المهرجان الدولي لفيلم الهواة بقليبية

تونس – صالح سويسي
من المقرر أن يتمّ العام المقبل الاحتفاء باليوبيل الذهبي للمهرجان الدولي لفيلم الهوّاة بقليبية، إذ تأسس المهرجان في 19 أغسطس  1964 وهو بذلك أعرق مهرجان سينمائي في تونس وقبل أيام قرطاج السينمائية التي تأسست في العام 1966. وينتظم في مدينة قليبية من محافظة نابل (شمال شرق) وهي إحدى أجمل المدن الساحلية التونسية والتي تطلّ مباشرة على القارة الأوربية. ومنذ سنة 2009 أصبح يُقام بشكل سنويّ عوض مرة كل عامين بالتناوب مع المهرجان الوطني للصورة. وتنطلق الدورة التاسعة والأربعين للمهرجان الدولي لفيلم الهواة بقليبية التونسية يوم الأحد 25 أغسطس الجاري، لتتواصل حتى نهاية الشهر بمشاركة عديد البلدان العربية والأجنبية، أمّا سهرة الافتتاح فسوف تكون مع الشريط الفلسطيني “غزّة 36 ملم” سيناريو وإخراجخليل المزين وإنتاج أحمد أبو ناصر وجمال القمصان، والفيلم يدور حول انعدام وجود قاعات السينما في غزة بسبب حكم الاسلاميين المتطرفين الذين يرون فيها تهديدا لمكانتهم السياسية والاجتماعية، فقاعات السينما بالنسبة لهم هي أماكن للفساد. ويرى القائمون على الفيلم أنّ حرق دور السينما والسيطرو عليها هو بمثابة اغتيال شخصيّ لأفكارهم…

المهرجان… التاريخ
من هنا، من مدينة قليبية الساحرة، من هذا المهرجان مرّوا الكبار… المصري يوسف شاهين، الإيطالي ناني موريتي، الفينزويلي دياغو ريسكاث، البريطاني شايلا غراير، الجزائري أحمد بن كاملة/ التونسيان فريد بوغدير ورضا الباهي،الفلسطيني ميشال خليفي، بابا ديوب، مارك فارو وغيرهم… ولعلّ ما يميّز هذا المهرجان الأعرق عربيا وإفريقيّا أنه فرصة لاكتشاف مواهب الشباب في الإبداع الفنّي، ويجمع هوّاة السينما وتلاميذ المدارس السينمائية من تونس وخارجها، وهو يجمع في كل دورة أكثر من ألف شخص بين مشاركين في فعاليات المهرجان وأعضاء الجامعة والتلاميذ ومحترفي السينما والضيوف فضلا عن زوّار قليبية الذين يتابعون المهرجان. وتشتمل التظاهرة على مسابقتين واحدة وطنية والثانية دولية، حيث تتسابق في الأولى أفلام المعاهد من عيارات 16 مم وBeta وDVCam وMiniDv والتي لا تتجاوز مدة عرضها 20 دقيقة وألا يكون قد مضى على إنتاجها أكثر من سنتين، والمسابقة الدولية مفتوحة لأفلام الهوّاة والأفلام المستقلة وأفلام المعاهد التونسية من نفس العيارات على ألاّ تتجاوز مدة عرضها 30 دقيقة، هذا بالإضافة إلى مسابقة السيناريو ومسابقة التصوير الشمسي.

