بعد 30 فيلما : هل تستمر عجلة السينما العراقية؟

طاهر علوان
مما لاشك فيه ان السينما في العراق لها جذور وتاريخ وعلاقة وثيقة بجمهورها وخاصة الجمهور البغدادي ، هذه الصلة مع السينما قديمة وتعود الى بضعة  سنوات اعقبت عرض اول فيلم سينمائي في العالم علي يدي الأخوين لوميير  في العام  1895 .
فالعرض السينمائي الأول في دار عرض سينمائية عراقية كان في العام 1909 واول دار سينما في العراق بنيت كانت ” دار بلوكي ” في منطقة الميدان في قلب بغداد في العام 1911 واعقب ذلك انشاء دور العرض السينمائي تباعا وليعرض اول فيلم سينمائي ناطق في العام 1931 ولنا ان نتخيل جمهورا من مختلف الطبقات والشرائح وقد فتح عيونه على شريط السلولويد والشاشة الكبيرة والقصص المدهشة ، جمهور تعرف على السينما حاله حال جمهور محدود في عدد من بلدان العالم ، ولهذا كان من المنطق ان تتحول العلاقة مع السينما الى تقاليد وهواية مستمرة ولهذا تطورت دور العرض الى تخصيص دار او اكثر للعائلات فقط وذلك لأدماج شرائح واسعة بهذا العالم المدهش واما اذا انتقلنا الى الأنتاج السينمائي العراقي فأن اول فيلم عراقي هو فيلم ” ابن الشرق ” وانتج في العام 1946 بمشاركة مصرية ليصل عدد الأفلام الروائية الطويلة حتى يومنا هذا الى مايقرب من مائة فيلم ونيف في مقابل عدة مئات من الأفلام الوثائقية ولكن مايؤسف له ان ارشيفا يعتد به لم يعد متوفرا لمشاهدة تلك الأفلام المبكرة ماعدا المتوفر منها على اقراص مدمجة بنسخ ليست جيدة من نواحي الصورة والصوت .

فريق فيلم البقال

ومع استقلال العراق وتعاقب انظمة الحكم من الملكي الى الجمهوري- فالثوري والقومي فأن السينما العراقية ابتليت بما ابتلي به قطاع الثقافة من تهميش لدوره وعدم ايلائه الأهمية المبتغاة ولولا الولادات الصحيحة لأجيال المبدعين والمثقفين في العراق وانتاج تيارات ومدارس ثقافية وفكرية ابتداءا من خمسينيات القرن الماضي ولولا فرض تلك التيارات والكفاءات نفسها على مشهد الحياة اليومية لربما طمرت الأنظمة المشغولة بالصراعات تلك الثقافة في ظل عسكرة المجتمع واسبقية اهدار المال العام على المغامرات واحلام اليقظة الجنونية .
ومنذ الأحتلال وماتبعه من تراجع لقطاع الثقافة بعد العام 2003، وحيث اغلق  السواد الأعظم من دور السينما ، ولم يتم  انشاء اية دار عرض جديدة طيلة عقد كامل من الزمن ، في ظل شبه شلل في عملية الأنتاج السينمائي الا ان اجيال السينمائين ظلت تتواتر في الظهور لتتلقفها الفضائيات غالبا للعمل فيها فضلا عن المهن الأعلامية الأخرى وذلك من خلال مايتخرج من اعداد من معاهد وكليات الفنون الجميلة في بغداد  وباقي محافظات العراق الى اليوم وحيث تخرج المئات منهم حتى الآن .
اما في هذا العام فقد صحا السينمائيون والمثقفون على واقع جديد هو مفاجأة بحق ونقطة تحول ملحوظة ومهمة وذلك بتدخل الدولة بثقل كبير برصد اكثر من 12 مليون دولار لأنتاج افلام سينمائية عراقية زاد عددها على 30 فيلما بعضها انتج فعلا وبعضها الآخر في طور الأنتاج لكنها جميعا ستكون جاهزة للعرض قبل انتهاء العام 2013 ويأتي ذلك ضمن الميزانية التي خصصتها الحكومة احتفاءا باختيار بغداد عاصمة للثقافة العربية 2013 .

