تيزي وزو: تتويج “المقعد العمومي” بالزيتونة الذهبية
ضـاوية خليـفـة – تيـزي وزو
بعد أسبوع كامل من العروض المتنافسة على الزيتونة الذهبية وعديد الأنشطة الفكرية المقامة على الهامش، ودعت تيزي وزو الوافدين إليها والمشاركين في الدورة 13 من مهرجان الفيلم الأمازيغي، الفعالية التي استقرت ومنذ سنوات بهذه الولاية التي أنجبت خيرة المخرجين و السينمائيين، بما فيهم رجل الدورة بامتياز الراحل عن مدينته و مهرجانه “عبد الرحمن بوقرموح”، فختام المهرجان كان بتتويج أفضل الأعمال حسب لجنة التحكيم التي منحت الجائزة الكبرى أي الزيتونة الذهبية لجمال علام -الذي انتقل من عالم الغناء إلى الإخراج- عن فيلمه “مقعد عمومي” من بين 17 عملا في هذا الصنف نظرا لجماليته ولغته الشعرية ونظرته المميزة للمجتمع حسب اللجنة دائما، أما جائزتي أحسن تمثيل نسوي فعادت ل”هجيرة أوباشير” وأحسن تمثيل رجالي فكانت من نصيب “هشام مزراق” عن دورهما في فيلم “المغترب” لمبارك مناد، بينما منحت الزيتونة الذهبية في صنف الوثائقي لنادية بوفركاك عن فيلمها “عند صالح”، أما جوائز المواهب الشابة فأتت على النحو التالي: الجائزة الأولى عادت لفيلم “القبائلية اليوم” لسليمان بلحرث، وفي المرتبة الثانية كان التتويج من نصيب فيلم “حماة الأرض” لعبد الحق زعزع، وكما كان متوقعا تحصل “سمير بلقاسم” على جائزة أفلام الدبلجة عن فيلم “كيكي 2 “، الجائزة التي تم استحدثها هذا العام.

لجنة التحكيم وقبل الإعلان عن الأعمال المتوجة في الطبعة 13 من المهرجان أكدت أن مستوى الأعمال المقدمة خلال هذه الدورة كانت جيدة وجد متقاربة، الرأي الذي لم يتفق معه الكثير من النقاد و الجماهير التي واكبت الطبعات السابقة معتبرة أن الأفلام المتوجة ليست الأفضل والأجدر بالجوائز الممنوحة بل هناك أفلام أخرى تميزت واستحقت التتويج فعلا نظرا لمستواها العالي سواء من الناحية الفنية أو التقنية، لكن تبقى الأفضلية والأسبقية لرأي و نتائج اللجنة، انتقادات جمهور المهرجان لم تتوقف عند نتائج لجنة التحكيم بل تعدت ذلك لتصل إلى مستوى بعض الأعمال التي افتقدت للإبداع الفني والنوعية، و أخرى لم تتقيد بالشروط العامة للمهرجان، وفي هذه الحالة لا أحد يعلم كيف ولماذا تم إدراجها في المنافسة الرسمية، وبهذه الثغرات التي سجلها مهرجان الفيلم الأمازيغي يكون هذا الأخير قد التحق بركب نظيره بوهران “مهرجان الفيلم العربي”، في هذا المقام لا يسعنا ولا يسعدنا القول بأن المهرجانات السينمائية بالجزائر على سبيل الذكر لا الحصر تعاني الأمرين وسوء التسيير، وفي هذه الحالة يصدق و تسقط عليها العبارة الأكثر تداولاً في الأوساط الجزائرية “تقدم إلى الخلف” مع العلم أن من لا يتقدم فهو يتأخر حتما وهو حال مهرجانات الجزائر التي وفي حال استقرارها ومضيها على هذا النحو سوف لن تحقق أحلام الشباب السينمائي الواعد الذي يصنع من العدم أعمال قيمة تكون أقرب للاحتراف…
“السينما الأمازيعية” أزمة إنتاج و بحث مستمر عن التمويل و التسويق
شكلت إحدى ندوات المهرجان نافذة أطل منها محافظ التظاهرة “سي الهاشمي عصاد” مجددا لدعوة التلفزيون الجزائري العمومي لشراء وعرض الإنتاج الناطق بالأمازيغية بغية تشجيع الإبداع و المبدعين الذين ورغم قلة الإمكانات مصرين على مواصلة مشوارهم للارتقاء بالصناعة السينمائية من جهة ودفاعا عن اللغة الأم من جهة أخرى، مؤكدا أن التسويق من أهم المشاكل التي تواجه محافظة المهرجان التي لم تتمكن وإلى غاية كتابة هذه الأسطر من التسويق للأفلام التي شاركت في كل الطبعات، المشكل الذي يمكن حله بل يكمن حله في استجابة كريمة من إدارة التلفزيون الجزائري الذي اتفقت معه اللجنة التنظيمية مبدئيا –أيام كان حمراوي حبيب شوقي مديرا عاما للمؤسسة- على شراء الأفلام وعرضها بشكل متواصل، إلا أنه بمجرد إحالة حمراوي على منصب أخر تم تجميد الاتفاق لأسباب لا يعلمها أحد، وبالمقابل أكد عصاد استعداد إحدى القنوات الخاصة شراء حقوق بث بعض الأفلام الأمازيغية.