جديد المهرجان

وقرر المنظمون خلال هذه الدورة الثامنة والعشرين، إدماج أفلام الهوّاة (16 فيلما) ضمن المسابقة الوطنية التي تضمّ أفلام المدارس والمستقلّين أيضا، فيما تتضمّن المسابقة الدولية 30 فيلما من 12 دولة منها ستّة أفلام تونسية، كما تشارك سوريا والإمارات العربية المتحدة ومصر والعراق والجزائر والمغرب فضلا عن فرسا وبولونيا وكوسوفا وبلجيكا وألمانيا وإيران. وفي البرنامج أيضا 22 فيلما من المدارس التونسية و7 أفلام هوّاة و6 أفلام مستقلّة، عدا عدد من الأفلام من بلدان أخرى في سهرات خاصة. وعن تقلّص عدد الأفلام المشاركة قال المنظّمون أنّ “شباب لجنة التنظيم خيّروا أن يكونوا أكثر صرامة في الاختيار مفضّلين في ذلك النوعيّة والقيمة الفنيّة على الكميّة”
وقال المنظمون “بدأ هذا المسار دون انقطاع منذ 19 أغسطس 1964، عندما انطلقت الخطوات الأولى من هذه الملحمة السينمائية لتؤسس لنشاط متواصل من أجل تكريس المساواة وحرية الفكر والإبداع، لا للسينمائيين وحدهم بل للمواطنين وللشعوب كافة…”
ومنذ تأسيس المهرجان والجامعة التونسية للسينمائئين الهوّاة (FTCA)تواصل العمل من خلال أفلامها المنتجة وغيرها من الأعمال التي يتمّ اختيارها للمهرجان على تحقيق القيَم التي تتمسّك بها أرضيتها الثقافية: “سينما تعبّر عن التساؤلات الوطنية وتساند حقّ الشعوب في تقرير مصيرها”.
ويؤكد المنظمون أنّ الدورة الثامنة والعشرين ليست استثناءً بل هي “تأكيد على أنّ “المقاومة لم تنتهِ وأنّ الأحلام التي ارتأتها أجيال من السينمائيين الهوّاة لا زالت معمّرة”. ولهذه الأسباب تضمّن برنامج الدورة الجديدة مواصلةً لثوابت المهرجان من ذلك الأمسية التي يتمّ تكريسها لفلسطين وأمسية أخرى لسينما المقاومة وثالثة لأفلام “دقّ لها القلب” كما تحافظ المنافسات على جائزتي أفضل صورة فوتوغرافية وأفضل سيناريو.
ومن الأنشطة الأخرى نجد عددا من الدروس، منها درس في السينما مخصص لفن الفيديو ودرس آخر في التوليف أي الكتابة النهائية للفيلم، ودرس ثالث في الشريط الوثائقي، فضلا عن عدد من اللقاءات المختلفة حول توزيع الفلام وإمكانيات الولوج واستقبال الأفلام المغربية وأيضا سينما المقاومة وصمودها أمام الرقابة.
أما الجديد هذه الآخر فهو إدماج أفلام المدارس و أفلام الهواة و المستقلين في مسابقة واحدة وهي المسابقة الوطنية ما يقلّص عدد المسابقات المخصصة للأفلام إلى اثنتين فقط وهما الوطنية والدولية وذلك كما يؤكد المنظمون من اجل إضفاء روح التناسق والتوازن بين مختلف المسابقات، هذا بالإضافة لحدث تنافسيّ آخر مخصص للأفلام التي اقترحها المعهد الفرنسي بتونس.

لجان التحكيم
ترأس لجنة التحكيم الدولية المخرجة الإسبانية ماريا رويدو وتتركب من المخرج الفرنسي جيل نادو والفلسطيني توفيق أبو وائل والتونسي المنصف ذوي،  أمّا لجنة التحكيم الوطنية فيرأسها حاتم بن ميلاد وقمر بن دانا  وسندس بلحسن وإلياس بكار ومروان المؤدب.
الجامعة التونسية للسنمائيين الهوّاة
نشأت الجماعة التونسية للسينمائيين الهواة في العام 1962 تحت اسم “جمعية الشباب السينمائي التونسي” والتي لعبت دورا هاما في تدريب أجيال من السينمائيين، وتضمّ الجماعة حاليا أكثر من 200 عضو يعملون في 17 نادٍ موزعين على كامل التراب التونسي أين يتمّ تكوينهم وتأطيرهم وتوفير الوسائل اللازمة لإخراج أفلامهم.
وتعمل الجامعة التونسية للسينمائيين الهوّاة بالتعاون مع الجمعيات المماثلة لها على بناء ثقافة وطنية وديمقراطية بتعميم التقنيات السينمائية وحفظ التراث السمعي البصري، فضلا عن تقديم الدعم لحركات التحرر من خلال التظاهرات الثقافية التي تعمل على دعم الأفلام ونشرها في المهرجانات السيمائية.  وأنتجت الجامعة خلال نصف قرن المئات من الأفلام بمعدل 20 فيلما في السنة تقريبا، فيما تحتفظ بأكثر من 500 فيلم ’16 مم و8 super  وفيديو) وهي جميعها من إخراج شبّان اصبحوا اليوم من بين صنّاع السينما العربية،
وبالتوازي مع هذا النشاط الفنّي داخل المجتمع التونسي، تنظّم الجامعة كلّ سنة المهرجان الدولي لفيلم الهوّاة بقليبية وهو المهرجان الأول من نوعه في إفريقيا والعالم العربي ويجمع سينمائيين شبّان من كل العالم.


إعلان