النقابة الفرنسية لنقد السينما، وأفلام التلفزيون
صلاح سرميني ـ باريس
في عام 1928، أنشأ الصحفيّ، والناقد السينمائيّ “جورج شارينسول”(1899-1995) كياناً مؤسّساتياً أسماه “جمعية أصدقاء النقد السينمائيّ” التي تحولت في عام 1946 إلى “الجمعية الفرنسية للنقد السينمائيّ”.
وفي عام 1962، خلال فعاليّات “مؤتمر السينما”، تمحورت القضية الأساسية حول الدفاع عن مصالح الصحافة السينمائية، ومن مناقشاتها تأسّس بعد أربعة سنواتٍ “الإتحاد الدولي للصحافة السينمائية”(FIPRESCI)(1)
ولم تكن فرنسا غائبةً عن هذه المؤسّسة، وتمثلت بنقادٍ تجمعوا في قلب “الجمعية الإحترافية للصحافة السينمائية”(APPC)، وتأسّست إلى جانبها جمعيتان كانتا مستقلتان تماماً، وإجتمعت في عام 1945 قبل أن تؤسّس معاً في 9 مارس من عام 1946 “الجمعية الفرنسية للنقد السينمائي”(AFCC).
وكانت تضمّ أربع فئات(2) :
ـ الأعضاء العاملين الذين يمتلكون بطاقةُ صحفيةً إحترافية.
ـ الأعضاء الذين لا يمتلكون بطاقةً صحفية، ولكنهم يمارسون نشاطاً نقدياً منتظماً.
ـ الأجانب الذين يعيشون في فرنسا، ولكنهم يعملون بشكلٍ خاصّ لحساب وسائل إعلامية في بلدانهم الأصلية.
ـ أعضاء شرف من القدامى الذين توقفوا عن ممارسة نشاطهم النقدي.
وقد تولى رئاستها على مرّ السنوات : جورج سادول، روبير شازال، ميشيل سيمون، فرانسوا شيفاسّو،……
في عام 1950 عمدت الجمعية إلى تأسيس أول سينما للفنّ، والتجربة في إحدى الصالات، حيث إهتمت بالبرمجة، وخلال ثلاث سنواتٍ، حققت تلك التجربة نجاحاً كبيراً، ونعرف اليوم أهمية الكثير من الصالات التي تمّ تصنيفها لاحقاً كصالاتٍ للفنّ، والتجربة.
وفي عام 1985، تدخلت الجمعية للحيلولة دون إتفاق بين المُعلنين، ورؤساء التحرير، وكان يهدف إلى حذف نقدٍ سينمائيّ سلبيّ لأحد الأفلام عندما يكون هناك مساحة إعلانية مخصصة لنفس الفيلم في نفس الصحيفة.
ومنذ عام 1981 أصبح إسمها “النقابة الفرنسية للنقد السينمائي”، وتذكر أدبياتها بأنها مؤسّسةٌ إحترافيةٌ تكوّنت بهدف توطيد العلاقة بين أعضائها، الدفاع عن قضاياهم المعنويّة، والماديّة، ضمان حرية النقد، والدفاع عن الفنّ السينمائيّ.
تُديرها هيئةٌ مُكونة من (15) عضواً، يتجدّد ثلث أعضائها سنوياً عن طريق إنتخابهم في الجمعية العمومية.
وبدورها، تنتخب الهيئة مكتباً تنفيذياً يتكوّن من:

ـ رئيسٍ، ونائبيّن.
ـ أمين عام، ومساعداً.
ـ أمين الصندوق، ومعاوناً.
وتختار الهيئة سواءً بالترشيح من كافة الأعضاء، أو من داخل الهيئة نفسها، عدداً من المسؤولين عن نشاطاتها المختلفة.
ويبلغ حالياً عدد أعضاء النقابة حوالي (270) عضواً بين صحفيٍّ، مؤرخٍ، أو ناقدٍ للصحافة المكتوبة، المسموعة، المرئية، أو الأنترنت.
وهكذا، واصلت النقابة فعاليّاتها منذ زمن السينما الصامتة، ويتجسّد اليوم نشاطها بأشكالٍ متعددّة.
ـ تمثيل الأعضاء في اللجان، والهيئات التالية:
لجنة منح البطاقة الصحفية الوطنية، وتُسمى”البطاقة الخضراء”(3)
لجنة تصنيف الأفلام في “المركز الوطني للسينما”.
لجنة تصنيف صالات الفن، والتجربة.
الهيئة الإداريّة لمهرجان كان السينمائيّ الدوليّ.
لجنة تحكيم الكاميرا الذهبية لمهرجان كان السينمائيّ الدوليّ.
ـ المُشاركة في عضوية لجان تحكيم “الإتحاد الدوليّ للصحافة السينمائية”(FIPRESCI) لعددٍ كبيرٍ من المهرجانات في العالم .
ـ منح جوائز سنوية :
جائزة أفضل فيلم فرنسي (يعود تاريخها إلى عام 1946).
جائزة أفضل فيلم أجنبي (يعود تاريخها إلى عام 1967).
جائزة أفضل أول عمل فرنسي (يعود تاريخها إلى عام 2000).
جائزة الفيلم الفرانكوفوني المُتميز(يعود تاريخها إلى عام 2008).
