حوار خاص مع المخرجة الفلسطينية راما مرعي

اجرى الحوار نضال حمد
في النرويج وخلال مشاركتها بمهرجان فيلم الشمال الجديد مع فيلمها الجديد ازرقاق، التقينا بها وأجرينا معها هذا الحوار ..
 راما مرعي مخرجة فلسطينية شابة تلقت تعليمها في فلسطين المحتلة. ثم درست السينما في لوس انجلوس بالولايات المتحدة الأمريكية.لتعود بعد ذلك الى الوطن وتبدأ مشوارها الفني والسينمائي.
انتهت الأسبوع الفائت من إخراج فيلمها الجديد”ازرقاق” الذي يتحدث عن واقع الشعب الفلسطيني ومشاكله الاجتماعية. والذي شارك في مهرجان أفلام الشمال الجديد في مدينة هاوغيسوند النرويجية.

– لماذا اخترت السينما والإخراج هل لديك رسالة معينة لإيصالها عبر الإخراج والسينما؟

المخرجة راما مرعي

لقد بدأ اهتمامي في السينما عن طريق الصورة، وأظن أن ذلك يبدو واضحا في “ازرقاق” حيث تم العناية في إطار الصورة كالأداة الرئيسية لرواية القصة. بدلا من الحوار أو الدراما التفاعلية. اعتقد أن السينما هي كالشعر تستطيع أن تعكس مقولة واسعة عن الحياة بصورة واحدة، او سطر واحد، أو بالأحرى لحظة واحدة، وفي الحياة هناك بعض اللحظات التي تستحوذنا، يحصل الكثير في حياتنا لكن هنالك لحظات قصيرة جداً تمر في رحلتنا وتترك اثر أكبر من تجربة أعوام، اطمح في أن استطيع أن أعكس هذه اللحظات في السينما.
تشدني الشخصيات التي تشعر نفسها خارج عن السياق العام أو خارج عن المكان، والمصابة بوحدة متأصلة تجعلها غير قابلة للتعايش مع أعراف الحياة، هدفها فقط أن تحترف العيش الطبيعي.
وأن أردت أن اختصر ما أريد أن افعله بسطر، فانا أريد أن أروي قصصا للفلسطينيين وليس عن الفلسطينيين، لا أريد أن أروي الرواية للأجنبي الذي لا يعرف عنا شيء، لا أريد أن أروي أبجديات القضية. لا أخفف من أهمية ذلك، فأنا اعرف أن الفلسطيني يشعر أن مهمته الشخصية أن ينقل روايته للعالم، وذلك نظرا لمحاولات عديدة لطمس الرواية الفلسطينية، فالعالم حتى الآن لا يعترف بالنكبة. لكن هذه ليست مقولتي واعتقد أن هنالك سينمائيين فلسطينيين يقومون بذلك جيدا

– كيف يعمل- تعمل المخرج – المخرجة الفلسطينية تحت الاحتلال؟
نحن كفلسطينيين عودنا أنفسنا على التعايش، عقولنا الباطنية تريد أن تصدق بأننا نستطيع أن نعتاش العادية. تبدو الكثير من تفاصيل حياتنا سيريالية لشخص قادم من الخارج. لكن مع الوقت ننسى كم نحن نفتقد من إنسانيتنا ونحاول فقط أن نعيش، لذا لن أتحدث عن أن أكون مخرجة تحت الاحتلال لأنه لا يختلف أبدا عن أكون أم أو طبيبة أو معلمة.

لكن أريد أن أقول أن القصص الفلسطينية تصعب أن تتجاهل الاحتلال، فمهما حاولنا أن نقول قصص بعيدا “عنهم” نلقاهم في وجوهنا، وجودهم أصبح عنصرا أساسيا في رحلتنا الإنسانية البسيطة.
قصصنا لا يمكن لها أن تأخذ دائرتها الكاملة بدون المرور بهم ، مهما حاولنا تجاهل وجود الاحتلال سيأتي بطريقة أو أخرى ليطرح نفسه بيننا، وأنا لا أنكر أنني كفرد أحاول جداً ان تجاهلهم، أحاول أن أرى نفسي خارج القالب اللاإنساني الذي يضعنا به لكن يكفي فقط أن اعبر الجسر بهدف السفر لأي سبب لكي أعود وأتذكر كم يحرمني الاحتلال من الحياة الطبيعية.

ما هو نتاجك في الأفلام الوثائقية والتسجيلية أو الروائية؟

من فيلمها ازرقاق

أنا في الأساس درست التصوير السينمائي وكان انشغالي لمدة طويلة فقط بالصورة، كان أكثر ما يشدني هو اللون والضوء والتكوين. ولفترة طويلة كنت استمتع بمشاهدة أفلام بلا صوت، فقط مراقبة الصورة. بعد التخرج عملت في لوس انجلوس لفترة أحيانا كمصورة وأحيانا كمساعدة تصوير. اعتبر أن “ازرقاق” هو إخراجي الأول، فالأفلام القصيرة الأخرى التي قمت بها أثناء دراستي كانت تجارب خاصة لم أشاء مشاركتها. وأنوي أيضاً القيام بفيلم قصير آخر قبل أن أقوم بفيلم روائي طويل. اشعر أن المخرج يحتاج لوقت قبل أن ينضج ليعرف تماماً ما يريد من ممثليه، والسينما بالأساس تحتاج لتجربة إنسانية عميقة قبل كل شيء.

تجربتك في أمريكا وفي فلسطين؟
اشعر بالامتنان لأنه تسنى لي دراسة السينما في كاليفورنيا، فهم فعلا يتقنون صناعة السينما، ويتعاملون معها كحرفة. لكني اشعر أن فلسفة الرواية الغربية، أو الميثولوجيا الغربية تختلف عن الميثولوجيا الشرقية، فمثلا محاولة تطبيق نموذج الأثنى عشر خطوة لرحلة البطل في سياقنا الخاص كثيرا ما يبدو مصطنع. ربما لأنه لا توجد لدينا ثقافة السوبرمان أو ربما لأن دائرتنا انقطعت عن سياق تطورها الطبيعي ومازالت قصتنا لم تكتمل، هذا بحث طويل…
لكن هناك الكثير من المخرجين العالميين الذين ابتعدوا عن ذاك النموذج الأوديسي في القصة السينمائية، واعتقد أن اليوم، بفضل الثورة الرقمية، سيكون هناك مجال للسينما أن تأخذ مساحتها في التطور كفن حقيقي، بعيدا عن مصنع هوليود. بعد أن أصبحت صناعة الأفلام ممكنة في الكثير من بلدان العالم الفقيرة.

أنت الآن في مهرجان هاوغيسوند او مهرجان افلام الشمال الجديد في النرويج، مع فيلمك الطازج “ازرقاق”، كيف رأيت النرويج والنرويجيين؟
اكثر ما أعجبني في هذا المهرجان هو الإصرار على اغناء الحوار النرويجي- النرويجي (باختلافاته) قبل كل شيء. فهم مقتنعون ان الفنان يجب ان يحاكي ثقافته المحلية قبل الانتقال الى حواره مع العالم. اعتقد ان الوصول للعالمية يجب أن يأتي من مكان محلي جدا لكي يكون صادقا.


إعلان