بينما ألقى “عبد الكريم أيت أومزيان” رئيس دائرة السينما بوزارة الثقافة ومدير المركز الوطني للسينما و السمعي البصري بكل المسؤولية على كتاب السيناريو الذين لا يقدمون أعمال مكتوبة باللغة الأمازيغية مكتفين باللغتين العربية و الفرنسية -بناءا على السيناريوهات المكتوبة التي تصلهم في عديد المناسبات- مؤكدا أن المبدع هو الوحيد الذي يمكنه الارتقاء بالسينما الامازيغية عن طريق المبادرة في ظل الدعم الذي توفره اليوم الدولة الجزائرية للإنتاج السينمائي، وبالحديث عن مشكل السيناريو الجيد الذي يلقي بظلاله على السينما الجزائرية والسينما الامازيغية جزء في ذلك فقد توقف “سي الهاشمي عصاد” عند هذه النقطة معتبرا أن سبب تراجعها هو عدم التمكن أو بالأحرى عدم إجادة فنيات الكتابة السينمائية وبصيغة أخرى ضعف مستوى الأعمال مكتوبة فكيف ستكون ناجحة بعد التنفيذ وهي تفتقر إلى عناصر أساسية كان يجب إعطاءها حقها على الورق و في البناء الدرامي و تسلسل الأحداث، وهنا استشهد المتحدث ذاته أن وزارة الثقافة وفي ظرف خمس سنوات مولت حوالي 20 فيلما فقط، بينما قامت سنة 2006 بتمويل ثمانية أفلام، مشيرا إلى أن الكثير من الأعمال التي تقدم للجنة تقابل بالنقد و الرفض لعدم استيفاءها المعايير الضرورية للصناعة السينماتوغرافية.
قاعات السينما … حلقة مفقودة… إلى متى ؟
إلى إشعار لاحق
كلما أتى الحديث على سابع الفنون إلا واستحضر الخاص والعام المهتم والمختص مشكل قاعات العرض التي تمثل العمود الفقري في المنظومة السينماتوغرافية، هنا الأصل وبيت القصيد، لا لشيء إلا لأن هذه الحلقة التي تصل بين المبدع و الجمهور المتلقي تبقى الغائب الأكبر رغم كل الجهود والمساعي، هنا وضع الكاتب والإعلامي وعضو لجنة التحكيم “نورالدين لوحال” الإصبع على الجرح، جرح اختصره واستعرضه بشيء من التفصيل والتفضيل في مؤلف أهداه و بالمجان لجمهور و ضيوف المهرجان، فخلال الندوة التي خصصت للحديث عن مؤلفه هذا والموسوم ب”لننقد دور السينما” والذي كتبت مقدمته وزيرة الثقافة “خليدة تومي”، استعرض “لوحال” الحال المزرية لقاعات العرض الجزائرية، توقف عند إمكانية استرجاعها، و إعادة جمهورها إليها وصولا إلى سياسة تسييرها، لاسيما و أن أغلب هذه القاعات لا تزال تابعة لوزارة الداخلية والجماعات المحلية على أمل أن تنتعش من جديد بخضوعها فعليا من هنا فصاعدا للوزارة الوصية أي وزارة الثقافة حسب ما صرح به مؤخرا الوزير الأول “عبد المالك سلال” في العديد من المحافل في انتظار التطبيق و التجسيد.

“نورالدين لوحال” توقف في البداية عند العدد الضئيل والمحتشم للقاعات التي تتوزع على بعض ولايات الوطن، مستشهدة بوهران التي تنظم سنويا مهرجان الفيلم العربي وتجد نفسها أمام هذا النوع من المشكل الذي يتكرر في كل مرة، نفس الحالة تعيشها العاصمة التي لا تتوفر سوى على قاعتين أو ثلاثة صالحتين لتقديم عروض سينمائية، دون احتساب القاعات الأخرى التي تم إعادة فتحا مؤخرا بعد سنوات من الترميم كسينما افريقيا وسيرامايسترا، والبقية يمكن التغاضي عن ذكرها بعدما تحولت أو حولت بفعلة فاعل إلى مؤسسات تجارية، خاصة وعمومية لا صلة لها بالفن والثقافة، والقلة القليلة اتخذ منها العنكبوت مستقرا له بعدما تآكلت جدران العديد من القاعات التي كانت بالأمس شاهدا من شواهد التاريخ السينمائي لحمينة، مرباح، مدور وآخرون، فورثت الأشباح المكان ونابت العنكبوت عن صناع الفن والإبداع، وفي ختام عرضه أكد “لوحال” قائلا “إذا أردنا فعلا العودة بالسينما الجزائرية إلى عصرها الذهبي وإخراجها من البؤرة المظلمة التي تتواجد فيها اليوم علينا أن نولي هذا الجانب أهمية أكثر لكي يتصالح الجمهور مع سينما و سينمائيو بلده، وهذا لن يكون سوى بتضافر الجهود”.