رضا الباهي: موضوعا لدكتورا ناقشها وسيم القربي
ناقش الباحث والمخرج التونسي الشاب وسيم القربي أطروحة الدكتوراه في تصميم الصورة بالمدرسة العليا لعلوم وتكنولوجيات التصميم، وقد تحصّل على ملاحظة مشرّف جدا. وسيم القربي كان قد أخرج سنة 2012 شريط “أزهار تيويليت” الذي تمّ تصويره في موريتانيا بإنتاج تونسي موريتاني سعودي مشترك والذي تحصّل على الجائزة الأولى في أيام السينما الأوروبية بتونس وتمّ اختياره في عديد من المهرجانات الدولية كما سيشارك في مهرجان أفلام الشرق بجنيف بسويسرا في شهر أبريل القادم. من جهة أخرى سيكون القربي في لجنة تحكيم المهرجان الدولي للسينما بفرايبورغ بسويسرا في الفترة الفاصلة بين 16 و23 مارس الجاري، وبالإضافة إلى نشاطه السينمائي يستعدّ وسيم القربي لتنظيم الدورة الثانية للمهرجان الجامعي للفنون السمعية البصرية والسينما بمدينة قابس في الجنوب التونسي حيث ستستضيف المدينة عدة أسماء سينمائية بارزة من تونس وخارجها. ووسيم القربي أيضا أحد الكتاب المتميزين في موقع الجزيرة الوثائقية فقد ساهم ببحوث قيمة في مجلتنا الإلكترونية ونشرت له في الكتاب السنوي.

وسيم القربي الأستاذ بالمعهد العالي للفنون والحرف بقابس ناقش أطروحة دكتوراه بعنوان “جدلية الذات والآخر في السينما التونسية: تجربة رضا الباهي أنموذجا”، وإضافة إلى لجنة المناقشة والباحثين السينمائيين، حضر العديد من المخرجين والنقاد والأساتذة على غرار رضا الباهي وحمادي عرافة والهادي التيمومي وعبد الكريم قابوس وجوهر الجموسي، وقد أجمعت اللجنة العلمية على القيمة العلمية لهذه الأطروحة وضرورة نشرها حتى تستفيد الجامعة التونسية وتفيد لا سيّما في ظلّ ندرة الكتب التي تهتمّ بالدراسات السينمائية في تونس.
انقسمت الأطروحة إلى فصلين رئيسيين يوثق الأول لتاريخ السينما في تونس بالعودة إلى نشأة السينما منذ الحقبة الاستعمارية في ما اهتم الثاني بدراسة تجربة المخرج التونسي رضا الباهي الذي سيتمّ تكريمه قريبا في مهرجان تطوان بالمغرب.
اهتمت هذه الأطروحة بالعودة إلى بداية استنبات السينما بتونس خلال الفترة الاستعمارية، حيث كانت السينما في تونس “نتاج صدفة اكتشاف الحداثة ليكون الإنتاج السينمائي في تونس بصيغة نقل لمقترحات الآخر” على حدّ تعبير القربي، كما اهتمّ البحث بالعودة إلى التفاصيل التاريخية لتطور الفن السينمائي في تونس انطلاقا من الفترة الكولونيالية مرورا بتجارب سينما الهواة وحركة نوادي السينما وصولا إلى مراحل التونسة وتثبيت المشروع الجنيني للسينما التونسية. بالإضافة إلى التوثيق التاريخي، اعتمدت هذه الدراسة تحليل تجارب الباهي مثل أفلام “عتبات ممنوعة” و”شمس الضباع” و”وشم على الذاكرة” و”السنونو لا يموت في القدس” و”صندوق عجب”… وبالتالي فإنّ هذه التجربة الفاعلية لرضا الباهي قد امتدت طيلة ما يناهز نصف قرن حيث كان الباهي من جيل الرواد وعايش بالتالي التجربة السينمائية في تونس منذ بدايتها إلى اليوم. كما استخرجت هذه الأطروحة أبرز مرجعيات الانتساب الثقافي ورؤية رضا الباهي السينمائية الذي انشغلت تجربته بالعلاقة بهويتنا وبثقافتنا وبتقاليدنا وحملت في باطنها رؤية لصورة الآخر وتضخيما له مقابل انسحاق الذات المهمشة في أغلب الأحيان، كما رصدت أبرز صيغ تمثل ثنائية الذات والآخر. لقد أكدت هذه الدراسة على أنّ تجربة رضا الباهي هي من التجارب السينمائية البارزة وهي رؤية تجيب على أسئلة عديدة تهمّ المرجعيات والعلاقة بالثقافة المحلية والأجنبية وعلاقة الذات بالآخر ورؤية العالم، باعتبارها ممارسة تمتاز بالتجديد في الرؤية الفكرية.
واختتم القربي مداخلته بأنّ الواقع الثقافي في تونس اليوم تنقصه جماليات التعبير الثوري في ظل الحراك الاجتماعي والسياسي والهويّاتي، كما أنّ السينما التونسية وفي ظلّ الإنتاجات الوثائقية المكثفة في تونس بعد الثورة لا زالت تحتاج لتغيير العقليات المتكلسة وإرساء ملامح مقاومة ثقافية والاعتناء بالهامش العميق، مقابل ضرورة رقمنة الأرشيف السينمائي الوطني والقطع مع الرؤية السينمائية التنميقية والفولكلورية.
“جدلية الذات والآخر في السينما التونسية: تجربة رضا الباهي أنموذجا” هي أول أطروحة دكتوراه في الاختصاص السينمائي التي تكتب باللغة العربية في تونس، وستنشر قريبا في كتاب باعتبار قيمة هذا البحث الذي اعتبرته الأستاذة أم الزين بنشيخة بمثابة “الحدث الثوري”.