أبو عوض: ميلاد جمعية مغربية متخصصة في الوثائقي

يشهد المغرب الأقصى في السنوات الأخيرة حراكا ثقافيا وسينمائيا لافتا جعل منه أهم بلد عربي ينظم مهرجانات السينما والتظاهرات التي تعنى بالثقافة عموما. وسيشهد هذا البلد الزاخر بالمبدعين ميلاد جمعية أكاديمية وسينمائية جديدة متخصصة في الفيلم الوثائقي تحمل اسم ” الجمعية المغربية للدراسات الإعلامية والأفلام الوثائقية”. وتطرح هذه الجمعية على نفسها مشروعا ثقافيا وطنيا وعربيا واعدا. التقينا مدير الجمعية د.عبد الله أبو عوض ليعطينا بعض التفاصيل عن هذه الجمعية.

د. عبد الله أبو عوض مدير الجمعية

د. عبد الله أبدأ معك من اسم الجمعية.. الجمعية المغربية للدراسات الإعلامية والأفلام الوثائقية، حيث تبدو التسمية وكأنها حاملة لموقف فكري وجمالي عندما وضعتم الإعلام كخطاب وكوسيط ثقافي مع الفيلم الوثائقي كمنتج إبداعي سينمائي في سلة واحدة. لو توضحون لنا الفكرة من وراء هذا المزج ؟
أولا، اسمح لي بأن أوضح أن الجمعية المغربية للدراسات الإعلامية والأفلام الوثائقية هي من الجمعيات المغربية التي تسعى إلى إبراز الدور الفعال للمجال الإعلامي المغربي من حيث التعريف بخصوصية المغرب الثقافية والفنية والفكرية، واستيعاب الطاقات المهتمة بالعمل الإعلامي، والكفاءات الفكرية المهتمة بالبحث الأكاديمي في مجال الميديا عموما .
وقد جاءت فكرة الجمع في اسم الجمعية بين الدراسات الإعلامية والأفلام الوثائقية لمجموعة من الأهداف، وللتوضيح فهذا الجمع جاء بناء على رغبة مؤسسي الجمعية في إبراز بعدين : الأول، وهو بعد أكاديمي، يتمثل في الدراسات الإعلامية، ليكون المسعى هو تنظيم دورات تكوينية، وورشات تعليمية، وإصدار مؤلفات علمية خاصة في مجال البحث الإعلامي وتنظيم ندوات دولية. وهناك بعد ثان. وهو بعد سينمائي يتمثل في الفيلم الوثائقي من خلال تأسيس مهرجان دولي يعنى بالفيلم الوثائقي، لأن هذا المجال السينمائي هو فن يعنى بالنقل الخلاق للواقع، وواقع المغرب في ثقافته هو انعكاس لواقع الحضارة الأندلسية، هذه الحضارة التي نالت من نصيب العد الزمني للحضارة الإسلامية ما يناهز ثمانية قرون. وبالفعل تم الإجماع على تنظيم هذا المهرجان بعد دراسات مفصلة ودقيقة واستشارات محلية ودولية ليكون تحت عنوان (مهرجان أوربا ـ الشرق للفلم الوثائقي)وذلك بمدينة الثقافة العالمية مدينة أصيلة الساحرة.

من وجهة نظر المتلقي .. ألا يعتبر وضع الوثائقي ضمن دائرة الإعلام إضعافا للقدرة الابداعية للوثائقي وربطه بجمهور منمّط هو جمهور الإعلام عموما..
لا بالعكس، الفيلم الوثائقي هو صورة إبداعية قوية في مجال الإعلام عموما، والمتلقي أو المرسل إليه بدأ يجد ضالته في الفيلم الوثائقي، لأن هذا الشق الإبداعي في عالم السينما يمزج بين الصورة الفنية والمعالجة الواقعية. ولا يمكن تنميط أذواق المشاهدين ما دام عالم الصورة من أهم المرتكزات التوجيهية في إقناع الرأي العام.

يعتبر المغرب الأقصى من أكثر البلدان العربية تنظيما للمهرجانات السينمائية فما هي الإضافة التي ستقدمونها
أتفق معك، ولكن ما ينبغي توضيحه أن لكل مهرجان خصوصية تميزه عن غيره بين الوثائقي والفيلم القصير والفيلم الطويل، والمغرب بلد التنوع والاختلاف الثقافي والعرقي بين الأمازيغي والعربي والأندلسي … وهو ما أقره دستور المملكة المغربية، وهذا التنوع هو الذي يهب للثقافة المغربية انفجارا يعبر عن مختلف الأوجه الإبداعية ومن بينها تعدد المهرجانات، وهذه المهرجانات في جوهرها إضافات فنية تحمل إبداعات إنسانية. ونحن في الجمعية بعد دراسة خصوصية المهرجانات قررنا بمسؤولية مواطنة أن لا يكون المهرجان رقما زائدا، أو أن نخندق العمل تحت قاعدة الفشل التي تنص على أنه (ليس في الإمكان أبدع مما كان) وإنما سعينا هو إحياء الدور الذي عرف به المغرب حضاريا، كدور مد جسر التواصل والتعايش الإنساني بين أوربا والشرق من خلال تاريخ الأندلس. فجاءت فكرة المهرجان تحت عنوان (مهرجان أوربا ـ الشرق للفيلم الوثائقي).

