثير من الحقائق التي تعد وصمة عار في ماضي المستعمر، ومن خلال المواجهة التاريخية أو المحادثة إن صح القول التي جمعت بين بودنية والمسؤول الفرنسي مدير المتحف (سجن مونلوك) كان كلاهما يدافع عن ثورته وماضيه ويستنطق الأماكن لكن الثاني كان يصغي وبكثير من الاهتمام للأول ويستمع منه لدرس غير الذي قرأه في كتب التاريخ الفرنسية فسجن مونلوك ليس مجرد سجن أو متحف لذاكرة فرنسا من أيام الحرب العالمية بل لذلك المكان الكثير من الأسرار وهنا تكمن أهمية العمل الذي أتي نتيجة تمويل وجهد شخصي من المخرج الذي اختار أن يكون العمل هذه المرة على الذاكرة التاريخية للجزائر التي يجب التنقيب فيها لأن هناك الكثير من الحقائق والشهادات لم تُدون ولم يصلها النور بعد، وعقب استلامه لأول جائزة عن هذا العمل أهدى الزاوي هذا التتويج إلى شهداء الجزائر ومجاهديها، موجها رسالة إلى كل من لديه أفكار جيدة بضرورة استثمارها وتحويلها إلى أعمال سينمائية قيّمة حتى وإن لم توفر له كامل الإمكانيات مادام العمل السينمائي والفيلم الوثائقي خاصة يمكن انجازه بأدوات بسيطة المهم أن تكون لدى المخرج فكرة أو قصة جيدة، كما أشاد المتابعون لعروض الدورة الرابعة بفيلم “ياسمينة محمد” الذي تمحور موضوعه حول المسار الأدبي والحياة الخاصة للروائي الجزائري “محمد مولسهول” الشهير باسم ياسمينة خضرة صاحب رواية “فضل الليل على النهار” التي حوّلها مؤخرا المخرج الفرنسي “ألكسندر أركادي” إلى عمل سينمائي، حيث غاصت المخرجة “ريجين عبادية” في عالم ياسمينة خضرة الذي يوفر له مناخ وأرضية الإبداع والكتابة وتدوين روائع أدبية فالعديد من مؤلفاته حوّلت إلى أعمال مسرحية وأخرى اقتبست للسينما، أما بالنسبة لفيلم المخرج الشاب كريم موساوي “ما قبل الأيام” فقد كان مفاجأة الدورة حيث عاد هذا الأخير إلى العشرية السوداء بالاعتماد على وجوه شابة لديها طاقات كبيرة على مستوى التمثيل، فتلك الفترة رآها الجمهور بعين الشباب من بينهم موساوي الذي يحض فيلمه بتتويجات عدة وبقبول كبير في عديد المهرجانات الدولية، ومن هنا يتضح أن دورة هذا العام كانت للشباب بامتياز، وهي الملاحظة التي سجلتها لجنة التحكيم برئاسة المخرجة الجزائرية المقيمة بكندا “نادية زواوي” التي صرحت قائلة “أعمال الدورة الرابعة مستواها جيد خاصة وأنها تطرح مواضيع متنوعة تباينت بين حديث عن الإرهاب والثورة الجزائرية والثورات العربية وعلى اختلاف رؤى مخرجيها الذين قدموا أعمال جيدة بأسلوب سينمائي راقي يكشف عن طاقات كبيرة في مجال الإخراج خاصة لدى الشباب الجزائري والعربي عموما”.

للإشارة فان الأيام السينمائية بالجزائر العاصمة التي تشرف على تنظيمها جمعية لنا الشاشات برئاسة الإعلامي والمخرج سليم عقار استقبلت هذه السنة أزيد من 70 فيلما في كل الأصناف عرض، منها 35 فيلم بين وثائقي وقصير، 25 عملا جزائريا، و 10 أفلام من عدة دول منها لبنان، فرنسا، تركيا، فلسطين …، هذا وقد تميزت هذه الطبعة بحضور العديد من السينمائيين ومدراء بعض المهرجانات ك”أيوب البغدادي” مدير مهرجان مرتيل للسينما المغربية والايبيرو أمريكية و”أمير أباضة” مدير مهرجان الإسكندرية السينمائي، والكاتبة الصحفية المصرية “نعمة الله حسين” عضو لجنة تنظيم مهرجان القاهرة السينمائي، الناقد السينمائي الجزائري “أحمد بجاوي” والعديد من المهنيين، وللسنة الرابعة على التوالي واصل المنظمون تنظيم ورشة كتابة السيناريو لكن الجديد هذه المرة أنها جاءت باللغة العربية ومباشرة بعد انقضاء التظاهرة إذ أشرف على تأطيرها السوري “غسان عبد الله”.