جائزة الفيلم الفرنسي القصير (يعود تاريخها إلى عام 1973).
جوائز أدبية : جائزة أفضل ألبوم عن السينما، جائزة افضل كتاب فرنسي عن السينما، جائزة أفضل كتاب أجنبي مترجم عن السينما.
جائزة أفضل إصدار د. ف. د، وبلو ري عن السينما (يعود تاريخها إلى عام 2005).
جوائز التلفزيون : جائزة أفضل فيلم روائي، جائزة أفضل فيلم تسجيلي، جائزة أفضل مسلسل(يعود تاريخها إلى عام 2005).
ـ تنظيم الأسبوع الدوليّ للنقاد في إطار مهرجان كان السينمائي الدوليّ.
ـ تقديم إستشاراتٍ قانونية للأعضاء تخصّ ممارستهم للمهنة.
ـ إصدار نشرة داخلية دورية بعنوان “رسالة النقابة”، تحتوي على معلوماتٍ عن نشاطات النقابة.
ـ إصدار دليل سنويّ يتضمّن قائمة بأسماء، وعناوين الأعضاء.
ويهدف إلى تسهيل إتصال المحترفين معهم، ودعوتهم لمتابعة العروض الصحفيّة التي تُنظمها شركات التوزيع، كما يحتوي الدليل أيضاً على قائمة بالملحقين الصحفيين، وعناوينهم، والصالات المخصّصة للعروض الصحفيّة، والمكتبات المتخصّصة بالسينما.
ـ تحرير موقعٍ إلكتروني متخصص، يعتبر واجهة للنقابة، ولأسبوع النقاد الذي تنظمه.
وعاماً بعد آخر، تتزايد، وتتنوّع نشاطات “النقابة الفرنسية للنقد السينمائي”، ويُعتبر العام (1999) إنعطافةً مهمّة، وبدون إهمال جهود الهيئة الإدارية فيما يتعلق بالنشاطات التقليدية، فقد إقترحت النقابة نشاطاتٍ جديدة، مثل :
ـ عرض أفلام أسبوع النقاد قبل، وبعد مهرجان كان في بلدان مختلفة.
ـ عرض بعض الأفلام الجديدة، ومنها مجموعة كبيرة من الأفلام الفرنسية حديثة الإنتاج.
ـ لقاءات مع المخرجين يتمّ تسجيلها بالفيديو، ومن ثمّ طبعها، ونشرها في كتيباتٍ صغيرة بهدف تعميمها كوثائق سينمائية، وكانت اللقاءات الأولى مع المخرجين : باتريس لوكونت، ميلفين فان بيبلز، فرانسوا جيرود،….
وفي الأسابيع الأخيرة من عام 1999، عرف النقدّ السينمائيّ أزمةً لا مثيل لها سابقاً، ألهبت وسائل الإعلام حول علاقة النقد، ودوره في قراءة العمل السينمائيّ، والتي أشعلها المخرج الفرنسيّ “باتريس لوكونت”، وتموقعت النقابة في قلب تلك الضجّة، فأصدرت بياناً في 26 أكتوبر تناقلته الأوساط الإعلامية، أكدت فيه دفاعها عن نقدٍ سينمائيٍّ شريفٍ، يمارسه النقاد بدون تسامح مع الهجوم الشخصيّ، الشتائم، والأحكام المُسبقة، ويتحقق ذلك بالأمنيات الطيبة، أو بشكلٍ أدقّ، بأخلاقيات كلّ ناقدٍ، وليس من مهمة النقابة تقنين ذلك، أو تأسّيس معاهدة حسن سلوكٍ للنقدّ، والنقاد.
ومن جهةٍ أخرى، ساهمت النقابة بدعم “جمعية مخرجي الأفلام”(SRF) في مواجهتها للدفاع عن الإستثناء الثقافيّ، كما شاركت بممثلٍ عنها في “الملتقى العالمي للسينمائيين” الذي عُقد في باستيّا/كورسيكا، عشرة أيام قبل إفتتاح مفاوضات الـمنظمة العالمية للتجارة في سياتل.
منذ عام 2004 أصبح إسم هذه المؤسسة : النقابة الفرنسية لنقد السينما، وأفلام التلفزيون.
هوامش :
(1) ـ (FIPRESCI) هي إختصار “الإتحداد الدولي للصحافة السينمائية” (Fédération internationale de la presse cinématographique)، والنطق العربي الصحيح لها هو “فيبريسي”، وليس كما ينطقها البعض “فيبريسكي” لأنّ الحرفيّن CI هما إختصار Cinématographique أيّ “سينماتوغرافيك”، وليس “كينماتوغرافيك”.
(2) ـ منذ تحوّل “الجمعية” إلى “نقابة”، الفئات المُشار إليها أعلاه لم تعدّ موجودة.
(3) ـ “البطاقة الخضراء”، تمنح صاحبها إمكانية الدخول مجاناً إلى كلّ الصالات الفرنسية، بينما تمنح بطاقة “النقابة الفرنسية للنقد السينمائي” إمكانية الدخول مجاناً إلى بعض صالات الفن، والتجربة في باريس، وأيضاً العروض السينمائية في “مركز جورج بومبيدو”، و”السينماتيك الفرنسية”.