دائما مع قراءة في اسم الجمعية .. يوحي بأن منحاها أكاديمي فهل سيكون نشاطها أكاديمي بالتالي أعضاؤها فقط اكاديميون أم ستهتمون بالإنتاج وبالتالي معكم مخرجون ومبدعون
سؤال مهم، سبقت الإشارة إلى البعد أكاديمي والفني، فمن حيث البعد الأول فقد وضعنا برنامجا لإنشاء (المركز المغربي للدراسات الإعلامية) كمركز يعنى بتنظيم ندوات دولية، وللإشارة فقد شرعنا في إعداد ندوة دولية بمشاركة مختلف الباحثين والأكاديميين من المغرب ومن الدول العربية والغربية لمناقشة موضوع تحت عنوان (صورة المغرب في الإعلام المحلي والدولي)، كما أن المركز سيهتم بالإصدارات العلمية والدورات التدريبية والأوراش التكوينية…. والفيلم الوثائقي في برنامج الجمعية يعكسه التوجه نحو المهرجان، مما يعني الانفتاح وبكل قوة على عالم الإبداع السينمائي في شقه الوثائقي والمساهمة في إنتاج أعمال ولو مصغرة تعيد ترويج الثقافة المغربية.

لو تقدم لنا بسطة عن برامجكم المستقبلية وخاصة استعدادكم لملتقى أوربا – الشرق للفلم الوثائقي بمدينة أصيلة
مهرجان أوربا الشرق للفيلم الوثائقي تم تحديد تاريخ دورته الأولى يوم 23-26 أكتوبر 2013، وسيتضمن مسابقة للأفلام المشاركة وندوة دولية وورشات تكوينية وعروض في مؤسسات مدنية وتعليمية ومسابقة للهواة… وستكون المدينة المستضيفة للمهرجان هي مدينة رسمت جدران مآثرها التاريخية بالثقافة، مدينة أصيلة، والتي تعرف استقطاب ثلة من مبدعي ومثقفي وسياسيي العالم بأسره تحت إشراف السيد الدكتور محمد بنعيسى رئيس مؤسسة منتدى أصيلة والذي نتوجه له بالشكر والتقدير على مساعدته اللوجيستيكية التي قدمها للمهرجان.

مدينة أصيلة الساحرة

هل تفكرون في شراكات مع مؤسسات عربية وأوروبية
  بالطبع وهذا ما بدأنا العمل عليه سواء مع مؤسسات عربية أو أجنبية، ومن أهم المؤسسات التي نسعى إلى خلق شركات معها مؤسسة الجزيرة من خلال قناة الجزيرة الوثائقية، لأنها القناة العربية الوحيدة في العالم التي جعلت للوثيقة التاريخية والإنسانية، العربية خاصة وحتى غير العربية لغة الصورة الإعلامية من خلال إنتاج أفلام ذات هوية بعيدة عن عملية الاستيراد.

كثيرا ما تتهم السينما والثقافة المغاربية بصفة عامة بأنها فرنكوفونية أكثر من اللزوم فكيف تردون على هذا الاتهام وما دور الوثائقي في تغيير هذه الصورة بين الضفتين
هذا ما يروج عند بعض السينمائيين العرب والأجانب، وهو فهم خاطئ في هذه الجزئية، لأن الأمر له علاقة بالبعد التاريخي، فدول الشمال لها امتداد ثقافي مع دول الجنوب قد يكون لأسباب كثيرة، فالثقافة الأنكلوساكسونية هي امتداد داخل مجموعة من الدول العربية والثقافة الفرانكفونية كذلك، وهذا ما يعكس جانب الاهتمام الداخلي من طرف دول الجنوب بالثقافة الوافدة عليه.
والجمعية المغربية للدراسات الإعلامية والأفلام الوثائقية ليست بمنأى عن هذا الامتداد الثقافي إلا أنها تعكس في تصورها رؤية كونية مفادها(الإنسان جوهر كل شيء)سواء أكان ذا ثقافة أنكلوساكسونية أو فرانكفونية أو إسبانية أو صينية….. ولا يمكن أن يكون هناك جمع خلاق بين كل الثقافات حسب نظري إلا بالفيلم الوثائقي. لهذا نراهن أن يكون مهرجان أوربا ـ الشرق للفيلم الوثائقي ملتقى للثقافة، إنسانيا ولجمال الصورة سينمائيا.


إعلان