مدير تصوير فرنسي في سينما العراق

اكثر من ثلاثين فيلما من انتاج وزارة الثقافة ومعها اكثر من 30 فيلما اخرى تنتجها معاهد وكليات الفنون الجميلة هذا العام تعطينا حصيلة مفادها ان العام 2013 هو الأخصب والأكثر انتاجا على الأطلاق في تاريخ السينما العراقية ولهذا ستجد العديد من تلك الأفلام طريقها الى المهرجانات العربية وغيرها التي نتوقع ان تتسابق للفوز بالعرض الأول لأي من هذه الأفلام وهو امر يفرحنا ويفرح المخرجين وفرق العمل لتكمل المسار الذي اخذته الأفلام العراقية القليلة بشكل شبه دائم في اقتناصها اهم الجوائز وهو مالاحظناه مثلا على مر دورات مهرجان اقليمي مثل مهرجان الخليج السينمائي فلم تخل دورة من دورات هذا المهرجان من تتويج افلام عراقية بالعديد من الجوائز حتى تحول الفيلم العراقي الى منافس غير سهل ويحسب له حساب بالرغم من ان الأنتاج يتم في ظروف واوضاع شبه مستحيلة من ناحية التحديات الأمنية وضعف القاعدة الأنتاجية واعتماد الأنتاج على جهود ذاتية مع ارادة صلبة للمخرجين وفرق العمل لأستمرار انتاج الأفلام وهو مايفرحنا حقا كمعنيين بالسينما العراقية ..
سنوات عشر مرت اريد ايقاف كل شيء في هذا البلد من السينما الى الثقافة الى سائر انواع الأبداع الأنساني لكن الحقيقة على الأرض هي غير ذلك فالأنتاج الفيلمي مستمر ولم يتوقف يوما رغم انه قليل وسط تساقط القذائف وانتشار الأنفجارات واتذكر للتاريخ اننا يوم اقمنا الدورة الأولى لمهرجان بغداد السينمائي في العام 2005 بجهودنا الذاتية وبميزانية لاتكاد تذكر وفي اجواء الحرب الطائفية ، في ذلك النهار انفجر في بغداد في يوم الأفتتاح اكثر من 20 سيارة ملغمة ومع ذلك اقمنا المهرجان واكتظت قاعة فندق المنصولر على ضفاف نهر دجلة بجمهور عريض وهانحن وصلنا الى اقامة دورة المهرجان  الخامسة التي ستقام في تشرين الأول اكتوبر المقبل  متزامنا مع احتفال بغداد عاصمة للثقافة العربية وحيث سنحتفي بعرض العديد من الأفلام العراقية الجديدة .

العمل على فيلم حياة شائكة

وعودا الى مناسبة انتاج وزارة الثقافة العراقية لأكثر من 30 فيلما ومهما كانت وجهات النظر في طريقة الأنتاج وآليات الأختيار وغيرها فأنها وبلا ادنى شك خطوة مهمة في الأتجاه الصحيح وستحسب لوزراة الثقافة هذه الخطوة الجريئة في تسجيل هذا الرقم غير القليل من الأفلام السينمائية فضلا عن استيراد معدات سينمائية  متطورة بعشرات الوف الدولارات لتغطية احتياج فرق العمل الكثيرة ولكن وفي الوقت نفسه فأن الوزارة نفسها عليها ان تتخلص من كون هذا الدعم  موسمي و مخصص لأحتفالات بغداد عاصمة للثقافة العربية وان يتحول ذلك الى تقليد ثقافي وابداعي راسخ على اجندات الوزارة وبرامج انتاجها السنوية واما من جهة السينمائيين فمن حقهم جميعا المطالبة والضغط باتجاه ان يتم تخصيص هذه الميزانية  بشكل سنوي ومنتظم فضلا عن ضرورة العمل على تكافؤ الفرص بمنح سينمائيين اخرين الفرصة لأنتاج افلامهم في العام المقبل ومايليه .
وهنا قائمة بالأفلام العراقية التي انتجت فعلا او التي ستنتج قبل نهاية هذا العام ضمن ميزانية بغداد عاصمة للثقافة العربية 2013:
– فيلم “بغداد حلم وردي ” – روائي طويل – اخراج فيصل الياسري
– فيم ” نجم البقال ” – روائي طويل – اخراج عامر علوان
– فيلم ” المسرات والأوجاع ” – روائي طويل – اخراج محمد شكري جميل
– فيلم ” صمت الراعي ” – روائي طويل – اخراج رعد مشتت
– فيلم ” وداعا نينوى ” – روائي طويل – اخراج عمانوئيل تومي
– فيلم “يوم في بغداد ” – روائي قصير – اخراج محمد حمادي
– فيلم “الحصان ” – روائي قصير – اخراج ثائر محمد يوسف
– فيلم ” الأستاذ ” – روائي قصير – اخراج حمدية عبد الكريم
– فيلم ” احلام اليقظة ” – روائي قصير – اخراج صلاح كرم
– فيلم ” حياة شائكة ” – روائي قصير – اخراج سالم شدهان
– فيلم “قاع المدينة ” – روائي قصير – اخراج جمال عبد جاسم
– فيلم ” اغتيال مع وقف التنفيذ ” –  روائي قصير – اخراج فاروق القيسي
– فيلم “دمعة رجل ” – روائي قصير- اخراج دينا القباني
– فيلم ” مهرجان البلور ” – روائي قصير – اخراج عمار العرادي
– فيلم “صبر المفاتيح ” – روائي قصير- اخراج سامي قفطان

من فيلم بغداد حلم وردي

– فيلم ” الواسطي ” – وثائقي – اخراج طارق الجبوري
– فيلم ” السياب ” – وثائقي – اخراج جودي الكناني
– فيلم ” جيشنا ” – وثائقي – اخراج سيف الخياط
– فيلم ” الجدران العازلة ” – وثائقي – اخراج ايمان خضير
– فيلم ” سجال الكلمات ” – وثائقي – اخراج علي هاشم
وبضعة افلام اخرى يجري التحضير لأنتاجها تباعا  ………….
…ختاما ، سنقتطف شيئا مما قاله المخرج العراقي المخضرم فيصل الياسري تعليقا على هذه التجرية : “من النتائج المؤكدة لهذا التحرك ان الكثير من الشباب خلف الكاميرا سيزدادون خبرة وممارسة ، وسنكسب معدات تصوير حديثة وسنوفر فرص عمل للفنانين داخل الوطن …
… لكن ما  اثار استغرابي هو ان البعض بدأ ينتقد الافلام العراقية الجديدة – قصيرها وطويلها – ويتوقع فشلها وهي بعدها في مرحلة التصوير او التحضير ……


إعلان